1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أسر ضحايا الحرب على المخدرات في الفلبين ترحب بتحقيق دولي

٢٣ يونيو ٢٠٢١

رحبت الأسر التي فقدت ذويها في الحرب التي تشنها حكومة الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي ضد المخدرات باعتزام المحكمة الجنائية الدولية فتح التحقيق في هذه الحرب رغم إعلان دوتيرتي عدم التعاون مع المحكمة.

https://p.dw.com/p/3vQM4
عائلات ضحايا القتل خارج نطاق القانون المفترض بجوار صور لأقاربهم.
منذ انتخاب دوتيرتي رئيسا للفلبين في 2016، قتل أكثر من 27 ألف شخص لاتهامهم بتجارة المخدرات.صورة من: picture-alliance/AP Photo/B. Marquez

انفجرت كاثرين باوتيستا باكيةً، عندما علمت بقرار المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق كامل في الحرب التي تشنها حكومة الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي ضد المخدرات، التي أسفرت عن مقتل الآلاف في المناطق الفقيرة؛ بسبب اشتباه الحكومة في تورطهم في تجارة المخدرات.

ويبدو أن رد فعل باوتيستا منطقي، إذ قالت إنها عثرت على جثة ابن زوجها وكانت بها خمس طلقات نارية، مضيفة أن "الأمر يعد بمثابة نضال لجميع الأسر التي فقدت ذويها في هذه الحرب ضد المخدرات خاصة بالنسبة لمن لم يتم توثيق وفاتهم".

وقتل ابن زوجها ويدعى جون ديفيد خلال عملية للشرطة استهدفت عصابات المخدرات في عام 2017.

وفي مقابلة مع DW قالت باوتيستا: "ننتظر هذا الأمر منذ سنوات طويلة. في كثير من المرات كنا نشعر بالتعب واليأس لكننا قررنا المضي قدما في الأمر".

وتعد باوتيستا واحدة من الأشخاص الذين تقدموا بشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية، مضيفة "إذا لم نواصل النضال من أجل العدالة، فإن موت أحبائنا سيضيع هباءً".

دوتيرتي ينتقد التحقيق

وعزت المحكمة الجنائية الدولية قرارها إلى ما خلصت إليه من شهادات لشهود عيان وتقارير صحافية.

وفي تقرير مؤلف من 57 صفحة، ذكرت المحكمة "استنادا إلى ذلك، فإن هناك أساسا منطقيا ومقبولا للاعتقاد بأنه تم  ارتكاب جرائم قتل ضد الإنسانية. وأن الشرطة ومسؤولين حكوميين خططوا وأمروا، وفي بعض الأحيان أمروا بشكل مباشر بتنفيذ عمليات قتل خارج نطاق القانون".

وعلى إثر ذلك، قالت المحكمة إنها تعتزم إجراء تحقيق كامل في هذه الحرب.

يشار إلى أنه في عام 2018، فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا أوليا في جرائم ضد الإنسانية في الفلبين، فيما قرر  دوتيرتي الإنسحاب من المحكمة. ورغم ذلك، فإن الاختصاص القضائي للمحكمة للتحقيق في هذه الجرائم لا يزال ساريا إذ أن هذه الجرائم ارتكبت في الفلبين عندما كانت مانيلا عضوا في المحكمة.

حرب الفليبين على المخدرات

ورحبت منظمة العفو الدولية بقرار الجنائية الدولية بالتحقيق في الحرب ضد المخدرات في الفلبين. وفي ذلك، قالت أغنيس كالامارد، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية، في بيان، "هذه الخطوة طال انتظارها لوضع نهاية للتحريض على القتل الذي يقوم به دوتيرتي وحكومته".

وفي رد فعله على القرار، قالت حكومة دوتيرتي إنها لن تتعاون في التحقيق الذي تعتزم الجنائية الدولية إجراؤه.

وقال المتحدث باسم الرئاسة هاري روك "إننا لسنا في حاجة إلى الأجانب لإجراء تحقيق في أعمال القتل التي حدثت خلال الحرب على المخدرات؛ لأن نظامنا القانوني يمارس عمله في الفلبين".

محنة أسرة فلبينية

تسرد كاثرين باوتيستا قصة فقدان ابن زوجها، الذي كان عمره واحدا وعشرين عاما عندما قُتل في عام 2017، وتقول إن ديفيد لم يرجع إلى المنزل بعد العمل في ذاك الوقت، مضيفة أن غيابه دفعها وزوجها إلى البحث عنه ليتم العثور على جثته في مشرحة وكانت على جثته آثار خمس طلقات نارية.

وعلى إثر ذلك، رفعت عائلة باوتيستا دعوى ضد الشرطة وقررت الاختفاء خوفا من تداعيات الأمر.

أهالي ضحايا ما تعرف "بالحرب على المخدرات" يقومون باحتجاج في يوليو/ تموز 2019
أهالي ضحايا ما تعرف "بالحرب على المخدرات" يقومون باحتجاج في يوليو/ تموز 2019، داعين المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة، للتحقيق في أعمال القتل في الفلبين. صورة من: picture-alliance/AP Photo/B. Marquez

وبحسب تقديرات الحكومة، فإن أكثر من ستة آلاف شخص قتلوا خلال عمليات الشرطة، فيما تقول منظمات حقوقية إن العدد الحقيقي للضحايا أعلى بكثير من الحصيلة التي أعلنتها الحكومة، خاصة وأن العديد من الأسر تخشى رفع دعاوي بسبب الخوف من الحكومة.

وتشير باوتيستا إلى أن "الأمر ليس معركة الأسر التي رفعت دعاوي وإنما معركة جميع الأسر التي فقدت ذويها في الحرب على المخدرات، خاصة الذين لم يتم توثيق وفاتهم".

فشل في تطبيق العدالة

وكانت وزارة العدل في الفلبين قد أعلنت في مايو / أيار اعتزامها إجراء تحقيق في المسؤولية الجنائية لعناصر الشرطة التي تورطت في 61 حالة من عمليات مكافحة المخدرات.

ولاقى هذا القرار إدانة من كريستينا كونتي، وهي محامية تمثل بعض الأسر التي فقدت ذويها في الحرب ضد المخدرات في الفلبين.

ووصفت كونتي قرار وزارة العدل بأنه مجرد حيلة من الحكومة إذ شككت في نهج التحقيق، مضيفة "قدمت وزارة العدل النتائج الأولية (للتحقيق) إلى دوتيرتي والشرطة الوطنية. وهؤلاء هم من شنوا الحرب على المخدرات؛ لذا فإن القرار بات في أيديهم فهل سيحاكمون أنفسهم؟ وهذا يعني منطقيا فشل نظام العدالة الجنائية" في الفلبين. 

الفلبين: أخر فرصة للعيش بترك المخدرات

قصص أخرى

أسرة باوتيستا ليست هي الوحيدة التي فقدت أحد ذويها  في الحرب على المخدرات، فقد قُتل زوج ماري آن دومينغو وابنها أيضا على يد الشرطة خلال الحرب على المخدرات في سبتمبر / أيلول 2016.

وتقول ماري آن دومينغو إنها رفعت دعاوى تتهم الشرطة بقتل زوجها وابنها عمدا. وفي الأسبوع الماضي، جرى اتهام أربعة من رجال الشرطة بقتل زوج ماري وابنها.

وفيما يتعلق بالتحقيق الذي ستجريه الجنائية الدولية، لا تعلق ماري الكثير من الآمال حيال الأمر.

وفي مقابلة مع DW قالت "أنا ممزقة فمن جهة أرى أن قرار الجنائية الدولية اعتراف بخسارتنا وبالطريقة القاسية التي قتلوا بها رجالنا وكأنه بسبب فقرنا ليس لنا قدرة على الشعور بالألم".

وتضيف قائلة" لقد مرت خمس سنوات على وقوع هذه الكارثة التي قلبت حياتنا رأسا على عقب. لقد ولد حفيدي لكنه لم يرى والده. أين العدالة في ذلك؟"

رسالة قوية

ويرى مراقبون أن قرار الجنائية الدولية سيكون له تداعيات إيجابية إذ يؤكد كارلوس كوندي، الباحث في منظمة هيومن رايتس ووتش، على أن القرار سيبعث برسالة قوية مفادها أن ثقافة الإفلات من العقاب السائدة لن تمر دون عقاب.

وأضاف "يحدوني الأمل في أن يؤدي ذلك إلى ردع الحكومات عن ارتكاب مثل هذه الجرائم في المستقبل واتخاذ خطوات لضمان عدم تكرارها  وهذا أيضا أمر بالغ الأهمية".

الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي وقائد الشرطة رونالد ديلا روزا (يناير/ كانون الثاني 2017)
الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي وقائد الشرطة رونالد ديلا روزا. دوتيرتي شجع في إحدى المناسبات الشرطة على قتل من يشتبه في تورطهم في تجارة المخدرات، وتعهد بحماية رجال الشرطة من سلطة القانون.صورة من: Reuters/E. Acayan

تشوية سمعة الضحايا

وفقدت سارة سيليز اثنين من أبنائها في الحرب على المخدرات خلال عام 2017.

وتقول سيليز إنها وزوجها يقومان الآن برعاية 12 حفيدا، لكن معاناة الأسرة لم تتوقف عند واقعة القتل.

وفي ذلك، تشير سيليز إلى أن أحد أحفادها تعرض لمضايقة في المدرسة إذ قال له أحد زملائه إن والده مجرم، وقبل بضعة أشهر مات أحد أحفادها جراء الإصابة بالحصبة.

أما زوجها، فباتت حالته النفسية سيئة وأصبح بائسا منذ وفاة أبنائه الاثنين.

وتقول سيليز إن زوجها بدت عليه بعض ملامح الفرح عندما علم بالتحقيق الذي ستجريه الجنائية الدولية، وتضيف: "لكني لا أعرف؟ فقد تكبدنا الكثير ليس فقط مقتل اثنين من ابنائي، إذ أصبح أحفادي أيتاما وسلبوا حياة زوجي منه رغم أنه مازال على قيد الحياة".

تشجيع على قتل المشتبه بهم

ومنذ انتخاب دوتيرتي رئيسا للفلبين في 2016، قُتل أكثر من 27 ألف شخص لاتهامهم بتجارة المخدرات في عمليات تقوم بها الشرطة ولجان أمن أهلية، فيما قتل أيضا 250 ناشطا حقوقيا بينهم صحافيون ومحامون ونقابيون.

وفي إحدى المناسبات، برر دوتيرتي الحرب التي تشنها حكومته على المخدرات، بل شجع أيضا الشرطة على قتل من يشتبه في تورطهم في تجارة المخدرات، متعهدا بحماية رجال الشرطة من سلطة القانون.

عضو بوكالة مكافحة المخدرات الفلبينية يرافق مشتبها بهم خلال مداهمة بمقبرة عامة في مانيلا  (16 مارس/ آذار 2017)
عضو بوكالة مكافحة المخدرات الفلبينية يرافق عددا من المشتبه بهم خلال مداهمة منطقة غير قانونية داخل مقبرة عامة في مانيلا (16 مارس/ آذار 2017)صورة من: Getty Images/AFP/T. Aljibe

وقد نشر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تقريرا في  يونيو / حزيران 2020 أشار فيه إلى انتهاكات واسعة النطاق ضد حقوق الإنسان فضلا عن استمرار الإفلات من العقاب وذلك استنادا على سجلات الشرطة ومحاكم في الفلبين فضلا عن مقابلات مع شهود عيان وضحايا.

وقال التقرير إن استخدام الحكومة للقوة المفرطة في محاربة المخدرات أدى إلى أعمال قتل كبيرة واعتقالات تعسفية وقمع المعارضة.

آنا ب.سانتوس  / م ع/ ص.ش