1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الفقر في ألمانيا.. بنوك الطعام عاجزة وترد المحتاجين الجدد!

٢٢ أكتوبر ٢٠٢٢

أدى ارتفاع معدلات الفقر في ألمانيا إلى زيادة الضغط على بنوك الطعام وحاجتها للتبرعات، مع تزايد عدد الأشخاص الذين يقصدونها. ما اضطرها للمناشدة بزيادة التبرعات النقدية والعينية المقدمة للفقراء ومن هم في أمس الحاجة للمساعدة.

https://p.dw.com/p/4IXSA
صورة من بنك طعام في برلين 14.06.2022
تراجع مساعدات تافل نتيجة ارتفاع الأسعار والتضخم وأسعار الطاقة خاصة بعد حرب أوكرانياصورة من: Christophe Gateau/dpa/picture alliance

تزداد الضغوط على بنوك الطعام في ألمانيا وباتت الوضع يتجه من سيء إلى أسوأ مع ارتفاع الأسعار ومعدل التضخم إلى أكثر من 10 بالمائة ولجوء الحكومة الألمانية إلى اتخاذ إجراءات صارمة لمواجهة أزمة الطاقة.

وقد أصبح وضع بنوك الطعام صعبا ليس فقط منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/ شباط الماضي، بل منذ فترة جائحة كورونا مع ارتفاع تكاليف المعيشة وشبح ركود يلوح في الأفق. وإزاء ذلك، أضحت الصحف المحلية في أنحاء ألمانيا تتقاسم عناوين تفيد بصعوبة استقبال المنظمات الخيرية والتطوعية للمزيد من الفقراء والمحتاجين بسبب تزايد الضغوط على بنوك الطعام خاصة مع تزايد أعداد الفقراءرغم الدعوات لجمع تبرعات أكثر لإعانة المحتاجين.

بنوك الطعام تتجاوز طاقتها!

يعد الشاب الألماني غونتر غيزا الأقدر للحديث عن أزمة بنوك الطعام في ألمانيا التي يٌطلق عليها اسم "تافل" نظرا لأنه منخرط منذ سنوات للعمل في بنك للطعام بمدينة بون. وقد أفاد بتزايد طلبات الحصول على خدمات بنوك الطعام بشكل كبير منذ بداية العام الجاري، مضيفا "لا يمكننا في الوقت الحالي قبول أعضاء جدد إلا إذا قام عضو سابق بإلغاء عضويته.. لقد تجاوزنا قدراتنا". وبنبرة أسى يقول إن الأمر أصبح "مخزيا" حيث أن "الناس يزدادون قلقا حول وضعهم المادي وبحاجة لمساعدتنا."

يشار إلى أن 13,8 مليون شخص في ألمانيا يعيشون على أو تحت خط الفقر، لكن خبراء يشعرون بالقلق إزاء تزايد هذا الرقم في ضوء تضاعف عدد الأسر الفقيرة في البلاد بين عامي 2021 و2022 مع تآكل الموارد المالية لأسر الطبقة الوسطى بسبب ارتفاع فواتير الطاقة وانخفاض المستوى المعيشي.

إحدى سيارات تافل في مدينة أوبرهاوزن في غربي ألمانيا
تقدر بنوك الطعام عدد المستفيدين من مساعداتها في ألمانيا بأكثر من مليوني شخضصورة من: Volker Witting/DW

الحرب والتضخم.. أسباب رئيسية

وقد أفادت أحدث أرقام صدرت عن "تافل دويتشلاند" وهو الاسم الذي يُطلق على اتحاد بنوك الطعام في ألمانيا، بتسجيل زيادة في طلبات الانضمام للحصول على خدمات بنوك الطعام بنسبة بلغت 50 بالمائة مقارنة بالعام الماضي وذلك في 60 بالمائة من بنوك الطعام في أنحاء ألمانيا والبالغ عددها 960 بنك طعام. وباتت 30 بالمائة من بنوك الطعام تستقبل ضعف العدد الذي كانت تستقبله من قبل.

ويقول الخبراء إن سبب ذلك يعود بشكل جزئي إلى الغزو الروسي لأوكرانيا، فيما يقول غيزا إن الأسابيع الأولى من مارس /آذار بعد بدء الحرب في أوكرانيا "كانت في غاية الصعوبة بعد أن وصل كثيرون بدون أي أموال تعينهم ولا أي شيء على الإطلاق باستثناء حقائب مليئة بالملابس".

ويأتي حديث غيزا متوافقا مع ما أشارت إليه الألمانية كات البالغة من العمر 45 عاما وهي متطوعة أيضا في أحد بنوك الطعام بمدينة كولونيا. وتقول إن الوضع في مطلع فصل الربيع كان فوضويا، مضيفة "كان لدينا طابور خاص بالوافدين الجدد، لكن في بعض الحالات اندلعت مشاجرات بينهم وبين الأعضاء الألمان الذين يرتادون بنك الطعام منذ فترة طويلة لاعتقادهم بأنهم سوف يحصلون على معاملة خاصة."

 ومع تدفق الآلاف من اللاجئين الأوكرانيين إلى ألمانيا بدأ دمج البعض منهم في النظام الروتيني لبنوك الطعام بالتزامن مع تزايد عدد الأسر التي ترغب في الحصول على خدمات بنوك الطعام بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة جراء أزمة الطاقة.

وتقول كات في هذا الصدد: إن بعض بنوك الطعام ترفض استقبال المزيد من الأشخاص المحتاجين بسبب وصولها إلى أقصى طاقتها وقدراتها التي تملكها. وتضيف بأنها رافقت سيدة مسنة إلى أحد بنوك الطعام ليتم تسجيلها ضمن الأشخاص الذين يحصلون على وجبات مجانية في منطقة بكولونيا، لكنها تفاجأت برفض طلب التسجيل لتنضم السيدة إلى الأشخاص الذين لن يتمكنوا من الحصول على خدمات بنك الطعام رغم أنهم في أمس الحاجة إلى ذلك.

أزمة جمعيات موائد الفقراء

الوضع محبط

وقالت كات إن الوضع داخل بنوك الطعام بات محبطا، مضيفة أنه "يتعين على الناس الانتظار تحت المطر لساعات حتى وصول التبرعات وقيام المتطوعين بتوزيعها عليهم بشكل عشوائي لتنفد هذه التبرعات على نحو سريع".

وأضافت أن بعض المتطوعين يتعاملون مع المحتاجين بطريقة سيئة، مشيرة إلى أنهم طلبوا من السيدة المسنة التي كانت ترافقها محاولة التسجيل مرة أخرى في يناير/ كانون الثاني. وفي هذا السياق، يقول غيزا إن الوضع "أصبح قاسيا في الأسابيع الأخيرة"، في إشارة إلى رفض بنوك الطعام تسجيل المزيد من المحتاجين.

ويشدد غيزا علىضرورة زيادة التبرعات بل وأن تتضمن "مواد غذائية ذات فترات صلاحية أطول مثل الأطعمة المعلبة أكثر من التبرع بأطعمة وفاكهة وخضروات"، مشددا على أن بنك الطعام الذي يعمل فيه متطوعا يضطر إلى تقليل الوجبات المقدمة للفقراء في محاولة لاستيعاب الأعداد الكبيرة.

مناشدات للتضامن والتبرع

وتشير الأرقام الصادرة عن "تافل دويتشلاند" إلى أن الوضع قد يزداد سوءا في المستقبل، إذ أن أكثر من 60 بالمائة من بنوك الطعام قدمت مواد غذائية وأطعمة أقل خلال أغسطس/ آب الماضي وسط توقعات بزيادة هذه النسبة في الوقت الراهن.

وعلى وقع ذلك، أرغمت نصف بنوك الطعام على زيادة ساعات عملها لمعالجة الأزمة مما أثقل كاهل المتطوعين، لكن ما زاد الطين بلة تسجيل المنظمة "انخفاضا كبيرا" في حجم التبرعات مع تزايد الأعباء المالية على المواطنين.

وفي ضوء ذلك، أصدرت "تافل دويتشلاند" بيانا ناشدت فيه الناس بضرورة "تقديم المزيد من الدعم لبنوك الطعام خاصة مع قرب فصل الشتاء البارد". وجاء في مناشدتها: "اتصل بأقرب بنك طعام واسأل عن المواد والأشياء التي يحتاجها أكثر وبشكل طارئ في الوقت الراهن".

يشار إلى أن المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية "دي آي. دبليو- DIW" قدر عدد الأفراد الذين يعتمدون على تدبير احتياجاتهم الغذائية من بنوك الطعام في ألمانيا بنحو 1,1 مليون شخص. وتفترض بنوك الطعام نفسها الآن أن هناك أكثر من مليوني شخص مستفيدين من الخدمات التي تقدمها.

إليزابيث شوماخر/ م ع