1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

العالم الخامس و"ارتياد المجهول"

رشيد بوطيب ٢٨ أغسطس ٢٠٠٧

بعد "صحراء لوب نور" وروايته "تريستان دا كونها" الصادرة سنة 2003، يعود الروائي النمساوي راوول شروت مرة أخرى إلى الصحراء، وهذه المرة إلى تشاد، على الحدود مع دارفور، مقتفيا خطى المجهول وآثار الزمن والإنسان

https://p.dw.com/p/BYYI
"ما وراء السطح البشري توجد الأرض الحقيقية"صورة من: picture-alliance/ dpa

رافق راوول شروت الروائي والشاعر النمساوي بعثة علمية إلى منطقة إفريقية نائية تقع على الحدود بين ليبيا والسودان وتشاد، غير بعيد عن دارفور. وتوصف المنطقة عادةً بالبيضاء، لأنها ظلت مجهولة حتى يومنا هذا. وتكونت البعثة من علماء في الآثار والجيولوجيا والنبات والإثنولوجيا، إضافة إلى فريق التصوير التابع لقناة زت. دي. أف. الرسمية الألمانية. ووصلت البعثة نهاية سنة 2005 نجامينا عاصمة تشاد، لتتحرك بعد ذلك باتجاه آبيشي، ثالث أكبر مدينة في البلد، أما الهدف الحقيقي للرحلة، فكان يقع في منطقة الحدود الليبية ـ السودانية، إردي ما، وقلعة آغوزا، التي كانت في السابق ثكنة للفيلق الأجنبي الفرنسي. وقد تم تشييد القلعة من أجل مراقبة تحركات موسوليني في الصحراء.

بانوراما للبشر ولأشكال الحياة

Raoul Schrott
الكاتب النمساوي راوول شروتصورة من: pa / dpa

جاء كتاب "الرحلة الخامسة" على شكل ريبورتاج ينقسم إلى فقرات قصيرة أو أحجار موزاييك كما وصفه الناقد فليكس كوثر، بانوراما للبشر وأشكال الحياة في تشاد المعاصرة، ولمنطقة الساحل والصحراء الشرقية. الكتاب يقدم بانوراما تتوغل في أعماق التاريخ، وتبدأ من العصر الحجري لتنتهي إلى عصرنا الراهن، يريد أن يؤكد الكاتب من خلالها أن الصحراء أكبر من مجرد عدم، كاشفا النقاب عن كل ما نسته أو تجاهلته أو ما لم تستطع رؤيته صور الأقمار الصناعية أو صفحات البحث على الإنترنت مثل غوغل وغيرها، ومؤكدا من جهة أخرى أن لا شيء يمكن أن يحل محل المسافر، ولا حتى صور الأقمار الصناعية ولا الدليل السياحي. وعن هذا يطالعنا الكتاب في أحدى فقراته:

wueste.jpg
الصحراء تلعب دورا هاما في روايات راوول شروتصورة من: dw-tv

"لست وحدي الذي يشعر بذلك، فإذا ما نظرت من حولي، وجدت كل منا قد بحث عن نقطة أخرى من أجل مراقبة الشمس في رحلتها إلى الاندثار. أجلس مستندا إلى ركام من الحجارة، اعتقدت بدءا أنها علامة في طريق القوافل، قبل أن أكتشف بأنها شاهدة قبر... لا مكان هنا لحدود بين الحي والميت، فهما يمضيان معا يدا بيد، وما أعرفه عن هذه الطبيعة هنا ضئيل، ضآلة معرفتي بنفسي، ويبدو أن لا اختلاف يذكر بين ما لا يمكن التفكير فيه وما لا يمكن الإحاطة به: صمت المساء لا يعطينا فكرة عن شيء آخر غير نفسه".

العالم الخامس أو حين يطول الزمن

تشير مصطلحات مثل "العالم الرابع أو الخامس" في الأدبيات الاجتماعية واقتصادية إلى الفروق القائمة داخل العالم الثالث، وتعني بالخصوص الدول الأكثر تخلفا، والتي ينتمي إليها أيضا تشاد، لكن بالنسبة لراوول شروت فإن العالم الرابع هو عالم الرحالة، ويبدأ هذا العالم حين يغادر المسافر نجامينا أما العالم الخامس فهو عالم اللاأحد، عالم مقفر لا تسكنه حياة وإن كانت تسكنه ذكريات وآثار بشرية، يصف شروت ذلك بالقول: "ما وراء السطح البشري توجد الأرض الحقيقية".

إلا أنه مكان يزخر بآثار الناس. فالصحراء التي تعتبر الأكثر عداء للحياة البشرية، هي نفسها التي حافظت على ما تركه سكان هذه المنطقة لآلاف السنين. فهذه المنطقة المجدبة، كانت فيما مضى منطقة خضراء ومثلت نقطة انطلاق الإنسان القديم باتجاه النيل وبلاد الرافدين وأوروبا، إذ كما كتب شروت:"ليست بلاد الرافدين ولا حوض النيل إلا من نفس السرير الذي ولدت عليه الحضارة الإنسانية، ولكن هذه السفانا القديمة، هذا المكان هنا".

يذكرنا كتاب راوول شروت بكتب الطيار الفرنسي أنطوان سانت إغزبري، وخصوصا كتابه "بريد الجنوب"، الذي جاء احتفاء بالصحراء وأهلها ووصفا لحيواتها المتنوعة بين سنتي 1920 و1930، وخصوصا لعملية الانتقال الصعبة من البداوة إلى الحضارة في هذه المناطق التي كانت يومها بعد خاضعة للاستعمار الفرنسي، ولكن وصفا أيضا للصحراء التي كانت وستبقى مكانا للانهائي، إذ كما كتب راوول شروت :"أن تعبر الصحراء، يعني أن تقيس نفسك بالزمن، شكل الزمن اللانهائي يرتسم اللحظة أمام عينيك.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد