الرسوم الجامعية تثير ضجة صاخبة بين الطلبة والنقابيين

طالما كانت ألمانيا قبلة لطالبي العلم وخاصة من الدول الأقل حظا، ولطالما كانت أيضا جنة عدن للطلبة الألمان أنفسهم الذين نعموا لسنوات طويلة بالدراسة برسوم رمزية جدا. ولكن يبدو أنّ سنوات المن والسلوى قد أخذت بالتلاشي رويدا رويدا. ففي هذا الإطار، أخذت الرسوم الجامعية تتسلل إلى أروقة الجامعات في بعض الولايات، مسببة غصة للطلبة وذويهم، الأمر الذي استدعى منهم ردود أفعال متابينة. وتعبيرا عن رفض فرض الرسوم الجامعية ورفض السياسات التعليمية للحزب المسيحي الديمقراطي الذي يحكم ولاية هسن، نظّمت مظاهرة ضخمة في مدينة فيسبادن عاصمة الولاية ضمت ما بين 6000-8000 متظاهر من طلبة جامعيين وطلبة مدارس ونقابيين. وقد دعا لتنظيم هذه المظاهرة العديد من الأحزاب السياسية وعلى رأسها الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر ونقابات الأكاديميين. من ناحية أخرى، لم توجه هذه المظاهرة ضد الرسوم الجامعية فحسب، بل ضد المشروع الذي يهدف الى خفض مخصصات المدارس والصفوف التعليمية الإضافية.

هذا وقد شهدت هذه المظاهرة مصادمات بين أفراد الشرطة وبعض المحتجين، حيث اعتقلت الشرطة على خلفيتها عددا من المتورطين في أعمال الشغب. وحسب المعلومات الواردة من شرطة المدينة، فإنّ بعض المتظاهرين حاولوا إغلاق عدد من الشوارع الرئيسة وتعطيل حركة السير العامة وكذلك محاولة اقتحام مبنى دار حكومة الولاية، حيث تصدى لهم رجال الأمن ومنعوهم من محاولتهم هذه.

" لا نريد عنفا"

وفي سياق رفض السياسة التعليمية للحزب المسيحي الديمقراطي، الحزب الحاكم في ولاية هسن، صرح رئيس نقابة هيئة التربية والعلوم في الولاية، يوخن ناقل، بأنّ ما تنوي حكومة الولاية إقراره هو نوع من الجنون، الأمر الذي سيدفع بالطلبة والناس المؤهلين نحو الشارع وسيحرمهم من ميزة العلم والتعلم. وفي سياق نقده اللاذع لسياسة رئيس وزراء الولاية رولاند كوخ، من الحزب المسيحي الديمقراطي، رأى ناقل بأنّ كوخ ليس لديه الحق بأن يحول التعليم المجاني في دولة تطبق مبدأ التكافل الاجتماعي في سياساتها إلى شركة قطاع خاص، الأمر الذي سيحصر التعليم الجامعي في الفئة المقتدرة ماديا ويحرم طبقات الشعب العامة من هذا الحق.

وقي سياق متصل، هاجم رئيس فرع المنظمة النقابية العامة في الولاية ستيفان كورتزل الحزب المسيحي الديمقراطي واتهمه بأنه يفتقد إلى الروح الديمقراطية. وفي السياق ذاته، انتقد رئيس فرع الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الولاية اندريساس يبسيالنتي قرار فرض الرسوم الجامعية وأكد بأنّ حزبه يرفض هذا القرار وسيعمل على إبطاله.

.

هذا وقد رفع المتظاهرون العديد من اللافتات كتب عليها " التعليم من حق الجميع"، "لا لفرض الرسوم الجامعية.. التعليم حق من حقوق الإنسان". وفي إطار الحملة ضد سياسة فرض الرسوم الجامعية، قال سورن ستيفي، أحد أعضاء مجلس الطلبة الناشطين بأنّه ستكون هناك "حركة مقاومة شديدة" ضد الخطط المزمع تنفيذها. ولكن في الوقت ذاته، يرفض منظمو هذه الاحتجاجات استخدام العنف بالقول: " لا نريد عنفا" من إغلاق للشوارع أو التعدي على الممتلكات العامة، بل أكدوا ضرورة المحافظة على الطابع السلمي لهذه الاحتجاجات.

.هامبورغ أقرت الرسوم الجامعية

باقرارها قانون يسمح بفرض الرسوم الجامعية تكون ولاية هامبورغ خامس ولاية ألمانية تقوم بذلك. وقد صوتت الأغلبية البرلمانية من الحزب المسيحي الديمقراطي على قرار فرض الرسوم لتصل إلى 500 يورو ابتداء من عام 2007. وكما هو متوقع، فقد أثار هذا القرار غضب الطلبة والنقابيين في الولاية الألمانية الشمالية وتداعوا إلى مظاهرات ضد هذه السياسة التعليمية .

وبذلك تكون الولايات التي أقرت فرض الرسوم الجامعية حتى الآن هي هامبورغ وهيسن بايرن وشمال الراين ـ وستفاليا وساكسونيا السفلى وبادن– فورتمبيرغ. هذا وتدرس ولاية سارلاند إقرار الرسوم الجامعية بقيمة تصل إلى 500 يورو في الفصل الدراسي الجامعي.