1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"الدول الكبرى ليست جمعية خيرية ومساعداتها لدول الربيع العربي مشروطة"

٢٧ مايو ٢٠١١

ستستفيد تونس ومصر مهد "الربيع العربي" من مساعدات بمليارات الدولارات من مجموعة الثماني. لكن وتيرة المساعدات ستخضع لمدى تحقيق الشفافية وعملية التحول الديمقراطي، كما يرى الخبير الإقتصادي سمير الصبح في حوار مع دويشته فيله.

https://p.dw.com/p/11PYT
اجتماع قمة الثماني في دوفيل الفرنسيةصورة من: AP


تعهدت الدول الأعضاء في مجموعة الدول الصناعية الثماني اليوم الجمعة في ختام أعمال قمة المجوعة في دوفيل الفرنسية، بتقديم دعم سياسي ومالي لمساعدة لـ "الربيع العربي"، على أن تتلقى تونس ومصر - أولى الدول التي أطاحت بالنظم الديكتاتورية الحاكمة- مساعدات مالية بقيمة عشرين مليار دولار تغطي الفترة بين عامي 2011 و2013. وقد أطلقت مجموعة الثماني ما أسمته "شراكة دوفيل" بحضور رئيسي وزراء مصر وتونس المؤقتين.
وحول الآليات التي ستعتمد لتنفيذ هذه الوعود وطبيعة الشروط التي تصاحبها، يرى سمير الصبح الخبير الاقتصادي ورئيس تحرير مجلة "آرابيز" الصادرة في باريس، ان وتيرة تقديم المساعدات مرتبط بمدى تقدم عميلة التحول الديمقراطي ووجود شفافية. وقال الصبح في حوار مع دويتشه فيله إن المساعدات ستقدم في أشكال متنوعة وليست كلها قروضا.

وفيما يلي نص الحوار:

دويتشه فيله: هل تعتقد ان اعلان مجموعة الثمانية تقديم مليارات الدولارات لتونس ومصر، يطابق الحقيقة أم هي مجرد وعود؟

سمير الصبح: اعتقد ان التزامات مجموعة الثمانية تجاه مصر وتونس وباقي الدول العربية، تأتي في إطار ما أطلقت عليه مجموعة الدول الصناعية الكبرى "الشراكة المستديمة" ويظل هذا العنوان فضفاضا. ومن الناحية العملية، فقد طلبت مصر مساعدات ما بين 10 إلى 12 مليار دولار لفترة سنة واحدة، لتصحيح الوضع الاقتصادي وتعزيز الديمقراطية الناشئة، أما تونس فقد قدرت احتياجاتها ب25 مليار دولار خلال خمس سنوات.

وحسب التجربة مع المؤسسات والدول المانحة والدول الكبرى عادة لا تكون مطابقة لما هو مطلوب. ولكن دون شك سوف تقدم مجموعة الثمانية مساعدات بقدر ما يكون هنالك تطور في الوضع الداخلي في كل من مصر وتونس.

وأنا شخصيا، لا أعتقد أن ما طلبه البلدان سوف يحصلان عليه ضرورة، وربما يكون الأمر أقرب بالنسبة لمصر من تونس، نظرا لأن 10 مليار دولار ممكنة قياسا لحجم مصر وعدد سكانها.أما بالنسبة لتونس فلدي شكوك بأن تحصل على مبلغ 25 مليار دولار لخمس سنوات.

Symbolbild Protest in der Arabischen Welt weitet sich aus
صورة من: DW/AP

وما هي برأيك الأولويات التي ينتظر أن تتوجه إليها المساعدات؟

لكل من البلدين له وضعية خاصة سوف تقدم وفقها المساعدات، بالنسبة لمصر ستتجه المساعدات لسد العاجز الحاصل حاليا نتيجة التراجع في عدد من القطاعات الاقتصادية مثل السياحة، والذي شهدته البلاد منذ أحداث الثورة.

وبالنسبة لتونس، فإن الأمور أكثر إلحاحا، لأن خزينة البلد لم يعد فيها احتياطات، فقد نفقت الاحتياطات التي كانت موجودة على رواتب الموظفين وعلى عدد من الأمور ذات الطابع الإستعجالي، وهنالك تراجع في كل القطاعات الاقتصادية المنتجة في البلاد سواء تعلق الأمر بالصادرات أو السياحة أو غيرها. أُومن هذا المنطلق ينتظر أن تتجه المساعدات بالنسبة لتونس إلى تصحيح التوازنات المالية والتجارية.

وكيف ستنفق المساعدات، وهل من آليات تضمن شفافية وصولها إلى مستحقيها وخصوصا المواطنين؟

إنها إحدى الشروط التي تضعها الدول المانحة وهي تقول أن هذه المساعدات سوف تواكب عملية التحول الديمقراطي، أي ضمان شفافية التمويل. فإذا اتخذ القرار اليوم بتقديم مساعدات لن يصرف المال غدا، بل سيخضع صرف الأموال إلى إجراءات وملفات يتعين أن تتقدم بها الدول التي تطلب المساعدات، وستخضع وتيرة تقديم المساعدات لمدى حصول تقدم في عملية التحول الديمقراطي. وبالنسبة لتونس مثلا كانت قد حددت تاريخ 24 يوليو/تموز كموعد للانتخابات وقامت بتأجيلها إلى 16 أكتوبر/ تشرين الثاني، وهذه المسألة قد تعيق عملية انسياب المساعدات بشكل سريع، لأن الغرب يريد التأكد من تحقيق شروط الشفافية ووجود مؤسسات ديمقراطية. وربما سيكون الأمر بالنسبة لمصر أيسر نسبيا لأن مسلسل بناء المؤسسات فيها بات أوضح (بعد أن أجري استفتاء الدستور في مارس/آذار الماضي). كما أن مصر حددت بيانها وقدمت مطالب دقيقة، بينما تونس هي بصدد القيام بذلك.

ماهي الأشكال التي ستأخذها المساعدات الموجهة للبلدين تونس ومصر، وفي حالة تقديمها كديون مثلا، ألا يُخشى أن تغرق البلدين من جديد في مديونية للخارج؟

هذه مسألة مطروحة، لكن ليست كل المساعدات على شكل قروض. وإنما ستقدم وفق ثلاثة أشكال، قسم أول منها في شكل قروض بفوائد تفضيلية، محدودة جدا. وقسم ثاني من المساعدات في شكل منح(هبات) وهذه لا يتم استردادها. وقسم ثالث من المساعدات على شكل مشاريع وهي بدورها ستكون في شكل منح لا يتم استردادها.

ولا اعتقد أن الأمر يتعلق بإغراق في الديون، لأن البلدين لم يتوجها بطلبات قروض من مؤسسات مالية مثل صندوق النقد الدولي أوالبنك الدولي.

Flash-Galerie G8-Gipfel
صورة من: AP

لماذا لا يصدر تعهد من الدول الكبرى بمساعدة البلدين على استعادة الأموال المهربة والتي نهبت في عهد النظامين المطاح بهما؟

أولا يتعين على كل دولة أن تقوم بنفسها بمتابعة الأموال المهربة بشكل قانوني، وقد قامت مصر بتشكيل لجنة لمتابعة الأموال التي هربت للخارج وكذلك الحسابات التي تم تحويرها والاستيلاء عليها من قبل عدد من الشخصيات والمسؤولين السابقين وأغلبهم في السجن، إضافة لحسابات الرئيس السابق حسني مبارك وأفراد عائلته. وكذلك حددت تونس مطالبها فيما يتعلق بالأموال المهربة.

لكن يتعين أن يتم إحصاء دقيق لهذه الأموال، لأنه كما نلاحظ في حالات سابقة، يتم إطلاق أرقام عن وجود مليارات مهربة، وعندما يجري التحقق من تلك الأقوال لا نجد إثباتات، لأنه إذا تم التحقق من وجود حسابات وأموال معينة، فإن الدول المعنية تستطيع آنذاك تجميدها ثم إعادتها. ولكنني أود الملاحظة بأن مسألة إعادة الأموال المهربة من تونس ومصر، ليست مطروحة على مجموعة الثمانية.

لكن دول مجموعة الثمانية، بحكم نفوذها، يمكنها أن تلعب دورا حاسما في تسريع وتيرة إعادة الأموال المهربة، وهي مبالغ يمكن أن تساهم بشكل مؤثِّر في تحسين أوضاع الشعبين التونسي والمصري في هذه المرحلة الدقيقة؟

هذه مسألة تخضع لآليات وإجراءات قانونية. وأولا على الدول المعنية أن تحدد قيمة الأموال وأين توجد، وثانيا أن تقدم الإثباتات كي تستعيد تلك الأموال. ويتعين هنا أن نلاحظ أن بعض الأرقام التي أطلقت كانت خيالية واعتقدت الشعوب بأن ذلك صحيح، مثلا الحديث عن أن ثروة الرئيس السابق حسني مبارك وعائلته 140 مليار دولار، وتبين فيما بعد أن هذا الرقم بعيد عن الحقيقة.

وعمليا هنالك خطوات قد قطعت من قبل تونس ومصر في سبيل استعادة الأموال المهربة، لكن يتعين على المسؤولين في كلا البلدين أن يحددوا بدقة قيمة الأموال وأين توجد، لأنه لا يمكنك أن تطلب من دول هكذا أموال دون أن تقدم حجج وإثباتات قانونية.

ومن ناحية أخرى يتعين أن ندرك أن هذه الدول الكبرى ليست جمعيات خيرية ولن تقدم أموالا إلا إذا كان وراءها شيئا آخر، وعادة فهي لا تنجز جميع التزاماتها كاملة، وهذا ما لاحظناه خلال السنوات القليلة الأخيرة.

أجرى الحوار منصف السليمي

مراجعة: حسن زنيند



سمير الصبح، خبير اقتصادي، ورئيس تحرير مجلة"آرابيز" الصادرة في باريس.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد