1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التغير المناخي والحداد على ذوبان الجليد

٢٧ فبراير ٢٠٢٢

يسود الحزن سكان المناطق الجليدية جراء ذوبان الجليد كأحد تداعيات ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الأرض فيما يُغرف بـ "الحداد البيئي". فهل يدفع ذلك إلى مواجهة حاسمة لظاهرة التغير المناخي؟

https://p.dw.com/p/47A0a
ذوبان الجليد المستمر خطر على عالمنا، هل من سبيل لإيقافه؟
ذوبان الجليد يهدد الكثير من مناطق العالم بالغمر والقضاء على مقومات حياة ملايين الناسصورة من: James Balog/Extreme Ice Survey/AP/picture alliance/AP Photo

حلت مشاعر الحزن مكان مشاعر الفرحة لمن يقصد  الأنهار الجليدية التي ذابت جراء ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الأرض. وكانت هذه الأنهار من ولاية أوريغون الأمريكية إلى جبال الألب السويسرية مكانا لنعي أجساد ماتت ذات يوم وحفظها الجليد منذ سنوات طويلة قبل أن يبدأ بالذوبان.

في عام 2019، ودع السكان نهر أوكيوكول الجليدي في أيسلندا - الذي يعد أول نهر جليدي اندثر في البلاد بسبب التغير المناخي – وقد اجتمع هناك السكان أو المعزون الذين كشفوا على لوحة كتب عليها عبارة: "كل الأنهار الجليدية ستشهد هذا المصير عينه خلال المائتي عام المقبلة".

وقد دفعت هذه المشاعر الحزينة بانو بيهكالا – الباحث في جامعة هلسنكي في فنلندا إلى  إطلاق اسم "احزان المناخ" على مشاعر الحزن الناجمة عن فقدان المناطق الجليدية جراء ظاهرة التغير المناخي. وقال الباحث إنه على الرغم من أن السكان والمجتمعات التي تعيش في المناطق الجليدية كان يسودها مشاعر من "الانزعاج" بسبب تداعيات ظاهرة التغير المناخي، إلا أن هذا الانزعاج تحول إلى حالة من الحزن بسبب ذوبان الجليد بشكل واضح فيما يبدو أن حالة الحزن هذه سوف تجد لها أصداء في مناطق أخرى مع تفاقم تداعيات ظاهرة الاحتباس الحراري.

جبال الألب في الجانب الفرنسي حيث سياحة التزلج والكثير من الأنشطة الأخرى..
الضيق والحزن الناجم عن التغيرات المناخية ينبغي أن يتبعه خطوات للحد من هذه التغيرات، هل يحصل ذلك؟ صورة من: JEFF PACHOUD/AFP

فعلى سبيل المثال، تزداد الحرارة ثلاث مرات أسرع من المتوسط العالمي في القطب الشمالي-  أرض العجائب الشتوية- فيما يمكن تخيل اختفاء مشاهدة رؤية السكان وهم يرتدون قبعات وملابس شتوية ويتزلجون على البحيرات المتجمدة في القطب الشمالي.

أحزان المناخ وقلق على بيئتنا

وقال بيهكالا – الباحث في جامعة هلسنكي في فنلندا – إنه من الصعب التغلب على شعور السكان بالحزن جراء تأثير ظاهرة التغير المناخي في المناطق الجليدية بسبب ذوبان الجليد أو قلة سقوط الثلوج. ورغم أن سقوط الثلوج كان كثيرا في فنلندا هذا العام، إلا أن معدل السقوط كان قليلا في العام الماضي.

يشار إلى أن الفيلسوف البيئي جلين ألبريشت كان قد صاغ كلمة "السولاستالجيا "وهي كلمة مشتقة من كلمتين العزاء والحزن في اليونانية لوصف حالة الحزن والضيق الناجم عن التغيرات التي طرأت على البيئة جراء ظاهرة التغير المناخي.

وفي عام 2007، نشر ألبريشت وزملاؤه ورقة بحثية في مجلة "الطب النفسي الأسترالي" جاء فيها إن "السولاستالجيا هي مشاعر  الضيق الناجمة عن التغيير البيئي". بيد أن مشاعر الحزن البيئية دائما ما تكون مصحوبة بخسائر مادية وثقافية يتكبدها السكان الأصليون في المناطق الجليدية مثل مجتمعات ألاسكا السكانية حيث باتوا يعيشون في حالة قلق وحزن خشية أن ذوبان الجليد سوف يشرد مجتمعاتهم ما يمهد الطريق أمام  خسارة "نمط حياة متوارث منذ قديم الزمن"، حسبما قالت الباحثة في مجال المناخ، فيكتوريا هيرمان.

شعب "سامي" الذي يعيش في فنلندا والنرويج يعتمد على حيوان الرنة في عيشه
السكان الأصليين في الدائرة القطبية الشمالية مثل "شعب سامي" أو المتضررين التغيرات المناخية التي تدمر مقومات حياتهمصورة من: PantherMedia / Pawel Opaska

خسائر ثقافية بسبب التغير المناخي

تعد الثلوج شريان حياة أقلية "سامي" التي تعيش في الدائرة القطبية الشمالية خاصة وانهم يعتمدون على مراعي شتوية لحيواناتهم. وفي ذلك، قال عالم الأنثروبولوجيا الثقافية والمتخصص في أقلية "سامي" في جامعة أولو في فنلندا ،كليمتي ناكلايرافي، في محاضرة حول قضايا التغير المناخي وتداعيات ذلك على هذه القومية إذا لم يتم "رعي حيوانات الرنة في مراعي شتوية وسط الصقيع الشديد، فإن مصدر العيش بأكمله يتلاشى". وقبل مؤتمر المناخ العام الماضي، قال ناكلايرافي إن التغير المناخي يمحو الجانب الثقافي للسكان الأصليين، مشيرا إلى أنه يرى تغييرات يومية في حياة أقلية "سامي" جراء تداعيات ظاهرة التغير المناخي لاسيما في اللغة.

ويعد أبناء شعب سامي من أكثر المتضررين جراء التغير المناخي خاصة وأنهم يعيشون في المنطقة القطبية الشمالية فيما أدت التقلبات في درجات الحرارة إلى تأجيج الخلافات بين الرعاة على مناطق رعي حيوانات الرنة. كذلك، فإن اختفاء الأنهار الجليدية الجبلية من كليمنجارو في تنزانيا إلى جبال الألب الأوروبية يترك تأثيرا نفسيا صعبا. وفي ذلك، قال جيوفاني باكولو- باحث في قضايا المناخ والجليد في جامعة ميلانو بيكوكا الإيطالية – إن هناك ارتباطا ثقافيا بالجبال الجليدية التي لها  "طابع فريد من نوعه في خيال السكان بمعنى أن هذه الأنهار الجليدية تمثل عالما آخرا ".

ويستغل باكولو منصات التواصل الاجتماعي لنشر صور تقارن بما كان عليه الوضع في الأنهار الجليدية في الماضي قبل قرن وما أصبح عليه الحال في الوقت الراهن، مضيفا "يعد انحسار الأنهار الجليدية إشارة قوية على تداعيات ظاهرة التغير المناخي". وعن مشاعر الحزن إزاء ذوبان الجليد، قال باكولو : "لا يمكن إنكار أنه عندما ننظر إلى الصور في الماضي ونقارنها بالوضع الحالي ونرى التراجع الحاد للأنهار الجليدية، فإننا نشعر بالضيق".

ظاهرة تقلص الانهار الجليدية تحمل في طياتها مخاطر كثيرة على البيئة
تقلص الأنهار الجليدية كما هو الحال في كشمير، ما تبعاته على بيئتنا؟صورة من: Thomas L Kelly/robertharding/picture alliance

حزن ولكن أين الحل؟

وقد لعبت التغيرات المناخية المتعلقة بذوبان الأنهار الجليدية دورا في توعية الناس أو دفعهم لإيجاد حلول عاجلة لمواجهة هذه التغيرات. على سبيل، كُتب على اللوحة التي تخلد ذكرى جبل أوكيوكول الجليدي عبارة: "هذا النصب التذكاري هو الاعتراف بأننا نعرف ما يحدث وما يجب القيام به".

وفي ذلك، شدد سورين رونج من جمعية أوروبية مقرها النمسا للدفاع عن البيئة تحمل اسم "وفروا الحماية لأوروبا الشتوية"، على ضرورة حشد الناس للتحدث عن قضايا المناخ "لدفع الحكومات لإيجاد حلول". أما بالنسبة للباحث في مجال المناخ، جيوفاني باكولو، فإن الحزن الذي يسود الناس جراء تداعيات التغير المناخي يمكن أن يؤدي إلى "مقاومة"، بيد أن الأمر يعتمد على التفاعل النفسي للناشطين المدافعين عن البيئة.

وأضاف "إذا شعروا بالقلق والحزن، فإن هذا في الغالب يصاحبه شعور بالذنب"، مشيرا إلى أن مشاهدة ذوبان الأنهار الجليدية بوتيرة سريعة قد زاد من التوعية حيال أزمة المناخ والنشاط البشري. وقال "إننا في حالة حزن عند رؤية حالة الآسي إزاء اختفاء الأنهار الجليدية حيث نرى اختفاء عنصر رائع من الطبيعة ونعلم أننا تورطنا في ذلك".

ستيوارت براون / م ع

 

 

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد