1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

التردد..عنوان المعركة حاليا في العالم العربي ضد كورونا؟

١٨ أبريل ٢٠٢١

رغم استمرار جائحة كورونا في حصد الأرواح في المنطقة العربية ومع نقص الامكانيات لا يزال كثيرون يترددون في تلقي التطعيم ضد الفيروس وسط انتشار للشائعات والأخبار المضللة، ما يثير تساؤلات عن أسباب عدم ثقة البعض في التطعيمات.

https://p.dw.com/p/3sBgS
COVID-19 Libanon
صورة من: Diego Ibarra Sanchez/Getty Images

حجز محمود وهو موظف حكومي عراقي موعدا مطلع هذا الأسبوع ليتلقي جرعة لقاح فيروس كورونا في بغداد. ولم يكن الأمر بالصعب على هذا الشاب العراقي البالغ من العمر 34 عاما كي يسجل اسمه للحصول على لقاح أسترازينيكا. بيد أنه في نهاية المطاف لم يذهب للمستشفى لتلقى جرعة اللقاح، قائلا إن "الأوروبيين قالوا إن هذا اللقاح ليس آمنا".

وفضل محمود عدم ذكره اسمه بالكامل لأنه موظف حكومي وليس مخولا له الحديث إلى وسائل الإعلام. وليس هذا السبب الوحيد وراء قرار هذا الشاب العراقي رفض الحصول على لقاح كورونا فهناك أسباب أخرى مشكوك في صحتها إلى حد ما.

وفي مقابلة مع DW أفصح محمود عن بعض هذه الأسباب بقوله إن "اللقاح جاء إلى العراق بسرعة كبيرة. وهذا أمر بالمستغرب إذ أنه في العراق مثل هذه الأمور لا يمكن الحصول عليها من دون فساد أو دفع أموال لشخص ما، لكن اللقاح تم توفيره بالمجان ومتاح لأي شخص. وهذا أمر يثير الشكوك."

ناقوس خطر

ورغم أن محمود متعلم وتوفي ثلاثة من معارفه جراء كورونا، إلا أن حالته يُطلق عليها "التردد في تلقي اللقاح".

والشخص المتردد في الحصول على اللقاح يختلف عن الشخص المناهض للقاح إذ أن خبراء اللقاحات يحددون مصطلح "التردد في الحصول على اللقاح" بأنه "التأخير في قبوله أو رفض الحصول عليه رغم توافره."

وقد أدرجت منظمة الصحة العالمية في عام 2019 التردد في تلقي اللقاحات باعتباره واحدا من أهم عشرة تهديدات للصحة العالمية.

ومؤخرا فإن خبراء جمع البيانات قالوا إن فكرة "مناعة القطيع" ضد فيروس كورونا معرضة للخطر بسبب التردد في تلقي اللقاحات إذ أن مناعة القطيع تتطلب حملات تطعيم تسير بشكل سريع.

COVID-19-Impfung Irak
سهولة في الحصول على لقاحات كورونا في مناطق ببغدادصورة من: Ahmad al-Ruba Ye/AFP/Getty Images

وتشير استطلاعات أن محمود ليس الوحيد في الشرق الأوسط تندرج حالته تحت ما يُعرف بالتردد في تلقي لقاح كورونا.

فقد ذكرت دراسة نُشرت في يناير / كانون الثاني في مجلة "فاكسينس" (Vaccines) التي تراقب مدى قبول حملات التطعيم حول العالم، إن الشرق الأوسط "من بين المناطق التي سجلت أدنى معدل في قبول اللقاجات حول العالم".

وأعرب الباحثون عن قلقهم إزاء بلوغ معدل قبول التطعيم في الكويت نسبة 23 بالمائة والأردن نسبة 28 بالمائة.

"ليس الآن"

وينتشر في الشرق الأوسط قصص مماثلة تتعلق بشيوع حالات التردد في تلقي على لقاحات كورونا. ففي العراق، كشفت دراسة قام به عدد من الباحثين المحليين في يناير / كانون الثاني بأن أغلب من شملهم الاستطلاع والبالغ عددهم 1.069 شخصا يعتزمون الحصول على لقاح كورونا في نهاية المطاف.

لكن الاستطلاع أشار إلى أن من يترددون في الحصول على اللقاح مثل العراقي محمود يشكلون ما يقرب من الثلثين أي نسبة 64 بالمائة وقالوا إنهم يعتزمون الانتظار قبل تلقي على اللقاح.

وفي مصر، كشف استطلاع للرأي أُجرى في يناير/كانون الثاني وشمل 27 ألف طالب يدرس الطب، عن نتائج مماثلة.

فقد ذكر الاستطلاع أن أغلب الطلاب يعتزمون الحصول على اللقاح في نهاية المطاف فيما قرر 46 المائة منهم الانتظار.

وكشفت دراسة لمؤسسة مقرها الولايات المتحدة في نهاية مارس / آذار أن 52 بالمائة من المصريين ليسوا متأكدين أو غير راغبين في التطعيم ضد فيروس كورونا.

وفي تونس، أُجري استطلاع في فبراير / شباط عبر الهاتف وشمل 1219 تونسيا، كشف أن ثلثهم فقط يرغب في أن يتم تطعيمهم.

أما في لبنان، فقد أنحى مسؤولون باللائمة حيال التردد في قبول اللقاح على بطء عملية التسجيل على الموقع الإلكتروني الحكومي الخاص بالتسجيل للحصول على لقاحات كورونا. وبحلول منتصف أبريل / نيسان، تم تسجيل حوالي 17 من اللبنانيين فقط للحصول على اللقاحات.

وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في اليمن، كشفت استطلاعات للرأي غير رسمية قامت بها منصة "درج” الإعلامية المستقلة، أن الغالبية غير متحمسة أيضا لتلقي لقاح كورونا.

وفي مدينة عدن الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، فقد أُجرى استطلاع للرأي شمل 121 شخصا كشف عن أن 84 بالمائة لا يريدون الحصول على اللقاح.

أزمة ثقة في الحكومات

وبالنظر إلى هذه الاستطلاعات، فإنه من الواضح أن التردد في قبول لقاحات كورونا في بلدان الشرق الأوسط يستند جزئيا إلى مخاوف السلامة التي تتشابه في كثير من الدول وهي الخوف من الآثار الجانبية وأيضا القلق حيال السرعة التي تم خلالها تطوير اللقاحات.

بيد أن الأمر الفارق بين بلدان مثل العراق ولبنان وتونس وغيرها هو مستوى الثقة المتدني في الحكومات وأنظمة الرعاية الصحية العامة.

Anti-vax poster
هناك اختلاف بين التردد في تلقي اللقاحات وبين مناهضتهاصورة من: Justin Tallis/AFP/Getty Images

فقد أظهر العمل المتواصل الذي تقوم به شبكة الباروميتر العربي المعنية بدراسة نتائج استطلاعات الرأي في الشرق الأوسط، أن الكثير من المواطنيين ليس لديهم ثقة كبيرة في أداء حكوماتهم ويعتقدون أن هذه الحكومات فاسدة أو غير كفء أو الاثنان معا.

وحققت بعض الدول العربية نجاحات حيال إدارة أزمة وباء كورونا وأيضا في حملات التطعيم وهو ما يمكن ملاحظته عبر إجراءات شملت الاغلاق العام السريع والحازم كما حدث في المغرب مع بداية الأزمة الصحية والتعاون مع مصعني اللقاحات كالعمل الجاري بين الإمارات وشركة سينوفارم الصينية.

ربما يرتبط هذا بالمعدل الكبير في الاستعداد لتلقي لقاحات كورونا في المغرب والإمارات.

فعلى سبيل المثال، كشف استطلاع أجراه لمرصد عبر الانترنت "يو غوف" You Gov في مارس / آذار عن أن 82 بالمائة من سكان الإمارات يريدون أن يتم تطعيمهم.

وفي فبراير / شباط، أُجري استطلاع للرأي عبر الهاتف شمل 1238 مواطنا مغربيا ليكشف أن 88 بالمائة أعربوا عن رضاهم عن أداء الحكومة فيما أبدى 91 بالمائة استعدادهم للحصول على لقاحات كورونا.

الشائعات وقود الارتياب

تزايد حالات التردد في الحصول على اللقاحات قد يكون وراءه الكم الكبير من الشائعات والمعلومات المضللة خول اللقاحات.

ففي بعض الدول مثل الإمارات والسعودية تخضع وسائل الإعلام لرقابة كبيرة من الدولة بما يشمل الرسائل الرسمية حول لقاحات كورونا، حسبما يوضح محمود غزيل - الخبير اللبناني في التحقق من مدى صحة المعلومات التي يتداولها العامة.

 وفي مارس، كشفت استطلاع للرأي أن 62 بالمائة من سكان السعودية لديهم استعداد للحصول على لقاح كورونا.

لكن في دول أخرى مثل العراق حيث أن غالبية وسائل الإعلام ممولة من أو تابعة لكيانات دينية وسياسية متناحرة، فإن العراقيين لا يثقون فيما تقدمه وسائل الإعلام من أخبار.

لذا فإن العراقيين يجدون ضالتهم للحصول على أخبار في منصات التواصل الاجتماعي.

وفي ذلك، يقول غزيل في مقابلة مع DW إن "الناس لا يلجؤون فقط إلى الإعلام البديل ومواقع الأخبار لكنهم يلجؤون إلى مجموعات الدردشة (الغروبات) على الواتس آب والتليغرام والإنستغرام وهي منصات يمكن لأي شخص أن ينشر خلالها ما يحلو له دون قيد أو ضوابط".

وفي هذه المنصاب انتشرت أكاذيب بين متحدثين عرب من أن لقاحات كورونا تحتوى على كحوليات أو مشتقات من لحم خنزير أو أن هذه اللقاحات ليست سوى مؤامرة لإحداث تغيير في جينات أطفال المسلمين.

وتم الترويج على منصات التواصل الاجتماعي لفكرة وجود مضادات حيوية غريبة.

وفي مارس / آزار، قال 46 بالمائة من تونسيين شملهم استطلاع للرآي قامت به منظمة "الشراكة من أجل الاستجابة القائمة على أدلة لمواجهة كوفيد-19"، إنهم يعتقدون أن فيروس كورونا يمكن الشفاء منه عن طريق الأعشاب.

تحسن نسبي 

وترتبط حالات التردد في التطعيم ضد كورونا بمدى الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي للحصول على معلومات، حسبما يشير باحثون أردنيون نشروا دراسة لهم في يناير / كانون الثاني عن نظريات مؤامرة ارتبطت بلقاحات كورونا في الأردن والكويت.

لكن ليس الأمر بهذه الصورة القاتمة، فهناك مؤشرات على انخفاض معدل التردد حيال حملات التطعيم.

فقد رصد معهد "يوغوف" لرصد الآراء عبر الانترنت، تحسنا في الانطباعات والاتجاهات العامة بشأن لقاحات كورونا منذ نوفمبر / تشرين الثاني العام الماضي، وكشف المرصد عن تزايد قبول التطعيمات في العديد من الدول.

فبالتزامن مع تسارع حملات التطعيم في العديد من البلدان العربية، أصبحت السلطات أكثر وعيا حيال الحاجة إلى التعامل مع أزمة التردد في قبول التطعيم.

COVID-19-Impfung Bahrain
في فبراير، أصبحت البحرين واحدة من بين أوائل الدول التي أصدرت جواز سفر خاص بلقاح كوروناصورة من: Mazen Mahdi/AFP/Getty Images

ورغم أن التطعيم ضد كورونا ليس إلزاميا بعد في الشرق الأوسط، إلا أن حكومات ابتكرت طرقا جديدة لحث مواطنيها على التطعيم منها تقديم امتيازات ووظائف مشروطة بالحصول على التطعيم.

فقد أصدر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الاثنين الماضي قرارات تتعلق بالصحة العامة شملت الحصول على شهادة إلزامية للتطعيم لجميع العاملين في القطاع الصحي وكذلك العاملين في متاجر البيع بالتجزئة والعاملين في مجال السياحة.

وبدورها اتخذت السعودية والبحرين والإمارات خطوات مماثلة إذ ألزمت العاملين في وظائف بعينها بالحصول على تطعيم ضد كورونا.

وهو ما يؤكد عليه حازم الريحاوي، الخبير السوري في الصحة العامة والذي يعمل في تحالف الإغاثة الأمريكي لسوريا في الولايات المتحدة، في مقابلة مع DW.

ويقول الريحاوي "في رأيي، إن أفضل طريقة للتعامل مع المستوى المرتفع من التردد في قبول اللقاحات هو إرسال رسالة واضحة وصادقة وشفافة من كافة الأصعدة خاصة الشخصيات الدينية والرسمية ومن النساء". ويضيف "هذه الرسالة مفادها أن التطعيم لطالما كان هاما في مجتمعاتنا وعلينا أن نذكر الناس بهذا الأمر".

كاثرين شيير / ع. م