1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

100609 Iran Deutsche Frauen

١٢ يونيو ٢٠٠٩

في كتاب "تذكرة سفر إلى طهران دون عودة"، يستعرض عدد من النساء الألمانيات تجاربهن في المجتمع الإيراني، والتي تتنوع بين المصاعب اليومية والاغتراب وبين المفاجآت الإيجابية التي تجعلهن يتمسكن بالبقاء في مجتمعهن الجديد. تتوجه

https://p.dw.com/p/I8Nn
بعض الألمانيات يجدن راحة في التواجد وسط مجتمع نسائيصورة من: Jürgen Sorges

تتوجه الكثيرات من الأوروبيات إلى منطقة الشرق الأوسط دون معرفة سابقة عن مسيرة الحياة فيها، فتكون الصور المرسومة عنها في أذهانهن مشبعة بالأحكام المسبقة، نتيجة تأثرهن بتلك الصور المألوفة في وسائل الإعلام المختلفة. لهذا تكون دهشة الكثيرات منهن كبيرة عندما يختبرن الحياة في تلك الدول ويتعرفن عن كثب على طبيعة الناس وعلى الأوضاع هناك. وبشكل عام تميل التصورات المأخوذة عن أوضاع النساء في دول تلك المنطقة إلى السلبية، لاسيما إذا كانت متعلقة بدول مثل إيران. فالذي تورده وسائل الإعلام عن إيران يدور بالدرجة الأولى حول الخلاف الذري القائم معها وحول سياسة رئيسها المعادي للغرب وخنق حرية الرأي والضغط على النساء. وفي ظل هذه الصورة السائدة عن الأوضاع الاجتماعية وعن أوضاع المرأة بالذات، لفت الأنظار كتاب "تذكرة سفر إلى طهران دون عودة"، الذي صدر حديثاً عن تجارب عدد من النساء الألمانيات في المجتمع الإيراني.


معترك حياة جديد وصعب


Frauen während Yoga im Iran
النساء يمارسن أنشطتهن الرياضية بحرية ولكن بمعزل عن الرجالصورة من: DW

ومن بين النساء اللواتي يتحدثن في طياته عن حياتهن في طهران، السيدة لاورا هورستمان، البالغة من العمر ثلاثين سنة. وكانت لاورا قد توجهت مع زوجها الذي يعمل في السلك الدبلوماسي قبل سنة ونصف السنة إلى طهران، وهي في الأصل صحفية، لكنها تخلت عن عملها لئلا تسبب أي متاعب لزوجها. وفي طهران، دخلت لاورا معترك حياة جديدة تماماً، اضطرت إلى التأقلم معها. ولم يكن ذلك بالأمر السهل عليها في البداية، فقد كانت الشابة الألمانية معتادة على التحرك بحرية وبسهولة، لكنها فوجئت بالازدحام الشديد في الطرق الإيرانية. ومن ناحية أخرى، لم تكن لاورا تجيد الفارسية، ما جعل من الصعب عليها التعامل مع الناس وأيضاً الاطلاع على نظم وسائل النقل. وكانت الزوجة الحامل متحفظة في بداية الأمر إزاء فكرة ولادة طفلها في طهران، لكنها فوجئت بمهارة الأطباء وبمستوى العناية في المستشفى الإيراني، الذي لا يقل على حد قولها عن مستوى العناية الطبية في برلين.


"مواقف يومية مزعجة"


ومن بين اللواتي دوّن تجاربهن أيضاً، السيدة الألمانية أنيا ياكوبي البالغة من العمر 45 عاماً، وهي متزوجة من قس بروتستانتي تعيش معه في طهران منذ خمس سنوات. أنيا امرأة هادئة متأملة، وعندما تتحدث عن حياتها في طهران تذكر بعض الحوادث المسلية، وتذكر أيضاً حالات كانت تثير غضبها الشديد، وتحكي مثلاً أنها كانت ذات مرة في أحد المسابح، فسألتها المشرفة على المسبح عن تذكرة الدخول بعد أن كانت قد ارتدت ثيابها. فقالت لها إن التذكرة مع زوجها الموجود في قسم آخر من المسبح. لكن المشرفة لم تقتنع بالجواب، فما كان من أنيا إلا أن توجهت إلى قسم الرجال في المسبح وأحضرت التذكرة من زوجها وسط صيحات المشرفة التي هالها ما رأت. وعندما تتحدث أنيا عن مثل هذه الحالات تحاول شرح الأسباب التي جعلتها تفقد صبرها، قائلة: " لقد صبرت وتمالكت أعصابي يومياً طيلة خمس سنوات. قبل أن أخرج إلى السوق لشراء الحاجيات، أرتدي سروالي الطويل مهما كانت درجة الحرارة مرتفعة وأرتدي فوقه معطفي وأضع غطاء الرأس، وعندما تقوم إحدى المارات بتصليح وضع غطاء الرأس لأنه انزلق كثيراً إلى الخلف، لا أظهر أي احتجاج بل أخفض نظراتي بخشوع لئلا أجرح مشاعر الآخرين. فأنا أعتقد أنني كأجنبية يتعين علي أن أتلاءم مع الوضع . لكن في بعض الأحيان يستولي علي الشعور بأنه لم يعد لي طاقة بتحمل هذا الوضع فأفقد صبري وأتشبث بموقفي".


الوحدة من أصعب ما يواجه المغتربات

إلى جانب أنيا ياكوبي ولاورا هورستمان، دوّن ما يزيد على ثلاثين امرأة ألمانية أخرى تجاربهن في كتاب "تذكرة سفر إلى طهران دون عودة". ومن بينهن نساء يقضين فترة معينة في طهران بصحبة أزواجهن الألمان، وبعضهن الآخر تزوجن من إيرانيين من أمثال إيزولدة سامي التي تعيش منذ فترة طويلة في إيران، إذ كانت قد توجهت إلى هناك في عام 1972، وعاشت فترة الحرب الإيرانية العراقية التي اشتعلت بين عام 1980 و1988 وكانت تلك السنين حافلة بالصعوبات والمشاق، وماتزال إيسولدة تتذكرها حتى اليوم:" كانت الأوضاع في تلك الأيام غاية في الصعوبة، خاصة أنه لم يكن لدي أي أصدقاء، ولا حتى أي صديقة ألمانية أستطيع زيارتها لتبادل الحديث معها والبوح لها بمشاعري. كنت وحيدة بكل معنى الكلمة". وبالتأكيد تلك فإن مشاعر العزلة والوحدة تعد تجربة قاسية تمر بها كثير من المهاجرات في كل مكان في العالم، وقد تمكن إيزولدة من تجاوز هذه المحنة الآن وأصبح لها العديد من الأصدقاء الإيرانيين.


بعض الألمانيات يفضلن التواجد في المجتمعات النسائية

One-Way Ticket nach Teheran
النساء الألمانيات اللاتي يروين قصصهن فضلن البقاء في إيرانصورة من: Evangelische Gemeinde Deutscher Sprache in Iran

وعلى الرغم من الفصل بين الجنسين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تمكن بعض النساء الألمانيات وكذلك الإيرانيات من انتزاع مكان لهن في المجتمع الإيراني. لكن هناك بين الألمانيات اللواتي يعشن في إيران من يجدن متعة في التواجد أحياناً في مجتمع النساء، حيث يكون للحديث طبيعة أخرى أكثر تلقائية وذاتية مما لو كان يوجد في الجلسة رجال. ومن بين النساء اللواتي ينظرن هذه النظرة الفنانة هيلينا فون شيل، وهي متزوجة من إيراني وتعيش معه في طهران منذ 38 سنة وعندما تتحدث عن ذلك تقول: "أحب التواجد في مجتمع النساء لأنه يمثل نوعاً آخر من التعايش، لقد لمست بكل بساطة المزايا التي ينطوي عليها، وأنا لا أشعر أن حريتي مقيدة عندما لا تتوفر لدي الإمكانية لتناول فنجان من القهوة مع رجل".


كل النساء اللواتي يتحدثن في كتاب "بطاقة سفر إلى طهران دون عودة " توجهن إلى إيران طواعية ويعشن هناك عن رغبة. ويعود هذا إلى سبب بسيط جداً حسب رأي أنيته بيرن بيك المتزوجة من مدير أعمال غرفة التجارة والصناعة الألمانية الإيرانية، وهو الترحاب الشديد الذي يقابلهن به الإيرانيون. وتضيف أنيته في هذا الإطار: "يشعر القادم من ألمانيا في البداية ببعض الحرج عندما يقابل بلطف شديد من قبل الإيرانيين. لقد أثار دهشتي الكبيرة ذلك الترحاب الذي قوبلت به من جانب الإيرانيين على الرغم من أنهم لا يعرفوا من أنا ومن أين أتيت. بالنسبة إليهم ًلا تلعب هذه الناحية أي دور، لقد استقبلوني بترحاب شديد وهم يشعرون بالسعادة عندما يتمكنون من تقديم أي خدمة لي. وهذه الحالة مستمرة فأنا أعيش في إيران منذ سنة وكل يوم أدهش من جديد".


الكاتبة: كاترين إيردمان/ منى صالح

تحرير: سمر كرم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد