1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

آمال التونسيين بحكومة جمعة تصطدم بدقة المرحلة وصعوبتها

طارق القيزاني- تونس٣١ يناير ٢٠١٤

رغم قصر مدة تكليف حكومة رئيس الوزراء مهدي جمعة في تونس، لكن الشباب التونسي ينتظر منها توفير فرص عمل في بلد تنتشر فيه البطالة. بين ملف العمل وملف الأمن ينتظر جمعة الكثير والبعض يدعو إلى الواقعية فيما ستحققه الحكومة.

https://p.dw.com/p/1B0Jp
Tunesien neue Verfassung Parlament Mehdi Jomaa Premierminister
صورة من: Reuters

تراود التونسيين آمال كثيرة مع استلام حكومة الكفاءات الجديدة لمهامها، فيما تبقى من المرحلة الانتقالية من أجل إنعاش الاقتصاد المتدهور والتصدي للعنف والإرهاب وتلبية جزء من المطالب الاجتماعية الهائلة. ويشكل الواقع الصعب وضيق المرحلة المتبقية لعمل الحكومة لدى بعض التونسيين عوامل تدعوا إلى التأني في تحقيق تلك الآمال.

خولة اليحياوي طالبة بكلية العلوم القانونية والاجتماعية وعضو بالمجموعات الشبابية للشبكة الدولية للتنمية والحقوق عبرت لـDW عربية عن رغبتها في نجاح الحكومة الحالية بتسريع ما تبقى من المرحلة الانتقالية باتجاه موعد الانتخابات، الأمر الذي سيسمح بالانتقال إلى مؤسسات دائمة والانطلاق في منوال تنموي طويل المدى.

ولا تعلق خولة آمالا كبيرة على قدرة الحكومة الجديدة في إحداث تغييرات كبيرة وهي ترى بأن المسؤولية في هذا المجال تتقاسمها كل الأطراف، ساسة واقتصاديون بما في ذلك أيضا المجتمع المدني. لكن انطلاقا من كونها طالبة في القانون فإن خولة تأمل أن يتم التراجع عن القرار الصادر في ظل الحكومة المستقيلة، والقاضي بإقرار المئات من التعيينات في السلك القضائي خارج إطار المناظرات الوطنية، ما يعد ضربة لمبدأ تكافئ الفرص. وتقول خولة "هذا الإجراء سيمس من فرص طلبة القانون. عندما نتخرج لن نجد أماكن شاغرة".

Khawla Yahyaoui
خولة اليحياوي طالبة بكلية العلوم القانونية والاجتماعيةصورة من: DW/T. T.Guizani

التشغيل هاجس مشترك بين الحكومة والشباب

وفي بلد تبلغ فيه البطالة نسبة 15.7 بالمائة على المستوى الوطني ونحو 40 بالمائة في بعض المناطق الداخلية الفقيرة، أصبح التشغيل التحدي الأبرز للحكومة الجديدة، كونه يمس الشريحة الأبرز التي يمثلها الشباب في المجتمع التونسي.

وقد تعهد المهدي جمعة بخوض معركة شاقة ومعقدة ضد البطالة، لكنه دعا في نفس الوقت الشباب العاطل إلى تحمل مسؤولياته في مثل هذا الظرف الدقيق وأن يُقبل على المبادرة.

ويقول الشاب عدنان الحسناوي، الناشط بالمجتمع المدني في مركز الإسلام والديمقراطية لـDW عربية إن اتضاح المسار السياسي في تونس والمصادقة على الدستور الجديد سيعبد الطريق أمام دعم مشاريع تم تشخيصها في السابق من قبل شركاء البلاد، لكنها ظلت معلقة لحين تخطي الأزمة السياسية. مع ذلك يؤكد عدنان بقوله "إن مرحلة البناء الآن تحتاج إلى وقت وأن الحصول على ثمار ذلك البناء لن يكون قبل بضع سنوات. وبالتالي سيكون الخيار الأقرب إلى الشباب هو السعي إلى المبادرة الفردية". لكن بالتأكيد فإن الشباب العاطل لن يتقبل جميعه هذه الدعوة بنفس المنظار. حسب قوله.

عصام قويسم القادم إلى العاصمة من مدينة توزر جنوب البلاد درس اللغة الصينية، وبقي عاطلا منذ سنة تخرجه عام 2010 إلى أن التحق مع الآلاف من الشباب للعمل بالهيئة المستقلة للانتخابات، التي أشرفت على أول انتخابات بعد الثورة عام 2011 ليستأنف بعد انتهائها المشوار مع البطالة.

اليوم يعود عصام مع العديد من رفاقه إلى مقر هيئة الانتخابات بعد يوم واحد من تنصيب الحكومة الجديدة للمطالبة بالتشغيل ومنحهم أولوية التعاقد مع الهيئة خاصة وتحويلها إلى مؤسسة دائمة. يقول عصام لـDW عربية "نحن هنا للمطالبة بحقنا في التشغيل الذي قامت عليه الثورة. ونطالب الحكومة الجديدة بأن تقوم بتفعيل كل الوعود السابق التي بقيت على الورق والالتزام بما ينص عليه الدستور الجديد بما في ذلك الحق في العمل".

التحديات الاقتصادية: مجرد بداية للإصلاح

وأوضح عامر الجريدي الخبير في السياسات البيئية والتنمية المستدامة إلى DW عربية أن مجرد تنصيب حكومة مستقلة وغير متحزبة هي رسالة طمأنة إلى الخارج خاصة بعد تحدي المصادقة على دستور توافقي وديمقراطي يكرس الحقوق والحريات ومنوال التنمية المرتقب في المستقبل.

ويرى الخبير أن هذه الحكومة التي ستبقى في الحكم بضعة أشهر لن تكون مكلفة بصنع المعجزات ومعالجة كافة المشاكل المتوارثة، لفترة ما قبل الثورة وخلال الحكومات المتعاقبة بعدها ولكن ستكون أولويتها إيجاد حلول عاجلة للفئات الضعيفة بمساعدة المؤسسات المالية والنقدية وشركاء تونس.

لكن الخبير الاقتصادي عماد عبد الجواد الأستاذ بالمدرسة الوطنية للإدارة بتونس أوضح لـDW عربية أنه سيكون من الصعب على الحكومة الحالية مباشرة إصلاحات هيكلية عميقة التي يتطلب الاشتغال عليها لمدة سنوات، لكن في مقابل ذلك يمكن لهذه الحكومة أن تنطلق في بداية إصلاح وأن تصارح أولا الشعب بدقة الوضع الاقتصادي، لأن أي إصلاحات ستكون مكلفة على المستوى الاجتماعي لكنها ستأتي بنتائج على مدى السنوات القليلة القادمة.

ويضيف الخبير قائلا "يمكن للحكومة القيام ببعض التعديلات كالتخفيض في نسبة الفائدة والحد من نسبة التضخم والبحث عن الموارد عبر مراجعة منظومة الدعم خاصة لدى الفئات الغنية المستفيدة منه". ومع كل تلك الخطوات المقترحة فإن هناك اتفاق بين الخبراء اليوم على أن نجاح أي سياسة إصلاحية لن تتحقق قبل استتباب الأمن وهو على رأس الأولويات التي أعلن عنها رئيس الحكومة المهدي جمعة.

Khawla Yahyaoui
مجموعة من الطلاب التونسيين. التخرج ومرحلة البحث عن العملصورة من: DW/T. T.Guizani

"التصدي للارهاب يحتاج لوزراء عسكريين"

يرى العقيد المتقاعد محمد صالح الحدري الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية في حديثه مع DW عربية أن هناك تحسنا ملحوظا في الوضع الأمني في عدة جهات بالبلاد مع التحسن الكبير في عمل أجهزة الاستخبارات الذي مكن من القيام بعمليات استبقاية لكن مع ذلك فإن خطر الإرهاب ما زال قائما ولا تزال العناصر الإرهابية تصول وتجول في جبل الشعانبي.

ويضيف الحدري "الجيش ضيق الخناق على الإرهاب في الشعانبي مع اعتماده لإستراتيجية جديدة في مقاومته منذ تنحي الجنرال السابق رشيد عمار. لكن الحرب على الإرهاب هي حرب طويلة تتطلب جهد وخسائر وكان بالإمكان اختصار الوقت والجهد مثلا لو تم تعيين وزراء أكثر كفاءة من ذوي التكوين الأمني والعسكري في هذه الحكومة الجديدة على رأس وزارتي الأمن والدفاع بدل تعيين وزراء من القضاء".

ويرى الحدري أن العسكريين "يفضلون في العادة التعامل مع وزيرا ذو خلفية عسكرية ومن الميدان لكن لا تزال هناك خشية من الساسة في تونس، بحسب رأيه، من تكرار تجربة السيسي في مصر بأن يتغول الجيش وينقلب على السلطة" وهو ما يفسر الاستمرار في تعيين وزراء بعيدين عن المجال العسكري على رأس وزارة الدفاع على الرغم من أن تونس في حالة حرب ضد الإرهاب. حسب قوله.