1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

DW تتحقق: كم عدد من لقوا حتفهم في منشآت كأس العالم بقطر؟

١٨ نوفمبر ٢٠٢٢

قبل انطلاق نهائيات كأس العالم في قطر بوقت قصير، تصاعدت الانتقادات والدعوات للمقاطعة. ويقف وراء ذلك نشطاء حقوق إنسان وسياسيون ومشجعون يشيرون إلى أن 15 ألف شخص لقوا حتفهم في منشآت البطولة، فهل هذا صحيح؟

https://p.dw.com/p/4Ji1o
إستاد مدينة لوسيل بقطر- مارس/ آذار 2022
على جدران إستاد مدينة لوسيل الجديدة الذي ستقام عليه المباراة النهائية وضعت آلاف الصور للعمال الذين قاموا ببنائهصورة من: Gabriel Bouys/AFP/Getty Images

هذا المقال، ضمن سلسلة DW تتحقق، يبحث ويناقش حقيقة الأرقام التي  نشرتها الفيفا والسلطات القطرية كذلك منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام، والتي تم تناولها مرارا وتكرارا نشرتها الفيفا وجرى التعامل معها كحقائق أو حتى  بياناتمختلف عليها. ويدرك مؤلفو هذا المقال أن هذه الأرقام لا يمكن إلا أن تعطي انطباعا بسيطا عن المعاناة المفترضة للعمال الوافدين في قطر. 

ادعاء: 15 ألف عامل لقوا حتفهم بسبب العمل في منشآت مونديال قطر. 

الرقم 15021 أصبح معروفًا من خلال تقرير صدر في عام 2021 عن منظمة العفو الدولية، المدافعة عن حقوق الإنسان. كما يجري أيضا كثيرا ذكر الرقم 6500، الذي يعود إلى مقال نُشر في صحيفة "الغارديان" البريطانية في أوائل عام 2021.

DW تتحقق: خطأ

على الرغم من تفسير الأمر بهذا الشكل على نطاق واسع، لم يزعم أي من المصدرين (منظمة العفو والغارديان) أن كل هؤلاء الأشخاص لقوا حتفهم في مواقع بناء الملاعب أو في السياق المباشر لنهائيات كأس العالم فيفا 2022. وكلا الرقمين المذكورين يشملان عموما الرعايا الأجانب الذين وافتهم المنية في قطر.

15 ألف حالة وفاة ليس فقط بسبب كأس العالم

الرقم 15021 الذي جاء في تقرير منظمة العفو الدولية، مصدره الإحصائيات الرسمية  للسلطات القطرية للأعوام من 2010 إلى 2019. وفي الأعوام من 2011 إلى 2020 سجلت السلطات 15799 حالة وفاة لغير القطريين في قطر. ولا يشمل ذلك عمال مواقع البناء ذوي المهارات المنخفضة أو حراس الأمن أو عمال البساتين فحسب، بل يشمل أيضا المعلمين أو الأطباء أو المهندسين أو رجال الأعمال وما إلى ذلك. ومنهم من جاء من بلدان نامية، ومنهم أيضا من جاء من بلدان صاعدة ودول صناعية. والإحصائيات القطرية لا تسمح بتفصيل دقيق.

مؤلفو مقال صحيفة الغارديان تحدثوا عن 6751 متوفىً لأنهم قصروا أبحاثهم على أشخاص من بنغلاديش والهند ونيبال وباكستان وسريلانكا وسألوا السلطات في البلدان الأصلية عن الأرقام. وتأتي نسبة كبيرة من القوى العاملة الأجنبية في قطر، ولا سيما العمالة غير الماهرة أو منخفضة المهارات، من تلك البلدان الخمسة.

ادعاء: معدل الوفيات يقع "ضمن نطاق متوقع"

السلطات القطرية لا تجادل في الأرقام المذكورة أعلاه. ومع ذلك، رداً على مقال الغارديان، قالت وزارة الإعلام القطرية إن "معدل الوفيات بين هذه المجتمعات يقع ضمن النطاق المتوقع لحجم السكان وتركيبته".

DW تتحقق: مضلل.

الصحيح هو أنه وفقًا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، فإن معدلات الوفيات في بلدان المنشأ أعلى بكثير منها بين العمال الوافدين في قطر. وفي قطر نفسها أيضًا، وفقًا لإحصائيات الدولة، يموت عدد أكبر من الأشخاص من بين كل 100 ألف مواطن خلال عام، أكثر ممن يموتون من بين 100 ألف عامل وافد في نفس المدة. ومن وجهة نظر وبائية، فإن هذه النتائج ليس لها أهمية كبيرة، حيث لا يمكن مقارنة المجتمع الأجنبي في قطر مع المواطنين جميعا.

صحة العمال في قطر جيدة بشكل استثنائي

على سبيل المثال، نسبة الأطفال الصغار وكبار السن، أي المجموعات السكانية ذات أعلى معدل للوفيات، بين العمال الوافدين أقل بكثير مما هو عليه لدى سكان البلدان الأصليين. وبالإضافة إلى ذلك، فإن  هؤلاء العمال هم أشخاص أصحاء بشكل استثنائي. لأنه من أجل الحصول على تأشيرة عمل لدولة قطر، يلزم وجود عدد من الشهادات الصحية. ومن بينها يجب على المتقدمين إثبات الاختبارات السلبية للأمراض المعدية مثل فيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز والتهاب الكبد بي وسي والزهري والسل. وهي أمراض ذات صلة بإحصائيات أسباب الوفاة في بعض بلدان المنشأ.

في الوقت نفسه، يشير مثلا الصحفيان الفرنسيان سيباستيان كاستيلير وكوينتين مولر في كتابهما "عبيد رجل النفط" ("Les Esclaves de l'Homme Pétrole") إلى أن أياً من الأرقام المذكورة لا يشمل العمال الوافدين الذين وافتهم المنية بعد فترة وجيزة من عودتهم من قطر. نيبال، مثلا، شهدت خلال السنوات العشر الماضية زيادة كبيرة في حالات الفشل الكلوي المميت بين الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و50 عاما. والملفت للأنظار هو أن كثيرين منهم كانوا قد عادوا منذ مدة قصيرة من عملهم في الشرق الأوسط. العمل الشاق في الصحراء، في ظل نقص مياه الشرب كماً ونوعاً، حسبما أفاد متضررون، من شأنه أن يقدم تفسيراً قاطعاً لذلك. 

ادعاء: توفي 3 أشخاص فقط نتيجة عملهم في موقع بناء خاصة بكأس العالم.

أكد الفيفا ولجنة كأس العالم في قطر أن  ثلاثة أشخاص فقط لقوا حتفهم بسبب عملهم في مواقع بناء ملاعب المونديال. كما يعترفان أيضا بموت 37 عاملاً آخر من عمال المونديال، لكن دون وجود صلة مباشرة بعملهم.

DW تتحقق: مضلل

قد يكون هذا العدد صحيحًا. فقد تم توثيق حادثتين سقط فيهما عاملان من ارتفاع كبير، ومات آخر بعد اصطدامه بناقلة. ومع ذلك، فإن الأرقام مضللة لسببين. فمن ناحية، يتجاهل منظمو كأس العالم كل أولئك الذين ماتوا في مواقع بناء أخرى ربما لم تكن لتوجد لولا كأس العالم. لأن كأس العالم أدى إلى طفرة بناء في قطر، حيث تم بناء شبكة جديدة لمترو الأنفاق والطرق السريعة والفنادق وتوسيع المطار وتنفيذ مخطط مدينة لوسيل ومشاريع أخرى. وفقا للفيفا، تم توظيف ما يزيد قليلاً على 30 ألف عامل في مواقع بناء البطولة خلال فترات الذروة.

من ناحية أخرى، يشك أولئك المطلعون على الظروف المحلية في أن 37 حالة وفاة، غير ناجمة عن حوادث، لعمال كأس العالم لا علاقة لها بأعمالهم. التقرير السنوي للجنة القطرية المنظمة لكأس العالم بعنوان "تحسن رعاية العمال 2019"، يقول إن ثلاثة عمال، من أصل تسعة عمال في الملاعب، توفوا "لأسباب طبيعية" في ذلك العام؛ بسبب قصور في القلب أو فشل في الجهاز التنفسي.  ومع ذلك، بالنسبة لعلماء الأوبئة، هذه ليست أسبابا طبيعية للوفاة، لا سيما لمن تتراوح أعمارهم بين 18 إلى 60 عامًا.

في نيبال، يحرق رهبان والأقارب جثمان رجل كان يعمل في بناء الطرق في قطر توفي فجأة عام 2016- نوفمبر 2016
في نيبال، يحرق رهبان والأقارب جثمان رجل كان يعمل في بناء الطرق في قطر عام 2016، وتوفي فجأة ذات ليلة.صورة من: Niranjan Shresth/AP/picture alliance

آلاف من الوفيات لأسباب لم تتضح

هذه الوفيات الثلاث ليست استثناء. وقد توصلت الأبحاث الاستقصائية لصحيفة الغارديان إلى أن الأطباء القطريين يعزون حوالي 70 في المائة من وفيات العمال الوافدين إلى "أسباب طبيعية": توقف مفاجئ في القلب أو الجهاز التنفسي. وتدعم سجلات حكومة بنغلاديش هذا الرقم، وفقًا لمنظمة العفو الدولية. وبحسب سلسلة وثائقية للقناة الألمانية الأولى (ARD) بعنوان "WM der Shame" (مونديال العار)، قال أطباء قطريون إنهم تعرضوا لضغوط لكتابة شهادات الوفاة بهذه الطريقة. وحتى نهاية عام 2021، كانت منظمة العمل الدولية (ILO) لا تزال تنتقد توثيق الحوادث وأسباب الوفيات. علما بأنه في عام 2014، حذرت شركة المحاماة الدولية "DLA Piper" في تقرير مستقل بتكليف من الحكومة القطرية، من  عدم كفاءة عمليات التشريح.

يقول الخبراء الذين قابلتهم منظمة العفو الدولية إن السبب غير المعلوم للوفاة يحدث في حالة وفاة واحدة تقريبا من بين كل 100 حالة وفاة في "أنظمة الرعاية الصحية المدارة بشكل صحيح"، ويكاد يكون تشريح الجثة جراحيا غير ضروري على الإطلاق. في حوالي 85 في المائة من الوفيات، يكفي حتى "تشريح الجثة اللفظي"، أي استجواب شهود العيان أو الأشخاص الذين يعرفون الضحية أو أمراضه السابقة أو ظروف معيشته.

قدم العديد من هؤلاء الشهود تقارير إلى منظمات حقوق الإنسان مثل هيومن رايتس ووتش أو منظمة العفو الدولية أو إلى منظمة "فيرسكوير/ Fairsquare. وتشير تقاريرهم إلى أن ضربة الشمس والإرهاق أو بالأحرى أمراض خفيفة ولكن غير معالجة هي أسباب العديد من الوفيات المفاجئة غير المبررة. إن عدم اكتمال السجلات المتاحة يجعل من المستحيل إجراء تقييم قاطع. ما تبقى هو السؤال عن سبب عدم إصدار السلطات القطرية لتوثيق أكثر جدوى للوفيات.

يان د. فالتر / مات فورد، بالتعاون مع سيباستيان هاور/ ص.ش

نحن نشكر نيكولاس ماكجيهان من هيومن رايتس ووتش وإلين فيرسكوير فيزيمولر من منظمة العفو الدولية وكذلك بيت باتيسون من صحيفة الغارديان لتقديمهم نظرة ثاقبة لأبحاثهم لمساعدتنا على فهم النتائج التي توصلوا إليها. ولسوء الحظ، فإن العديد من الاستفسارات التي وجهتها DW  إلى مختلف السلطات في قطر وبنغلاديش والهند ونيبال وباكستان وسريلانكا، بقيت بدون  إجابة حتى ساعة نشر هذا المقال.

مراسلون - كأس العالم لكرة القدم: العمالة الوافدة في قطر

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد