1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

8 سنوات على ثورة يناير.. أين تقف مصر اليوم؟

٢٥ يناير ٢٠١٩

ثمان سنوات تمر على ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 في مصر. وتقف مصر اليوم في مكان يختلف كلياً عما كانت عليه إبان اندلاع الثورة التي حبس العالم أنفاسه لمتابعة تفاصيلها اليومية. فأين أصبحت مصر اليوم بعد هذه السنوات؟

https://p.dw.com/p/3C3ca
Ägypten Demonstrationen in Kairo 2011
صورة من: picture alliance/landov

بعد مرور 8 سنوات على ثورة 25 يناير..ما الذي تحقق في مصر؟

ثمان سنوات مرت على مصر منذ ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، انتقلت فيها البلاد بين حالات سياسية شديدة التباين. كان سقف التوقعات عالياً والأحلام لا تحدها حدود. انتهت الثورة نهاية دراماتيكية، لفظها أغلب الناس، بل إن أغلب الإعلام الذي تتحكم فيه الدولة اليوم أصبح يطلق عليها لفظ "المؤامرة". طالت الاتهامات بالخيانة والعمالة كافة الرموز تقريباً التي شاركت في 25 يناير، فانتهى الأمر ببعضهم في القبر وآخرين خلف قضبان السجن وغيرهم في المنفى.

واليوم وبعد هذه السنوات من انطلاق ثورة تابع العالم بأسره تفاصيلها لحظة بلحظة. أين تقف مصر في المجالات المختلفة؟

25 يناير.. هل كانت خطأ يجب الاعتذار عنه؟

Ägypten Armeechef General Al Sisi 14.11.2013
الرئيس عبدالفتاح السيسيصورة من: Reuters

 بعد أن كان يقال عنها "ثورة شعبية حماها الجيش"،أضحت 25 يناير واجهة لأعمال عنف وتخريب دبرها الإخوان للاستيلاء على الحكم، وهي القناعة االراسخة في وعي قطاع ليس بالقليل من المجتمع المصري.

حازم صاغية الصحفي والناقد السياسي اللبناني يرى أن "نظام الحكم الحالي بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي يبدو وكأنه اعتذار عن وقوع ثورة يناير وإعادة الاعتبار لتركة يوليو وما تلاها، فحين وقعت الثورة كان الانطباع الأصلي أنها ستقطع الصلة مع الشرعية النابعة من يوليو 52 وستباشر توليد علاقات اجتماعية وسياسية مختلفة، لكن هذا لم يحدث وعادت الأمور إلى ما كانت عليه منذ 60 عاماً".

فريدة الشوباشي الكاتبة الصحفية والإعلامية المصرية ترى أن "25 يناير قامت ضد نظام سياسي فشل رئيسه في إدارة الدولة وأوصلها إلى حافة الهاوية، لكن الإخوان المسلمين سطو على هذه الثورة فأفقدوها مغزاها وكادت مصر أن تنهار تحت حكم الفاشية الدينية دون أي رؤية لمستقبل البلاد، لتأتي ثورة يونيو 2013 وتصحح مسار ثورة يناير".

الاقتصاد.. بين حلم التحرر وضغوط الاستدانة

شهدت مصر هزة اقتصادية عنيفة في أعقاب ثورة يناير، لكن الأمور كانت قد بدأت في الاستقرار نسبياً مع عودة السياحة في 2012. لكن منذ أحداث يونيو 2013 تغيرت الخريطة الاقتصادية لمصر بشكل تام، حيث شهدت مصر وتيرة متسارعة للاستدانة لم يسبق لها مثيل.

يقول الكاتب الصحفي اللبناني حازم صاغية إنه "في أي بلد عندما يكثر الحديث عن المشروعات العملاقة وأكبر مسجد وأكبر كنيسة على غرار مشروعات القذافي كالنهر العظيم وغيرها، فإن في ذلك دليل على وجود أزمة كبيرة تعانى منها البلد إما في الاقتصاد أو السياسة أو في طريقة الحكم وأن هذه المشروعات يخفي الحديث عنها أزمات عميقة وحقيقية داخل النظام والسلطة".

Jubel über Wahlsieg al-Sisis
ميدان التحرير وسط القاهرة مصنع ثورة ينايرصورة من: DW/Elisabeth Lehmann

 

لكن فريدة الشوباشي الكاتبة الصحفية الناصرية ترى أن "السيسي ورث أرضاً خربة أو منزل شبه منهار، لكن السيسي ببرنامجه الاقتصادي الطموح من افتتاح مصانع وزيادة للرقعة الزراعية وغيرها جعل مصر تعود مرة أخرى رغم كل المصاعب التي يلاقيها، ولو لم نلجأ للإصلاح الاقتصادي كانت الدولة ستنهار، وفي الحقيقة فهذه كلفة علينا كلنا كمصريين أن نتحملها وأن ندفع ثمن الغفلة التي أصابتنا".

الكاتب والأديب علاء الأسواني انتقد مساندة من أسماهم بالناصريين لمشروع السيسي الاقتصادي:

مصر كدولة محورية في المنطقة.. بين 2011 و 2019

على مدى التاريخ كانت مصر دولة شديدة الأهمية في محيطها الإقليمي، وفي ذلك لعبت أدواراً شديدة الأهمية. لكن  البعض يرى أنه في أواخر عهد مبارك أصيبت مصر بتكلس حاد في كافة مفاصلها، كان واحداً منها السياسة الدولية، وكان الأمل أن تتغير الأوضاع بعد ثورة يناير 2011.

في هذا الصدد يرى الكاتب اللبناني حازم صاغية أن مصر كانت دائماً النموذج في العالم العربي فكانت عاصمة للفنون والثقافة والأدب والسينما بجانب أدوراها الإقليمية والدولية وكانت لديها رسالة أيديولوجية خرجت منها خلال عهد عبد الناصر اتفقنا أو اختلفنا معها، لكنها اليوم للأسف ليس لديها أي رسالة توجهها لأي أحد ولا يوجد لديها نموذج ناجح في الداخل، الأمر الذي يفسر ضعف الحضور السياسي والثقافي المصري في المنطقة".

وتتفق الكاتبة الصحفية المصرية فريدة الشوباشي مع صاغية في نقطة واحدة وهي أن "مبارك خصوصاً في أواخر عهده لم يكن لديه القدرة على المتابعة الجادة لكل التفاصيل ومنها الوضع السياسي داخلياً وخارجياً ولذلك قامت الثورة كما أن الوضع ساء في ظل حكم الإخوان، لكن اليوم وبعد ثمان سنوات من الثورة وُضِع الأساس للدولة التي كنا نحلم بها واختطفت منا منذ الانفتاح في عهد الرئيس الراحل السادات".

حقوق الإنسان.. أحلام عريضة انتهت بواقع مرير؟

بعد سقوط مبارك كان الأمل يحدو الكثير من المهتمين بحقوق الإنسان أن تتحسن الأوضاع. لكن مصر اليوم - وفق تقارير المنظمات الحقوقية الدولية بل وحتى المنظمات التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي- تشهد انتهاكات مريعة جعلت سجل مصر الحقوقي واحداً من أسوأ السجلات في العالم.

لكن فريدة الشوباشي الكاتبة الصحفية ترى أنه "لا توجد انتهاكات في مصر، بل إني لم أرَ في حياتي رئيس يسب كما يحدث مع الرئيس السيسي، وتضيف: "أرى أن ارتفاع هذه الأصوات منذ 2013  لا يهدف إلا إلى هدم الدولة وهذا يتوافق مع رؤية الشرق الأوسط الكبير من تقسيم دول المنطقة إلى دويلات صغيرة متصارعة ونحمد الله أننا أفلتنا من هذا المشروع الشرير".

أما حازم صاغية فيرى أن "إنكار النظام المصري المستمر لحدوث تلك الانتهاكات هو جزء لا يتجزأ من الثقافة السياسية الحاكمة في العالم العربي، لكن المشكلة أن هذا الإنكار يأتي مع عدم اكتراث من العالم الخارجي، فالنظام المصري وغيره من الأنظمة العربية تستمد قوتها من صعود الأنظمة الشعبوية في العالم ككل والتي لا تكترث بحقوق الإنسان نهائياً ولا يهمها إطلاقاً ما يحدث من انتهاكات في الدول الأخرى وهذه نقطة قوة أكيدة للثورات المضادة في العالم العربي".

الحلم بالديموقراطية.. هل تصطدم أحلام الشعب بالتوازنات الدولية؟

تصاعدت في مصر مؤخراً أصوات تطالب بتعديل الدستور لفتح مدد ولاية الرئيس السيسي وعدم قصرها على مدتين فقط، إضافة لجعل المدة الواحدة 6 سنوات، وهي النقطة التي يرى كثير ممن شاركوا في ثورة 25 يناير أنها آخر المكتسبات المتبقية من الثورة.

تقول الكاتبة الصحفية المصرية فريدة الشوباشي إن "أبجديات الديمقراطية أن يعبر الناس عن رأيهم في استفتاء حول هذا الأمر فإن وافق الشعب على تعديل الدستور وتمديد فترات الرئاسة فلا يمكن لأحد أن يقف أمام رغبة الناس، والكل يعرف أن الشعب متمسك اليوم بالسيسي لأنه الوحيد الذي خلصنا من الحكم الديني وهو الوحيد الذي عليه شبه إجماع من الشعب وهو أكثر شخص لديه شرعية في مصر اليوم".

أما حازم صاغية الكاتب الصحفي اللبناني فيرى أن "هناك انتكاسة هائلة أحدثها انتصار الثورات المضادة في العالم العربي، بالتالي ليس جديداً أن نتوقع عودة السيسي إلى فكرة الزعيم الأبدي الممدد له مرة تلو الأخرى وكل شيء يشير إلى قرب حدوث ذلك".