تواصلت الاحتجاجات والتظاهرات ضد العنصرية وعنف الشرطة في الولايات المتحدة رغم المواجهات مع الشرطة وتهديدات الرئيس دونالد ترامب المصمم على إعادة فرض النظام ملوحا باستخدام الجيش. وبعد تسعة أيام على مقتل جورج فلويد اختناقا تحت ركبة شرطي أبيض أوقفه، تتواصل موجة الاحتجاجات التاريخية من غير أن تتراجع.
وتظاهر ما لا يقل عن ستين ألف شخص الثلاثاء تكريما لذكرى جورج فلويد في تجمع سلمي في هيوستن، المدينة التي نشأ فيها في ولاية تكساس وحيث سيوارى الثرى الأسبوع المقبل. وقال رئيس بلدية المدينة سيلفستر تيرنر "نريد أن يعرفوا أن جورج لم يمت سدى". وقد شارك العديد من أفراد عائلته في هذا التجمّع الذي تفرّق المشاركون فيه بهدوء قبيل حلول المساء مردّدين اسم جورج فلويد وهتاف "لا عدالة، لا سلام".
وفي لوس أنجليس، ركع رئيس بلدية المدينة إريك غارسيتي مع شرطيين على ركبة واحدة، في الوضعية التي ترمز منذ 2016 إلى التنديد بعنف الشرطة ضد الأميركيين الأفارقة، وتذكر بالشرطي الذي قتل فلويد ضاغطا بركبته على عنقه لحوالى تسع دقائق.
ورغم استمرار المظاهرات أمام البيت الأبيض لليلة الثامنة على التوالي اعتبر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العاصمة الأمريكية واشنطن أكثر الأماكن أمناً على الأرض، وقال في تغريدة عبر حسابه على تويتر ليل الثلاثاء/ الأربعاء: "واشنطن العاصمة كانت أكثر الأماكن أمناً على الأرض الليلة الماضية!".
يأتي هذا بينما تحدى مئات المتظاهرين حظر التجوال المفروض خارج البيت الأبيض في واشنطن مجددا. وردد المتظاهرون السلميون، وعددهم أكبر بكثير ممن تجمعوا في اليوم السابق، هتافات مثل: "هذا ما تبدو عليه الديمقراطية" و"نحن لا نتحرك". وتجمع المتظاهرون أمام السياج الذي تم نصبه مؤخرا ومنعهم من دخول حديقة خارج البيت الأبيض، حيث استخدمت القوات الاتحادية الغاز المسيل للدموع لتفريقهم أمس للسماح للرئيس بالتقاط صورة أمام كنيسة.
وكان بين المتظاهرين السيناتورة الديموقراطية إليزابيث وارن حتى وقت متأخر من المساء متحدين حظر التجول الذي أعلنته البلدية اعتبارا من الساعة 19,00، فيما أقيمت سواتر معدنية حول البيت الأبيض لمنع أي مواجهة مباشرة مع قوات الأمن في محيطه.
من جهته قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن وسائل الإعلام "زعمت كذبا" أنه تم استخدام الغاز المسيل للدموع ضد "مثيري الشغب". وأضاف ترامب في تغريدة عبر حسابه على تويتر: "الإعلام زعم كذباً أن أعمال الشغب العنيفة كانت سلمية وأنه تم استخدام الغاز المسيل للدموع ضد مثيري الشغب".
في سياق متصل قال الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش الابن إنّ مقتل الأمريكي الأسود جورج فلويد ينم عن"فشل صادم" فيما يتعلق بالتصدي للعنصرية في البلاد وحث على أن تلقى أصوات المحتجين آذانا صاغية، في تعارض شديد مع النهج الصارم الذي يتبعه الرئيس الجمهوري دونالد ترامب إزاء الاحتجاجات.
ولم يذكر بوش ترامب بالاسم وقال إن قيم الولايات المتحدة لا تتماشى مع إجلاء المحتجين عن ساحة لافاييت المواجهة للبيت الأبيض يوم الاثنين قبل أن يتحرك ترامب على قدميه لالتقاط الصور.
كما وجه زعماء للبروتستانت والكاثوليك في الولايات المتحدة انتقادات لاذعة للرئيس دونالد ترامب بعد يوم من إجلاء محتجين سلميين بالقوة من أجل التقاط صورة له أمام كنيسة قريبة من البيت الأبيض.
وقال كبير الأساقفة ويلتون غريغوري، وهو أكبر زعيم ديني كاثوليكي في العاصمة الأمريكية، في بيان يوم الثلاثاء إن البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، بابا الكنيسة الكاثوليكية لما يقرب من 40 عاما، ما كان "ليتغاضى عن استخدام الغاز المسيل للدموع وغيره من وسائل الردع لإسكات (المحتجين) أو تفريقهم أو ترويعهم من أجل صورة أمام مكان للعبادة والسلام".
م.م/ ص.ش (د ب أ، ا ف ب، رويترز)
-
في صور: الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد تشعل أمريكا
"لا أستطيع التنفس"
الاحتجاجات الغاضبة من وحشية الشرطة ضد السود لعقود من الزمن، انتشرت بسرعة من مينيابوليس إلى مدن أخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة. بدأت الاحتجاجات وسط الغرب في وقت سابق من هذا الأسبوع، بعد أن قام ضابط شرطة بتكبيل جورج فلويد والضغط على رقبته بركبته. وواصل الأمر رغم صراخ فلويد وهو رجل أسود يبلغ من العمر 46 عاما، بأنه لا يستطيع التنفس، إلى أن فارق الحياة.
-
في صور: الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد تشعل أمريكا
"العملاق اللطيف"
نشأ فلويد في مدينة هيوستن بولاية تكساس، وانتقل إلى مينيابوليس بولاية مينيسوتا في عام 2014 للعمل. وقبل وفاته، كان يبحث عن عمل بعد تسريحه من عمله كحارس مطعم للوجبات السريعة بسبب إجراءات الإغلاق على خلفية تفشي فيروس كورونا. وصفه أصدقاؤه بالعملاق اللطيف نظرا لقامته التي كانت تبلغ المترين.
-
في صور: الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد تشعل أمريكا
من السلمية إلى العنف
اتسمت غالبية الاحتجاجات السبت الماضي بالسلمية، غير أن عددا منها أصبح عنيفا مع حلول الليل. في العاصمة واشنطن تم نشر الحرس الجمهوري أمام البيت الأبيض. وفي وسط مدينة إنديانابوليس بولاية إنديانا، قتل شخص على الأقل في إطلاق للنار قالت الشرطة إنها لم تكن ضالعة فيه. وفي فيلادلفيا بولاية بنسيلفانيا أصيب عدد من عناصر الشرطة بجروح، في حين صدمت سيارتان تابعتان للشرطة حشدا من الناس في مدينة نيويورك.
-
في صور: الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد تشعل أمريكا
متاجر مخربة ومنهوبة
في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا واجه المتظاهرون عناصر الشرطة هاتفين "حياة السود مهمة!"، قبل أن تنهال عليهم الشرطة بالعصي وتطلق عليهم الرصاص المطاطي. وفي بعض المدن، بما فيها لوس أنجلوس وأتلانتا ونيويورك وشيكاغو ومينيابوليس، تحولت الاحتجاجات إلى أعمال شغب، قام فيها البعض بنهب المتاجر وتخريبها.
-
في صور: الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد تشعل أمريكا
"عندما يبدأ النهب ..."
هدد الرئيس دونالد ترامب بإرسال الجيش لقمع الاحتجاجات، قائلاً إن "إدارته ستوقف العنف الغوغائي بشكل نهائي". ازدادت حدة التوتر في كافة أنحاء البلاد إثر تهديد ترامب، الذي ألقى باللائمة على الجماعات التي زعم أنها من أقصى اليسار. لكن حاكم ولاية مينيسوتا "تيم وولز" قال للصحفيين إنه سمع عدة تقارير غير مؤكدة تفيد بقيام مجموعات التي تنادي بتفوق البيض العنصرية بتأجيج العنف.
-
في صور: الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد تشعل أمريكا
وسائل الإعلام في مرمى النيران
استهدفت قوات الأمن العديد من الصحفيين الذين كانوا يغطون الاحتجاجات. من بينهم مراسل CNN عمر خيمينيز وطاقمه الذين تعرضوا الجمعة الماضية للاعتقال أثناء تغطيتهم لأحداث مينيابوليس. وأصيب العديد من الصحفيين بقذائف أو احتجزوا أثناء بثهم على الهواء. كمت أطلقت الشرطة النار على مراسل DW ستيفن سايمنس أثناء تغطيته للاضطرابات في عطلة نهاية الأسبوع.
-
في صور: الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد تشعل أمريكا
الغضب يتجاوز الولايات المتحدة
احتجاجات عالمية في كندا المتاخمة للولايات المتحدة الأمريكية من الشمال حيث نزل الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع في فانكوفر وتورنتو. وفي العاصمة الألمانية برلين، تجمع المغتربون الأمريكيون ومتظاهرون آخرون خارج السفارة الأمريكية. وفي عاصمة بريطاينا لندن، ركع المتظاهرون في ساحة ترافالغار قبل أن يسيروا أمام البرلمان ويتوقفوا أمام السفارة الأمريكية.
-
في صور: الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد تشعل أمريكا
عند باب ترامب الأمامي
احتدمت الاحتجاجات في العاصمة الأمريكية واشنطن بعد أن بدء سريان حظر التجول في الساعة 11 ليلا. تجمع أكثر من 1000 متظاهر في حديقة لافاييت قبالة البيت الأبيض، وأضرمت بعض النيران خارج مقر إقامة الرئيس. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن المخابرات نقلت ترامب إلى مخبأ محصن كإجراء احترازي.
-
في صور: الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد تشعل أمريكا
حظر التجول في المدن الأمريكية الكبرى
مددت نيويورك ولوس أنجلوس وشيكاغو وميامي وديترويت وواشنطن العاصمة ومدن أمريكية أخرى حظر التجول مع دخول الاحتجاجات الليلة السادسة. ولاية أريزونا في غرب البلاد فرضت حظرًا للتجوال على مستوى الولاية على مدار أسبوع بعد اشتباك المتظاهرين مع الشرطة. كما تم نشر حوالي 5000 جندي من الحرس الجمهوري في 15 ولاية أمريكية.
-
في صور: الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد تشعل أمريكا
ترمب والكتاب المقدس
في مواجهة تجدد الاحتجاجات يوم الأحد، هدد ترامب بنشر الجيش إذا فشلت الولايات في "الدفاع عن سكانها". ثم سار ترامب من مقر إقامته إلى كنيسة في الحديقة، حيث كان يحمل إنجيلًا عالياً خلال فرصة لالتقاط الصور. هذا التصرف أثار استياء الأسقف ماريان إدغار بودي بعد أن زار ترمب كنسيتها دون إذن مسبق ودون الصلاة في الكنيسة.
-
في صور: الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد تشعل أمريكا
مظاهرات سلمية
رغم انتشار العنف بقيت عدة احتجاجات في الولايات المتحدة محافظة على سلميتها. في ساحة تايمز سكوير في مانهاتن في نيويورك، استلقى المتظاهرون على الأرض وأيديهم خلف ظهورهم، محاكين الوضعية التي كان فيها فلويد عندما قتل. وعلى الرغم من لجوء بعض المتظاهرين إلى العنف، أشاد العديد من رؤساء البلديات والحكام الأمريكيين بمستوى الاحتجاجات.
-
في صور: الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد تشعل أمريكا
ركوع ضباط من الشرطة أمام المتظاهرين
لكن رغم تصاعد حدة العنف، فهناك مواقف أظهر فيها المتظاهرون وضباط الشرطة في الولايات المتحدة نوعاً من التضامن. إذ أظهرت فيديوهات منتشرة على التواصل الاجتماعي ضباط شرطة يركعون للتضامن مع المتظاهرين. يشير الركوع إلى لاعب كرة القدم السابق في اتحاد كرة القدم الأميركي كولين كايبرنيك، الذي احتج على بهذه الوضعية خلال النشيد الأمريكي ضد العنصرية وعنف الشرطة ضد السود في الولايات المتحدة. كرستيان كوبلر/س.أ