بعد سنة ونصف السنة من اجتماع أول من هذا النوع، نُظم تحت إشراف الأمم المتحدة، استضافت العاصمة الألمانية مجددا الأربعاء (23 حزيران/يونيو 2021) أبرز أطراف النزاع الليبي وبينهم للمرة الأولى الحكومة الانتقالية.
وأشاد المشاركون في ختام المؤتمر بتحسن الوضع كثيرا في ليبيا منذ 2020. وأكدوا بحسب البيان الختامي بأن "الأعمال العدائية توقفت. ووقف إطلاق النار يسري. وإغلاق المنشآت النفطية رُفع".
تفاؤل بسحب القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا
وقالت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش في ختام اللقاء "لقد أحرزنا تقدما فيما يتعلق بالمرتزقة ونأمل في أنهم سينسحبون في الأيام المقبلة من الجانبين".
من جانبه، أعرب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس عن اعتقاده بنجاح المؤتمر. وفي أعقاب لقاء مع ممثلي 16 دولة وأربع منظمات دولية، قال ماس الأربعاء إنه متفائل حيال إمكانية نجاح الانسحاب المنشود لجميع المقاتلين الأجانب من ليبيا. وقال ماس: "لن نهدأ حتى تغادر آخر قوة أجنبية البلاد"، لكنه أقر في نفس الوقت بأن هذه الخطوة لا يمكن أن تحدث إلا بشكل تدريجي، مشيرا إلى أن الطريق إلى السلام ليس عدوا سريعا بل إنه سباق ماراثون.
وأكد البيان الختامي أن "كل القوات الأجنبية والمرتزقة يجب أن ينسحبوا من ليبيا بدون تأخير". لكن البيان الختامي أوضح أن تركيا، إحدى الدول المتواجدة عسكريا في ليبيا، عبرت عن "تحفظ" حول هذا الموضوع لكن بدون توضيحات أخرى.
وكان الهدف الرئيسي من المؤتمر هو إنهاء التدخل الخارجي في الصراع الليبي والذي تمثل في توريد أسلحة ومرتزقة إلى ليبيا، إلا أن هذا الهدف لم يتحقق حتى الآن. وكان ماس قال قبل بدء المؤتمر إن "الأطراف الذين تعهدوا خلال اجتماع برلين الأخير (المؤتمر السابق) سحب قواتهم لم يفوا بوعدهم" في إشارة مبطنة إلى روسيا الممثلة في برلين بنائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة.
في كانون الأول/ديسمبر قدرت الأمم المتحدة بنحو 20 ألفا عدد المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا، من روس في مجموعة فاغنر الخاصة وتشاديين وسودانيين وسوريين وغيرهم. وينتشر مئات من العسكريين الأتراك بموجب اتفاق ثنائي مبرم مع حكومة طرابلس السابقة. وأكد مصدر دبلوماسي أن "عدد المقاتلين لم ينخفض بشكل كبير، لكن لدينا وقف إطلاق نار مقبول بشكل عام ومحترم في كل أنحاء البلاد".
إلا أن دبلوماسيين في الأمم المتحدة أعربوا عن خشيتهم من التهديد الذي يشكله هؤلاء الرجال المدججون بالسلاح على المنطقة عند انسحابهم. فقد قُتل الرئيس التشادي إدريس ديبي إتنو في نيسان/أبريل خلال هجوم شنه متمردون تشاديون انطلقوا من ليبيا.
وفي هذا الصدد تعهد المشاركون في المؤتمر أيضا الأربعاء بضمان أمن الحدود الليبية ومراقبة تحركات المجموعات المسلحة عبر الحدود. كما كرروا التعبير عن رغبتهم في احترام الحظر على الاسلحة الى ليبيا.
الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة في ليبيا
التحدي الآخر في اجتماع برلين تمثل في الانتخابات الرئاسية والتشريعية في 24 كانون الأول/ديسمبر. وقد أكد رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة خلال هذا المؤتمر "التزامه" بتنظيم هذه الانتخابات، بحسب البيان الختامي. لكن ثمة شكوكا سادت قبل المؤتمر حول الإرادة الفعلية للسلطة الحالية بتنظيم هذا الاقتراع. وقال أحمد المسماري الناطق باسم قوات القائد العسكري خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق البلاد، "من الضروري أن تتخذ بعثة الأمم المتحدة كل الاجراءات في هذا الصدد وأن تتحمل مسؤولياتها لكي يمكن اجراء الانتخابات في الموعد المقرر".
ويعول الاتحاد الأوروبي على السلطة الليبية الجديدة لحل مشكلة المهاجرين الذين يبحرون من السواحل الليبية في زوارق غير آمنة تحمل أكثر من طاقتها في غالب الأحيان، في محاولة للوصول إلى أوروبا. لكن الانقسامات عادت لتظهر في الأسابيع الأخيرة بين السلطة في طرابلس والمشير خليفة حفتر في شرق البلاد. وقالت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة روزماري دي كارلو إن عملية السلام "ستستغرق بعض الوقت".
ز.أ.ب/ف.ي (أ ف ب، د ب أ)
-
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
تستضيف العاصمة الألمانية برلين الأربعاء (23 حزيران/يونيو 2021) جولة جديدة من محادثات السلام الليبية. ستركز المحادثات على التحضير لانتخابات وطنية مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر وسحب الجنود الأجانب والمرتزقة من ليبيا، ومسألة تشكيل قوات أمنية موحدة. واستضافت برلين برعاية الأمم المتحدة في 19 كانون الثاني/ يناير 2020 مؤتمرا حول ليبيا شارك فيه طرفا النزاع إلى جانب رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا ومصر.
-
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
في شباط/فبراير من عام 2011 اندلعت في بنغازي ومن ثم في مناطق أخرى تظاهرات جوبهت بعنف من قبل نظام معمر القذافي، الذي حكم البلاد منذ عام 1969 بقبضة من حديد. شن تحالف بقيادة واشنطن وباريس ولندن هجمات على مقار قوات القذافي، بعد حصوله على ضوء أخضر من الأمم المتحدة. ثم انتقلت قيادة العملية الى حلف شمال الأطلسي. ولقي القذافي مصرعه في 20 تشرين الأول/أكتوبر بالقرب من مسقط رأسه في سرت.
-
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
غرقت ليبيا في دوامة من العنف والاضطرابات السياسية لم يفلح المجلس الوطني الانتقالي، الذي تشكل في الأيام الأولى للثورة برئاسة مصطفى عبد الجليل كبديل للنظام، في وضع حد لها. وفي يوليو/ تموز 2012 انتخب برلمان تسلم سلطاته بعد شهر من المجلس الوطني الانتقالي. تشكلت حكومة برئاسة علي زيدان في تشرين الأول/أكتوبر، بيد أنها سقطت بعد حجب الثقة عنها في آذار/مارس 2014.
-
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
تعرضت السفارتان الأميركية في أيلول/سبتمبر 2012 والفرنسية في نيسان/أبريل 2013 لهجومين تسبب الأول بمقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز والثاني بإصابة حارسين فرنسيين، فأغلقت غالبية السفارات الأجنبية أبوابها وغادرت طواقمها البلاد.
-
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
في أيار/مايو 2014، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء عملية "الكرامة" ضد جماعات إسلامية مسلحة في شرق ليبيا. وانضم ضباط من المنطقة الشرقية إلى صفوف "الجيش الوطني الليبي" الذي شكله حفتر. في حزيران/يونيو 2014، تم انتخاب برلمان جديد جاءت أغلبيته مناوئة للإسلاميين الذين قاطعوه.
-
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
في نهاية آب/ أغسطس 2014 وبعد أسابيع من المعارك الدامية، سيطر ائتلاف "فجر ليبيا" الذي ضم العديد من الفصائل المسلحة بينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء "المؤتمر الوطني العام"، البرلمان المنتهية ولايته. وتم تشكيل حكومة. وأصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان.
-
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 وبعد مفاوضات استمرت أشهراً، وقع ممثلون للمجتمع المدني ونواب ليبيون في الصخيرات بالمغرب، اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة، وأُعلنت حكومة الوفاق الوطني. لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من خليفة حفتر، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.
-
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
في السنوات التالية تنازعت سلطتان الحكم في ليبيا: في الغرب حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقرا لها وتحظى باعتراف الأمم المتحدة، وسلطة موازية في شرقي البلاد بقيادة خليفة حفتر. جمع اجتماعان في باريس في عامي 2017 و2018 حفتر والسراج في محاولة للوصول إلى تسوية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، بيد أنه لم يتم الالتزام بما اتفق عليه ومضت الحرب في طحن البلاد.
-
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
في مطلع 2019، بدأت قوات حفتر بغزو الجنوب بدعم من القبائل المحلية، فسيطرت بلا معارك على سبها والشرارة، أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد. ومن ثم تقدمت باتجاه طرابلس، حيث جوبهت بمقاومة عنيفة من القوات الموالية لحكومة الوفاق التي شنت بعد عام تقريباً هجوماً معاكساً وحققت تقدماً، لكن في حزيران/ يونيو 2020 هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ب"التدخل" العسكري في ليبيا في حال تقدم قوات الوفاق نحو سرت.
-
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
بعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من شباط/فبراير 2021 إلى توقيع اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار "بمفعول فوري". ومن ثم جرى الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، نالت ثقة البرلمان في آذار/ مارس. ومهمة حكومة الدبيبة السير بالبلاد نحو تنظيم الانتخابات. وبذلك عاد الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع. إعداد: خالد سلامة
الكاتب: خالد سلامة