1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لامبيدوزا..بوابة المهاجرين التونسيين الأولى إلى أوروبا

٣ نوفمبر ٢٠١٩

جزيرة لامبيدوزا الإيطالية تشكل محطة عبور للمهاجرين القادمين من تونس وليبيا. مهاجر نيوز زار الجزيرة والتقى بمهاجرين قادمين من تونس وعمدة الجزيرة، لمعرفة أوضاع المهاجرين وسير العمليات الإدارية لهم قبيل نقلهم إلى صقلية.

https://p.dw.com/p/3SCYk
Italien Rettungsschiff Open Arms vor Lampedusa
صورة من الأرشيفصورة من: Getty Images/AFP/A. Serrano

استرخوا فأنتم في لامبيدوزا... جملة كثيرا ما تسمع في هذه الجزيرة الواقعة جنوب إيطاليا، وخاصة على لسان قاطنيها. البحر هادئ تموجه الرياح أحياناً والمراكب على اختلافها أحياناً أخرى. وعلى الرغم من أنه شهر تشرين الأول/أكتوبر، إلا ان الشمس تسطع في سماء الجزيرة بحدية، خاصة في ساعات الظهيرة. لا يتكلم الغالبية سوى الإيطالية والقليل من الإنكليزية، وحتى السياح غالبيتهم إيطاليون يقضون الوقت إما على الخلجان الصغيرة أو في محال بيع السمك الطازج أو أمام معالم سياحية استحدثت لتروي قصص الواصلين الجدد من المهاجرين.

لامبيدوزا، والتي تعتبر أقرب إلى تونس منها إلى إيطاليا، والمليئة بشواطئ تعد الأجمل سياحياً، عبارة عن ميناء كبير تكتظ فيه القوارب، قوارب صيادين قوارب سياحية قوارب خاصة قوارب للشرطة وقوارب للمهاجرين. جميعها ترسو في ميناء الجزيرة التي يعتاش غالبية قاطنيها من الصيد والزراعة والسياحة، والتي اشتهرت بشواطئها الرملية وغدت منذ عام 2000 مشهورة أيضاً باحتضان قوارب المهاجرين وخاصة القادمين من تونس.

قلة من المهاجرين يبقون في الجزيرة، بحكم صغر مساحتها واقتصار المهن فيها على الصيد والوظائف الحكومية والزراعة. لكن أهميتها تكمن باعتبارها أول شاطئ يقابل قارة افريقيا، فهي بذلك محطة العبور الأولى للمهاجرين قبل دخولهم البر الإيطالي ومنه إلى أوروبا. هذا الأمر أكده لمهاجر نيوز رئيس بلدية الجزيرة مارتيلو سالفاتوري، وأضاف أن غالبية الواصلين، ولاسيما منذ عام 2011 يحملون الجنسية التونسية، فضلاً عن آخرين قادمين من أفريقيا عبر ليبيا يشكلون نسبة لا بأس بها من الواصلين. وبحسب منظمة الهجرة، بدأت أعداد الوافدين بالارتفاع تدريجيا منذ عام 2017، حيث وصل منذ بداية 2019 حتى شهر أيلول/سبتمبر أكثر من 3400 مهاجراً من أصل 7630 وصلوا إلى إيطاليا.

مركز الاحتجاز محطة المهاجرين الأولى بعد رسو مراكبهم

على الرغم من صغر مساحة الجزيرة، كان من الصعب علينا الالتقاء بالمهاجرين أو مصادفتهم في مركز المدينة الصغير. السبب ببساطة أنه في وقت الظهيرة يفضل غالبية المهاجرين البقاء في مركز الاحتجاز. المركز مبني داخل منطقة عسكرية. تبلغ قدرته الاستيعابية94 مهاجراً، وهو مؤلف من عدة مبان بداخلها غرف تتسع لثمانية أشخاص، وإن زاد العدد فهناك فرش يمدها المهاجرون خارج الغرف وينامون عليها، بحسب مرزوق، 28 عاماً، وهو مهاجر تونسي. وتقدم ثلاث وجبات في المركز ولا مشاكل ذكرها المقيمون هناك في الأسبوعين الأخيرين.

ويمنع على الصحافة الدخول من دون تصريح، وإن أردت النظر عن كثب فعليك اختيار موقع استراتيجي مطل على مركز الاحتجاز لرصد ما يحصل. من بعيد، يمكن رؤية تحركات المهاجرين في الداخل، وبحسب مرزوق يبدون وكأنهم داخل سجن، فهو محاط ومحصن بالأسلاك الشائكة. تنبت من حوله رقع الأشجار مغطية أجزاء من الباب الرئيسي.

مركز الاحتجاز ...وجهة الوصول الأولى

تصل القوارب المهاجرة إلى لامبيدوزا من تونس وليبيا لترسو في الميناء، أو تتعطل محركاتها بالقرب من الشاطئ فتقوم دوريات خفر السواحل بإنقاذ من على متنها. في كلتا الحالتين، الشرطة والدرك يحرصون على أمن المهاجرين.

"في البداية"، يقول عامر، 30 عاما، من تونس "يبقى المهاجرون عقب الرسو في مكانهم ريثما تصل قوات الدرك (الشرطة) التي تصحبنا إلى المركز، هناك نعرض على الطبيب ومن ثم تؤخذ بصماتنا وصورنا". ويبقى المهاجرون في ذلك المركزلمدة 48 ساعة.

إيطاليا: لامبيدوزا واللاجئون

 يتم عادة إخلاء المركز في لامبيدوزا ونقل المهاجرين بشكل دوري. أحياناً وبسبب مشكلات داخلية إدارية قد يطول بقاء بعضهم بحسب مسؤولة منظمة ميديتيرانيان هوب كلاوديا فيتالي أو يزيد عددهم عن العدد الذي يتسع له المركز بحسب ما أكد رئيس بلدية الجزيرة دون مارتيلو.

بعد توزيعهم على الغرف تقول منظمة الهجرة الدولية إنه يتم مرور أحد الموظفين فيها إلى المركز، ليوضح للواصلين حقوقهم والإجراءات التي سيمرون فيها، كآلية نقلهم إلى مركز استقبال في جزيرة صقلية، حيث تدرس أوضاعهم ويتخذ فيهم قرار وخاصة بالنسبة للتونسيين إمام بالبقاء أو بالإعادة أو بتصريح يطلب من المهاجر فيها أن يخلي من إيطاليا ويعود إلى تونس خلال مدة أقصاها 7 أيام نظراً لوجود اتفاقية بين تونس وإيطاليا.

 إلا أن أكثر من 10 مهاجرين تحدث معهم فريق مهاجر نيوز أكدوا أنهم لا يعرفون ما الذي سيحصل لهم بعد خروجهم من الجزيرة وبعضهم ممن مكث أكثر من 48 ساعة لا علم له كم من الوقت سيبقى في المركز، حتى أن غالبيتهم قالوا إنهم كتبوا قصصهم ودوافعهم على أوراق وأمضوا عليها بهدف تسليمها لشرطة المركز، ولا يعرفون ما إذا كان سيتم قبول طلبات لجوئهم أم لا.

 مكرم 30 عاماً وهو أيضا مهاجر تونسي قال إنه لا يتم قبول طلبات لجوء التونسيين في لامبيدوزا مع العلم أنه يحق لهم طلب اللجوء من هناك " لا نعرف ما إذا وافقوا علينا ام لا، الحديث مع المترجم كان مختصراً ولم يكن لدي متسع لشرح حالتي بالكامل". بعد لامبيدوزا يتم عن طريق قارب كبير نقل المهاجرين إلى مركز استقبال في جزيرة صقلية، هناك يخصص لهم محام ويتم النظر في أمر طلباتهم.

يكمل مكرم" لا نفعل أي شيء، ننتظر وحسب ونخرج أحياناً لنراقب البحر أو نتجول في السوق."

لأنها لامبيدوزا

مسؤولة في منظمة ميديتيرانيان هوب المنظمة الوحيدة المعنية بمساعدة المهاجرين في لامبيدوزا، تقول إنه يمكن للمهاجرين الخروج إلى السوق مثلاً "ليس لأن القانون يسمح، فهذا ممنوع. ولكن لأنها لامبيدوزا" وأضافت أن هناك بالقرب من الباب الرئيسي للمركز مكان يمكن الانسياب عبره والخروج، ويستطيعون العودة بشكل طبيعي. باسل 30 عاماُ مهاجر تونسي وصل منذ أسبوع إلى الجزيرة يقول "إنه لا يمنع علينا الخروج ولكن يؤكد حرس المكان أنكم إذا خرجتم فأنتم مسؤولون عن أنفسكم" ويضيف "نتمشى في مركز المدينة ونرى سيارة الشرطة ويمرون بجانبنا ولا أحد يسيء إلينا منهم، وعلى كل حال تم إخلاء قرابة 80 شخصاً ولم يبقى إلا قرابة 50 فلا مشاكل."

 مركز المدينة شارع طويل وكنيسة تؤنس من يمر بها

عند الخروج يقصد المهاجرون مركز المدينة وهو عبارة عن شارع واحد طويل، تتفرع عنه شوارع صغيرة. على ضفتيه تغوص محال لبيع الثياب والمطاعم المختصة بالأطعمة البحرية ظهراً والمعجنات مساءاً. ينتهي الشارع بمشهد الميناء في الأسفل، وأضواء تغلفه من كل صوب. يقصد البعض المقهى ترى البعض يمر في السوق، أو يشاهد الميناء أو بالقرب من كنيسة الجزيرة، الواقعة أيضا في الشارع.

صرح ضخم ذو باحة فسيحة منبسط بلاطها الأبيض، مهيب سقفها من بعيد ومطلي بلون بني فاتح، بابها الخشبي الضخم مفتوح دائماً وإن لم يكن الأب كارميلو، المسؤول عنها متواجد. عند الدخول، يرى فوق مذبحها مجسم صليب ضخم صنع من المجاذيف، كإشارة لدعم الكنيسة لقيمة الانسان وخطورة البحر وأوضاع المهاجرين

وإن لم يعرف المهاجرون أجمعين الأب كارميلو، فيعرفون أن باستطاعتهم الطواف بحدود الكنيسة لالتقاط شبكة الانترنت، والانسلال داخلا بأي وقت لشحن هواتفهم. هناك على أدراج الكنيسة وبعد ان كانت الشمس على وشك المغيب جلس باسل وعامر، شابان في بداية الثلاثينيات قدما من جربة في تونس على متن قارب حمل أحد عشر شخصاً ورسا منذ أيام في ميناء لامبيدوزا عند الرابعة صباحاً.

 بعد لامبيدوزا لكل مهاجر خطته الخاصة

يقيم الشابان في مركز الاحتجاز وينتظران الانتقال إلى صقلية، فمن هناك تبدأ الرحلة الموعودة لكل منهما يقول باسل "في صقلية نعلم أن هناك ورقة الـ7 أيام، نأخذها وبعدها نذهب حيث نريد وانا أريد الذهاب إلى فرنسا". مسؤول في منظمة الهجرة الدولية أكد وجود تصريح السبعة أيام ولكنه لا يمنح للجميع فبحسب اتفاقية بين تونس وإيطاليا، تتم إعادة ما يقارب من 80 مهاجر تونسي اسبوعياً وعندما يزيد العدد عن المتفق عليه، توزع تصاريح الإخلاء على من تبقى من المهاجرين وهم يعبرون من خلالها إلى مستقرات جديدة تكون وجهتهم النهائية.

يوشك النهار على نهايته وترى في الجزيرة آثار تركها المهاجرون العابرون، إما أجساد دفنت في مقبرة خاصة لهم وبلغوا أكثر من 15 أو قوارب حُملت كتل خشب ووضعت بالقرب من منطقة عسكرية. مراكب عبرت على متنها أجساد المهاجرين وخُطت على أخشابها أعدادهم وأسماء وجمل وعبارات باللغة العربية. استرخى جمع القوارب على أرض صخرية مكسوة بالأعشاب والحشرات. تراقب بغرابة الشمس فهي في لامبيدوزا.

كندة يوسف- مهاجر نيوز

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد