1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قضية أميناتو حيدر: تعقيد للنزاع في الصحراء الغربية أم مدخل للحل؟

٢٥ ديسمبر ٢٠٠٩

إذا كان إضراب الناشطة الصحراوية أميناتو حيدر عن الطعام قد انتهى بسماح المغرب لها بالعودة فإن تداعياته لم تنته بعد. فهل يساهم هذا الإضراب، أو ما بات يعرف بقضية حيدر، في تعقيد النزاع في الصحراء الغربية أم يشكل مدخلا لحله؟

https://p.dw.com/p/LDcz
بعد ثلاثة وثلاثين يوما من الإضراب عن الطعام سمح المغرب لأميناتو حيدر بالعودةصورة من: AP

لا شك بأن قضية أميناتو حيدر، أو الإضراب عن الطعام، الذي نفذته الناشطة الصحراوية، لمدة ثلاثة وثلاثين يوما في مطار "لانثاروتي" الإسباني، احتجاجا على ترحيل السلطات المغربية لها إلى جزر الكناري، قد ترك آثارا واضحة على القضية الأم: أي النزاع في الصحراء الغربية وتحول بدوره إلى قضية خلافية جديدة. فإذا كانت جبهة البوليساريو ترى في الإضراب "ملحمة تاريخية" على حد قول جمال زكاري ممثلها في ألمانيا في حوار خاص مع دويتشه فيله، فإن الرباط ترى أن البوليساريو قد دفعت بحيدر إلى الإعلان عن إضرابها من أجل تحقيق مكاسب سياسية. وما تقصده الحكومة المغربية هنا هو توسيع مهمة بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية والمعروفة بـ"مينورسو"، لتشمل مراقبة ملف حقوق الإنسان، وهو ما ترى فيه الرباط انتقاصا من السيادة المغربية.

وبالرغم من أن السياسي والمعارض المغربي محمد العوني يرى في عودة الناشطة أميناتو حيدر إلى بيتها بعد استجابة الرباط لمطالب غربية بهذا الشأن "انتصارا للجانب الإنساني"، فإنه يستغرب، في حوار مع دويتشه فيله، مطالبة البوليساريو بتوسيع صلاحيات بعثة الأمم المتحدة في الصحراء الغربية لأنها برأيه "واضحة ومرتبطة بالحل الأممي الذي ينبغي أن يأخذ طريقه إلى أرض الواقع". ويضيف العوني، القيادي في الحزب الاشتراكي الموحد، المعارض لحكومة عباس الفاسي، بأن من يسعى إلى "توسيع دور بعثة الأمم المتحدة في المناطق الخاضعة للسيادة المغربية من الصحراء الغربية فلا بد أن تكون نيته سيئة وأن لا تكون لديه رغبة في إيجاد حل للأزمة".

حوار مع "انفصاليي الداخل"

Marokkos neuer König Mohammed VI.
رأت البوليساريو في خطاب الملك نسفا للحوار لأنه وصف من لا يتبنى وجهة النظر المغربية من الصحراويين بـ"الخونة".صورة من: dpa

وبالرغم من أن الحكومة المغربية صورت السماح بعودة حيدر وكأنه انتصار لها واعتراف من قبل الغرب، وخصوصا الولايات المتحدة وفرنسا وإسبانيا، رغم نفي الأخيرة، بسيادة القوانين المغربية في الصحراء، فإن النخب المغربية، وجهت انتقادات شديدة لأداء حكومة الفاسي في هذا الملف. إلا أن شخصيات مغربية بارزة دعت إلى استخلاص العبر من هذه القضية خصوصا الوزير السابق ومؤسس حزب الأصالة والمعاصرة فؤاد عالي الهمة. إذ دعا الهمة إلى فتح حوار مع الناشطين الصحراويين المؤيدين للبوليساريو والمعروفين بانفصاليي الداخل. وقد أيد العوني إجراء هذا الحوار لأنه يقرب برأيه "من إمكانيات التفاوض وإمكانيات إيجاد حل" للنزاع.

إلا أن ممثل البوليساريو في ألمانيا استغرب طرح هذه القضية قائلا لدويتشه فيله: "كيف يطالبون بالحوار وقد اتهم الملك المغربي في خطابه، في السادس من نوفمبر/ تشرين الثاني، من لا يتبنى وجهة النظر المغربية بالخونة". ونفى زكاري أن تكون البوليساريو خائفة من هذا الحوار لأنه قد يشكل التفافا على قيادتها، كما رأى بعض المراقبين، مؤكدا أن جبهته "تبارك هذه الخطوة إذا كان هناك نية الجانب المغربي حسنة، وإذا سمح للمواطنين الصحراويين بالتعبير عن وجهات نظرهم بالطرق السلمية حتى لو كانت مخالفة لوجهة النظر الرسمية".

غياب أوروبي عن الملف الصحراوي

Frankreich EU Nicolas Sarkozy
رغم تدخل الرئيس الفرنسي في قضية أميناتو حيدر فإن الباحث خطار أبو دياب يتحدث عن "غياب أوروبي فاضح" في الملف الصحراويصورة من: AP

ويرى الدكتور خطار أبو دياب، الباحث في المعهد الدولي للجيوبوليتيك (الجغرافية السياسية) في باريس، في حوار مع دويتشه فيله أن قضية أميناتو حيدر كشفت عن "غياب أوروبي فاضح" في الملف الصحراوي رغم تحرك الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي. ويضيف بأنه "لولا تدخل وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون لدى وزير الخارجية الإسباني موراتيونس لما انتهت القضية بهذه الطريقة". وإذ يعتبر أبو دياب أن معاهدة لشبونة لم تعط أي زخم لدور أوروبي مهم في القضايا الساخنة في العالم، كما كان متوقعا، فإنه يرى بأن أوروبا مطالبة بأن "تبادر لإيجاد حل لهذه المشكلة إذا كانت يريد فعلا أن يتطور الاتحاد من أجل المتوسط، وإذا كان تريد فعلا شراكة اقتصادية مع السوق المغاربية الكبيرة". ويرى أبو دياب بأن "هذا الحل غير ممكن دون انخراط أوروبي مباشر وربما عبر دولة كألمانيا، رغم الجهود الأمريكية وجهود الأمم المتحدة". أما لماذا ألمانيا فإنه يجيب بالقول بأن "فرنسا وإسبانيا متهمتان بالانحياز إلى أحد طرفي النزاع: المغرب من جهة والبوليساريو والجزائر من جهة أخرى".

جولة مفاوضات جديدة وضرورة حصول اختراق

Christopher Ross, UN-Sonderbeauftragter für die Westsahara
دعا الممثل الاممي إلى الصحراء كريستوفر روس إلى جولة مفاوضات جديدة مطلع العام المقبلصورة من: AP

وإذا كانت مشاورات كريستوفر روس، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، مع المغرب والبوليساريو لعقد جولة مفاوضات جديدة بينهما قد سبقت قضية أميناتو حيدر، فإن الأزمة الجديدة ألقت بظلالها على هذه المشاورات ودفعت بالجانب الأممي إلى استعجال حصولها. وبالفعل أعلن متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بأن "روس دعا طرفي النزاع إلى جولة مفاوضات غير رسمية مطلع العام المقبل". وبالرغم من أن هذه المفاوضات غير رسمية، وتأتي استكمالا لجولة سابقة، فإن سقف التوقعات بشأنها ارتفع بعد قضية حيدر.

إلا أن خطار أبو دياب غير متفائل بحصول اختراق طالما أن "طرفي النزاع لم يغيرا موقفيهما". ويضيف الباحث اللبناني المطلع على السياسة الخارجية الفرنسية بالقول: " نحن أمام العقبة ذاتها، فالمغرب يرفض الاستفتاء على حق تقرير المصير والبوليساريو ترفض أي فكرة من أفكار مشاريع الحكم الذاتي". من جانبه رمى السياسي المغربي المعارض محمد العوني الكرة في مرمى جبهة البوليساريو والجزائر معتبرا أن "نجاح الجولة القادمة من المفاوضات مرتبط بإرادتهما". ودعا العوني الطرفين إلى ما وصفه بـ"تطوير التعاطي مع القضية عبر التفاوض على ما هو مطروح بشكل واقعي" أي "الحكم الذاتي الموسع الذي طرحه المغرب".

بدوره لم يبد ممثل البوليساريو في ألمانيا جمال زكاري تفاؤلا بشأن جولة المفاوضات الجديدة متهما الحكومة المغربية بأنها "لا تريد أن تتفاوض بل تسعى إلى فرض شروطها". وأضاف زكاري قائلا "من يأتي بشروط مسبقة، كحكم ذاتي موسع، ويحاول تفادي تنظيم استفتاء حر فإن أقل ما يقال عنه أنه لا يريد مفاوضات جادة". وفي ظل هذا التباعد بين وجهتي نظر الطرفين لا يرى خطار أبو دياب مخرجا لهذه الأزمة إلا عبر "إجراء مصالحة بين الجزائر والمغرب"، فبدونها (المصالحة) وبدون "معالجة الوضع الإقليمي" وبدون "أن تتحمل أوروبا مسؤوليتها كقوة احتلال سابقة للمنطقة لن تتقدم الأمور".

الكاتب: أحمد حسو

مراجعة: هيثم عبد العظيم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات