1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

القمامة تكشف سر سقوط الإمبراطورية البيزنطية!

٢٥ مارس ٢٠١٩

رصد باحثون صعود الإمبراطورية البيزنطية، التي كانت تمتد إلى اسطنبول الحالية، وفترة أفولها من خلال تحليل القمامة في منطقة الخُلصة الواقعة في صحراء النقب، وتبيان سبب تراجع أهمية المنطقة في القرن السادس الميلادي.

https://p.dw.com/p/3FeC1
Pergamonaltar- Christian Wilberg: Ausgrabungen an der byzantinischen Mauer

في أوج ازدهار الإمبراطورية البيزنطية، شهدت منطقة شرق البحر المتوسط التابعة لها أفولاً ملفتاً، وذلك حسبما خلص إليه باحثون في علم الآثار بعد تحليل مكب نفايات أثري بالقرب من المركز الإداري في مدينة الخُلصة الحالية الواقعة في صحراء النقب.

وحسب الباحثين في جامعة حيفا، فإن النظام الحضري للتخلص من القمامة انتهى بشكل مفاجئ جداً منتصف القرن السادس الميلادي، أي بالتزامن مع العصر الجليدي الصغير أواخر العصر القديم وبداية ما يعرف بطاعون جستنيان.

وطبقاً للدراسة التي نُشرت الاثنين (25 آذار/ مارس 2019) في مجلة "بروسيدنغز" التابعة للأكاديمية الأمريكية للعلوم، كانت الإمبراطورية الرومانية مقسمة عام 395 إلى نصفين، حكمت خلالها الإمبراطورية البيزنطية، أو إمبراطورية شرق منطقة البحر المتوسط، المنطقة الشرقية للبحر المتوسط. ووصلت هذه الإمبراطورية إلى أوجها في الفترة القريبة من عام 550 م، وذلك عندما كانت تمتد إلى القسطنطينية (اسطنبول اليوم)، التي كانت عاصمة تلك الإمبراطورية، وذلك قبل أن تتقلص فيما بعد.

وهناك عدة أسباب مختلفة يناقشها العلماء ويعزون إليها تراجع الإمبراطورية، حيث مرت الإمبراطورية في منتصف القرن السادس الميلادي بما يعرف بالعصر الجليدي الصغير، وكذلك طاعون جستانيان، ثم كان التمدد الإسلامي في القرن السابع.

ودرس علماء الآثار الإسرائيليون بلدة الخلصة، التي كانت آنذاك مدينة تقع شمال غرب صحراء النقب. وكان يعيش في تلك المدينة، التي كانت تقوم على مساحة نحو 39 هكتاراً، ما يصل إلى 15 ألف نسمة، وفقاً للباحثين.

وكانت هذه المدينة تمثل مركزاً إدارياً للمناطق الخاضعة للإمبراطورية البيزنطية، حيث كانت تضم مدرسة ومسرحاً و حمامات عامة ومصانع خزف وكنائس. كما كانت تحيط بها أراض زراعية، وكان العنب أكثر ما يزرع في تلك الأراضي، التي كانت تمتلك أنظمة ري.

وأعاد الباحثون من خلال الدراسة تخيل كيفية صعود مدينة الخلصة وزوالها، وذلك اعتماداً على تحليل محتويات أربعة مكبات قمامة شمال البلدة و جنوب شرقها، وهي المكبات التي كان سكان المدينة يلقون فيها مخلفاتهم، "حيث اعتبرنا التخلص المنظم من النفايات علامة على انتظام الحياة الاجتماعية في هذا التجمع الحضري"، حسبما أوضح الباحثون.

وكان حجم هذه المكبات ملفتاً للنظر بالفعل، حيث قدر الباحثون سعتها بنحو مليون و200 ألف متر مكعب، موزعة على مساحة تزيد على 10 هكتارات. وعثر الباحثون داخل هذه المكبات على نحو 15 ألف قطعة خزف مكسورة، بعضها يعود لأباريق خزفية كانت تحوي نبيذ النقب الشهير. وأشار الباحثون إلى أن الجزء الأكبر من هذه القمامة تكدس على مدى قرنين، بدءاً من عام 550 وحتى عام 350، أي ما يعادل كمية نفايات تبلغ 6000 متر مكعب سنوياً.

وأسفر التأريخ بالكربون المشع (C14) عن أن الطبقات الأعلى لهذه القمامة تعود للقرن السادس، ما يعني - حسب العلماء - أن تخلص المدينة المنظم من القمامة انتهى آنذاك بشكل مفاجئ، "وقبل نحو قرن من الغزو الإسلامي لمناطق جنوب الشام، وبالتزامن مع سلسلة ثورات بركانية يعرف الباحثون زمن اندلاعها على وجه الدقة، وكذلك بالتزامن مع عدة مظاهر للمناخ البارد وبداية طاعون جستانيان"، حسبما أوضح الباحثون.

وتمثل فترة وصول كميات القمامة لأعلى معدلاتها ذروة النشاط العمراني في صحراء النقب، وهي الفترة التي تبعها الأفول الطويل للمدينة. ورغم أن هذا المكان ظل موجوداً حتى القرن السابع على الأقل، إلا أنه لم يكن ذا أهمية كبيرة، "حيث فقدت منطقة الخلصة بحلول أوائل المرحلة الإسلامية مكانتها كعاصمة إقليم لصالح مدينة غزة الساحلية".

وبذلك بدأت معالم أفول الإمبراطورية البيزنطية بالفعل في ذروة السلطة في القرن السادس الميلادي، "حيث كانت المجتمعات الكبيرة والمعقدة في الإمبراطورية الرومانية والبيزنطية صامدة بشكل هائل وظلت على هذا الصمود عدة قرون من المحن، من بينها الانتكاسات الواسعة أمام البربر الذين حاولوا غزو الإمبراطورية، والتوترات الاجتماعية والتضخم"، وفقاً للباحثين.

وتابع الباحثون: "ربما تراكم ضعف الإمبراطورية بسبب مزيج من عواقب التغير المناخي والأوبئة، في القرن السادس الميلادي، عندما شهدت الإمبراطورية البيزنطية عدة نجاحات عسكرية وتمدداً إقليمياً، وأدى هذا التراكم لأفول هذه الإمبراطورية".

ز.أ.ب/ ي.أ (د ب أ)

تخصصات غريبة في الجامعات الألمانية