1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بمناسبة مرور 11 عاماً على تحرير العراق من الفاشية

عبد الخالق حسين١٠ أبريل ٢٠١٤

يؤرخ د.عبد الخالق حسين الذكرى الحادية عشرة لقيام قوات التحالف الدولي بتحرير العراق، وهي نفس القوات التي حررت أوربا في الحرب العالمية الثانية من النازية الألمانية والفاشية الإيطالية واليابان من الإمبراطورية العسكرية.

https://p.dw.com/p/1Beww
Saddam Hussein Gerichtssaal Irak
صورة من: picture-alliance/dpa/dpaweb

عملية تحرير العراق كانت وما زالت مثيرة للجدل، وحتى يستكثر علينا البعض استخدام كلمة (التحرير)، إذ يفضلون عليها كلمة "الاحتلال"، أو "الغزو" مع كلمات الإدانة مثل "الغاشم"...الخ. والمؤسف أن هذه الإدانة تأتي حتى من قبل بعض ضحايا النظام البعثي، ومن بعض المثقفين في العالم، وبالأخص من اليساريين. وسبب هذا الاختلاف هو أن الناس ينسون بسرعة معاناتهم على يد النظام الساقط وينشغلون بهمومهم الحاضرة. وهذا الجدل مستمر لحد الآن.

وعذرهم في استخدام كلمة "احتلال"، أن أمريكا نفسها تستخدم هذا التعبير، ويتهموننا بأننا ملكيون أكثر من الملك!! نسي هؤلاء أن سبب استخدام أمريكا لكلمة (الاحتلال) هو لأسباب قانونية دولية كي تحصل على تخويل قانوني من الأمم المتحدة لحماية العراق خلال الفترة الانتقالية إلى أن يتم تسليم الحكم إلى أهله. وهذا ما حصل بعد عام ونصف العام من إسقاط حكم البعث. لذا فبالنسبة لي كعراقي، فالعراق كان محتلاً احتلالاً داخلياً من قبل عصابة البعث المافيوية لخمس وثلاثين سنة، وكان أبشع احتلال في التاريخ. على كل حال، هناك أسباب كثيرة لاستمرار الجدل حول تقييم تحرير العراق من البعث الفاشي، وهي كالتالي:

1- تم التحرير بقيادة الدولة العظمى، أمريكا وبريطانيا، وهناك أسباب تاريخية لعداء مزمن من القوى السياسية المؤدلجة في العراق، اليسارية، والقومية، والإسلامية ضد أمريكا والغرب عموماً، فمن الشعارات التي رفعها الحزب الشيوعي العراقي قبل التحرير مثلاً، شعار: (لا للحرب ..لا للدكتاتورية).

2- أدَّعوا أن هدف أمريكا من احتلال العراق هو نهب ثرواته النفطية واستعباد شعبه وقتله، "وليس لسواد عيون العراقيين!". ونحن نعرف أن أمريكا لم تنهب النفط، بل تشتريه بالعملة الصعبة، وارتفع سعر النفط إلى أضعاف سعره عما كان عليه قبل التحرير. كذلك دفعت أمريكا نحو 60 مليار دولار لأعمار العراق، إضافة إلى ما دفعته من تكاليف الحرب، البشرية والمالية. كما وساعدت أمريكا في إطفاء 90% من ديون العراق. فهل هذا احتلال استعماري كما يدعي أعداء العراق الجديد؟

3- شن أعداء تحرير العراق من فلول البعث وحلفائهم أتباع القاعدة، حرب الإرهاب وإثارة الفتنة الطائفية، بدعم من الحكومات المنطقة مثل السعودية وقطر وتركيا، ومؤسساتها الإعلامية مثل قناة الجزيرة وغيرها، المعادية للديمقراطية في العراق الجديد لأسباب طائفية وسياسية واقتصادية، حاولت إفشالها بمختلف الوسائل.

4- بأوامر من حكوماتهم، أصدر رجال الدين السعوديون وغيرهم من أمثال القرضاوي، فتاوى لقتل العراقيين الشيعة ووصفوهم بـ"الروافض" و"الشيعة الصفوية، و"عملاء الفرس المجوس"، وقاموا بتدمير البنى الاقتصادية والركائز التحية بذريعة محاربة الاحتلال، وباسم "المقاومة الوطنية الشريفة". بينما الحقيقة تؤكد أن أعمالهم تلك كانت ومازالت حرباً طائفية وعنصرية بدليل أنه حتى بعد رحيل القوات الدولية نهاية عام 2011، استمرت حرب الإبادة ضد الشيعة، وهذه المرة بحجة مقاومة "الاحتلال الصفوي".

5- مبالغة الإعلام العربي بحجم القتلى العراقيين إلى مليون ونصف المليون، والادعاء أن القتل حصل على أيدي القوات الأمريكية وحلفائهم "الصفويين"، وأن ومعظم الضحايا هم من العرب السنة. بينما الحقيقة تؤكد أن حرب الإبادة حصلت ضد الشيعة، وعلى أيدي فلول البعث الطائفيين، وحلفائهم الإرهابيين من القاعدة، المدعومة من الحكومات الخليجية وخاصة السعودية وقطر، وكذلك تركيا منذ انسحاب القوات الأمريكية نهاية عام 2011.

6- أثبتت الإحصائيات التي قامت بها جهات دولية محايدة مثل منظمة (Body count)، أن عدد القتلى بلغ في حدود 100 ألف، وإحصائية أخرى نشرتها الوكيليك، أن العدد بلغ في حدود 130 ألفاً خلال العشر سنوات الماضية. وبالتأكيد هذا الرقم يشكل فاجعة كبيرة على الشعب العراقي، ولكن أين هذا الرقم من مليون ونصف المليون ضحية؟ إن الغرض من تضخيم أرقام الضحايا ليس تألماً على شعبنا، أو دفاعاً عنه، بل للتحريض ضده، واعتبار معظم الضحايا من السنة، قتلوا على أيدي القوات الأمريكية والشيعة "الفرس المجوس"، للشحن الطائفي، وإثارة غضب العرب والمسلمين وتحريضهم لدعم الإرهاب في العراق... وحققوا النجاح في ذلك.

7- منذ سقوط البعث الفاشي، ادعوا أن الشيعة همشوا السنة في المشاركة في الحكم. والحقيقة أن السنة هم همشوا أنفسهم في أول الأمر، حيث قاطعوا العملية السياسية، ورفضوا المشاركة في السلطة والانتخابات على أمل إسقاط النظام الجديد وإعادة التاريخ إلى ما قبل 2003... وأخيراً انتبه العقلاء من أهل السنة، فشاركوا في العملية السياسة، ولكن اندس البعثيون في صفوفهم لغرض إسقاط العملية السياسية من الداخل باستخدام الورقة الطائفية. فرغم مشاركتهم في السلطة، ووفق ما افرزته صناديق الانتخابات، إلا إنهم شاركوا في الحكومة من أجل شلها وتفجيرها من الداخل كحصان طروادة، وفي نفس الوقت مارسوا الإرهاب.

8- شن أعداء الديمقراطية من البعثيين وحلفاؤهم حملة ضارية لتشويه صورة الديمقراطية وعزو جميع الشرور والجرائم التي ارتكبوها مع القاعدة ضد الشعب إلى الديمقراطية، والمحاصصة، والحكومة، أو بالأحرى إلى رئيسها، والإدعاء أن الإرهاب والفساد والنهب نتاج هذه الديمقراطية التي جلبتها "أمريكيا سيئة الصيت!".

في الحقيقة كل فقرة أعلاه تستحق أن تكون مقالاً مستقلاً، وقد مررنا على الكثير منها في مقالات سابقة.