1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بعد انسحاب فرنسا.. مالي بين هجمات المتطرفين وجحيم العقوبات

٢٣ ديسمبر ٢٠٢١

بعد الانسحاب الفرنسي من البلاد باتت الحكومة العسكرية في مالي تواجه مهمة في غاية الصعوبة تتمثل في مواجهة تهديدات المتطرفين من جهة وتلويح زعماء دول غرب أفريقيا بفرض المزيد من العقوبات في حال عدم إجراء انتخابات من جهة أخرى.

https://p.dw.com/p/44hKz
جنود فرنسيون في مالي - صورة بتاريخ يناير 2021
استمر الوجود العسكري الفرنسي في مالي قرابة تسع سنواتصورة من: Frederic Petry/Hans Lucas/picture alliance

مع انسحاب آخر جندي فرنسي من قاعدة تمبكتو العسكرية الواقعة شمال مالي، أصبح على عاتق هذا البلد الفقير الواقع غرب أفريقيا مهمة رئيسية تتمثل في محاربة المتطرفين الإسلاميين الذين يشكلون تهديداً أمنياً يمتد منذ عدة سنوات. 

ويعود الوجود العسكري الفرنسي في مالي إلى عام 2013 عندما تدخلت فرنسا للمساعدة في إبعاد المتطرفين عن السلطة واستمر هذا الوجود على مدار العقد الماضي. بيد أن تهديد الجماعات المتطرفة كان كبيراً حتى أن القوات الأجنبية لم تكن قادرة على ردع المسلحين في منطقة الساحل الممتدة بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، ووقف هجماتهم.

وزادت الأزمة السياسية التي تعصف بمالي من صعوبة مواجهة المتطرفين، إذ تواجه الحكومة الانتقالية الحالية التي يقودها الجيش عقوبات من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، المعروفة باسم "إيكواس". وفي هذا السياق قال وزير خارجية مالي عبد الله ديوب إن بلاده ليس أمامها أي خيار آخر سوى إعادة التفكير والنظر في الطريقة التي تمكنها من حفظ الأمن ووقف هجمات المسلحين المتطرفين.

وفيما يتعلق   بالانسحاب الفرنسي، قال ديوب في حوار مع DW: "لقد بات من الواضح أن مالي لا يمكنها الاعتماد على المساعدة الأمنية الخارجية إلى الأبد"، مضيفاً بالقول: "نقدر تضحيات الجنود الفرنسيين وغيرهم ممن لقوا حتفهم وهم يساعدوننا، لكن يجب أن ندرك أن المساعدات الخارجية سوف تنتهي لسبب أو لآخر".

عزم فرنسا على إنهاء مهمة "برخان"

يشار إلى أنه في يوليو/ تموز الماضي أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده تعتزم إغلاق جميع قواعدها العسكرية في مالي بحلول العام المقبل.

وتأتي هذه الخطوة في إطار خطة باريس الرامية إلى إنهاء عملية "برخان" لمواجهة الجهاديين في منطقة الساحل الإفريقي، إذ شدد ماكرون في حينه على تفضيل الانخراط في تحالف دولي يدعم القوات المحلية.

 

وشهد الشهر المنصرم سحب فرنسا آخر جنودها من قاعدة تساليت في مالي عقب الانسحاب من قاعدة كيدال. وفي هذا السياق يرى خبير مكافحة الإرهاب موتارو موموني موكتار في حوار مع DW أن العديد من سكان مالي لم يتقبلوا الوجود العسكري الفرنسي في بلادهم، لذا كانوا سعداء بالانسحاب الفرنسي.

وأضاف عبر الهاتف من غانا أن الانسحاب الفرنسي "يأتي إلى حد كبير تعبيراً عن المشاعر المعادية بين سكان مالي لانتشار الجنود الفرنسيين في بلادهم".

قوات فرنسية تنسحب من مالي بعد انتهاء عملية "بارخان" - صورة بتاريخ 9 يونيو 2021
قوات فرنسية تنسحب من مالي بعد انتهاء عملية "بارخان" - صورة بتاريخ 9 يونيو 2021صورة من: AP Photo/picture alliance

ويذهب موكتار إلى القول بأن التواجد العسكري الفرنسي في مالي أدى على مدار السنوات التسع الماضية إلى تفاقم الوضع الأمني، ​​ما جعل مالي الآن بلداً غير مستقر.

ورغم ذلك، أثار الانسحاب الفرنسي المخاوف حيال قدرة الجيش في مالي على المضي قدماً في تولي مهامه خاصة مواجهة هجمات المتطرفين الذين استطاعوا ترتيب صفوفهم وقاموا بتوسيع نفوذهم جنوب البلاد منذ طردهم عام 2013.

إلغاء زيارة ماكرون بسبب كورونا

وكان ماكرون يعتزم زيارة مالي الإثنين الماضي لإجراء أول مباحثات مع رئيس مالي الانتقالي العقيد أسيمي غويتا، بيد أن الوضع الصحي الحرج في أوروبا جراء ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا تسبب في إلغاء الزيارة. واستولى غويتا على السلطة في أغسطس/ آب من العام الماضي عقب انقلاب أطاح برئيس البلاد المنتخب ديمقراطياً إبراهيم أبوبكر كيتا.

العلاقات المتوترة أصلاً بين فرنسا ومالي، قد تشهد تصعيداً جديداً في اللقاء الافتراضي بين ماكرون وغويتا، خاصة في ظل قلق فرنسا من احتمالية تواجد مرتزقة روس ينتمون إلى مجموعة "فاغنر" الروسية في مالي لسد فراغ القوات الفرنسية.

وكانت مجموعة "فاغنر" قد ذكرت في وقت سابق أنها عمدت على تعزيز تواجدها في مالي، وهو الأمر الذي بات يثير قلق الولايات المتحدة أيضاً. ففي بيان لها، قالت الخارجية الأمريكية الأسبوع الماضي أن كلفة تعاقد حكومة باماكو مع المجموعة الروسية ستبلغ 10 ملايين دولار شهرياً.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن "قوات فاغنر معروفة بنشاطها المزعزع للاستقرار وانتهاكات حقوق الانسان، لذا فهي لن تجلب السلام الى مالي، وإنما سوف تعمل على زعزعة استقرار هذا البلد أكثر فأكثر".

بدوره قال محمد صالح النظيف، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في منطقة غرب أفريقيا ومنطقة الساحل، إن الأمم المتحدة ليست معنية بالنزاعات السياسية عندما يتطرق الأمر إلى معالجة الأزمة في المنطقة.

وفي حوار مع DW أضاف المسؤول الأممي: "لا يمكن للأمم المتحدة التدخل في الخلافات السياسية أو حتى التعاون بين الدول. تعتقد الأمم المتحدة أن الوضع في منطقة الساحل وتحديداً في غرب أفريقيا بات في حاجة إلى دعم من قبل المجتمع الدولي".

الرئيس الانتقالي لمالي الكولونيل أسيمي غويتا - صورة بتاريخ 7 يونيو 2021
تولى الكولونيل أسيمي غويتا زمام الأمور في مالي منذ الانقلاب العسكري في أغسطس/ آب 2021صورة من: Annie Risemberg/AFP/Getty Images

وأشار النظيف إلى أن "كل دولة تتمتع بالسيادة وبالحرية في إقامة علاقاتها مع أي دولة أخرى. لكننا نعتقد أن التعددية يجب أن يكون لها أسبقية".

الجدير بالذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شدد في مناسبات عدة على أن مجموعة فاغنر لا تمثل الحكومة الروسية وأنها لا تحصل على تمويل حكومي.

أما وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب فقد نفى بدوره توقيع اتفاق مع مجموعة فاغنر، إذ أكد أنه لم "يتم اتخاذ أي إجراء في هذا الصدد"، مضيفاً أن حكومة مالي "مهتمة أكثر بكيفية ضمان أمن البلاد".

وفي حوار مع DW قال ديوب إن الحكومة يساورها قلق بالغ من حدوث "فراغ أمني مع خروج القوات الفرنسية من تمبكتو، لذا رغبت الحكومة في إتمام الانسحاب بشكل تدريجي خشية ضياع المكاسب التي تحققت خلال الفترة الماضية". وشدد الوزير على عدم ادخار أي جهد "لضمان أمن الشعب" المالي.

عقوبات تنتظر مالي

ولا تتوقف  أزمة مالي   على الكيفية التي يتعين على جيشها صد هجمات المتطرفين، وإنما أيضاً معضلة الانتقال السياسي عقب انقلاب العام الماضي. فقد فرضت مجموعة "إيكواس" عقوبات على مالي والقادة العسكريين الذين قالوا إنهم غير قادرين على الوفاء بموعد إجراء الانتخابات في السابع والعشرين من فبراير/ شباط المقبل كما هو محدد مسبقاً.

وإزاء ذلك، قد تفرض المجموعة مزيداً من العقوبات في حالة عدم إجراء الانتخابات في هذا الموعد، إذ رفض زعماء غرب أفريقيا قبول أي تأخير لإتمام الانتقال السياسي وأبرز ملامحه إجراء الانتخابات في موعدها.

ورغم ذلك، قال وزير الخارجية المالي إن الحكومة لا تزال في حوار مع قادة "إيكواس"، مضيفاً: "قام الرئيس الانتقالي غويتا بالاتصال بقادة إيكواس لشرح صعوبة الوفاء بهذا الموعد النهائي".

وشدد على أن حكومة مالي "تعمل على تقديم جدول زمني لإجراء الانتخابات وأيضاً طرح خارطة طريق جديدة للمرحلة الانتقالية".

مخاوف من تكرار سيناريو كابول في باماكو.. ماذا وراءها؟

ضرورة التوافق

وإزاء هذا الكم الكبير من العقبات والأزمات التي تواجهها مالي، شددت ماي نياري التي تعد أحد أبرز وجوه المجتمع المدني في هذا البلد الفقير على الحاجة لإيجاد توافق في الآراء حيال الأزمات الحالية التي تعصف بالبلاد.

وفي حوار مع DW، قالت نياري إنه يتعين على الجميع سواء الحكومة الانتقالية في مالي أو مجموعة "إيكواس" أو المجتمع الدولي "العمل معاً بهدف البحث عن حلول مع إعطاء الأولوية لتحقيق مصلحة مالي".

ويبدو أن إعلان مجموعة "إيكواس" بفرض عقوبات على مالي لم يجد أصداءً في شوارع العاصمة باماكو، إذ أفاد العديد من سكانها لمراسل DW محمدو كين بأنه يتعين ترك شعب مالي يقرر مصيره بنفسه.

وفي هذا الإطار قال أحد سكان باماكو: "أعتقد أن شعب مالي هو من يجب عليه أن يقرر مصير البلاد وليس من حق أي منظمة أن تقرر مصير مالي".

في المقابل، يرى خبير مكافحة الإرهاب موتارو موموني موكتار أن فرض المزيد من العقوبات من شأنه أن يفاقم الأزمة في مالي ولن يصب في صالح تعزيز الاستقرار الأمني أو الاقتصادي في البلاد.

إيزاك كاليدزي/ م.ع

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد