1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الحرب العالمية الثانية والولايات المتحدة الأمريكية

ترجمة سمير مطر٢ مايو ٢٠٠٥

ألقت نتائج الحرب العالمية الثانية عبئا ثقيلاً وتحديات عديدة على الولايات المتحدة باعتبارها أصبحت قوة عالمية جديدة. فبعد انتهاء الحرب انهار التحالف مع الاتحاد السوفييتي و في الوقت ذاته عاش البلد ازدهاراً اقتصادياً ضخماً.

https://p.dw.com/p/6ajE
الرئيس الأمريكي ترومان يتوسط رئيس الوزراء البريكاني تشرشل (إلى اليسار) ورئيس الاتحاد السوفييتي ستالينصورة من: AP

بقلم كريستينا تسيفيكا

خرجت الولايات المتحدة من الحرب العالمية الثانية كقوة عالمية. ومنحت الانتصارات شعور الثقة بالنفس وازدهاراً اقتصادياً لا مثيل له وتلت ذلك حركة الدفاع عن حقوق الإنسان.

لم يكن الرئيس روزفيلت وإنما الرئيس هاري ترومان الذي أعلن في الراديو في الثامن من أيار/ مايو من عام 1945 انتهاء الحرب في أوروبا، أما روزفيلت الذي قاد بلاده في الحرب فكان قد توفي قبل شهر من نهايتها.

أبدى الرئيس ترومان ارتياحه أثناء إعلانه الخبر في الإذاعة.

لكنه حذر من الإفراط في الاحتفالات لأن الحرب في المحيط الهادي لم تنته بعد، وطالب ترومان مواطنيه أن لا يحتفلوا بالنصر وإنما أن "يهيئوا أنفسهم للمهام الجدية التي تنتظرهم."

لم تمنع تحذيرات ترومان آلاف الأمريكيين من الخروج إلى شوارع المدن الأمريكية ومن بينها نيويورك حيث تجمع أهاليها في ساحة تايمس سكوير، فكان تجمعهم ومعهم الزمامير والوريقات الملونة يشبه احتفالات رأس السنة وذكر أن 15 ألف شرطي كانوا ضروريين من أجل تنظيم مسيرات المحتفلين هناك.

بدء مرحلة جديدة

Amerikanische Soldaten hören im Zweiten Weltkrieg Radio
جنود امريكيون في الحرب العالمية الثانيةصورة من: AP

لكن جو الفرح عند المحتفلين كان يدل على أحداث أكثر من حدث انتهاء الحرب في أوروبا. كانت الولايات المتحدة القوة الوحيدة من دول الحلفاء التي لم تصب بخسائر كبيرة ويقول المؤرخون إن الأمريكيين كانوا يعلمون حجم الأرباح التي جنوها من انتهاء الحرب.

ازدادت أهمية الولايات المتحدة على الساحة الدولية والازدهار الاقتصادي جعل الأمريكيين ينسون الأزمة الاقتصادية في الثلاثينيات.

"إن تأثير الحرب العالمية الثانية القوي لا يمكن تقديره" هذا ما قاله المؤرخ ديفيد كينيدي والذي يعمل أستاذاً للتاريخ في جامعة ستاندفورد وهو الذي ألف كتابا عن الأمريكيين بين عامي 1929 و1945 وقال: "شكلت الحرب العالمية الثانية تحولا جبارا في التاريخ الأمريكي لان كل كل شيء تغير بعدها."

قوى عظمى مترددة

صرح تشرشل بعد انتهاء الحرب أن الولايات المتحدة الأمريكية اعتلت قمة العالم. جاءت تصريحاته هذه لتدل على وضع امريكا المتغير. تحولت الولايات المتحدة الأمريكية خلال خمس سنوات من بلد منعزل إلى بلد ذي قوة عظمى كانت قد دخلت الحرب مترددة.

لذا كانت مهمة ترومان وحكومته استغلال هذا الدور غير المريح ليستفيد منه بلده بأكبر قدر ممكن ومنع نشوء نزاعات إقليمية كبيرة.

لتحقيق ذلك كان على ترومان أولاً التغلب على المعارضة الداخلية فقد علل البعض أن احتكار القنبلة النووية سيكون الحل الوحيد لضمان أمن البلاد. هذا الأمن الذي كانت امريكا بحاجة إليه بعد استخدام القنبلة النووية في اليابان وبعد أشهر قليلة من الانتصار الأوروبي.

"اعتقد معظم الأمريكيين أن الولايات المتحدة هي الوحيدة تقريباً التي خرجت منتصرة من الحرب." هذا ما قاله أستاذ التاريخ ديفيد رينولدس في جاكعة كامبريدج وصاحب كتاب عنوانه: "من ميونيخ إلى بيرل هاربور: أميركا روزفيلت وبدايات الحرب العالمية الثانية."

لم يكن الأمريكيون يعلمون بدور روسيا واستخدام القنبلة الذرية في اليابان عزز هذا الانطباع وكانوا يتصورون أمريكا بانها قوة عظيمة.

استطاع ترومان نقل الولايات المتحدة إلى الساحة الدولية لتشغل مراكز معينة في منظمات عالمية. إنه تنفيذ متأخر لخطط الرئيس السابق وودرو ويلسون.

فقد كانت الولايات المتحدة إحدى الدول المؤسسة للأمم المتحدة ولصندوق النقد الدولي وللبنك الدولي ولحلف الناتو ومنظمات عالمية أخرى.

أصبح الدور الأمريكي مؤثراً منذ ذلك الحين بغض النظر إن كان ذلك يعجب العالم او لا.

مرحلة الازدهار

أصبح العقد الأول بعد الحرب زمن الازدهار انتعش فيه الاقتصاد وارتفع فيه أيضاً عدد الولادات. لأن الجنود سرحوا من الجيش والانتاج الحربي الهائل في المعامل تم استخدامه في المجالات السلمية. الجنود العائدون من الحرب تزوجوا وأسسوا حياة زوجية نقلت أعداداً كبيرة منهم من الحياة في المدينة إلى الحياة في ضواحي المدن.

كانت الولايات المتحدة بلد التحالف الوحيد الذي اغتنى من الحرب التي ساعدت أمريكا على التغلب على الكساد الاقتصادي الذي كان سائداً هناك.

وارتفع إجمالي الانتاج المحلي ليصل إلى 257 مليار دولار في عام 1948 والذي كان يبلغ 55 مليارا في سنوات الأزمة الاقتصادية.

وبدأ الأمريكيون ينفقون أموالهم أكثر من أي زمن مضى بعد برنامج روزفيلت "الاتفاق الجديد" الذي تأخر تأثيره بسبب الحرب لكنه مكّن المواطنين الأمريكيين من شراء أشياء ترفيهية كالغسالات أو حتى السيارات الجيدة.

الأقليات تحصل على حقوقها

في الوقت الذي كان الأمريكيون يقطفون فيه ثمار السلام والازدهار الاقتصادي بدأ مواطنوهم السود الذين شاركوا أيضاً في الحرب ينتقدون السياسة العنصرية المنافقة في بلادهم وطالبوا بحقوق أكثر ووضعوا بذلك حجر الأساس لحركة حقوق الإنسان في الخمسينيات. وهكذا استفاد دعاة حقوق الإنسان في أمريكا من شعور "نحن قادرون على ذلك" بهدف تحقيق مطالبهم.

"بعد الحرب ارتفعت الثقة بقدرة المجتمع على حل هذه المشاكل" يتابع كينيدي. "استفاد المواطنون السود من الازدهار الاقتصادي دون أن يتشكل الانطباع عند الآخرين أنهم فقدوا شيئاً."

على الرغم من أن دعوة ترومان للاصلاحات الجديدة "الصفقة العادلة" "Fair-Deal" لم تلق ترحيب الجميع إلا أنها ساعدت على تطور حركة حقوق الإنسان.