1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أول زعيم عربي يلتقي بايدن.. دلالات زيارة ملك الأردن لأمريكا!

١٩ يوليو ٢٠٢١

العاهل الأردني أول زعيم عربي يلتقي الرئيس الأمريكي بايدن بالبيت الأبيض منذ تنصيبه. للزيارة أهمية كبيرة من حيث دلالاتها وتوقيتها، في ظل الأزمة الاقتصادية وتداعيات جائحة كورونا، ومحاولة انقلاب من داخل الأسرة المالكة.

https://p.dw.com/p/3whg8
الملك عبد الله الثاني أول زعيم عربي يزور البيت الأبيض منذ تنصيب بايدن.
الملك عبد الله الثاني أول زعيم عربي يزور البيت الأبيض منذ تنصيب بايدن.صورة من: Susan Walsh/AP/picture alliance

عقد الرئيس الأمريكي جو بايدن اليوم الاثنين (19 يوليو/ تموز 2021) محادثات في المكتب البيضاوي مع العاهل الأردني الملك عبد الله الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في منطقة غير مستقرة، وليكون أول زعيم عربي يزور البيت الأبيض منذ تنصيب بايدن.  

واجتمع الملك عبد الله، الذي أحبط تحديا لسلطته في أبريل/ نيسان من أخيه غير الشقيق الأمير حمزة، مع بايدن للمرة الأولى منذ تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة. ووصف بايدن الملك عبد الله بأنه "صديق جيد، وفي، مهذب". وقال مخاطبا ضيفه أمام الصحفيين في جلسة لالتقاط الصور "وقفت بجانبنا دائما، وسنقف دائما بجانب الأردن". وأضاف أنه يريد أن يطلع على تطورات الشرق الأوسط من الملك.

وقال الملك عبد الله لبايدن إن المنطقة تواجه الكثير من التحديات. ومضى يقول "بإمكانكم دائما الاعتماد علي، وعلى بلادي، وعلى كثير من حلفائنا في المنطقة".

وسيحضر الملك عبد الله أيضا إفطار عمل مع نائبة الرئيس كاملا هاريس بمقر إقامتها غدا الثلاثاء يعقبه اجتماع مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن بمقر وزارة الخارجية. ويلعب الملك عبد الله دورا فريدا في الشرق الأوسط ويعتبره المسؤولون الأمريكيون زعيما معتدلا وعمليا يستطيع أن يلعب دور وساطة.

من جانبها، قالت الناطقة باسم البيت الأبيض، جين بساكي إن الزيارة "ستكون فرصة لمناقشة الكثير من التحديات التي تواجه الشرق الأوسط والتأكيد على الدور القيادي للأردن في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة".

جائحة كورونا فاقمت الوضع والأزمة الاقتصادية في الأردن
جائحة كورونا فاقمت الوضع والأزمة الاقتصادية في الأردنصورة من: Khalil Mazraawi/AFP/Getty Images

ويرى إدموند راتكا، مدير مكتب مؤسسة كونراد أديناور الألمانية في عمان، أن الزيارة مهمة بالنظر إلى توقيتها. وفي مقابلة مع DW، قال إن "اللقاء يعد مهما جدا بالنسبة للأردن. فهذا اللقاء يحمل في طياته بعدا دوليا وإقليميا هاما".

صداقة طويلة الأمد

ويؤكد راتكا على أن الزيارة "تحمل أهمية رمزية كبيرة بالنظر إلى الأزمات الكثيرة التي عصفت بالأردن في الآونة الأخيرة"، في إشارة إلى المؤامرات داخل الأسرة الحاكمةوالأزمة الاقتصادية والمائية فضلا عن تداعيات وباء كورونا.

وبالنظر إلى العلاقات الأمريكية-الأردنية، فإنها لم تكن على مايرام في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب ما أثر على التحالف الاستراتيجي بين واشنطن وعمان. وتعود علاقة الصداقة بين واشنطن والأردن إلى الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، بيد أنه في خمسينيات القرن الماضي، أصبحت المملكة الأردنية تمثل أهمية حقيقة للولايات المتحدة إذ رأت فيها البلد الآمن والمعتدل الذي يمكن أن يقف في مواجهة الشيوعية والقومية العربية في المنطقة آنذاك.

وعلى مدار العقود الماضية لعب الأردن دور الوساطة في مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ورغم أن عمان كانت ثاني دولة عربية تبرم اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1994، إلا أنها في الوقت نفسه كانت تمارس الكثير من الضغوط لصالح القضية الفلسطينية. ويشار إلى أن الكثير من سكان الأردن من أصول فلسطينية.

العلاقات الأمريكية-الأردنية "في مستوٍ متدن"

ورغم قوة العلاقات بين الأردن والولايات المتحدة على مدار العقود الماضية، إلا أن ذلك لم يمنع ترامب من محاولة تهميش دور الأردن، إذ كان يفضل "زعامة الرجل القوي" كما الحال في السعودية ومصر على الملك الأردني. وفي ذلك، يقول راتكا إن ترامب "لم يول اهتماما بالمصالح الأردنية على الإطلاق. كانت فترة ترامب صعبة جدا بالنسبة للأردن، إذ كانت العلاقات بين البلدين في مستوٍ متدن". وفي الوقت نفسه، لم يكن الأردن بلدا ينعم بالاستقرار التام كما كان الحال في الماضي.

فقد وصف تحليل أجراه به مركز بروكنغز في الدوحة، دولة الأردن ذات 10 مليون نسمة، بكونها "ديكتاتورية ناعمة مع وجود حد أدنى من الديموقراطية" إذ أنه رغم إجراء انتخابات ووجود برلمان، إلا أن العائلة الحاكمة هي التي تدير شؤون البلاد وتسيطر على مفاصل الدولة.

بيد أن عددا من الأردنيين بدأ التشكيك في هذه الشرعية، إذ شهدت البلاد مظاهرات على غرار احتجاجات "الربيع العربي" بسبب الركود الاقتصادي وما يقولون إنه عدم وفاء الحكومات المتعاقبة بوعودها، لكن سرعان ما تم قمع هذه الاحتجاجات. غير أن الأردن كان في أبريل / نيسان الماضي، محور اهتمام وسائل الإعلام في العالم عقب الحديث عن "مؤامرة انقلاب" داخل الأسرة الحاكمة قِيل إنها بقيادة الأمير حمزة الأخ غير الشقيق للملك عبد الله والذي يُنظر إليه باعتباره إصلاحيا.

العاهل الأردني وزوجته مع الرئيس الأمريكي السابق دنالد ترامب خلال زيارته واشنطن 25.06.2018
في عهد ترامب لم تكن العلاقة بين عمان وواشنطن على ما يرام وهناك أمل في أن يتغير الوضع مع الرئيس جو بايدنصورة من: Win McNamee/Getty Images

أزمات عديدة والجائحة تزيد الطين بلة

وأدت أزمة جائحة كورونا إلى تفاقم الوضع في الأردن، الذي يعاني من نقص الموارد فضلا عن قلة مصادر المياه، إذ لم تتحسن الظروف الاقتصادية في المملكة. ووفقا لتقديرات البنك الدولي، فقد انكمش الاقتصاد الأردني بنسبة 1,6 بالمائة العام الماضي فيما تجاوزت نسبة البطالة الـ 25 بالمائة، وبين الشباب وصلت إلى نحو 50 بالمائة. كذلك، يعاني الأردن من مشكلة ملحة تتعلق بقلة مصادر المياه فيما تئن البلاد تحت وطأة جفاف شديد.

وعلى وقع هذه العوامل، ظل الأردن يعتمد بشكل كبير على المساعدات الأجنبية - يأتي جلها من الولايات المتحدة – وتصل إلى ما يقرب من 1,5 مليار دولار. فقد ذكر تقرير صدر في أبريل/ نيسان الماضي عن خدمة أبحاث الكونغرس الأمريكي أن الأردن حصل على 22 مليار دولار من الولايات المتحدة ما بين عامي 1946 و2018. وأشار التقرير إلى أن "الأردن يعد في الوقت الحالي ثالث أكبر متلق للمساعدات الخارجية الأمريكية السنوية على مستوى العالم بعد أفغانستان وإسرائيل".

ويحصل الأردن على مساعدات عسكرية أيضا من الولايات المتحدة، إذ ذكرت وزارة الدفاع الأمريكية أن المملكة حصلت على مساعدات عسكرية تقدر بـ 1,5 مليار دولار منذ 2015. وسمحت هذه المساعدات العسكرية للأردن بشراء معدات عسكرية جديدة وصيانة عتاده العسكري مثل الطائرات المقاتلة إف- 16 فيما ينتشر في الأردن قرابة ثلاثة آلاف جندي أمريكي.

ورغم استمرار تدفق المساعدات الأمريكية إلى الأردن خلال حقبة ترامب، إلا أن المملكة فقدت الكثير من تأثيرها في السياسة الخارجية. ففي بادئ الأمر، سعى الملك عبد الله الثاني بجهود حثيثة إلى كسب ود ترامب ودعمه لكن خلال تلك الفترة، بدأ الأردنيون في التخلي عنه.

مظاهرة في عمان 06.06.2018
الأزمة الاقتصادية وزيادة البطالة في الأردن وخاصة بين الشباب دفعت الناس للنزول إلى الشارع والاحتجاج ضد الحكومةصورة من: Ahmad Gharabli/AFP/Getty Images

تغييرات كبيرة في عهد بايدن؟

وعقب إعلان إدارة ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس في ديسمبر/ كانون الأول عام 2017، توقفت الاتصالات بين قيادة البلدين، خطوة رآها مراقبون غير معتادة في تحالف قوي وطويل الأمد مثل التحالف الأمريكي-الأردني. وقد أحدث موقف إدارة ترامب تصدعا في هذا التحالف، إذ يدعم الأردن دائما حل الدولتين. ويبدو أن قرار ترامب في حينه تعارض مع طرح "الدولتين" ووصاية المملكة على المقدسات الإسلامية في القدس خاصة المسجد الأقصى.

بيد أن فوز بايدن بالانتخابات الرئاسية حمل الكثير من التغييرات خاصة ما يتعلق بالعلاقة بينه وبين العاهل الأردني، إذ التقيا عدة مرات في السابق، وزار بايدن الأردن في الماضي سواء عندما كان عضوا في الكونغرس الأمريكي أو عندما كان نائبا للرئيس الأسبق باراك أوباما.

وكان الملك الأردني من أوائل زعماء العالم الذين هنأوا بايدن بفوزه في الانتخابات الرئاسة، وأول زعيم عربي يجرى اتصالا هاتفيا معه في الشهر ذاته.

دور المملكة في المنطقة وقضاياها

ويرى غريغوري أفتانديليان، الباحث بالمركز العربي في واشنطن والخبير في السياسة الأمريكية، أن الملك عبد الله يرغب في تعزيز دور الأردن على الساحة الإقليمية. وجاء في مقال له أن الملك الأردني "يأمل في أن تسفر صداقته الطويلة مع بايدن عن تحقيق مكاسب لا تتوقف على الدعم الذي يحتاجه الأردن بشدة لإنعاش اقتصاده، وإنما يأمل في أن تمتد المكاسب إلى إظهار نفسه أمام المواطنين الأردنيين، خاصة ذوي الأصول الفلسطينية، بأنه قادر على استخدام نفوذه لدى بايدن لتعزيز الدعم الأمريكي لحقوق الفلسطينيين".

ويقول الخبراء من يتوقع أن يسعى الجانب الأردني إلى تمديد حزمة المساعدات الحالية التي تقدر بـ 6,4 مليار دولار وتقدمها واشنطن للأردن على مدار خمس سنوات والمتوقع أن تنتهي العام المقبل. ورغم أن النتائج الملموسة للقمة بين بايدن والملك عبد الله لن تكون جلية على الفور، إلا أن دلالة الزيارة ستكون مهمة خاصة ما سترسله من رسائل. وفي ذلك، يقول أفتانديليان "لحسن حظ الأردن، فإن الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة لا تزال ترى أن المملكة ذات أهمية كبيرة بحيث لا يمكن إفشالها".

أما راتكا فيسلط الضوء على حقيقة مفادها أن بايدن ينتهج أسلوبا قائما على "التوازن فيما يتعلق بالشرق الأوسط. ما يعني أن الأردن سيكون له مجددا دورا يلعبه في المنطقة". ويضيف بأن "الأردن يريد لعب دور في القضايا الرئيسية في الشرق الأوسط".

كاثرين شاير/ م.ع