1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وزارة الصحفيين العراقيين

هادي جلو مرعي٣ يناير ٢٠١٣

طفح الكيل بهادي جلو مرعي بسبب توافد الطارئين على مهنة الصحافة، حتى بلغ عدد المسجلين منهم في نقابة الصحفيين العراقيين 16 الفا، فكتب مقالا يدعو فيه إلى تشكيل وزارة الصحفيين العراقيين رغم عشقه لحرية الكلمة وللرأي الحر.

https://p.dw.com/p/17CmT
صورة من: DW

يبدو أننا نتجه لمثل هذا الخيار في ظل تصاعد حمى الرغبة لدى جماعات بشرية ومن كافة القطاعات لولوج ميدان العمل الصحفي في بلاد الرافدين خاصة خلال السنوات القليلة الماضية التي شهدت أوسع عملية ظهور إعلامي بمختلف الأوجه والأشكال من خلال التأسيس لقنوات فضائية بالعشرات تحتل رقما مهما في معادلة السبعمائة قناة فضائية عربية، وهي تزرع الفضاء بالديناميت العربي الطائفي والقومي، وأصناف من الرقص الشرقي والدعارة المقننة ،عدا عن قنوات لأحزاب وقوى سياسية وقراء القرآن ومنشدين وقنوات إعلانات مختلفة ،عدا عن قنوات إخبارية ترمي ب(شرر كالقصر) تحرق الأخضر واليابس بدءا من جنوب تركيا عند الحدود الشمالية لسوريا ،وليس انتهاء بالشمال الأفريقي، وآخر بقعة عربية على المحيط الأطلسي الهائج المائج ،تساندها قنوات لأشخاص ومجموعات دينية وقومية وقنوات تعليمية وترفيهية، وربما عدد يفوق الحصر من قنوات الغناء العربي الأصيل والفصيل والردح على الطريقتين الشرقية والغربية .

في العراق يفوق عدد الذين يتجهون للعمل الصحفي نظراءهم من الراغبين في العمل في قطاعات أخرى. ولعل واحدة من الأسباب الدافعة لهذا التوجه إن هذا العمل لا يحتاج بالضرورة لشهادة جامعية أو تحصيل علمي كما هو الأمر مع الذين يتقدمون لطلب وظائف في وزارات الدولة الأخرى التي لا توجد فيها درجات وظيفية لكنها تفتح باب التعيين غصبا وإكراها من أجل حل أزمة سياسية أو أمنية .

عدد الراغبين في الزواج من العراقيين لا يتجاوز سنويا عدد المنتمين لمؤسسات إعلامية، وهم لا يفقهون شيئا من الإعلام ،ولا ثقافة تسند سعيهم، وربما كان هناك العشرات منهم الآن يتخبطون كمراسلين ومراسلات، ومذيعين ومذيعات، ومقدمي برامج ومقدمات، ومحرري أخبار ومحررات، و واحدهم و واحدتهن لم يقرأ أو تقرأ في كتاب منذ سنوات أو لعلها لم تقرأ سوى ما أكرهت عليه من كتب المناهج الدراسية العقيمة وهي لا تفرق بين كلمتي ( ينحصر وينحسر)لا في اللفظ ولا في المعنى، ولا علم لها بمعاني الكلمات ومخارج الحروف ،و هؤلاء أيضا لم يفقهوا شيئا من اللغة التي يكتبون ويحررون و يقرأون بها ، وهو نوع من أنواع المصائب غير مكترث به من أحد في بلد يشهد أمرا لا يحدث في بلد آخر أبدا.

زرافات من الطارئين الجهلاء يتبخترون بعنوان صحفي

غريب إن وزيرا وغفيرا وسائقا وعاملا في محطة بنزين وفلاح وعاملة خدمة ومنظفة وطبيبة ومهندسة وربة بيت كلهم يملكون هويات العمل الصحفي التي توزع بالمجان من هذا الكيان الإعلامي أو ذاك، فتجد الغانية والزانية والقواد وبائعة الهوى تحمل بطاقة العمل الصحفي وسائق التاكسي ( يتكشخ ) فيها على ( المكاريد ) من عناصر الشرطة في السيطرات، بينما يحرم الصحفيون الممتازون والصحفيات من ذلك ، ولعل الغريب أن كل هؤلاء في الداخل يسرحون ويمرحون لاهين ويحملون تلك البطاقات الصحفية في حين أن صديقا يملك ويدير مؤسسة إعلامية عراقية تعمل في قلب أوربا وبلغات متعددة ومعه خبراء ومختصون في الشأن الإعلامي يأتي ويروح ويستهلك الوقت والجهد والأموال ليصل بلده العراق ولثلاث مرات ليحصل على هوية صحفية اعتزازا ببلده وشعبه ولا يحصل عليها.

نقابة الصحفيين العراقيين التي تسجل أعلى عدد من الصحفيين في العالم ب ( ستة عشر ألف) صحفي تعجز الآن عن التعامل مع أربعة آلاف ملف مقدمة لها من صحفيين محترمين و(عربنجية وكلاوجية) ولا تدري ما تفعل؟ فإذا لم تمض المعاملات فهي متهمة، وإذا أمضتها فهي متهمة، خاصة وأن كل تلك الملفات وطلبات الانتساب قانونية ومدعومة بكتب تؤيد عمل أصحابها ،وسألني عن هذا مسؤول في النقابة،وقال ،بربك وأنت المختلف معنا ،لو كنت المسؤول ماذا تفعل؟ قلت : نعم قد أختلف معكم وألومكم على أشياء وأشياء في إدارة العمل الصحفي، لكني لن أفعل الكثير، وربما طالبت البرلمان بتشكيل وزارة لا تخضع للمحاصصة باسم (وزارة الصحفيين العراقيين ) أسوة بباقي القطاعات الوظيفية في البلاد ، والوزارات التي قد لا يتوفر في بعضها عشرات الموظفين .

ملاحظة أخيرة، في بلد أوربي يبلغ عدد العاملين في جهاز المخابرات مائة موظف فقط.