1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

نقط نظام عراقية

علي الابراهيمي٤ يوليو ٢٠١٣

يعرض علي الإبراهيمي نقط النظام باعتبارها محاور تم خرقها ، وباتت تشكل تهديدا كبيرا لكيان الدولة العراقية وامن أفرادها من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والفكرية ومجمل المنظومة الأخلاقية .

https://p.dw.com/p/191wr
صورة من: Fotolia/Pavel Losevsky/DW-Montage

هذه النقاط موجهة للساسة العراقيين ربما بأحزابهم ، او الى الشعب العراقي بمكوناته القومية واطيافه الدينية ، او الى المؤسسة التشريعية البرلمانية ، او الى المؤسسة القضائية ، او الى منظمات المجتمع المدني ، او انها تخاطب كل هؤلاء .

نقطة النظام الاولى : ان الساسة العراقيين وكياناتهم السياسية يخضعون لتأثيرين خاطئين في عملهم السياسي ، اولهما العمل بعقلية المعارضة لا عقلية الدولة ، حتى لمن يشغل اعلى المناصب او يستحوذ على مراكز القرار ، لذلك صارت كل مؤسسة حكومية عبارة عن ثكنة مخابراتية ودائرة توجيه سياسي للكيان الذي يديرها . وثانيهما فقدان الهوية السياسية لكل حزب ، وتبني العمل الارتجالي نظريا وعمليا ، وبالتالي لا توجد خطط استراتيجية ، ومن ثم لا احلاف او توافقات سياسية دائمة او طويلة الامد ، وبالتالي الخضوع لتأثير الموجات الناشئة على الارض ، والتي عادة تهدم ما تم انجازه سياسيا خلال فترة سابقة لتبني بناءا ارتجاليا وفق توافقات جديدة حديثة الولادة .

نقطة النظام الثانية : وضوح الفشل التام للإعلام العراقي الرسمي والخاص والحزبي في إيصال جرائم النظام الصدامي البعثي والتركة الثقيلة التي تسبب بها من خلال حماقاته وإجرامه الى الرأي العام العالمي او العربي والاسلامي .

بينما لاحظنا ان بضعة افلام سينمائية مصرية قليلة جاءت بعد سقوط مبارك مباشرة كانت كافية لجذب الرأي العالمي الرسمي والشعبي نحو تطلعات الشعب المصري وفضح نظام مبارك ، الذي يمكن عد فترة حكمه لمصر فترة استراحة قياسا بما عاناه الشعب العراقي من نظام البعث الصدامي .

وقد سرى هذا الفشل الإعلامي إلى التغطية التي كان يجب توفرها لمسايرة معاناة العراقيين سياسيا وامنيا وخدميا واقتصاديا بعد سقوط الصنم ، بسبب دخول وسائل الإعلام العراقية لعبة التوافقات والمصالح النفعية الحزبية والتجارية للسياسة في العراق ، فيما كانت القنوات الخاصة تبحث عن ضربات فردية لأشخاص بعينهم لأهداف ثأرية او شخصية ، او انها ترغب بانهيار العملية السياسية العراقية بمجملها ، حنينا وانتقاما لنظام صدام الذي كانت تنتمي الى منظومته الانتهازية .

نقطة النظام الثالثة : نستطيع القول إن النظام القضائي العراقي اسوأ نظام يشهده العالم دون مبالغة ، ولازال لا يمتلك شخصيته ، ويعيش متملقا ، لا الى جهة بعينها ، بل الى كل من يتولى السلطة او القوة على الارض . وهذا الوضع ليس لسبب جديد ، بل هو ناشئ عن ابقاء العهد الديمقراطي الجديد على المنظومة القضائية لنظام صدام الإجرامي ، والتي تعرف كما نعرف انها كانت عبارة عن دمية خائفة وظيفتها إخافة الآخرين وقمعهم ، وبرقبتها دماء عراقية طاهرة بريئة .

نقطة النظام الرابعة : بسبب الفوضى السياسية وكذلك اتفاقات ما قبل احتلال العراق وبسبب فوضى الاقتصاد التي انتجها نظام البعث الصدامي وتركها للعراقيين ، تحت مبدأ ( سويلهم قانون ) وتأثرا برغبة قضم النصيب الاكبر من الكعكة العراقية بالتعاون مع الشركات الدموية العالمية ، بما فيها شركات دول الجوار جميعا ، لازال الاقتصاد العراقي بلا هوية ولا استراتيجية ، ولا يستطيع سياسي او اقتصادي عراقي ان يجد له توصيفا علميا .

واليوم يمكن القول ان خروج العراق من اغلال الفصل الاممي السابع يوفر فرصة تاريخية امام الارادة الوطنية لبناء الاقتصاد العراقي , بأبعاده الصناعية والزراعية والتجارية الوطنية , في بلد قلّ ان يوجد مثل مؤهلات نموه الطبيعية والبشرية عالميا .

نقطة النظام الخامسة : لا يمتلك احد توصيفا مقنعا لعلاقة الأكراد وإقليمهم بالمركز الاتحادي ، فهو رسميا اقليم اتحادي له وضعه الاداري الداخلي ، لكنه يخضع للسلطات الاتحادية الامنية والاقتصادية وما يتعلق بحقوق الإنسان واحترام الدستور الاتحادي والعلاقات الخارجية ، وعلى هذا الأساس يأخذ حصته من الميزانية الاتحادية - التي تأتي من الثروة الجنوبية غالبا - ، الا ان الواقع يخبرنا ان الجيش الاتحادي لا يستطيع التقدم خطوة واحدة داخل حدود الاقليم ، وكذلك يقوم الاقليم باتفاقات اقتصادية خارج الارادة الاتحادية ومضعفة لاقتصاد المركز ، كما ان هناك قوانين تخالف الدستور الاتحادي ، سيما التي تتعلق بوضعية رئيس الاقليم - المسكوت عنه - والتشريعات التي لا تلتزم رأي الشريعة الاسلامية كما يطلب الدستور . ويقوم الاقليم منفردا وفي انتهاك واضح للأمن الوطني والحدود الاتحادية العراقية باستقبال او دعم ميليشيات اجنبية غير عراقية ، خلافا للرغبة الوطنية .

نقطة النظام السادسة : افرزت الاحداث والوقائع في المحافظات ( السنية ) او المختلطة طغيان البداوة السياسية وغياب المنطق العقلاني في التعامل ، وحنينا جامحا الى الدكتاتورية الطائفية . واكدت استمرار العقل العسكري الذي نشأ بسبب إفرازات الصحراء وعمل على تركيزه الاحتلال البريطاني والانظمة الطائفية المتعاقبة على حكم العراق . كما اكدت العمليات الدموية التي تمت على يد جماعات إرهابية او مخابراتية للنظام السابق بالتعاون مع اجهزة مخابرات دولية وتوفير الحواضن الاجتماعية لها في هذه المحافظات ان هناك احتقارا جليا لباقي شركاء الوطن ، وعدم النظر اليهم بعين الاحترام باعتبارهم تابع وخادم قفز على سلطة سيده . مما يعني امكانية واضحة لعودة الاجرام البعثي الصدامي في حالة عودة هؤلاء الى الى السلطة .

كما افرزت هذه الاحداث في تلك المحافظات حقيقة الانعدام الكلي لوجود قيادات مركزية دينية او عشائرية او سياسية او نخبوية ، مما انتج فوضى في الخطاب ، كما فسرت لنا وضع بعض سياسيي هذه المناطق رجلا في العملية السياسية واخرى ضدها .

فيما كشف الخطاب الطائفي الاستفزازي على منصات متظاهري تلك المحافظات عن عدم وجود ارتكاز فكري سوي هناك ، رغم قرون من الجوار مع الآخرين.

من الواجب اليوم نصح ابناء هذه المحافظات : ان العودة بعقارب الساعة الى الوراء امر ندرك وتدركون انه مستحيل ، والعمل على انسلاخ محافظاتكم عن جسد الوطن لن يضر سواكم ، لان محافظاتكم هي الأفقر في الموارد الطبيعية والبشرية ، رغم وفرة الأثرياء لديكم اليوم ، لكننا نعلم انه ثراء افرزه التمييز الطائفي للنظام البعثي الصدامي السابق والعلاقات المخابراتية حاليا . كما ان مستقبل محافظاتكم في حال الانفصال واضح لكل مراقب موضوعي ، حيث ستتحول الى اردن ثانية تبحث عن علاقات تدعم اقتصادها الهش .

نقطة النظام السابعة : لازالت الأجواء السياسية في جنوب العراق ووسطه تخضع لثقافة الكاريزما ، ويعود تأثير ذلك لاحقا على الأجواء الاقتصادية والخدمية والاجتماعية وحتى الامنية . وللأسف فان الايام والاحداث كشفت ان هذه الكاريزمات فارغة المحتوى ، لا تملك الثقافة والفكر اللازمين ، و تفتقر الى حسن النوايا ، كما انها تعمل بآلية الخداع البصري على جماهيرها .

ان ثقافة الكاريزما ليست دخيلة على المجتمع الشيعي ، الا انها كانت مختصة بالقيادة الدينية المرجعية ، حين كانت تلك القيادة من نسيج الشعب العراقي تفهمه ويفهمها ، الا ان ظهور خطان للمرجعية الدينية في العراق - حركية عاملة و كلاسيكية خاملة - تسبب بضعف دور المرجعية ، مما ادى الى انتقال ثقافة الكاريزما الى مستويات ادنى

وكل ذلك يكشف عن حاجة المجتمع الشيعي الى حملات تنوير كبرى ، تكون جريئة وعميقة وصادمة ، خصوصا بعد محاولة اشغال الشارع الشيعي بصراعات خارجية تحت تأثير الخطاب الطائفي الخادع والكاذب ، مما سمح بالتخلص من الكثير من الشباب الحركي الذي يمكن دفعه باتجاه المعارضة للوضع القائم .

نقطة النظام الثامنة : لازالت العبارة الدستورية ( لا يجوز سن قانون يخالف الشريعة الإسلامية ... ) كاشفة عن حقيقة دعوى جميع الأحزاب العراقية التي تتخذ الإسلام شعارا سنية او شيعية ، مع انتشار كل ما يخالف الشريعة من معاملات ربوية ومحلات خمور ونوادي الرقص وأحكام قضائية غير شرعية ... الخ ، حتى بعد مرور عشر سنوات على توليهم السلطة ، وهي اكثر من سنين يوسف ، وكافية لمن اراد التغيير . الا ربما قانون الاحوال الشخصية الجعفرية الذي اعدته و عرضته وزارة العدل العراقية حاليا على المرجعيات الدينية ، والذي لا نعلم هل سيرى النور ام لا ، وكذلك ما استشعرناه من رغبة صادقة لدى رئيس مجلس النواب السابق محمود المشهداني لو توفر له الغطاء الاسلامي المناسب حينها .

نقطة النظام التاسعة: قطاع الطاقة العراقي كما هو واضح يخضع لمبدأ الفيلم المصري ( الدكتاتور ) بكلمة ( بيع ) .

نقطة النظام العاشرة : القطاع الأمني والعسكري في العراق فقد الروح التغييرية التي رافقت سقوط الصنم 2003 ، وعاد بتأثيرات الانتهازية الحزبية والعقلية الإدارية النفعية الى ثوب خدمة الحاكم وقمع المحكوم.

كثير من القيادات الامنية والعسكرية تعمل بازدواج مع الدولة ومع الإرهاب ومع الخارج ، تحت تأثير انتماءاتها السابقة و بريق المال وشهوة النفوذ . فيما أتساءل أحيانا : ألا ترى هذه القيادات العسكرية العراقية المستوى المهني والاستقلالي الكبير والحيادي للقيادات العسكرية في دولة قريبة وعلى تواصل معهم كمصر مثلا , فلماذا لازالوا ( صبيان الحاكم ) واين هيبة هذه المؤسسة التاريخية , هل ضاعت وسط الليالي الحمراء ؟ .

نقطة النظام الحادية عشر : حتى الآن لم يجد شيوخ وزعماء العشائر او مدراء وقادة المؤسسات والدوائر العراقية شخصيتهم ، ولازالوا لا يدركون دورهم الحضاري . فهم ضائعون تحت تأثير الانتماءات والولاءات . لم يدرسوا التأريخ ، ولم يحددوا الأهداف ، وليس لديهم رؤية صحيحة للمشهد ، تخضع تحركاتهم وقراراتهم لأمزجة وعقليات خلقتها وأوجدتها منظومة اجتماعية وسياسية وادارية فاسدة سابقة ، اقل ما يمكن وصفها حينها بانها الفوضى . لذلك يكون الإنسان دائما هو ضحية المشهد .

نقطة النظام الأخيرة : هدر كرامة الإنسان العراقي في دوائر الدولة ، حيث لا احترام لشخصه ، كبيرا او صغيرا ، رجلا او امرأة ، وتركه لساعات وأحيانا لايام تحت الشمس اللاهبة ، او بين أنقاض وزوايا الدوائر التي تنفث حرارة أجهزة تبريد المسؤولين ، في طوابير واقفة لا تحلم بلحظة تشبه الراحة ، وتعامل خشن ، يكون فيه المراجع الحلقة الأضعف . كل ذلك تحت غطاء عقول إدارية عتيقة ، تعتبر توقيعها - بعد أيام - منة ، وقضائها لمعاملة او صرف مستحقات او رواتب انجاز ، تستغرب حين تحدثها عن حقوق الإنسان ، وتتهمك بالغلو او ضعف الإدراك حين تطلب اليها توفير قاعات استراحة يقضي فيها مراجعوها وقت الانتظار ، ولن تفكر يوما في ان ترفع ضمن خططها التنموية توفير الأموال اللازمة لإنشاء تلك القاعات التي تعتبر في دول العالم المتقدم من واجبات الإدارة لكل مؤسسة , حيث تعاني إدارات تلك المؤسسات ضيقا في التفكير ناشئ عن ضيق بناياتها .