1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ماكس فريش فى مئويته: أعمال كبرى لم تفقد جدّتها بعد

١٨ مايو ٢٠١١

مئة عام مرت على مولد الأديب السويسري ماكس فريش. وبرغم مرور عشرات السنين على صدور أعماله الكبرى التي حققت نجاحاً كبيراً مثل "بيدرمان ومشعلو الحرائق" و"مونتاوك"، فإن هذه الأعمال لا تزال تتمتع بالراهنية، كما يرى بعض النقاد.

https://p.dw.com/p/11I0R
ماكس فريش (1911 - 1991) بالبايب الشهيرصورة من: AP

طوال عقود كان الأديب ماكس فريش (15 مايو/ايار 1911 - 4 ابريل/نيسان 1991) يمثل مع زميله فريدريش دورنمات ليس فقط الأدب السويسري، بل الأدب الألماني قاطبة. مع فريش ودورنمات، وزملائهم الألمان غونتر غراس وهاينريش بول ومارتين فالزر، وصل الأدب الألماني بعد الحرب العالمية الثانية إلى آفاق عالمية بعد ترجمة أعمال مثل "مونتاوك" و"زيارة السيدة العجوز" و"الطبل الصفيح" و"صورة جماعية مع سيدة" و"الجواد الهارب" إلى معظم اللغات العالمية، ومن بينها العربية بالطبع. وإذا كان الأدب الألماني عموماً قد ظل عقوداً بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية منحصراً في موضوعات بعينها، مثل المسؤولية التاريخية عن الجرائم التي حدثت خلال الحقبة النازية، فإن الأدب السويسري مع فريش ودورنمات بدا أدباً عالميّ التوجه بامتياز.

"يوميات" تضم بذور أعماله اللاحقة

Max Frisch und Berzona
في 15 مايو / أيار 1911 ولد ماكس فريش في زيورخ وتوفي في قرية بيرتسونا السويسرية (الصورة) عام 1991صورة من: DW

كان ماكس فريش (1911 – 1991) في الأربعين من عمره تقريباً عندما نشر يومياته عن الأعوام 1946 إلى 1949، وسرعان ما احتفى النقاد بهذه اليوميات كعمل مهم يقدم رؤية أدبية للسنوات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية. ضمت هذه اليوميات بذور أعمال فريش اللاحقة والشهيرة، مثل "أندورا" و"بيدرمان ومشعلو الحرائق" و"هومو فابر".

أما قصته المشهورة "مونتاوك" – التي ترجمت قبل سنوات إلى العربية – والتي نُشرت في منتصف السبعينات فيمكن اعتبارها رداً متأخراً على "يومياته". وينظر عديد من النقاد إلى "مونتاوك" باعتبارها أهم أعمال فريش وأفضلها. في هذه القصة يحكي فريش قصة حقيقية، ولكن بأسلوبه الأدبي الذي يخلط وقائع السيرة الذاتية بالخيال الأدبي. تستند القصة على رحلة قام بها فريش مع أمريكية شابة تُسمى في القصة لين، وخلال رحلته مع الشابة التي وظفتها دار النشر لمرافقته خلال إقامته في الولايات المتحدة تنشأ علاقة غرامية بين الكاتب المسن والشابة الجميلة.

عبر هذا الإطار الحقيقي يسترجع فريش علاقاته الغرامية والزوجية طوال حياته، مقدماً سيرة ذاتية مفرطة في صراحتها وقسوتها. 25 عاماً تفصل بين "يوميات" فريش وكتابه "مونتاوك"، وفي هذه الفترة كتب فريش أعمالاً أوصلته إلى ذروة الشهرة العالمية، مثل مسرحية "أندورا" التي يتحدث فيها عن اللاسامية في أوروبا، ومسرحية "بيدرمان ومشعلو الحرائق" التي تعد تناولاً ساخراً للمواطن السلبي الذي يرى الفاشية تشتعل من حوله، بينما يجلس هو لا يحرك ساكناً إلى أن يُشعل النيران في بيته مَن استضافهم بسذاجة بالغة.

الهوية: شغل فريش الشاغل

Buchcover Volker Weidermann: Max Frisch. Sein Leben, seine Bücher
صورة غلاف الكتاب الذي صدر حديثاً للناقد فولكر فايدرمان عن ماكس فريش

في عديد من أعماله يتناول فريش موضوع الهوية، حتى غدا هذا الموضوع ملتصقاً به، مثلما يقول الناقد فولكر فايدرمان الذي أصدر كتاباً جديداً بمناسبة مرور مئة عام على مولد فريش. عن ذلك يقول فايدرمان في حديثه إلى دويتشه فيله "في بداية حياته نشر فريش كتاباً عام 1945 عنوانه "أنا أو الرحلة إلى بكين"، وهو كتاب يتناول الموضوعات التي شغلت فريش في أعماله اللاحقة، مثل الاشتياق نحو هوية جديدة وسيرة جديدة. وسرعان ما أصبح هذا البحث هو الأسلوب المميز لماكس فريش. هذا الأسلوب البارد تقريباً، الراديكالي في تعرية الذات، والذي نعرفه من أعمال فريش الأخيرة."

وهكذا نقرأ في رواية "شتيلر" محاولات بطل الرواية في الهروب من حياته باحثاً عن هوية جديدة، أما بطل رواية "هومو فابر" – المهندس الذي يؤمن بالعلم وبالتقنية وبأن كل شيء في الحياة من الممكن توقعه، هذا المهندس يدرك عبر علاقة غرامية أنه لا يستطيع أن يتحكم في كل شيء. أما بطل رواية "يُقال إن اسمي غانتنباين" فيدعي بعد حادثة سيارة أنه أعمى، وهكذا يرى كل ما تود زوجته أن تخفيه عنه.

حققت أعمال ماكس فريش نجاحاً كبيرة وقت ظهورها لأنه أصاب عصب الوقت آنذاك. ففي وقت كان الألمان بعد حقبة النازية بكل فظائعها وجرائمها يودون لو استطاعوا أن ينسوا الماضي كله، وأن يبدأوا حياةً جديدة ويكتسبوا هوية جديدة، كانت أعمال فريش تجسيداً لهذا الحلم. هذا هو سر نجاح فريش في الستينات والسبعينات من القرن الماضي، وهو ما يجعل أدبه يتمتع بالراهنية حتى اليوم، لأن الأسئلة التي يثيرها، مثلما يقول فايدرمان، "لم تُحل حتى اليوم، ولم يجب عليها أحد".

سمير جريس

مراجعة: هيثم عبد العظيم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد