1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مؤسسة ابن رشد تكرم المخرج السينمائي التونسي نوري بوزيد

سامي الحبال - برلين٣ ديسمبر ٢٠٠٧

للمرة التاسعة كرمت مؤسسة ابن رشد للفكر الحر، والتي تتخذ من برلين مقراً لها، إحدى الشخصيات العربية البارزة. هذا العام اختارت المؤسسة الاحتفاء بالمخرج التونسي نوري بوزيد، في حفل حضره عدد من المثقفين العرب والألمان.

https://p.dw.com/p/CWGw
نوري بوزيد يلقي كلمة في برلين بعد تسمله جائزة ابن رشد للفكر الحرصورة من: Ibn Rushd Fund for Freedom of Thought

رغم قلة أعمال نوري بوزيد، إلا أنها تُدرج بين الأعمال المتميزة التي تركت بصماتها بشكل مباشر أو غير مباشر في دعم الفكر الحر والتنوير في المجتمع العربي، فقد اتسمت بالجرأة وبملامسة الواقع بمصداقية وشفافية شديدتين؛ ذلك أن مصير شخصياتها ينسجم بشكل كامل مع مصير شريحة واسعة من الشباب في المجتمع العربي المتمثل في "الفشل والانهيار والهزيمة وهي لا تملك سوى تمردها الخفي وانطلاقتها نحو المجهول التي تفوق جهودها"، حسبما صرح بوزيد.

"الفيلم الأخير" أو Making off

Deutschland Berlin Preisverleihung Ibn Rushd Preis
اجتمع عدد من المثقفين العرب والألمان في برلين في حفل تسليم جائزة ابن رشدصورة من: DW/Sami Al-Habbal

من بين 32 مخرج عربي، اختارت لجنة التحكيم المخرج التونسي نوري بوزيد لينال جائزة المؤسسة التاسعة عن فيلمه "الفيلم الأخير" أو Making off، الذي تطرق بكل جرأة إلى مواضيع حساسة في المجتمع العربي، قلما عالجها مخرجون آخرون. ويطرح بوزيد سؤالاً طالما أرقه منذ أحداث 11 أيلول/ سبتمبر: ما الدافع وراء الإرهاب؟ هذا الطرح جاء من خلال شخصية بطل الفيلم الشاب بطحا، الذي أراد الخروج من جلباب العائلة الأبوية والقيم الإقطاعية البالية وكان طموحه أن يصبح راقصاً متمتعاً بخصوصيته في المجتمع، الشيء الذي ماتزال ترفضه المجتمعات العربية وتعتبره خروجاً عن المألوف. إلا أن الإحباط الذي نال من بطحا لقى اهتمام إحدى الجماعات الأصولية، التي حاولت بدورها استغلاله وتجنيد بطحا لتحقيق مآربها.

الجدير بالذكر أن "الفيلم الأخير" أو Making off، الذي كان يحمل أصلاً عنوان "كاميكازي" أو "انتحاري"، كان قد عانى ولادة عسيرة، فقد خاض بوزيد غمار هذه التجربة دون وضوح مصادر التمويل، مما أدى إلى تأخر ظهور الفيلم لعدة شهور. كما رافق مشكلة التمويل خلافات نشبت بين بطل الفيلم وبين بوزيد؛ لأن البطل نفسه قد واجهته - في إحدى مراحل التصوير- صعوبة في فهم فكرة المخرج، واتهمه بالتحريض ضد القيم الدينية السائدة.

مُخرج المحظورات السياسية والاجتماعية

Deutschland Berlin Preisverleihung Ibn Rushd Preis Nouri bouzid
نوري بوزيد عرف بأعماله التي تخرق المألوف والمثيرة للجدلصورة من: DW/Sami Al-Habbal

تتداخل حياة نوري بوزيد مع أفلامه وشخصياتها، فيقول في هذا السياق "هم أفراد عائلتي، تربطني بهم مودة وعطف، يحملون إحساسي وهواجسي على الرغم من اختلافهم معي، يعانون من تناقضاتي ومن رفضي للرضا عن النفس. صنعتهم من التمرد الفطري ولأجله".

أخذ بوزيد على عاتقه - ومنذ شبابه- مسؤولية تعرية الظواهر السلبية في مجتمعه، محاولاً التمرد عليها كلما سنحت له الفرصة لذلك. ويحدثنا بوزيد عن نفسه فيقول "اخترت اللغة السينمائية لأتكلم: لغة الكشف عن المستور، لغة رفع الستار ورفع الخمار،.. لغة ماوراء الأبواب والجدران،.. لغة التمرد الصامت الخفي".

الجدير بالذكر أن جميع الأفلام التي أخرجها بوزيد تدور في فلك المحظورات السياسية والاجتماعية، بدءاً من باكورة أعماله "ريح السد" (1986) ومروراً بـ"صفايح الذهب" (1989) و"وسكتت شهرزاد عن الكلام المباح" و"بيزناس" و"بنت فاميليا" و"عرائس الطين" وانتهاءً بـ"الفيلم الأخير". كل تلك الأفلام تحدثت وبصوت جريء منتقدة البنى الأبوية أو السجن السياسي أو الدعارة أو حرب الخليج أو تشغيل الأطفال وجعلت من نوري بوزيد متحدثاً رسمياً باسم المهمشين في مجتمعه، يتقمص شخصياتهم ويروي مآسيهم ويغوص إلى أعماقهم، وهو ليس مجرد حالم يصارع طواحين الهواء.

مؤسسة ابن رشد للفكر الحر

Deutschland Berlin Preisverleihung Ibn Rushd Preis Nouri bouzid
مؤسسة ابن رشد تخصص جائزة سنوية لأحد المبدعين العربصورة من: DW/Sami Al-Habbal

تأسست مؤسسة ابن رشد للفكر الحر في برلين عام 1998 كجمعية عربية مستقلة تقوم بدعم ونشر الفكر الديمقراطي الحر والديمقراطية والإبداع في البلاد العربية وبإلقاء الضوء على رواد الحضارة وعلى المبادرين للقيام بتغيير فكري، مقتدية بفكر الفيلسوف ابن رشد الذي لعب دوراً كبيراً فيما يخص الحوار بين الثقافات في عصره وجمع بين الحقيقة الدينية والحقيقة العقلية.

وقد رصدت المؤسسة جائزة سنوية تذهب لأحد المبدعين العرب. وحسب بيان سابق لها، فقد خصصت مؤسسة ابن رشد جائزتها لهذا العام لمخرج سينمائي أو تلفزيوني "تخطت أعماله الوثائقية أو الدرامية حدود المحظور الاجتماعي أو السياسي وسلطت الضوء على ظواهر أو ممارسات تشهدها المجتمعات العربية". وقام بتسليم الجائزة المخرج الألماني فريدر شلايش الذي أثنى على دور بوزيد في إثراء السينما العربية بأعمال قيمة وانتقد في الوقت نفسه ضعف المشاركة العربية السينمائية في المحافل الدولية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد