1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مؤتمر الأمن في ميونيخ ـ حنين إلى الأمن في أوقات غير آمنة

١١ فبراير ٢٠٢٠

يلتقي هذا الأسبوع بميونيخ زعماء دول وحكومات بعض البلدان لبحث التهديدات المحدقة بالسلم. وستتاول اللقاءات تغير موازين القوة بالعالم. من بين الحاضرين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومارك زوكربيرغ صاحب منصة فيسبوك ومديرها.

https://p.dw.com/p/3XY8W
Münchner Sicherheitskonferenz Symbolbild Presse
صورة من: Imago Images/S. Zeitz

هل ستلجأ الولايات المتحدة في حالة الضرورة للدفاع بقوة السلاح عن بلد حليف في حلف (الناتو) شمال الأطلسي؟ وهل وجب على بلدان الاتحاد الأوروبي التعاون بشكل أوثق في قضايا الدفاع؟ وهل يقف العالم أمام "العاصفة الكاملة" عبر تغير المناخ مصحوباً بالمخاطر الأمنية؟

هذه التساؤلات وأخرى من شأنها أن تشغل  مؤتمر الأمن في ميونيخ لهذا العام الذي يُعقد في فندق بايرشير هوف. وأثناء هذا اللقاء السنوي يُتوقع حضور زعماء دول وحكومات إضافة إلى وزراء خارجية ودفاع من أكثر من 40 بلداً بما في ذلك ممثلون عن الاقتصاد ومنظمات دولية.

تراجع التوجه الغربي

ويبدو الوضع الأمني متوترا كما كان الحال في السنوات الماضية. كتّاب التقرير الأمني لميونيخ 2020 الذي من شأنه تحديد نبرة المؤتمر الأمني يتحدثون عن "انعدام التوجه الغربي". وهم يعنون بهذه الكلمة أن العالم بصفة عامة والبلدان الغربية بشكل خاص غير واثقة من قيمها وتوجهها الاستراتيجي. وفي التقرير ورد أن "العالم يفقد من ثقله الغربي". ففي الوقت الذي يعتقد فيه البعض أن الغرب يتم تهديده "بتوجه دولي ليبرالي"، يرى البعض الآخر أن "صعود التوجه غير الليبرالي وعودة القومية يهددان الغرب". وفي الوقت الذي يحاول فيه اليمين وكذلك اليسار التنصل من المسؤولية العالمية، يعتقد الكتّاب أنه "إذا ما تردد الغرب باستمرار في التدخل في نزاعات أجنبية عنيفة، فهذا لا يعني أن هذه النزاعات ستختفي". بل قد تزداد تصعيدا.

فندق بايريشر هوف الذي يحتضن فعاليات مؤتمر الأمن في ميونيخ
فندق بايريشر هوف الذي يحتضن فعاليات مؤتمر الأمن في ميونيخصورة من: MSC/Hildenbrand

مثال على ذلك هو ما ألمح له الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه بعزمه على  سحب الوحدات الأمريكية من أفغانستان، كما سبق وأن سحب وحدات قوات خاصة من سوريا. ومن جانب آخر يزداد عديد القطعات الأمريكية عبر العالم، وبالتحديد من أجل مواجهة التهديد الايراني المفترض. فمقتل الجنرال الايراني قاسم سليماني كان دليل أخير على أن ترامب مستعد للمخاطرة بمواجهة عسكرية في الشرق الأوسط. والرد الايراني على ذلك كان محدودا. لكن ستجري في ميونيخ محاولة خفض مستويات التوتر في منطقة الخليج.

في العادة، فإنّ مؤتمر أمن ميونيخ هو أنسب مكان خارج واشنطن لرسم تصور عن تفكير الولايات المتحدة الأمريكية السائد حول قضايا السياسة الخارجية، لأنه يجتذب ثلة من صنّاع القرار الأمريكان تجتمع في ميونيخ. فإلى جانب وزيري الدفاع والخارجية يُنتظر قدوم العديد من أعضاء الكونغريس. وميونيخ ستكون أيضا فرصة لبحث ردود الفعل الدولية على خطة السلام في الشرق الأوسط التي وضعها دونالد ترامب.

ثقة أوروبية بالنفس 

لكن ربما سينصب الاهتمام أكثر على كيفية تعامل أوروبا مع التحديات التي تواجهها. ويتبنأ البعض بأن أوروبا بسبب الشعبوية اليمينية والقومية المتزايدة فيها ستنكمش وتنفصل بعض الشيء عن باقي العالم. وفي بعض النقاشات في ميونيخ سيجور الحديث حول كيفية إقدام الاتحاد الأوروبي على توسيع رقعة تأثيره، لاسيما من خلال تعاون أكبر في الدفاع. وموضوع الهجرة من الجنوب بات أكثر إلحاحا على أوروبا بسبب الصراعات في سوريا وليبيا، في الوقت الذي تمارس فيه روسيا انطلاقا من الشرق تأثيرا يبث حالة عدم الاستقرار.

ويأمل كثير من الأوروبيين في أن يعزز الاتحاد الأوروبي دوره كلاعب عالمي أكثر من كونه مجرد تابع للولايات المتحدة الأمريكية. ويعتبر رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون أنه إذا لم تتعلم أوروبا لغة السلطة، "فقد تختفي جيوسياسيا". وفي حال ظلت الولايات المتحدة الأمريكية في الشرقين الأدنى والأوسط سلبية أو تتخلى عن التزامها هناك، في وقت تحاول فيه روسيا وتركيا توسيع تأثيرهما في بلدان مثل سوريا أو ليبيا، فإن ذلك قد يكون الدافع لممارسة سياسة جديدة من طرف أوروبا في المنطقة تراعي فيها مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية.

والآن بما أن بريطانيا غادرت الاتحاد الأوروبي، فإنّ مبدأ الدفاع المشترك في حلف شمال الأطلسي تحوم حوله تساؤلات، ويبدو التنسيق والجمع بين قدرات الدفاع الأوروبية أهم من ذي قبل. على هذه الخلفية، هل تتبنى الدول الأعضاء (في حلف الناتو) نهجاً مشتركاً في الدفاع والهجرة والسياسة الخارجية؟ دول البلقان ممثلة بقوة في ميونخ، وهكذا فإن معطيات لتوسيع الاتحاد الأوروبي في المستقبل ستسخن في النقاش، وهذا ليس جديداً قط..

الصين تظهر بثقة نفس أكبر على الساحة الدولية
الصين تظهر بثقة نفس أكبر على الساحة الدوليةصورة من: Imago-Images/VCG

تحولات جيوسياسية 

تواصل روسيا إثارة قلق الخبراء الاستراتيجيين الأوروبيين. ومنذ مؤتمر الأمن الأخير، سجلت روسيا عدة نجاحات دبلوماسية، بينها نداء الرئيس ماكرون للتفكير مجددا في العلاقة القائمة مع روسيا. فأوروبا منقسمة بين الحوار والعلاقات التجارية مع الجارة الكبيرة في الشرق وقلق الأهداف الاستراتيجية لموسكو. وفي الوقت الذي يتوقع فيه البعض أن تُوجه الدعوة للرئيس فلاديمير بوتين لحضور قمة الدول الصناعية السبع في الولايات المتحدة، يعتقد آخرون أنه يجب التركيز أكثر على الصين.

محور الاهتمام الآسيوي الآخر هو شبه الجزيرة الكورية، ففي عام 2019 وفي محاولة لتغيير نهج كوريا الشمالية بشأن التسلح النووي، عقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقاءين وجها لوجه مع كيم جونغ اون رئيس كوريا الشمالية، محاولا توظيف التأثير الشخصي للقاء عبر دبلوماسية "تلفزيون الواقع".

هذا العام، يبدو المناخ أقل ملائمة لمثل هذا التقارب، فكوريا الشمالية قد أعلنت أنها غير معنية بالالتزام بتعهدات عدم إجراء التجارب النووية، بل إن بيونغ يانغ، في الحقيقة تملك اليوم صاروخا باليستياً عابراً للقارات بوسعه الوصول إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وينحى الشماليون على الأخيرة باللائمة لأنها لم تظهر ما يكفي من المرونة في المفاوضات، بل مضت قدما في فرض العقوبات "الوحشية غير الإنسانية" على حد وصفهم، وهي تحذر اليوم من أنّ طريقاً معبداً بالعقبات ينتظر المفاوضات. ستنال هذه القضية اهتماما في ميونيخ لاسيما أن شخصيات كبرى من الكوريتين ستشارك في اعمال المؤتمر.

ويفيد تقرير مؤتمر الأمن في ميونيخ أن هذا المؤتمر "فرصة سانحة ليس فقط لتقييم الوضع الأمني الدولي، بل أيضا وضع الغرب على وجه الخصوص".

وعلاوة على الأسئلة الملموسة، ستوضع على طاولة البحث مواضيع الساعة الأوسع" هل معلوماتنا في أمان؟ هل يمكن تحقيق المصالحة بين أمن الطاقة وأمن المناخ؟ ما مستقبل التعددية؟

وعلى خلفية أن قيم الغرب توضع على المحك داخليا وخارجيا، وبما أن المنافسة العالمية للأنظمة السياسية والاقتصادية تتواصل، فإن موضوعات وافرة ستكون هذه المرة أيضا جاضرة في مؤتمر ميونيخ.

سيمون يونغ/ م.أ.م

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد