1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قنبلة موقوتة: الاقتصاد المصري بين تراجع الجنيه وخفض الدعم

ماتياس زايلر/ ف. ي٢٨ يناير ٢٠١٣

يعاني الصناعيون في مصر من مشاكل عديدة، أبرزها ارتفاع أسعار المواد الأولية بسبب تهاوي العملة، التي يشكل سقوطها، إضافة إلى احتمال تراجع الدعم الحكومي، أرضية خصبة لاندلاع "ثورة الفقراء".

https://p.dw.com/p/17RdP
صورة من: picture-alliance/dpa

يعمل وحيد ماردينلي منذ فترة طويلة كرجل أعمال، ويدير في إحدى ضواحي القاهرة مصنعاً للنسيج والخياطة. يعمل في المصنع حالياً قرابة 500 عامل ينتجون ملابس لشركات أزياء معروفة مثل سي آند إي وزارا وماركس آند سبنسر. بالأصل تم تجهيز المصنع ليعمل فيه حوالي 3000 عامل، ولكن العمل التجاري يعاني صعوبات كبرى في الوقت الراهن. وقبل أسابيع قليلة فقد السيد ماردينلي عقداً هاماً لصالح منافس أجنبي، كما يقول: "المشكلة هي أن شركاءنا يخشون أن يقدموا لنا طلبيات جديدة. صفقاتنا نقوم بها مع شركات كبرى في الخارج، وكن هذه الشركات ليس لديها ثقة في البلد. لأنها تستثمر أيضاً هنا، فهي ترسل لنا المواد الأولية والأقمشة".

يتلقى عمال ماردينلي أقمشة وأزرار وغيرها من المواد من الشركات المتعاقدة لتصل إلى منطقة التجارة الحرة معفاة من الرسوم الجمركية. وهناك يقومون بخياطة القطع ويعيدون إرسالها كمنتوجات نهائية إلى أوروبا والولايات المتحدة. ولكن العمال صاروا يهتمون بالسياسة منذ بدء الثورة، وأخذوا يطالبون بزيادة في الأجور. إحدى أكبر المشاكل التي تواجههم هي الوضع الأمني ​​الصعب، خاصة وأن معظم العمال من النساء الشابات اللواتي يأتين للعمل باستخدام الحافلات. ولكن أهلهن يشعرون بالقلق، كما يروي وحيد: "إنهم (الأهل) لا يدعونهن يأتين للعمل، لخوفهم أن تتعرض الحافلة لأخطار. وقد حدث ذلك مرتين أو ثلاث سابقاً. المجرمون أوقفوا الحافلة وطلبوا مالاً".

الوضع الأمني ​​وانقطاع التيار الكهربائي يعطلان الإنتاج

 في ظل حكم مبارك كان جهاز الأمن بقسوته حاضراً دوماً، لكن بعد سقوطه اختفت الشرطة من الشوارع. وحاول أعضاء من النظام السابق خلق حالة من الفوضى على الطرقات. والعديد من كبار ضباط الشرطة لا يخفون حقيقة كونهم لا يريدون الآن دعم جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة.

Lage der ägyptischen Wirtschaft
رجل الأعمال وحيد ماردينليصورة من: Matthias Sailer

ولكن المخاوف الأمنية ليست هي السبب الوحيد الذي يجعل الأهل يترددون، كما يحدثنا ماردينلي: "أحياناً يذهب الإسلاميون إلى أهالي الفتيات ويقولون لهم لا ينبغي أن تذهب بناتكم للعمل لأن ذلك مخالف للدين. المرأة يجب أن تبقى في المنزل. يجب أن تكون أماً فقط".

وهناك مشاكل أخرى أكثر خطورة على العمل، مثل انقطاع التيار الكهربائي المتكرر. في أيام كثيرة كانت الكهرباء تنقطع لما يصل إلى أربع ساعات متواصلة. ليتوقف الإنتاج جراء ذلك، والنتيجة: السيد ماردينلي لم يعد قادراً على الالتزام بمواعيد التسليم، مما دفع بعض الشركات المتعاملة معه لأن تغير وجهتها وأن ترسل طلبياتها في المستقبل إلى معامل في بنغلاديش أو المغرب.

ارتفاع الأسعار بسبب ضعف العملة يهدد استقرار البلاد

 وبهذه التطورات لا تخسر مصر فقط وظائف هناك حاجة ضرورية لها، ولكن أيضاً عائدات بالعملة الأجنبي مهمة للغاية. فزبائن السيد ماردينلي يدفعون بالدولار الأمريكي واليورو. وهذا أكثر ما يحتاجه البنك المركزي المصري في الوقت الراهن لدفع ثمن المستوردات من مواد غذائية ومحروقات وفوائد الديون الخارجية. والخوف من أن مصر لم تعد قادرة على تحمل كل هذه الأعباء هوت بقيمة الجنيه المصري بشكل دراماتيكي، وأصبحت الواردات مكلفة أكثر. وهذا الأمر لا يشكل عبئاً على شركات الإنتاج المصرية فقط، وإنما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع في مصر، كما يوضح ماردينلي: "الخطورة تكمن عند الحساب بالجنيه المصري، هذا يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع بشكل يومي، لأن مصانع النسيج المصرية تستورد 80 بالمائة من المواد الخام. ويجب دفع ثمنها بالدولار".

Lebensmittel in Ägypten
ارتفاع في أسعار المواد الغذائية في مصرصورة من: picture-alliance/dpa

ارتفاع الأسعار هذا يرى فيه ماردينلي قنبلة موقوتة. لأن نحو 40 بالمائة من السكان يعيشون تحت خط الفقر، أي بحدود دولارين في اليوم. هؤلاء الناس لا يمكنهم الصمود أمام ارتفاع الأسعار. حتى الآن كانوا محميين بفضل الدعم الحكومي لمواد أساسية أهمها الخبز والغاز. ولكن الدولة تشتري هذه السلع المدعومة من الخارج بأسعار عادية بالدولار أو اليورو.

Tourismus in Ägypten
قطاع السياحة سيكون من بين المتضررين أيضاصورة من: picture-alliance/dpa

وقد أدى انخفاض قيمة العملة المصرية إلى تراجع احتياطيات النقد الأجنبي اللازمة للدعم إلى مستوى منخفض جداً. وبالتالي فإن تخفيض هذه الإعانات ورفع أسعار المواد الأساسية يبدو أمراً لا مفر منه. ولتجنب الاحتجاجات على ذلك، تخطط الحكومة لإدخال نظام القسائم للطبقات الأشد فقراً من السكان. ولكن هناك أيضاً الكثير ممن هم "أغنى" وسيتأثرون بشكل كبير لو حدثت فعلاً زيادات الأسعار هذه. السيدة نعيمة في منتصف العقد السادس من عمرها هي واحدة من هؤلاء. تعمل في التنظيف وتكسب ما يعادل تسعة يوروهات في كل يوم عمل: "أنا الوحيدة التي تكسب المال في العائلة. أعمل في التنظيف ثلاثة أو أربعة أيام في الأسبوع، وإلى جانب ذلك أحصل من الدولة على ما يعادل 25 يورو في الشهر كمعاش أرملة". وبهذا تكسب نعيمة في أحسن الأحوال 170 يورو تقريباً في الشهر. من هذا المبلغ عليها أن تعيل نفسها وثلاثة أطفال، اثنين من الأبناء الذكور العاطلين عن العمل وابنة أيضاً، يعيشون معها في نفس البيت. وبهذا لا تزال نعيمة خارج من يمكن تصنيفهم على أنهم فقراء. ولكن ارتفاع الأسعار سيؤثر عليها بشكل كبير.

الأزمة الاقتصادية والنقدية الحالية في مصر تحمل بالتالي قوة انفجار هائلة: فإذا لم يتم التوصل لحل مقبول اجتماعياً، فهناك أعمال تمرد مخطط لها، كما حدث في عام 1977. في ذلك الوقت، اضطر الرئيس تحت ضغط الشارع للتراجع عن خفض الدعم.