1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

قبيل زيارة ميركل ـ الجزائر على صفيح ساخن

حسن زنيند
٣٠ أغسطس ٢٠١٨

تستعد المستشارة ميركل لزيارة الجزائر في وقت تبحث فيه أوروبا عن شركاء موثوقين في ضفة المتوسط الجنوبية لمواجهة معضلات الهجرة والإرهاب. غير أن الجزائر التي تواجه حاليا أزمة وباء الكوليرا تجتاز مشاكل بنيوية على أكثر من صعيد.

https://p.dw.com/p/343xF
Algerien Angela Merkel Besuch Präsident Abdelaziz Bouteflika 2008
صورة من: AFP/Getty Images

تعيش الجزائر هذه الأيام على وقع انتشار أحداث مقلقة من مختلف الأنواع، منها فضيحة الكوكايين ووباء الكوليرا، وهو ما وجدت فيه الصحافة المحلية وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي مناسبة لتوجيه النقد لفشل النخبة الحاكمة في حل مشاكل البلاد. فقد اعتبرت صحيفة "الخبر" الجزائرية أن "نقص المعلومات حول مصدر المرض تسبب في فوبيا لدى الجزائريين"، فيما نددت صحيفة "ليبيرتي" الناطقة بالفرنسية بـ"الصمت المطبق للحكومة في وقت أصيب فيه الجزائريون بالذعر ".

وتتوالى الفضائح التي تهز الجزائر ولا تتشابه، لكن كل خيوطها تلتقي في نقطة واحدة ألا وهي الفراغ في أعلى هرم السلطة، منذ إصابة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة (81 عاماً) بجلطة دماغية عام 2013، جلطة حكمت بدورها على مؤسسات الدولة بالشلل.

ومنذ سنوات ومعضلة خلافة بوتفليقة تستأثر بالمشهد السياسي الجزائري، غير أن هذا الجدل نفسه يدور في حلقة مفرغة ولم يسفر عن أي شيء جديد، بل بالعكس، كلما ازدادت حدة الجدل زاد الوضع السياسي غموضا، لدرجة أن بعض الأصوات المعارضة طالبت بتدخل المؤسسة العسكرية لرعاية عملية انتقال ديموقراطي.

وهكذا يبدو الأمر وكأن لا أحد يملك المفاتيح الصحيحة لقراءة رهانات الوضع الحالي. وبالتالي فإن المستشارة ميركل مقبلة على زيارة بلد أقل ما يقال عنه أنه ليس في أحسن أحواله.

أوروبا تبحث عن شريك موثوق

تسعى مفوضة الهجرة بالاتحاد الأوروبي لاستكشاف خيارات بشأن "برنامج إنزال" يسمح بنقل المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في عرض المتوسط إلى مواقع في شمال إفريقيا، حيث سيتم النظر في طلباتهم الخاصة باللجوء. ويتعلق الأمر بـ"برنامج إنزال إقليمي" مع الأمم المتحدة ومكتب الهجرة الدولي. غير أن ذلك يتطلب تعاون دول مثل الجزائر، التي لم تبد لحد الآن أي حماس بهذا الشأن.

وقد تطرح المستشارة ميركل هذه الفكرة من جديد خلال لقائها بالمسؤولين الجزائريين، إضافة إلى ملف ترحيل الجزائريين المرفوضة طلبات لجوئهم في ألمانيا. وتهتم الجزائر، أكبر دولة إفريقية مساحة، أيضا باستقرار الأوضاع في جارتها ليبيا، حيث ينتقل من هناك نحو 90 في المائة من المهاجرين واللاجئين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.

محمد العربي زيتوت: كبار البارونات الجزائرين ورا ء تهريب المخدرات

ويذكر أن زيارة سابقة للمستشارة ميركل كانت مقررة في فبراير/ شباط 2017 ألغيت في آخر لحظة بسبب وعكة صحية طارئة تعرض لها الرئيس بوتفليقة. ويبدو أن مخاطر إلغاء الزيارة المرتقبة لا تزال قائمة، ذلك أن الرئيس الجزائري يوجد حاليا في سويسرا لإجراء فحوصات طبية.

وفي حوار لـ DW يرى محمد العربي زيتوت، المحلل والدبلوماسي الجزائري السابق ومؤسس حركة رشاد المعارضة أن "المحيطين بالمستشارة ميركل لا يفهمون جيدا ما يحدث في الجزائر، إذا كانت الزيارة الماضية قد ألغيت وهي (ميركل) ربما قد صعدت للطائرة أو على أبواب فعل ذلك، فإن الزيارة المقبلة لن تتم على الأرجح لأن الظروف الصحية لبوتفليقة أكثر سوء والأوضاع في الجزائر متردية والصراع على السلطة في أوجه".

واستطرد زيتوت "للأسف، ألمانيا لا تفهم منطقة شمال افريقيا لأسباب ربما تكون تاريخية، وتركت الأمر للفرنسيين والأمريكيين والصينيين (..)" وتابع موضحا "للأسف دور ألمانيا يقتصر اليوم على التعاون مع نظام غير شرعي غير شعبي، وأكثر ما يشغل بالها، كما باقي أوروبا، هو قضايا الهجرة والطاقة وما يسمى بمحاربة الإرهاب".

ترهل مؤسسات الدولة

تسببت الكوليرا في حالة من الرعب في الجزائر، وهو وباء ظهر مجددا في البلاد بعد غياب 22 سنة، فأصاب 59 شخصا في خمس مناطق. وتسبب الوباء في مقتل شخصين على الأقل. "بالنسبة لغالبية الجزائريين وباء الكوليرا لم يحدث لهم صدمة فقط، ولكنهم أيضا أحسوا بالعار أن يقارن بلدهم ببلدان كاليمن وتشاد والنيجر حيث الحروب، وهي من أفقر بلدان العالم"، على حد تعبير محمد العربي زيتوت.

ويرى العديد من الجزائريين عدم قدرة الدولة على السيطرة على الوباء يمثل جزءً من ترهل مؤسسات الدولة، خصوصا وأن ذلك جاء بعد فضيحة اكتشاف شحنة من الكوكايين قدرت بـ701 كيلوجرام نهاية أيار/ مايو الماضي بميناء وهران، على متن باخرة قادمة من البرازيل كانت محملة باللحوم الموجهة للسوق الداخلي. وتحول هذا الموضوع إلى "قضية دولة" بسبب شبهات حول تورط مسؤولين في القضية، أدت فيما بعد إلى إقالة عدد من الجنرالات بالجملة في المؤسسات الأمنية من بينهم قائد الشرطة الجنرال عبد الغني الهامل المقرب من بوتفليقة والذي كان يروج أنه سيكون خليفة محتمل له.

ويرى زيتوت أن هناك غموضا بشأن من يحكم في الجزائر ويقول: "لكني أعتقد أن الذي يسيطر اليوم على الوضع هو الجنرال القايد صالح ومن معه وهي كمشة من الجنرالات الذين استعادوا المبادرة، بعدما تشتت السلطة العسكرية بين مراكز قرار متعددة".

 ويوضح زيتوت أن القايد صالح ومن معه "اغتنموا فرصة فضيحة الكوكايين ليطيحوا بالجنرالات المناوئين لهم من بينهم جنرال البوليس وجنرال الناحية العسكرية الأولى أحد أقوى الجنرالات في البلاد وجنرال الدرك الذي كان يتحكم في حوالي 170 ألف مسلح".

واستطر المعارض الجزائري في حديثه مع DW عربية: "القايد صالح يتصرف على الأرجح بضوء أخضر فرنسي أمريكي، فهناك قلق غربي من احتمال انفلات الأوضاع في الجزائر ، فأصعب ما تخشاه أوروبا اليوم هو موجات الهجرة".

انغلاق الأفق السياسي

تطغى قضية خلافة بوتفليقة على النقاش السياسي حيث غالبا ما تختلط الإشاعة بالقليل من الأخبار المسربة من قصر المرادية. بل وهناك من ذهب لحد التكهن بترشح سعيد بوتفليقة لخلافة شقيقه عبد العزيز رئيساً للجزائر، عندما يحين الوقت؟ هذا السيناريو كان ربما مستبعداً قبل أربع سنوات، لكنه بات مطروحا في الفترة الأخيرة. وتسعى أركان النظام الممثلة في مؤسستي الرئاسة والجيش إضافة إلى رجال الأعمال لإرساء أسس انتقال منظم للسلطة يُجنب البلاد مخاطر الانفلات والفوضى.

عبد العزيز بوتفليقة لم يحسم بعد رسميا موقفه من الترشح لعهدة رئاسية خامسة، ما وضع الحياة السياسية الجزائرية برمتها في قاعة انتظار كبيرة خلال السنوات الماضية. غير أن زيتوت يرى أن "بوتفليقة لا يستطيع أن يذهب إلى عهدة خامسة، ولا أعتقد أن النظام سيغامر بالذهاب إلى عهدة خامسة" فهناك غضب شعبي خصوصا وأن "العهدة الرابعة نفسها كانت عهدة ميتة". واستطرد زيتوت موضحا "أعتقد أن هناك الآن محاولات لإيجاد بديل لبوتفليقة بضوء أخضر فرنسي أمريكي، بديل مقبول للعسكريين يكون واجهة مدنية بشكل يضمن استمرار الحكم العسكري من خلف الستار".

 

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات