1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

طيف "ناصر" يلاحقه.. لماذا يركز السيسي على السودان وليبيا؟

إسماعيل عزام
٢٤ أبريل ٢٠١٩

هل يرغب السيسي بإعطاء دور أكبر لمصر في محيطها الخارجي عبر بوابتي السودان وليبيا؟ وكيف يستفيد السيسي من الدعم السعودي-الإماراتي والمباركة الأمريكية من الأجل الاستمرار في خطته بتأمين أكثر لحكمه عبر إيجاد جيران حلفاء؟

https://p.dw.com/p/3HM4J
Bildkombo Ägypten Präsidenten | Abdel Fattah al-Sisi & Gamal Abdel Nasser

بعد تثبيت دعائم سلطته باستفتاء يمكنه من تمديد حكمه إلى غاية 2030، يتطلع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الخارج، وتحديداً إلى السودان وليبيا، حيث يمكن للجيش المصري أن يتطلع لاستنساخ نسبي لتجربته في الحكم، من خلال دعم خليفة حفتر، الذي يشن هجمات على العاصمة طرابلس لإسقاط حكومة الوفاق الوطني –المدعومة أممياً- وبالتالي محاولة السيطرة على مقاليد الحكم، ومن خلال المجلس العسكري السوداني الذي يحكم البلاد في فترة انتقالية بعد الإطاحة بحكم عمر البشير.

ويستفيد السيسي من إرث قديم للدولة المصرية في عهد جمال عبد الناصر، عندما تحمس هذا الأخير لعدة انقلابات، كذلك الذي قام به إبراهيم عبود في السودان، وعبد السلام محمد عارف في العراق، ومعمر القذافي في ليبيا. كلها انقلابات عسكرية أكدت التوجه المصري آنذاك بالمعارضة الشديدة للأنظمة الملكية والحرص على تدخل الجيش في الحياة السياسية عبر بوابة الاشتراكية.

غير أنه لا يمكن إغفال السياق التاريخي الذي جاء فيه عبد الناصر، في فترة سادت فيها الحركات التحررية من الاستعمار القديم، وكذلك موقف عبد الناصر من معاداة الولايات المتحدة وإسرائيل، اللذان يعدان اليوم صديقين للنظام المصري. لكن رغم ذلك هناك تشابه: "السيسي يحاول استلهام روح عبد الناصر في الجانب العسكري بالحديث عن وجود مصر في حالة حرب، كما يستلهم روح السادات في الانفتاح الاقتصادي للمؤسسة العسكرية"، يقول محمود رفعت، المحامي الدولي والمحلّل السياسي، لـDW عربية.

ويقول غونتر ماير، الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط، لـDW ألماني: "القوات المسلحة المصرية هي الأقوى في العالم العربي، لذلك يحظى السيسي بوضع عسكري مهم"، مبرزا أنه في الوقت الذي تدهورت فيه العلاقات مع إدارة أوباما، اتجه السيسي إلى روسيا التي عقدت اتفاقيات بمليارات الدولارات مع القاهرة، قبل أن تتحسن العلاقات مع واشنطن بعد مجيء ترامب، بل صارت في أفضل حالاتها.

هكذا، وبعد تأمين علاقة مصالح مع الغرب، أضحى الجنرال السيسي قادراً على تشكيل قطب عسكري إقليمي، يستفيد من المال السعودي-الإماراتي.

لماذا السودان؟

كان السيسي وراء تمديد الفترة التي منحها الاتحاد الإفريقي إلى السودان لتسليم السلطة إلى المدنيين من 15 يوماً إلى ثلاثة أشهر، بل إنه، وحسب تصريحات رسمية لرئاسة الجمهورية المصرية، يرى أن التجربة المصرية "تتشابه مع الأوضاع في السودان"، خاصة "انحياز القوات المسلّحة للشعب دائماً"، وفق تعبيرها.

وليست الروابط بين السلطة الحاكمة في السودان وعبد الفتاح السيسي جديدة، فرغم الخلافات التي وقعت في عهد عمر البشير، إلّا أن السيسي، ووفق ما يذكره محمود رفعت، أرسل رئيس مخابراته عباس كامل، في الساعات الأولى لاندلاع الاحتجاجات في السودان، لمحاولة ضم السودان إلى الحلف بين السيسي وحفتر، وتبديد الخلاف الواقع بين البشير والإمارات والسعودية بعد زيارته قطر.

Ägypten Präsident al-Sisi trifft al-Baschir
السيسي وعمر البشير عام 2015صورة من: Reuters/The Egyptian Presidency

وما يشير إلى اهتمام بالغ من مصر بالوضع في السودان، أن عبد الفتاح البرهان، الذي شكر السيسي على دعمه للمجلس العسكري السوداني، يمثل عنصر ربط بين مصر وبين الإمارات والسعودية. فالبرهان أشرف سابقاً على عملية إرسال جنود سودانيين إلى اليمن للقتال إلى جنب قوات التحالف الذي تقوده الرياض. وقد يكون هذا الإشراف سبباً في تطلع الرياض وأبوظبي إلى خلق تعاون أكبر مع الرجل الذي يمكن أن يكون له دور محوري في مستقبل السودان، ولذلك أعلنتا عن تقديم دعم مالي بقيمة ثلاثة مليارات دولار للسودان.

ماذا عن ليبيا؟

ليست العلاقات بين حفتر والسيسي جديدة، فقد تواترت التقارير عن دعم مصري خفي لحفتر إبان إعلانه انطلاق ما يسمى بـ "عملية الكرامة" عام 2014، قبل أن تتأكد هذه الصلات بتصريحات رسمية، كتلك التي أدلى بها السيسي عام 2016 عندما أكد دعم بلاده للجيش الليبي بقيادة حفتر، متحدثاً أن هذا الجيش "هو الطريق الأمثل للتخلص من الإرهاب ودعم قيام ليبيا من جديد".

"تحوّل حفتر إلى حليف حقيقي للسيسي، بعد حربه ضد الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية في ليبيا" يقول غونتر ماير، مشيراً إلى أن حفتر أضحى عاملاً أساسياً لمواجهة الإخوان المسلمين، ليس فقط في حلفه مع السيسي، بل كذلك مع السعودية والإمارات، إذ يرى هذا الرباعي في الإخوان "الخطر الأكبر" بتعبير المتحدث. ويحيل ماير إلى سبب آخر، يخصّ هجمات مجموعات متشددة على غرب مصر الحدودي مع ليبيا، وبالتالي يحتاج السيسي إلى دعم من حفتر لتأمين هذه المنطقة.

Libyscher Militärbefehlshaber Khalifa Haftar mit dem ägyptischen Präsidenten Abdel Fattah al-Sisi im Präsidentenpalast in Kairo
السيسي وحفتر في لقائهما الأخيرصورة من: Reuters

وكان جلياً أن استقبال السيسي لحفترقبل أيام، في عزّ حملة هذا الأخير على طرابلس، والتأكيد من جديد على دعم القاهرة لـ"الجيش الوطني الليبي"، يعطي الانطباع أن هجوم حفتر على قوات الوفاق لم يتم إلّا بمباركة مصرية-إماراتية-سعودية. ويمضي محمود رفعت أبعد ذلك، عندما يقول إن "القوات المصرية تشارك في الهجوم، وهناك طائرات وأسلحة قادمة من مصر تستعملها قوات حفتر"، مضيفاً أن الحلف المصري-السعودي-الإماراتي أعطى حفتر غطاءً سياسياً ومادياً وعسكرياً، رغم وجود قرار أممي بحظر تسليح أطراف الحرب في ليبيا.

هل تنجح خطط السيسي؟

يظهر الوضع في ليبيا ملتبساً، إذ تشير جلّ التقارير أن حسم حفتر لمعركة طرابلس سيمثل انتصاراً لرؤية السيسي بجار ليبي خالٍ تماماً من الإسلام السياسي. "حفتر لديه دعم غير محدود من  مصر والإمارات، فضلاً عن تجنيده مرتزقة من دول إفريقيا جنوب الصحراء" يقول محمود رفعت، الذي يعمل كذلك منسقاً لـ"مجموعة العمل الدولية من أجل ليبيا"، (يرأسها عمر الحاسي، إسلامي التوجه). لكن "رغم التوازن العسكري المختل بين الطرفين، فالمعارك لم تحسم بعد" يستدرك المتحدث.

أما في السودان، فأكبر ما يواجه طموح السيسي هو استمرار الاحتجاجات المناوئة للعسكر ومن ذلك الاعتصام أمام مقر الجيش في العاصمة الخرطوم. كما تشير آخر الأخبار إلى تهديد قادة الاحتجاجات بتنظيم مظاهرات مليونية وتنفيذ إضراب شامل في حال رفض المجلس العسكري تسليم السلطة للمدنيين، فضلاً عن ضغط غربي على المجلس ذاته لتسليم السلطة في أقرب وقت ممكن.

وما يصعّب أكثر من مهمة السيسي، أن واقع حقوق الإنسان في بلده يضاعف حذر السودايين من مغبة تكرار النموذج المصري لما بعد الثورة، فضلاً عن أن مبرّر تقويض حكم الإخوان، الذي اتكأ عليه السيسي للحكم، يغيب نسبياً في السودان، إذ كان نظام  البشير محسوباً على المؤسسة العسكرية والإسلام السياسي على السواء.

الكاتب: إسماعيل عزام

ليبيا – مصر – السودان... هل يسعى السيسي إلى تأسيس "حلف الجنرالات" مع حفتر والبرهان؟

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد