1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

د كاظم حبيب: في العراق الجديد أين اضحت حقوق الكرد الفيليه

٢١ أكتوبر ٢٠١٠
https://p.dw.com/p/Pjmo

تجارب شعوب العالم كلها تشير إلى واقع أن كل اغتصاب للحقوق القومية أو لحقوق شريحة وطنية اجتماعية من البشر في هذا البلد أو ذاك تقود دون أدنى ريب وباستمرار إلى بروز توترات وعدم استقرار ونزاعات سياسية واجتماعية, إذ أن من اغتصبت حقوقه لا يمكنه السكوت والإذعان والقبول بالأمر الواقع, بل يناضل بكل طاقاته من أجل استعادة تلك الحقوق المغتصبة.

وبناء على هذا الواقع الفعلي الذي خبرته شعوب العالم, جاءت الكثير من اللوائح الدولية, ومنها لوائح حقوق الإنسان وحقوق الشعوب والقوميات وحقوق المرأة وغيرها تؤكد الأهمية الاسثنائية لإقامة علاقات قائمة على الود والتفاهم والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع القوميات وأتباع الديانات والمذاهب الدينية أو الاتجاهات الفكرية والسياسية في البلد الواحد والتي تقود بدورها إلى توفير أطيب العلاقات بين سكان الدولة الواحدة وعلى الصعيد العالمي وتأمين الأمن والاستقرار والسلام بين الشعوب.

إلا أن هذه الخبرة الدولية المتراكمة لا تمارسها دول كثيرة في عالم اليوم, بل, وبسبب وجود قوى قومية يمينية متطرفة او إسلامية سياسية يمينية متطرفة أو قوى رجعية متخلفة على رأس السلطة في هذا البلد أو ذاك, يحصل الاغتصاب الفعلي للحقوق وتبرز التناقضات والنزاعات المسلحة. ويمكن أن نجد مثل هذه الحالة في أكثر من دولة في آسيا وافريقيا, ولكن بشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط ابتداءً من إسرائيل ومروراً بتركيا وإيران والسودان واليمن ... الخ.

وإذا كان العراق قد تخلص من نظام صدام حسين واستبداده وعنصريته وقمعه, وإذا كانت القضية الكردية في العراق قد وجدت حلاً إيجابياً معقولاً ومقبولاً من الشعب العراقي بكل قومياته, فأن العراق الراهن لا يزال يواجه مشاكل كثيرة يفترض اعتماد الحق والمنطق والديمقراطية في حلها. ومن بين تلك المشكلات البارزة نشير إلى مشكلة الكرد الفيلية. لقد صادر النظام الدكتاتوري البعثي الصدامي حقوق الكرد الفيلية وصادر جنسيتهم وهويتهم العراقية وسفرهم إلى إيران أو دفعهم إلى جبهات القتال ليموتوا هناك, أو إلى السجون ليقتلوا أو يدفنوا أحياءً في مقابره الجماعية.

ورغم مرور سبع سنوات على سقوط الدكتاتور لم تبذل الحكومات العراقية المتعاقبة الجهود الضرورية لإعادة حقوق الكرد الفيلية المغتصبة غلى أصحابها. وبالتالي فأن هذه الشريحة الوطنية من العراقيات والعراقيين لا زالت تناضل بإصرار عادل من أجل استعادة حقوقها المشروعة والعادلة, ولا زالت تواجه العنت في تنفيذ ما وعد به الحكام قبل ذاك, سواء اثناء وجودهم في المعارضة أم بعد وصولهم للسلطة مباشرة بهدف الاستفادة من اصواتهم في الانتخابات التي جرت في الفترات السابقة. ويذكرنا موقف الحكام في العراق إزاء الكرد الفيلية بقول الشاعر كعب بن زهير:

كانت مواعيد عرقوب لها مثلاً وما مواعيدها إلا الأباطيل

إن الكرد الفيلية مضطرون إلى عقد المؤتمرات والاجتماعات وإلى إرسال النداءات إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومختلف حكومات وسفارات العالم لجلب الانتباه إلى حقوقهم المغتصبة وعدم استجابة الحكومات العراقية المتعاقبة منذ سقوط الدكتاتور صدام حسين إلى الآن في تنفيذ ما صدر من قرارات وقوانين بهذا الشأن واستكمالها لصالح تحقيق الوئام مع هذه الشريحة الطيبة من بنات وأبناء العراق.

البعض يعتقد بأن المؤتمرات لم تعد ذات فائدة, والبعض الآخر يشعر بالإحباط ويكف عن العمل لهذا الغرض بسبب غدر الكثير من الحكام بهم. ولكن علينا جميعاً أن ندرك بأن الحقوق لا تستعاد بسهولة ما لم يكن وراء تلك المطاليب والحقوق من يطالب بها ويناضل بعناد وحيوية من أجلها. لهذا فمن الصواب حقاً الاستمرار بعقد المؤتمرات والاجتماعات في الداخل والخارج وتحريك بنات وأبناء الشريحة الكردية الفيلية بشكل خاص للقيام بكل ما هو سلمي وديمقراطي من أجل استعادة تلك الحقوق المصادرة. كما يفترض تنشيط القوى السياسية الديمقراطية لكي تلتزم جدياً بقضية الدفاع عن حقوق الكرد الفيلية وتجعلها واحدة من قضاياها المهمة والملحة وتضعها في برامج عملها.

ويبدو لي ولغيري أيضاً بأن وضع الخلافات الصغيرة بين الجماعات الكردية الفيلية جانباً أصبح ضرورة ملحة وآنية لكي يمكن ضمان الاستجابة السريعة من أية حكومة عراقية قادمة لتحقيق تلك الأهداف. إن غياب الوحدة الضرورية بين بنات وأبناء هذه الشريحة الكردية الفيلية يضعف قدرتها على المطالبة بحقوقها وعلى التعبئة لصالحها من جهة, ويسمح للآخرين بتجاوز تلك المطاليب عند صياغة شروط العمل المشترك مع القوى الأخرى, كما في حالة التحالف الكردستاني حيث غابت قضية الكرد الفيلية عن النقاط التسعة عشر مثلاً, أو عدم الاهتمام بها, كما هو حاصل من جانب أغلب القوى السياسية العراقية إن لم نقل كلها إلى الآن. إن تجمع وحدة كلمة الكرد الفيلية سيفرض على الحكام الاستمارع لها وتنفيذها.

إن المجموعة الكردية الفيلية كبيرة, وكانت تشكل فيما مضى قاعدة جماهيرية اجتماعية وسياسية مهمة لقوى اليسار الديمقراطي العراقي, وعلى قوى اليسار الديمقراطي العراقية استعادة هذه القاعدة الاجتماعية لها من خلال التزام قضيتها والدفاع الفعلي واليومي عنها.