1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الوقاية من الفيضانات في بنغلاديش

٢٥ يونيو ٢٠١١

يعد ذوبان الأنهار الجليدية أحد تداعيات ظاهرة تغير المناخ، إلا أن هناك حاجة ماسة لإجراء المزيد من الأبحاث لإعادة تقييم دور الكتل الجليدية في جبال الهيملايا ومدى تأثرها بظاهرة تغير المناخ العالمي.

https://p.dw.com/p/11eug
الأنهار الجليدية في جبال الهيمالايا توفر إمدادات المياه لعدد كبير من السكان في المنطقةصورة من: CC/Sandip Sengupta

منذ قرون والسكان الذين يعيشون على سفوح جبال الهيملايا يعتمدون في الزراعة على المياه التي تتدفق من الجبال وتصب إلى الأسفل في أراضيهم. وسار الأمر على هذا المنوال حتى يومنا الحاضر، دون صعوبات تذكر، فالمياه الذائبة من قمم الجبال والأمطار تغذي الأنهار الكبيرة والصغيرة، والتي بدورها تصب على شكل تيارات هائلة في نهر الغانغ ونهر براهمابوترا واللذان يصبان بدورهما في المحيط. ويعتمد على هذه المياه العذبة مليار ونصف مليار نسمة موزعين على 10 بلدان من بينها الهند وبنغلاديش وباكستان والصين.

نماذج صغيرة وآثار كبيرة

لكن الفترات التي لا تتدفق فيها المياه أصبحت تتكرر بشكل متزايد، ويرجع ذلك إلى عدم انتظام فترات الجفاف وأيضا عدم انتظام هطول الأمطار، فالسماء تمطر أحيانا بشكل أطول أو أكثر كثافة من المعتاد، كما يقول سكان المنطقة. وعندما تتغير أوقات هطول الأمطار الموسمية عن الفترات المعتادة، فإن هذا يتسبب في خلل نظام المناخ في جميع أنحاء المنطقة، كما يوضح جورج كازر الجيولوجي بجامعة إنسبروك: "يمكن توضيح ذلك بشكل جيد بالمقارنة على نطاق صغير، مثلا كما هو الحال مع الجداول الصغيرة، فعندما تتدفق المياه بشكل أكبر من المعتاد، فإن هذا يؤثر تأثيرا مباشرا على النظام الذي يجري فيه الجدول برمته، حيث تتغير الظروف المحيطة، وهذا هو الحال أيضا مع الأنهار، وينطبق بشكل مبدئي أيضا على تغير المناخ."

Ganges
جبال الهملايا تغذي الأنهار الرئيسية بالمياهصورة من: CC/Urish

في شمال بنغلاديش على سبيل المثال، يعرف الخبراء الزراعيون هذه المشكلة على وجه الدقة. لذا تسعى بعض المنظمات الإنسانية ومن بينها منظمة براكتيكال آكشنPractical Action إلى إيجاد حلول مناسبة وإدخال أساليب جديدة للزراعة، وأيضا إلى زراعة محاصيل جديدة، لمساعدة سكان المنطقة، إذ لم يعد بإمكان السكان الاعتماد على محصول الأرز كمصدر للدخل، فقد أصبح المحصول قليلا أو معدوما، وذلك نسبة لعوامل عديدة من بينها تآكل التربة وفترات الجفاف الطويلة. لذلك يتم إدخال بعض المحاصيل الجديدة التي تتمتع بقدرة على تحمل الظروف المناخية التي أصبحت سائدة في المنطقة، ويتم الآن زراعة القرع أو اليقطين بدلا من الأرز.

الأنهار الجليدية وتغير المناخ

Tehri Damm in Indien
يختلف السياسيون منذ عقود طويلة على تقسيم مياه الأنهار التي تجري بين الهند وبنغلاديشصورة من: CC/Arvind Iyer

لكن ثمة تعقيدات أخرى، ومنها أن الجزء الأكبر من المياه التي تتدفق عبر بنغلاديش، تأتي من خارج حدودها، فمصادر المياه الرئيسية في ذلك البلد تأتي الهند. وإذا ما قامت الهند الجارة الكبرى لبنغلاديش ببناء المزيد من الخزانات، فهذا يعني لبنغلاديش مواجهة الجفاف وهي في الأساس واحدة من أفقر الدول في العالم. لذا تجري منذ عقود مفاوضات على المستوى السياسي، إلا أنها لم تتمخض عن نتائج ملموسة على مدى سنوات، حتى تم في عام 1996 إبرام معاهدة تم بموجبها تنظيم القضايا الأساسية بشأن تقاسم المياه بين البلدين على مدى العقود الثلاث المقبلة، لكن ذلك لا يمثل الحل الأمثل بالنسبة لكلا البلدين.

إن موسم الأمطار يتحكم في حجم المياه التي يتفاوض عليها البلدان، وكما يقول الجيولوجي كازر: "الأمطار الموسمية تتحكم في المناخ السائد في المنطقة، فالجو حار ورطب في الصيف. أما في الشتاء فهو بارد وجاف."

وهكذا كان الحال دائما، كما يوضح أستاذ الجغرافيا بجامعة هايدلبيرغ وخبير منطقة جنوب آسيا ماركوس نوسر، فبعد ذوبان الجليد، يأتي في الصيف ذوبان الأنهار الجليدية، بينما تهب الرياح الموسمية لتحمل معها الأمطار.

وكما يرى نوسر، فإن التغير المناخي ترك أثره بوضوح على المنطقة، فهناك تغيرات كبيرة، إذ إننا نشهد تراجعا في جبال الهيملايا وهذا ينطبق كذلك على حجم الكتل الجليدية. وهذا يعني أن هذه الكتل الجليدية تذوب بالفعل." ولكن الخبير يؤكد في الوقت ذاته، على أن هذا لا ينطبق على كل المناطق التي توجد فيها الجبال، "وحتى لو كان هناك ارتفاع في درجات الحرارة وتوقف هذا الذوبان، فإن من الصعب الاستشهاد بأرقام محددة في آسيا، وذلك على عكس الوضع في مناطق أخرى من العالم حيث تختفي الأنهار الجليدية جزئيا." لكن وعلى العكس من ذلك، وفي المناطق التي تشهد مزيدا من الأمطار الموسمية كما في كاراكوروم وهي منطقة في باكستان، فسيكون المجال مفتوحا في الوقت الراهن لزيادة الأنهار الجليدية. وبحسب الخبير نوسر، فإن ذوبان تلك الأنهار الجليدية لن يحدث إذا لم ترتفع درجة الحرارة بشكل كبير للغاية."

أسرار جبال الهيملايا

Monsunregen in Indien
الأمطار الموسمية لها أكبر الأثر على إمدادات المياهصورة من: CC/dee_gee

وبالنسبة للعلماء تعتبر جبال الهيملايا مجالا واسعا للبحث، إذ هناك الكثير مما لم يكشف عنه النقاب بعد. وعندما تم الإعلان خلال الاجتماع الدولي المعني بتغير المناخ Intergovernmental Panel on Climate Change (IPCC) في عام 2007، بأن الأنهار الجليدية في جبال الهيملايا ستختفي بحلول عام 2035، كان لهذا الإعلان صدى واسع في جميع أنحاء العالم. لكن تم الآن تفنيد تلك الأرقام، وسوف تظل المنطقة لفترة طويلة ثالث أكبر المناطق الجليدية في العالم، بعد القطبين الشمالي والجنوبي. لكن النقاش السالف الذكر حول ذوبان جبال الهيملايا، قد نجح على الأقل في لفت الأنظار إلى تلك المنطقة من العالم وإلى أنهارها الجليدية التي يفوق عددها عشرات الآلاف.

كلاوس إسترلوس/ نهلة طاهر

مراجعة: طارق أنكاي