1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المناطق الصناعية القديمة في الرور قبلة السياح بتقنياتها الضوئية

يورغ سترويش/ سميح عامري١٧ مارس ٢٠١٣

في السابق كانت النيران المتوهجة من أفران المناجم ومصانع الفحم تضيء سماء ليل منطقة الرور الصناعية، أما اليوم فغدت هذه المنطقة التاريخية مجرد تحفة فنية براقة وقبلة للعديد من السياح وعشاق الألعاب الضوئية.

https://p.dw.com/p/17qtq
صورة من: picture-alliance/dpa

عند مرافقته لمجموعة صغيرة مؤلفة من 15 زائرا عبر أروقة المنطقة الصناعية المتوقفة عن العمل في منطقة الرور، يتوقف اندرياس ماتهس للحظات ويحكي بحسرة: "في الماضي كنا ننتج حوالي 1000 طن من الحديد. لقد كان حديدا خاما ذا جودة عالية". يتأمل رجل من منطقة بافاريا في الجنوب الألماني المرفق الصناعي المطل على وسط الحديقة الطبيعية في شمال مدينة ديسبورغ ويقول: "إنه فعلا لشيء عظيم".

و رغم عتمة سماء الليل البارد فإن بريق المنطقة العجيب لم يبهت بعد. يتساءل أحد السياح، الذين قدموا لاكتشاف المكان عن أوقات  العمل وفيما إذا كان العمال في السابق يعملون طيلة اليوم بانتظام . فيجيبه ماتهس مفسرا أن الأفران العالية لم تتوقف إطلاقا عن العمل. وعندما كانت فوهة الفرن السفلية تفتح دوما لتسريب الحديد السائل والرواسب، لم تكن فقط المنطقة المحيطة به شديدة السخونة، بل كانت أيضا السماء في الليل الحالك تشع حمراء داكنة.

فجر كل يوم يغوص المرفق الصناعي القديم في جو مبهم وغامض تحت أشعة أضواء حمراء وزرقاء وبيضاء وخضراء. إنه بمثابة تكريم لمنطقة الرور، وبفضل وجود ثروات ضخمة من الفحم الحجري تطورت هذه المنطقة بداية من منتصف القرن الـ 19 لتصبح مجالا صناعيا كثيفا، وتمكنت في ذروة طاقاتها من تشغيل 600.000 عامل مناجم. ولغاية اليوم ما زال يعيش حوالي خمسة ملايين نسمة في منطقة الرور.

Deutschland Duisburg Kultur Licht RUHR.2010 Landschaftspark Nord Nachtaufnahme
يبهر المرفق الصناعي بمنطقة الروهر زواره خاصة في الليلصورة من: AP

منجم الفحم ضمن لائحة اليونيسكو للإرث الثقافي العالمي

لا يبعد منجم "زيشه زول فراين" للفحم الحجري في إيسن عن مصنع التعدين في مدينة ديسبورغ سوى بضع دقائق. وباعتبار أنه كان يعد أكبر منجم في العالم لعشرات السنين، فقد تقرر بداية من سنة 2001  وضعه سويا مع مصنع الفحم على لائحة الإرث الثقافي العالمي لليونيسكو.

وإلى جانب الأهمية التاريخية لهذا الصرح التذكاري، فإن ما يميزه أيضا هو الطراز المعماري الذي بني وفقه. فقد تعمد كل من المهندسين المعماريين فريتز شوب ومارتن كريمر إبراز سيطرة القوالب الشكلية البسيطة والمحاور الهندسية الصارمة. فتم على سبيل المثال بناء قاعتي انتظار صغيرة قبالة مدخل بئر المنجم رقم 12، رغم أن واحدة فقط كانت في الواقع تكفي بالغرض.

وبالرغم من أن المنجم قد تم إغلاقه نهائيا سنة 1986، إلا أن المنطقة الصناعية بقيت في الأثناء مفتوحة للدخول ليلا ونهارا كسائر النصب التذكارية في منطقة الرور الصناعية، وفي الليل بصفة خاصة تتلألأ  المنطقة برمتها بطريقة ملفتة للانتباه. في البداية كان غونتر شتوبا، 81 عاما، يشتغل عاملا في المنجم، أما اليوم فقد تحول إلى دليل سياحي إذ يقود مجموعات من الزوار في كامل أرجاء الطابق العلوي الأول للبناية. ويقول شتوبا مشيرا لبدلة مهترئة وطاقية مرتخية، وهي ملابس عمل تعود لستينيات القرن الماضي: "قديما لم نكن نملك ملابس واقية كالتي نعرفها اليوم"، ولحسن الحظ أننا لم نعش هنا كوارث منجمية أبدا.

Industrie-Kultur
المنطقة الصناعية في ديسبورغ تحولت من مركز صناعي عريق إلى مركز فني جذابصورة من: Guntram Walter

عمالقة صناعة الحديد والفولاذ

تعتبر مصانع إنتاج قطع الفحم الصغيرة كقنطرة تربط الفحم بالحديد، ففي أفرانها يتم غلي الفحم الحجري المستخرج حتى يستمد منه 98 بالمائة من الفحم الخام. وحينها فقط عندما تبلغ المستوى المطلوب من درجات الحرارة العالية يتسنى للعمال صهر الحديد. وكرمز للنار المشتعلة يتوهج اليوم من غرف الفرن القديمة في مصنع الفحم ضوء أحمر، أما الضوء الأزرق فيبرق جهة المصنع الكيميائي. شيئا فشيئا ينسدل الليل في هدوء صامت على الديناصورات الصناعية العريقة التي فقدت منذ 1993 مكانتها الأصلية.

وعن جولاته الليلية يروي فريدهلم باومغارتن، وهو تقني سابق في الصيانة الصناعية بمصنع الفحم، أنه في الشتاء تبقى المنطقة خالية من الثلوج حتى منتصف الطريق وذلك بفضل غرف الفرن التي تشع بالدفء على بعد 30 مترا. لقد كان مصنع الفحم ينتج في عصره الذهبي 8000 طن يوميا أو ما يعادل تقريبا 250 شاحنة نقل محملة بالكامل.

واليوم لم يبق سوى منجمي فحم في طور العمل من جملة 146 منجما، إذ من المقرر تعطيلهما عن النشاط سنة 2018 وبهذا تصير مناجم الفحم في منطقة  الروهر للأبد مجرد ذكرى تاريخية. بيد أن المنطقة اكتست روحا جديدة بفضل الأضواء والزيارات الاستطلاعية المختلفة للزوار، هكذا تخلد ذكرى هذه المنطقة ليلا نهارا مثل الكنائس والقصور أو كالأماكن الاستثنائية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد