1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

المثليون في الجزائر - رفض مجتمعي وتشويه سينمائي

أمين الصافي - الجزائر٢٩ نوفمبر ٢٠١٥

يتهم بعض النقاد السينما الجزائرية بأنها تروج لأفكار خاطئة عن فئة المثليين في المجتمع، وتؤسس لصورة نمطية لحياة هؤلاء تختلف عما هم عليه في الواقع، فيما يعتبر المثليون أن السينما كانت ولا تزال منبرا للعنف والكراهية ضدهم.

https://p.dw.com/p/1H6iL
Homosexuelle in Algerien
صورة من: DW/N.E. Elkebir

"لقد ساهمت السنيما الجزائرية في تشويهنا كمثليين، وأسست لصورة نمطية سلبية مقززة، فوصفتنا في بعض الأفلام كمجرمين نهدد بنيان المجتمع"، بهذه العبارات يلخص سفيان(سوسو) الذي التقينا به بأحد صالونات الشاي بحيدرة، دور السنيما الجزائرية في تأليب الرأي العام على هذه الفئة من المجتمع، ويضيف سفيان (27 سنة) لـ DW، " لقد عملت السنيما العالمية على مساعدة المثليين للحصول على حقوقهم والاعتراف بهم كأفراد مختلفين لهم خصوصياتهم وميولاتهم الجنسية التي يجب احترامها"، غير أن السنيما الجزائرية لا زالت تحت رحمة الأصولية الدينية، حيث تقوم الأفكار التقليدية بمهاجمتنا وتجعلنا مسخرة للمشاهدين.

رمزية رقم 106

"المية وستة" (106)، هو الاسم الحركي الذي يعرف به المثلي في الجزائر، وهو ذات الرقم الذي ذكره أحد الممثلين عندما تنكر كامرأة بطريقة كوميدية في إشارة لأحدى غرف الفندق التي جرت فيها أطوار قصة فيلم "عطلة المفتش الطاهر" وهو من إخراج موسى حداد سنة 1973. ومنذ ذلك الوقت أصبح هذا الرقم يرمز مباشرة إلى كل رجل مثلي أو يبدي نعومة في التعامل مع الآخرين.

لقطة من فيلم عطلة المفتش الطاهر

منذ ذلك الوقت ظلت الأفلام السينمائية الجزائرية تجنح في غالبيتها إلى الإدانة المباشرة للمثلي والتحريض عليه، وبالتالي إنكار وجود مثل هذه الفئة في المجتمع أساسا. في حين بدأ الجيل الجديد من الأفلام الجزائرية في المهجر في تناول الموضوع من زاوية مختلفة، تتسم بالكثير من التعاطف مع هذه الفئة، انطلاقا من أن الأمر يتعلق بإنسان عادي له همومه وأحلامه التي يسعى لتحقيقها، وأن قضية الميولات مسألة ثانوية في أتون بحر مشاكل الحياة وتعقيداتها. ومن هذه الأفلام فيلم " فيفا لالجيري"(تحيا الجزائر) لمخرجه نذير مخناش وفيلم "السطوح" لمرزاق علواش.

بين الاعتراف والرفض

ومن الأفلام التي لا زالت تثير الجدل بين الجزائريين حول موضوع المثلية الجنسية هناك فيلم "نسيبي" للمخرج حسان بلعيد، الذي عرض مؤخرا في إطار المهرجان السابع للفيلم العربي بوهران، وهو أول فيلم جزائري يتناول موضوعه الرئيسي الاضظراب في الهوية الجنسية، بطل الفيلم "حبيبة"، الذي يرفض هويته كرجل ويشعر في داخله بأنوثته التي يتعامل معها من خلال تصرفاته فيعكسها على مظهره.

Algerien - Youcef Baaloudj
يوسف بعلوج، صحفي وناقد سنمائي،صورة من: privat
وقام ببطولة الفيلم كل من بوشته سعيدون ومالك بن شيحة. ويروي الفيلم حياة شاب من إحدى ولايات الشرق الجزائري، تزوج من امرأة لها أخ من فئة المثليين، غير أنه لا يستطيع التأقلم مع وجوده في حياتهما، ثم تشاء الصدفة أن يكون مجبراً في إحدى الليالي على مرافقة هذا الأخير لإحدى السهرات، وفي تلك الليلة يعيد فيه زوج الأخت تعريف علاقته بحبيبة (نسيبه). فيتحول من حالة الرفض التام إلى حالة قبول وتناغم وصلت إلى الرقص معه، والدفاع عنه لدى محاولة أحد الزبائن المتأخرين من أفراد الشرطة التعدي عليه بالقوة. قبل أن ينتهي الفيلم بمشهد مرافقته له، ليعودوا إلى البيت كما خرجوا منه اول مرة لكن في إطار علاقة القبول والتصالح. وكانت رسالة الفيلم أنه يجب التعايش مع المثليين ومعاملتهم بكل انسانية لأنهم جزء من نسيج المجتمع الذي ينتمون له.
وقد اختار المخرج بلعيد أن يمزج الدراما بالسخرية السوداء، محاولاً من خلال ذلك أن يخفف من وقع صدمة القصة على المشاهدين الذين يعتبرون ذلك خروجاً صريحاً عن الدين والعادات والتقاليد ومحاولة لتشويه صورة المجتمع الجزائري الذي ما زال إلى حد الآن يرفض هذه الفئة ولا يعترف بوجودها.

لقطات من فيلم نسيبي

صورة كاريكاتورية

ويؤكد يوسف بعلوج، صحفي وناقد سنيمائي، بأن موضوع المثلية في السينما الجزائرية لا ينفصل عن سياق العام للسينما العربية في تعاطيها مع هذا الموضوع، فهي تجنح في الغالب إلى تصوير "المثلي" في صورة كاريكاتورية لرجل ناعم يقلد الأنثى شكلا ومضمونا، مع تجاهل واضح لكون هذه الصورة هي رأس جبل الجليد الذي يخفي وراءه فئة بأكملها موجودة فعليا بالمجتمع ولا تكاد تشبه هذه الصورة أبدا.

وحول فيلم "نسيبي" يقول بعلوج لـ DW إن الفيلم رغم أنه جاء بفكرة جديدة حول إمكانية قبول هذه الفئة في المجتمع والتصالح معها،"إلا أنه لم يبرر القبول ولم يدرس الفيلم بشكل مبررات القبول كما هو عليه الرفض أيضا". ويضيف بعلوج " إن مجرد التطرق للمثلية في أي عمل فني في الجزائر يضع صانعه في مواجهة مباشرة مع الشارع الذي يتهمه بالترويج لفساد الأخلاق، وهي نظرة لا وزن لها من منظور سينمائي لأنه لا يحتكم للمنظور الأخلاقي أو الديني في تقييم جودة العمل. أمر ينسحب على كل الطابوهات وليس فقط المثلية".

ويؤكد بعلوج أن صناع الأفلام والمخرجين في أغلبهم يتجنبون ولوج عالم "الطابوهات الاجتماعية" خوفا من ردة فعل الجمهور، ويسعون دوما لإرضائه، ولو على حساب الابداع السينمائي.

المثلية واقع اجتماعيي

ويعتبر الدكتورعلي شبيطة، أستاذ علم الاجتماع بجامعة سطيف، أن السنما الجزائرية لا تزال بعيدة عن تناول الظواهر الاجتماعية التي تصنف في خانة "الطابوهات الاجتماعية" بشكل محايد، لأنها لا تستند في نصوصها على الدراسات العلمية بشأن تلك الظواهر، فتقع في المغالطات والتشويه مما يفقد الفيلم أهمية الموضوع، ويضيف شبيطة " المثلية الجنسية واقع إجتماعي، ولا يستطيع أحد إنكار ذلك، لكن يجب التمييز بين المثلية البيولوجية والمثلية الثقافية والاجتماعية".

ولا يزال المثليون في الجزائر يبحثون عن اعتراف مجتمعي لهم، ولن يتم ذلك - حسب سوسو- فقط من خلال الأعتراف بوضعهم كفئة لها حقوقها، بل أيضا من خلال إعادة النظر في المحتويات الاعلامية والتعليمية والسنمائية.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد