1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

البعث وسلم داعش !

كفاح محمود كريم١٩ يونيو ٢٠١٤

يستعرض كفاح محمود كريم محطات في تاريخ العراق السياسي ، مبينا أن الهيكل الاداري لنظام صدام حسين قد سقط ، ولكن بقي نظامه الإيديولوجي والاجتماعي والسلوكي حتى في كثير من الفعاليات السياسية العاملة ألان في العراق.

https://p.dw.com/p/1CLpb
Irak Freiwillige Kämpfer
صورة من: Mohammed Sawaf/AFP/Getty Images

يتذكر كثير من البغداديين جيدا المشهد السينمائي الذي مثلته مجاميع من كوادر حزب البعث في الساعات الاولى من انقلاب شباط 1963م، ورفعهم لعشرات الصور والشعارات المؤيدة للزعيم الأوحد عبد الكريم قاسم رئيس وزراء العراق آنذاك على ظهر المدرعات والدبابات، في واحدة من أكثر الخدع سذاجة وإثارة في وقتها، وقد انطلت السالفة على الربع كما تقول الدارجة العراقية، وراح الزعيم بين الرجلين مقتولا وسط هتافات الأمة العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة!

كما لا ينسى العراقيون أيضا ميكافيلية كثير من القيادات المهمة لهذا الحزب وسرعة تلونها بالألوان المطلوبة والتي تساعدها على الإمساك بالكرسي مهما كانت تلك الألوان داكنة او فاتحة، ولعل ما قاله امين قيادتهم القطرية في مطلع ستينيات القرن الماضي علي صالح السعدي، عن ان القطار الأمريكي هو الذي حملهم الى السلطة، إضافة الى ما شهدته مطابخ حكمهم من تحالفات مع قوى سياسية واجتماعية وحتى دينية، اكدت ان لا صاحب لهم ولا مبدأ الا مصالحهم وهي تكمن تحديدا بالسلطة، وهنا الحديث والتوصيف لا يشمل الكل فقد كان الحزب، بسبب كونه حزبا يقود السلطة لعشرات السنين ظاهرة اجتماعية، ضمت مئات الآلاف من المنتسبين الوظيفيين لصفوفه دونما أن يكون لهم أي علاقة بأخطاء وجرائم العديد من قياداته، وكانوا من خيرة كوادر البلاد واكاديمييه ورجال عسكره وادارته واقتصاده وفنانيه وشعرائه وأدبائه، بحكم تراكم الزمن من مطلع الستينيات وحتى مطلع الالفية الثالثة.

أقول قولي هذا وانأ استخدم منذ نيسان 2003م مصطلح سقوط الهيكل الإداري لنظام صدام حسين، وبقاء نظامه الإيديولوجي والاجتماعي والسلوكي حتى في كثير من الفعاليات السياسية العاملة الان في ساحة الديمقراطية العراقية، فقد سارعت تنظيمات وكوادر هذا الحزب الى الانخراط في صفوف كثير من أحزاب ما كانت تسمى بالمعارضة وأصبحت أحزاب السلطة فيما بعد، بل ان الكثير ممن تم اجتثاثهم وقطع أرزاقهم من خيرة رجالات الجيش والأجهزة الخاصة والحزب انضموا الى حركات متشددة مثل القاعدة وبناتها، او أسسوا واجهات وحركات بتسميات وهمية يكمن ورائها كثير من تنظيمات وتشكيلات النظام السابق، وخاصة كوادر الجيش والتصنيع العسكري وضباط المخابرات والأمن ورجال مكافحة التجسس والإرهاب وفدائيو صدام وغيرهم، مثل جيش محمد والجيش الإسلامي ورجال الطريقة النقشبندية، والتي انضوت جميعها فيما يسمى اختصارا بـ داعش التي تتناغم في أهدافها الوحدوية مع ما كان يخدر به البعثيون رومانسيو الوطن الأكبر من المحيط الى الخليج.

"عاد البعث"

واليوم بدأت العملية تأتي أكلها كما يقولون، فقد اندفعت عدة مئات من تلك التشكيلات وبشكل منظم لا يثير الدهشة، كونه ينتمي الى تنظيم سابق يعمل منذ سنوات في عدة مدن وخاصة في الموصل لكي تحتضنهم عدة آلاف من الخلايا النائمة، التي كانت تحصد شهريا ما بين ثلاثة الى خمسة ملايين دولار كضرائب على مختلف المهن والإعمال والشركات وعيادات الاطباء والصيادلة، ناهيك عن حصتهم في الوقود الخارج من مصافي بيجي ومنذ عدة سنوات، بما أهلهم في غياب مؤسسات حقيقية للدولة سواء عسكرية او امنية او ادارية، أن يقودوا المحافظة من تحت الارض وأن يخترقوا تلك المؤسسات ويدخلوا الموصل على خلفية كراهية شديدة لكل قوى الجيش والامن والشرطة التي اهانت المواطن وثلمت كرامته تحت طائلة الحفاظ على الامن، وعلى انقاض فساد مستشري في معظم مفاصل الدولة، بما حقق مقولة ان يحكمنا الشيطان أفضل من هؤلاء الجبابرة!؟

لقد عاد البعث ثانية، لكن ليس بقطار أمريكي او تحالف مع الشيوعيين او البارتيين هذه المرة كما فعل في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، بل على صهوة القاعدة واخواتها او بناتها، سواء كانت داعش او النصرة او حتى الجن والشياطين، كرسي السلطة كانت وتبقى بوصلة الأحداث عندنا ولو جاءت على أنقاض وطن وشعب لطالما هتف باسم البعث فلم يعرف منه غير الذل والهوان، وأما داعش فتبدو اليوم الخلية الصاحية جداً في تطبيق أجندات مذهبية داخلية وإقليمية، والمتواطئون معها كثر والمال متوفر في جيوب الجيران ... فأهلا بالبعث " المدعشن " وأهلا بداعش " المبعوثة " حتى إشعار آخر!؟