1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

الانتخابات واستخدام اسم مرجعية النجف

٢٩ يناير ٢٠٠٩

عزيز الحاج

https://p.dw.com/p/GjU8

الانتخابات واستخدام اسم مرجعية النجف

عزيز الحاج

منذ سقوط صدام واسم المرجعية الدينية الشيعية يقحم في كل قضية سياسية، مرة على شكل بيان، وأخرى على لسان ناطقين باسم المرجعية، ولاسيما ابنه، وخلال ذلك كله، نادرا ما خرج السيد السسيتاني علينا هو نفسه لنعرف ما هي حقيقة ومصداقية نسبة الأحكام و"التوصيات" المنسوبة للمرجع الكبير.

في الشهور القليلة الأولى بعد سقوط النظام السابق صدرت دعوات باسم المرجعية لإجراء انتخابات عامة فورية، بينما لم تكن قد نضجت أي من مستلزمات ومبررات الانتخابات، ثم تتالت التصريحات، سواء من أعضاء الحوزة، أو مسئولين حكوميين، لتبرير أي موقف أو إجراء، أو دعوة سياسية باسم المرجعية.

في الانتخابات الأولى نجحت الأحزاب الدينية الشيعية في الحصول على تبني السيد السيستاني لقائمتها، الائتلاف، وقد تبين، فيما بعد، مدى الخطأ الكبير في ذلك الموقف، الذي كان يعني تحويل مرجعية دينية لطائفة الأكثرية من السكان إلى مرجعية سياسية لكل العراقيين، ولذا اتخذ السيد السيستاني بعدئذ موقف الحياد بين القوائم الانتخابية.

لقد كتبنا، وكتب غيرنا، عشرات المقالات بل المئات منها، عن مخاطر إقحام الدين ورجالاته في الشؤون السياسية، وجرى التنبيه إلى أن استمرار إقحام اسم المرجعية الدينية الشيعية في كل الشؤون يعني من الناحية العملية أن للعراق فقيها أعلى، إليه ترجع كل الأمور، ومنه تصدر القرارات والأحكام، وهذا مخالف تماما للديمقراطية، كما يسئ لمقام المرجعية الدينية نفسها لأن ميدان السياسية تتموج فيه الخلافات والصراعات، التي لا يجب على أية مرجعية دينية زج نفسها في خضمها ومضاعفاتها.

إن هذه مشكلة كبرى وخطيرة من مشاكل عراق ما بعد صدام، وهي اليوم تلقي بشبحها على انتخابات مجالس المحافظات، حيث يستغل المجلس الإسلامي الأعلى عنوان الولاء للمرجعية في مواجهة قائمة السيد المالكي؛ فقد دعا كل من الشيوخ علي السيساتي، ومحمد سعيد الحكيم، وبشير النجفي إلى التصويت لكل قائمة عامة، "واضحة المعالم سائرة على خط المرجعية والأقرب لها". جاءت هذه الدعوة كرد على مستشار للمالكي وصف مراسيم عاشوراء بالبدعة، في حين أن الحكيم وابنه عمار اعتبراها من أصول الدين، ومعنى ذلك أن من ينتقدها هو خارج عن الدين، ومن هنا دعوة هؤلاء السادة إلى التصويت "لمن يتبنى قضايا المؤمنين"!!

إن المحاصصة الطائفية، واستخدام الدين في السياسة وشؤون الحكم ،هما آفة كبرى، بل سرطان يهدد كل المسيرة العراقية، ويقوض كل أمل في السير نحو دولة القانون، والديمقراطية، وحقوق الإنسان. أما الانتخابات الراهنة، فلا نعتقد أنها ستغير كثيرا من الوضع العراقي المتلاطم، المتصارع، بل ستزيد الخلافات والصراعات، خصوصا بين المالكي والمجلس الأعلى المتحالف مع الجبهة الكردستانية. ونكرر، بالمناسبة، رأينا في أن هذا التحالف الاستراتيجي مع الأحزاب الدينية هو خطأ استراتيجي ومبدئي كبير وخطير وقعت فيه، مع الأسف، الجبهة الكردساتية ولحد يومنا.

العراق ليس بحاجة لصراعات سياسية حادة، جديدة، تهدد الآمن، الذي هو هش، خصوصا والسيد المالكي يريد خروج القوات الأميركية بأسرع مما ورد في الاتفاقية الأمنية، ولا ندري دوافع هذا الموقف بعد سلسلة المماطلات التي عرقلت التوصل للاتفاقية. إن صراعات الأحزاب الحاكمة، والتدخل الإيراني السافر، وإرهاب القاعدة، تواصل تهديد أمن العراق، فإذا خرجت القوات الأميركية بسرعة فقل "سترك يا رب!"

إن الوضع العراقي لن يستقيم ديمقراطيا، ولن يستقر حقا قبل سنوات، وعلى القيادات الحاكمة والقوى الوطنية تحمل مسئولياتها الوطنية لتجنب كوارث جديدة، وللتوصل لساحل السلام بٌأقرب ما يمكن، وبأقل خسائر وتضحيات.

28 كانون الثاني 2009