1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

اتهمهم من دون استثناء

عبد المنعم الأعسم٢٥ يوليو ٢٠١٣

يرى عبد المنعم الاعسم أن المذابح الرمضانية اليومية تنقل دائرة الضوء على وجوه الساسة الذين يديرون لعبة الحكم والمعارضة والتفاهمات والانتقادات والحمايات.

https://p.dw.com/p/19Dyr
صورة من: Reuters

السادة الذين يواصلون ملاعيب رفع الأيدي والتحفظات والتصويت والزعل والتراضي، ثم يعكفون على التلاعب بالألفاظ، وليّها، وهم يستنكرون ما يحدث من فواجع.

أصحاب السياسة والقرار الذين يتعاطفون مع الثكالى من الأمهات والأبناء والإباء، وتنقبض أساريرهم أمام مهرجانات العويل، وضرب الصدور، ونشر التراب على الرؤوس، ويتابعون تجميع أشلاء الضحايا في الأكياس السوداء، ويعلقون عليها في عبارات من نشارة الخشب.

أولئك الذين يعودن الى منازلهم وقد قاموا بواجبهم في الضحك على الذقون، قبل ان يطووا ملف المذبحة في طي النسيان، ويستعدوا ليوم آخر يتشابكون فيه على خرقة مسح اسمها السلطة.

عليهم، أولا، تدقيق فصيلة دمهم ما اذا تحمل قطرة من الغيرة الإنسانية والشجاعة ليعلنوا انهم مساهمون بهذا الكرنفال الدموي، بتسهيل الأجواء والانشغال عن النشاط الإجرامي لقطعان الجاهلية والهمجية والانتقامية لكي تغير على الأسواق والمساجد والأرصفة والمقاهي المزدحمة بالمواطنين الآمنين، وليعترفوا (وليعرفوا) أن الأجيال القادمة ستتبرأ من آصرة النسب إليهم.

وحتى تتطابق الأقوال بالأفعال، عليهم ان لا يبتسموا أمام الكامرات، وان لا يتبادلوا رسائل التبريكات، ولا يتقبلوا تهاني العيد، ولا يظهروا على الناس بوجوههم وليستعيروا وجوها تصلح لإخفاء قطرة الحياء عن جباههم.

السادة الذين تخرج فرق الموت والإجرام والطائفية الهمجية والتكفيرية من تحت قنفاتهم، أو من مواخير ملحقة بمكاتبهم، آو من قنوات للصرف الصحي ترتبط بهرطقاتهم الدينية، أو من عشيرتهم التي لملمت فروعها من سقط المتاع وإنصاف المخلوقات الآدمية.

عصابات منظمة تقدم خدمتها لفريق متصارع، لكي يستقوي على فريق آخر، في لعبة جمهورها هم ضحاياها، تتغير فيها الأمكنة وأسماء الفرق وأهداف الهجمات، ورسائلها.

السادة الذين تقول بيانات استنكارهم كل شيء، ولا تقول شيئا واحد هو الصحيح، أنهم يتحملون مسؤولية هذه الدماء، دماؤنا، التي ليست ماء، وليست رخيصة، وليست بلا فصيلة دم.

"من السهل أن تكون شجاعا عن بُعد". ايسوب- أديب إغريقي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نشر المقال في جريدة (الاتحاد) بغداد، ويعاد نشره على صفحتنا بالاتفاق مع الكاتب.