1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أوباما يحقق إنجازه الدبلوماسي الأكبر

١٤ يوليو ٢٠١٥

أثار تلقي الرئيس الأميركي باراك أوباما جائزة نوبل للسلام في بداية ولايته الأولى جدلا كبيرا وهو لا يزاال في بداية مشواره الرئاسي. وبعد حوالي ست سنوات، ها هو يحقق نجاحا دبلوماسيا كبيرا مع توقيع الاتفاق النووي مع إيران.

https://p.dw.com/p/1FyHZ
USA Gipfel zu Cybersecurity Netzsicherheit Stanford University Symbolbild
صورة من: Getty Images/J. Sullivan

أتى الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني ثمرة مفاوضات شاقة استمرت سنتين، وسيكون هذا من ابرز الانجازات في حصيلة أوباما، وهو يبعد احتمالات تدخل عسكري لم يكن من الممكن التكهن بنتائجه، في منطقة تشهد انعداما للاستقرار واضطرابات كثيرة. ويثير الاتفاق بالطبع انتقادات، سواء في الولايات المتحدة أو على الساحة الدولية، من إسرائيل الى دول الخليج. وحتى لو اجتاز خلال الأسابيع المقبلة مرحلة الكونغرس الأميركي الدقيقة، فان أبعاده الحقيقية لن تتكشف إلا بعد عدة سنوات، أي بعد فترة طويلة على انتهاء ولاية أوباما. غير انه بوسع الرئيس الأميركي الرابع والأربعين أن يرى فيه منذ الآن ثمرة لأحد المبادئ الجوهرية لسياسته الخارجية وهو إعطاء مجال للحوار، حتى مع أعداء أميركا.

التعاون بدل المواجهة

وقال لدى تلقيه جائزة نوبل في أوسلو في كانون الأول/ ديسمبر 2009 انه يجب عدم ادخار أي جهد من اجل إيجاد توازن "بين العزلة والتعاون، بين الضغوط والحوافز"، مرددا قناعته بان "العقوبات بدون اليد الممدودة والإدانات بدون المناقشات" محكومة بالفشل. وفيما أقام سلفه جورج دبليو بوش لائحة بالدول "المارقة" راسما فيها "محور الشر" الذي بات يشتهر به، فان أوباما حاول انتهاج الانفتاح، فقام حتى في أيلول/ سبتمبر 2013 بخطوة لم تكن واردة على الإطلاق من قبل كسر فيها احد الحواجز، اذ اجرى مكالمة هاتفية مع نظيره الايراني حسن روحاني.

Österreich Atomverhandlungen mit dem Iran in Wien
االاتفاق توج مفاوضات عسيرة وشاقة دامت عامينصورة من: Reuters/L. Foeger

وبعد 35 عاما على قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في أعقاب الثورة الإسلامية وعملية احتجاز الرهائن في السفارة الأميركية بطهران، اتفق البلدان والأعضاء الآخرون من مجموعة 5+1 على وثيقة تمنع طهران من امتلاك السلاح النووي لقاء رفع العقوبات التي تخنق اقتصادها. وقال ارون ديفيد ميلر من مركز ويلسون للدراسات انه "على مدى عقود كانت سياستنا تقوم على احتواء إيران وليس التعاون أو التعامل معها بشان اي موضوع كان وهذا تغيير جوهري" مضيفا "سواء كنتم من مؤيدي هذا الاتفاق أو من معارضيه، فهو هام".

وقال تريتا باريس من المجلس الوطني الإيراني الأميركي للدراسات إن النص الذي أُقر في فيينا يشكل بالتأكيد الانجاز الأكبر في حصيلة أوباما في السياسة الخارجية قبل أن يغادر البيت الأبيض بعد 18 شهرا. ورأى انه إن كانت معاودة العلاقات الدبلوماسية مع كوبا التي أعلن عنها قبل بضعة أيام "يهم أكثر على الأرجح العديد من الأميركيين" إلا أن هذا الاتفاق مع "الجمهورية الإسلامية" ستترتب عنه "نتائج جيوسياسية أكثر أهمية بكثير".

عقبة الكونغرس

وتتجه الأنظار الآن إلى الكونغرس الأميركي. فان لم يكن مطلوبا منه إبرام النص، إلا أن بوسعه عرقلته. وفي المعركة التي تظهر بوادرها، سيكون لكل صوت أهميته. وفي حال اصدر أعضاء الكونغرس مذكرة ضد النص، سيبقى بوسع اوباما ممارسة حقه في الاعتراض عليها. غير انه يبقى بوسع الكونغرس رغم ذلك التغلب على الاعتراض الرئاسي في حال نقضه ثلثا الأعضاء. وإذا ما تخطى النص الذي يتسم بطابع فني طاغ هذا الحاجز، فما ستكون مكانته في كتب التاريخ؟ يستشهد البعض بالتقارب بين الولايات المتحدة والصين في السبعينيات في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون الذي قام بزيارة تاريخية الى بكين في شباط/فبراير 1972.

غير ان هذه المقارنة غير مناسبة على أكثر من صعيد. وقال ارون ديفيد ميلر بهذا الصدد "إننا ما زلنا بعيدين للغاية عن تطبيع بين الولايات المتحدة وايران" مذكرا ببؤر التوتر الكثيرة في المنطقة مثل دعم طهران لنظام بشار الأسد في سوريا ولحزب الله في لبنان وحماس في قطاع غزة والمتمردين الحوثيين في اليمن. يبقى بنظر المؤرخ أن نعرف ما إذا كان بوسع هذا الاتفاق أن يحدث تحولا أكثر عمقا، ليكون انطلاقة لحوار أوسع نطاقا بين واشنطن وطهران. وقال ديفيد ميلر " إن التاريخ سيقول ذلك، نحن لا نعرف بعد. شعوري هو أن ذلك لن يحصل".

ورأت سوزان مالوني من معهد بروكينغز ان هذا "الانجاز الحقيقي" الذي جاء بعد بذل "طاقة دبلوماسية" خارجة عن المعهود يجب أن يقارن مع الاتفاقات التي أبرمت إبان الحرب الباردة ولا سيما مع الرئيس رونالد ريغان حول نزع سلاح الاتحاد السوفيتي. وأوضحت "كان الأمر يتعلق باتفاقات إستراتيجية أتاحت التعامل مع احد الأوجه الأكثر خطورة لعلاقة بين خصمين". وإذ يدرك اوباما بان نهجه لا يلقى الإجماع، فهو يضع في الوقت الحاضر كل ثقله في الميزان مراهنا أيضا على المكانة التي سيحفظها له التاريخ.

وقال في نهاية ايار/مايو "ان اسمي سيكون مدونا على هذا الاتفاق" مضيفا "لا احد لديه مصلحة أكثر مني في التثبت من ان يفي بوعوده".

ح.ز/م.س(د.ب.أ)

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد