1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ألمانيا وإسرائيل .. 60 عاما من علاقة ناجحة لم تخلُ من صعوبات

١٤ مارس ٢٠٢٠

قبل 60 عاما التقى في فندق فالدورف أستوريا في نيويورك رجلان: المستشار الألماني كونراد أديناور ورئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد بن غوريون. ووضع الرجلان حجر الأساس لعلاقة ألمانية إسرائيلية، كان لا يمكن تصورها في الواقع.

https://p.dw.com/p/3ZJFV
علم دولة إسرائيل بجوار علم جمهورية ألمانيا الاتحادية أمام بوابة براندنبورغ الشهيرة ببرلين في يناير/كانون الثاني 2020
علم دولة إسرائيل بجوار علم جمهورية ألمانيا الاتحادية أمام بوابة براندنبورغ الشهيرة ببرلين في يناير/كانون الثاني 2020صورة من: picture-alliance/dpa/R. Schlesinger

اللقاء التاريخي كان يبدو من قبيل الصدفة. كلاهما، المستشار الألماني كونراد أديناور ورئيس الوزراء الاسرائيلي ديفيد بن غوريون كانا في سفر إلى الولايات المتحدة وقررا الالتقاء شخصيا في نيويورك في الـ 14 من مارس/ آذار 1960. وعقب مرور 15 عاما فقط من "الهولوكوست" (المحرقة النازية) حققا شيئا لا يمكن تخيله: ممثل لشعب الجناة على نفس الطاولة مع ممثل شعب الضحايا. كلا رجلي الدولة وضعا في ذلك اليوم حجر الأساس الذي يظهر إلى يومنا هذا في العلاقة الألمانية الاسرائيلية.

كانت العلاقة الألمانية الاسرائيلية مثقلة منذ البداية. فجريمة القرن "الهولوكوست" بستة ملايين يهودي من القتلى جعلت التبادل شبه مستحيل في بداية الخمسينات. وفي الجوازات الاسرائيلية كانت توجد ملاحظة: "صالح لجميع البلدان ما عدا ألمانيا". كما أن التجارة مع ألمانيا كانت ممنوعة. وإلى يومنا هذا يبقى منصب السفير في ألمانيا الموقع الوحيد الذي بإمكان دبلوماسي إسرائيلي أن يرفضه.

وحتى على الجانب الألماني كان الاهتمام بالدولة اليهودية الحديثة ضعيفا. وأظهر استطلاع للرأي لمعهد في ألينسباخ أنه في بداية الخمسينات كان هناك 11 في المائة فقط من المستطلعة آراؤهم يؤيدون تعويضا ماليا لإسرائيل.

والكاتب الاسرائيلي المعروف أموس أوس لخص الرابطة الخاصة بين البلدين مرة عندما استشهد بوالدته التي قالت: "إذا لم يسامح الألمان أنفسهم، فإننا ربما نسامحهم بعض الشيء في مرحلة ما. لكن إذا سامحوا أنفسهم، فإننا لن نسامحهم". وبالنظر إلى فإن معيشة نحو عشرة آلاف إسرائيلي اليوم في برلين؛ تبدو قصة نجاح غير مسبوقة، وهناك تعاون علمي وثيق بين البلدين وبرامج تبادل لا حصر لها تربط البلدين.

ديفيد بن غوريون وكونراد أديناور في نيويورك 1960
ديفيد بن غوريون وكونراد أديناور في نيويورك 1960صورة من: picture-alliance/dpa

والطريق المتعثر المحفوف بالصداقة والانتكاسات الذي وجب على إسرائيل وألمانيا تخطيه تكشفه نظرة على زعماء الحكومات، لأن وضع هؤلاء الرجال والنساء في أعلى المناصب يوحي بالكثير عن الوضع الذي توجد فيه العلاقات الألمانية الإسرائيلية.

الأسس

كونراد أديناور وديفيد بن غوريون أسسا البداية بمعنى الكلمة. فكلا الرجلين قادا في سن متقدم بلديهما بشيء من البراغماتية والسياسة الواقعية. وهذه المكونات قادتهما في النهاية إلى طاولة التفاوض. ففي عام 1952 وقع أديناور مع بن غوريون، في ظل معارضة مكثفة في بلديهما، اتفاقية التعويضات، التي تلتزم فيها ألمانيا بدفع سلع وخدمات لإسرائيل بقيمة 3.45 مليار مارك. وحرص أديناور بنفسه على أن تُحول تلك التعويضات في الوقت المناسب. وبهذا خلق الثقة التي مكنت من عقد لقاء بينه وبين بن غوريون.

المدير السابق لمكتب مؤسسة كونراد أدناور في إسرائيل، ميشاييل بورشارد وصف المستشار الألماني بأنه "صهيوني كاثوليكي من منطقة الراين" وذلك في كتاب بعنوان: "صداقة مستحيلة: ديفيد بن غوريون و كونراد أديناور". وأكد بورشارد أن أديناور كان يشعر منذ العشرينات باهتمام كبير وارتباط مع اليهودية. وبن غوريون من جانبه كان يدرك بأنه يحتاج إلى المال من ألمانيا لبناء دولته الفتية.

وقال بورشارد لـ DW "لو لم يكن هناك المزيج من هذين السياسيين الكبيرين والحازمين، لكان الأمر قد استغرق على الأقل الكثير من الوقت لتقترب ألمانيا وإسرائيل من بعضهما البعض. لأن ذلك الأمر (التقارب) لم يكن شيئا بديهيا بأي حال من الأحوال".

حامل الآمال

شغل أديناور وبن غوريون منصبيهما في وقت واحد تقريبًا، باستثناء عام واحد. هذا الوضع كان أيضا مع ثنائي آخر من رؤساء الحكومات في ألمانيا وإسرائيل: فيلي برانت وغولدا مائير. أدار كلاهما بلادهما من 1969 إلى 1974، ولم يكن هذا هو الشيء الوحيد المشترك. فغولدا مائير، المرأة الأولى والوحيدة التي تولت رئاسة وزراء إسرائيل حتى الآن، وضعت آمالا كبيرة على الاشتراكي الديمقراطي فيلي برانت، لأنها مثله، أصولها السياسية تعود إلى الحركة الاشتراكية.

بالإضافة إلى ذلك، اكتسب برانت سمعة طيبة في إسرائيل، بعدما قام بركوعه الشهير تكريما لذكرى قتلى حي اليهود في وارسو، لذلك وضعت مائير آمالا على المستشار الألماني في العام الحاسم لإسرائيل، عام 1973.

الركوع الشهير للمستشار الألماني الراحل فيلي برانت تكريما للضحايا اليهود في وارسو
في 7 ديسمبر/ كانون الأول 1970 جثا المستشار الألماني الراحل فيلي برانت على ركبتيه تكريما للضحايا اليهود، الذين قتلهم النازيون في وارسو. صورة من: Imago/Sven Simon

الأزمة

ورغم الارتباط الحاصل بين أديناور وبن غوريون لم يُتخذ القرار بإقامة علاقات دبلوماسية رسمية في ولاية حكم الرجلين. فقط ابتداء من عام 1965 تحت لودفيغ إيرهارد على الجانب الألماني وليفي أشكول على الجانب الإسرائيلي أقام البلدان علاقات دبلوماسية. ومنذ تلك اللحظة تطور أساس برهن باستمرار على هشاشته. وهذا ما تبين بوضوح عندما تولى هيلموت شميت في ألمانيا، وبعدها بثلاث سنوات تولى مناحم بيغن في إسرائيل مقاليد الحكم. وظلت العلاقة متأزمة بين الرجلين،وسادت فترة جليدية انتهت مع مجيئ المستشار الجديد هيلموت كول.

صديق إسرائيل

وتعاقب خلال فترة حكم هيلموت كول الطويلة أربعة رؤساء وزراء في إسرائيل. ورغم أن فترة حكم كول كانت مليئة بالعقبات ومحفوفة بسوء تفاهمات، يتم اليوم تمجيده في إسرائيل. والسفير الإسرائيلي السابق آفي بريمور قال في 2017 لدويتشه فيله إن البلدين بفضل كول تعاونا في مجالات العلوم والبحوث بشكل مكثف أحسن مما هو عليه الحال مع الولايات المتحدة.

وكول هو أيضا مستشار الوحدة الألمانية التي تم النظر إليها بريبة في إسرائيل. ورئيس الوزراء الاسرائيلي السابق إسحاق شامير تحدث علنا عن خشية من أن تستغل ألمانيا موحدة وقوية الفرصة لإعادة الهولوكوست بحق اليهود. وعلى إثرها توجه كول في رسالة شخصية إلى شامير رفض فيها بصرامة تصريحاته وقال إنها غير منصفة تجاه ألمانيا، التي تعلمت من تاريخها. وجاءت الوحدة الألمانية التي لم تؤثر على العلاقات الألمانية الاسرائيلية.

واليوم؟

ميركل ونتانياهو علاقة براغماتية ومتينة
ميركل ونتانياهو علاقة براغماتية ومتينة صورة من: dapd

منذ أكثر من عقد من الزمن تحكم أنغيلا ميركل وبنيامين نتانياهو في بلديهما. ولا تربط الشخصين علاقة صداقة بالرغم من التقدير الذي يجده في إسرائيل تصريح ميركل في عام 2008 الذي قالت فيهإن أمن إسرائيل ينتمي إلى المصالح العليا لألمانيا.

ليزا هينل / م.أ.م