1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

أردوغان يستغفلنا!

١٢ ديسمبر ٢٠١٣

حاولت تركيا منذ وصول أردوغان للحكم تحسين علاقاتها مع جيرانها وتوسيع دورها في المنطقة عبر الدبلوماسية بكثير من الحنكة والحذر، لكن الوضع تغير بعد "الربيع العربي" فهل تستمر على نهجها؟ تساؤل يثيره الكاتب سالم مشكور.

https://p.dw.com/p/1AXuA
Türkei Irak Ministerpräsident Nouri al Maliki in Ankara bei Recep Tayyip Erdogan
صورة من: AP

يستغرق البعض في تفاصيل عملية تصدير النفط من إقليم كردستان إلى تركيا مباشرة بشكل يثبّت أمرين كحقيقة قائمة ومقبولة، أولهما: مبدأ قيام الإقليم أو المحافظة بتصدير النفط مباشرة من دون تنسيق مع المركز. والثاني: دور تركيا "الوصائي" في الخلاف بين الإقليم والحكومة الاتحادية، حتى لو جاء ذلك في قالب وساطة لا يبدو لها أي معنى غير أن تكون بوابة لتدخل تركي في العراق عجزت تركيا عن تحقيقه عبر دعم تشكيل كتلة سياسية من لون طائفي واحد خلال السنوات الأربع الأخيرة.

واضح أن فشل مشروع "الربيع العربي" الذي استثمرت فيه أنقرة وعوّلت عليه طريقا لدور إقليمي مهيمن، دفعها إلى خيار آخر لتحقيق هذا الهدف نفسه. يعتمد هذا الخيار على تدخل "ناعم" عبر الدبلوماسية وتحركات توحي بالايجابية خصوصا في بلدان تشهد انقسامات داخلية شديدة كالعراق ولبنان وغيرها. وإذا كان المصريون تصرفوا بشكل حازم وطردوا السفير التركي لمجرد أن أردوغان قال إنه لا يحترم السيسي، فان العراقيين الذين كانوا هدفا لكثير من التطاول الاردوغاني على رموز حكومتهم، استقبلوا وزير خارجية أردوغان أحمد داود أوغلو بالسجاد الاحمر وكثير من السرور والفرح وربما "التصديق" بأن الانعطافة في الموقف التركي حقيقية ونابعة من ندم على سياسة الماضي والاستعداد لصفحة جديدة.

صحيح أن المنطق يقتضي عدم التفريط بأية فرصة لتطبيع العلاقات مع الدول الأخرى خصوصا المجاورة التي يمكنها التأثير على الداخل العراقي، إلا أن ذلك يجب أن يقترن بالكثير من الحنكة والحذر، خصوصا إذا كان التعامل مع دولة مثل تركيا الاردوغانية. بداية لا بد من التساؤل: هل بدلت أنقرة مشروعها الاقليمي أم انه مجرد تغيير في السياسات سعيا وراء المشروع ذاته: زعامة إقليمية تمتزج فيها العثمانية و"الاخوانية"؟. ثم: هل يمكن ان يشمل التغيير سياستها مع دول اقليمية مثل العراق، وتوتيرها مع دول أخرى مثل مصر؟.

خطاب طائفي تدخلي

وعندما نصل إلى العراق لا بد من السؤال الآتي: هل هو تبدل جذري في سياسة أنقرة العراقية كجزء من سياسية خارجية جديدة كما وعد الرئيس التركي، نائب الرئيس العراقي في لقائهما قبل أسابيع، أم هو تكتيك جديد يحاول تلافي أخطاء السياسة السابقة؟. منذ أربع سنوات بدأت أنقرة تدخلها في الشأن العراقي بدعمها تشكيل كتلة سياسية، وبعدها بدأ أردوغان خطابا طائفيا تدخليا في العراق، بعدها بدأ اللعب بالورقة الكردية العراقية للضغط على بغداد عبر علاقات مباشرة سياسية واقتصادية مع الإقليم، وزار وزير الخارجية أحمد داود أوغلو كركوك عبر أربيل من دون علم بغداد في خرق واضح لقواعد الدبلوماسية. اليوم نرى داود أوغلو ذاته يزور بغداد والنجف وكربلاء فيلتقي المراجع الدينية ويسير في مواكب عاشوراء، وكأنه تمهيد لما يشاع عن دعم تركي مقبل لقائمة متعددة الطوائف بعدما فشلت سياسة دعم اللون الواحد؟. لو صح ذلك فإن الجواب على سؤالنا أعلاه هو: الجاري هو تكتيك جديد في إطار ذات المشروع الذي وضعه مهندس سياسة تركيا الاردوغانية أحمد داود أوغلو.

على صعيد العلاقة مع إقليم كردستان، يبدو التكتيك الجديد واضحا: إبقاء العلاقة المباشرة ولكن بعلم المركز وعبر لعبة يبقى فيها الأخير يناقش في تفاصيل أنبوب النفط والعائدات بما يقدم اعترافا ضمنيا بمبدأ التصدير المباشر ودور تركيا "الوصائي" في هذا الشأن كمقدمة لدور تركي أعمق في شؤون العراق السياسية والاقتصادية. هو دهاء تركي يحتاج إلى كثير من الحنكة في التعامل معه.

سالم مشكور