هيلموت شميت.. ولع بالسياسة والفنون
عُلقت صورته في بهو مقر المستشارية ببرلين بوصفه مستشار ألمانيا الأسبق. وإضافة إلى ولعه بالتدخين المتواصل فقد عُرف عنه أيضاً حبه الكبير للموسيقى والفنون.
كان الرصيد المعرفي لهيلموت شميت مبهرا، وتحليلاته لأزمات هذا العالم كانت عميقة، كما أن نظرته للعالم كانت مقياساً يستعان به لكثير من المستمعين والقراء.هيلموت شميت كانت له أيضاً قوة مغناطيسية في معارض الكتب والنقاشات السياسية.
هيلموت شميت كان طموحاً، ورفيقته المفضلة هي هانلوره التي نالت دوماً إعجابه وطاب له أن يناديها بـ"لوكي". الاثنان زارا المدرسة في هامبورغ.
في سن مبكرة أجاد هيلموت شميت لعبة الشطرنج، وبات التفكير العميق والاستراتيجي أحد مواطن القوة لديه كسياسي ومستشار. حافظ شميت دوما على هدوء تام حتى في أوقات الأزمات، مثل ما حصل أثناء الفيضانات عام 1962 في هامبورغ.
تزوج هيلموت شميت رفيقته المحبوبة منذ الصغر هانلوره غلازر. وقبلها بعام أي في 1941 تم استدعاؤه للجيش الى جبهة الشرق. في أبريل/ نيسان 1945 سقط في الأسر البريطاني، وأطلق سراحه في آب/ أغسطس من العام نفسه. وفي 1946 التحق كطالب بالحزب الاشتراكي الديمقراطي.
هيلموت شميت كان يلقي خاطابات نارية منذ أيامه الأولى، كما كان عليه الحال هنا في 1968 في مؤتمر الشبيبة الاشتراكية بفرانكفورت. شميت يتفاعل بحماس مع خصومه السياسيين وأعضاء حزبه.
كخبير في شؤون السير والجيش اكتسب شميت سمعة كسياسي قدير. في 1961 تولى مسؤولية الشرطة في برلمان هامبورغ. وفي 1962 ادار بتفوق كارثة الفياضانات في شمال ألمانيا ليصبح بعدها سيناتور الشؤون الداخلية في البرلمان. 1964 استدعاه المستشار فيلي برانت ليلتحق بفريق حملته الانتخابية.
كسياسي متحمس كان شميت أيضاً خطيباً بارعاً، عُرف بكلماته الدقيقة والبليغة لإقناع مستمعيه. وكان يهاجم خصمه بقوة واحترام.
نجم الأفلام هاردي كروغر كان ضيفاً مرحباً به في حفلات المستشار الراحل فيلي برانت. مشهد لهيلموت شميت من عام 1971. كروغر كان يمثل في فيلم حربي شخصية ضابط هرب من معتقل عسكري بريطاني، وهو موضوع حظي باهتمام هلموت شميت.
البرلمان كان بيته الثاني. هناك في 17 مايو/ أيار من 1974 أدى اليمين كمستشار لألمانيا الاتحادية. لحظة تاريخية في حياة هذا السياسي الذي قلما يترك المجال للاطلاع على مشاعره الشخصية. هنا في الأول من يوليو/ تموز 1999 اجتمع البرلمان الألماني للمرة الأخيرة عندما كان شميت خارج الخدمة.
خلال زياراته الى الخارج كان شميت دوماً مرفوقاً بعقيلته لوكي. خلال زيارته الى الصين عام 1975 زار قصر الامبراطور في بكين، لأنه كان يحب مع زوجته التعرف على ثقافة البلدان المضيفة.
مستشارو ألمانيا الاتحادية يختارون فنانا يرسم صورة شخصية لهم. المستشار شميت زار خلال عطلة قصيرة الرسام الشهير أوسكار كوكوشكا في سويسرا. وسبق لكوكوشكا أن أبدع صورة شخصية للمستشار كونراد أدناور، غير ان المستشار شميت اختار رساما آخر.
هيلموت شميت كان لا يحب البدلات الداكنة، لأن ذلك كان يذكره بلباس الجيش خلال الحكم النازي. وحتى في المناسبات السياسية الرسمية، كما هو الحال هنا في مؤتمر الدول الصناعية السبع الكبرى في البندقية حين كان هيلموت شميت يرتدي بدلة بألوان زاهية، وكانت عقيلته "لوكي" تختار له دوما ربطة العنق.
هيلموت شميت كان قادراً على قضاء ساعات مع عقيلته في التفكير في تحريك استراتيجي لأحجار الشطرنج. هذا السياسي كان يعشق الشطرنج كوسيلة للترفيه وكتمرين خالص للعقل. كما أن الاستماع الى الموسيقى كان يشغل حيزاً من أوقات فراغه.
العزف على البيانو يعني الكثير لهيلموت شميت الذي وجد متنفساً أكبر للاعتناء بهذه الموهبة بعد انسحابه من السياسة وكافة الوظائف الحكومية. خلال حفل موسيقي في زوريخ السويسرية عام 1983 عزف أمام الجمهور على البيانو، وكانت تربطه علاقة صداقة مع عازفين كبار مثل ليونهارد بيرنشتاين ويوستوس فرانتس.
تقاعد بدون جدل سياسي لا يمكن تصوره بالنسبة الى المستشار الأسبق شميت. في 1983 بدأ يساهم في اصدار الصحيفة الألمانية الشهيرة "دي تسايت". وخلال نقاشات فريق التحرير يطلق العنان لحوارات مبدئية. يعكف منذ مدة على تدوين بعض الكتب والمقالات حول قضايا سياسية راهنة. رأيه يلقى التقدير على مستوى العالم، لاسيما عند فئة الشباب.
في بهو مقر المستشارية الألمانية التي يرتادها الزوار نجد صورة شخصية لهيلموت شميت بريشة برنهارد هايزيش، وهو فنان من ألمانيا الشرقية السابقة، وتبدو في الصورة السيجارة التي لم تفارق هيلموت شميت. السياسي شميت من الحزب الاشتراكي الديمقراطي كان مستشاراً لألمانيا بين عامي 1974 و1982.