1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

موريتانيا أمام خطر تحول صحرائها إلى وكر للإرهاب

١٣ نوفمبر ٢٠٠٩

تحولت صحراء "المجابات الكبرى" بين موريتانيا ومالي والجزائر إلى قاعدة خلفية للجماعات المسلحة، ما دفع الجيش الموريتاني لتشكيل وحدة خاصة لمحاربة الإرهاب في منطقة معزولة، لكنها إستراتجية من الناحيتين الأمنية والاقتصادية.

https://p.dw.com/p/KWAH
تزايد نشاط التنظيمات الإرهابية في السنوات الأخيرة في موريتانيا يهدد استقرار هذا البلد.صورة من: AP Graphics

صحراء "المجابات الكبرى" منطقة وعرة تمتد في أفق لا محدود على شكل أمواج رملية تحيل إلى سلاسل جبلية طويلة، لا أثر فيها للحياة. صحراء تعتبر واحدة من أخطر مناطق العالم، ففيها يجول خليط من مجموعات متعدد الأهداف والأشكال والمشارب، يجمعها قاسم مشترك هو الخروج عن القانون، فهناك تنتشر الجماعات الإسلامية المسلحة التابعة لما يعرف بتنظيم "القاعدة في ببلاد المغرب الإسلامي"، وهناك أيضا ينشط مهربو وتجار المخدرات وعصابات سرقة السيارات. وحتى مهربو البشر الذين يتاجرون بأحلام وآمال المهاجرين السريين.

تنامي مقلق للخطر الإرهابي

Symbolbild Pipeline in Algerien
افتراض وجود احتياطات نفطية كبرى في المنطقة، والشركات الكبرى بدأت في الحفر والتنقيب.صورة من: AP

تزخر هذه المنطقة، على ما يبدو، باحتياطات نفطية هامة تسعى كبريات الشركات الغربية للفوز بنصيب منها، كشركة "توتال" الفرنسية التي بدأت عمليات التنقيب وأعلنت عن قرب موعد بدأ الاستخراج، وفيها أيضا بدأت إحدى الشركات الإسبانية الحفر والتنقيب، وأعلن الألمان أنهم قادمون مطلع العام القادم لنفس الهدف وفقا لما صرح به السفير الألماني في نواكشوط. وإلى جانب النفط يمكن أن تتحول هذه المنطقة إلى مزار سياحي حيث تزخر بمدن أثرية من قبيل وادان وشنقيط وأوداغوسط، وغيرها، كلها مشاريع اقتصادية هامة بالنسبة لبلد كموريتانيا ما يزال يحتل مركزا متأخرا من بين الدول الأكثر فقرا في العالم.

وزادت حدة تنامي الخطر الإرهابي على المنطقة، إذ ضرب في العمق الموريتاني عدة مرات منذ عام 2005، وأودى حتى الآن بحياة زهاء ثلاثين جنديا موريتانيا في هجمات متفرقة في الصحراء نفذها مقاتلو القاعدة ضد وحدات عسكرية، بل ونفذت عمليات في قلب العاصمة نواكشوط، حيث تم في شهر يونيو 2008 تفكيك تنظيم يعرف باسم "أنصار الله المرابطون"، كما قتل متشددون أربعة فرنسيين نهاية عام 2007 وسط البلاد، وتعرضت السفارة الإسرائيلية بنواكشوط قبل إغلاقها لهجوم مسلح في شهر فبراير عام 2008، وفي أبريل من نفس العام اشتبك الأمن الموريتاني مع عناصر من القاعدة وسط العاصمة نواكشوط، وفي يونيو عام 2009 قتل مواطن أمريكي في وضح النهار وسط العاصمة على أيدي مسلحين من القاعدة، وفي الثامن من أغسطس الماضي نفذت القاعدة أول هجوم انتحاري لها على الأراضي الموريتانية مستهدفة السفارة الفرنسية بنواكشوط.

هذا فضلا عن عمليات أخرى خطط لها التنظيم على الأراضي الموريتانية، وتم إحباطها، وكانت ستشكل ـ لو نفذت ـ ضربات موجعة للحكومة الموريتانية، من قبيل محاولة اختطاف نائب السفير الألماني في نواكشوط سنة 2008، ومحاولة احتجاز عدد من الرعايا الفرنسيين في المركز الثقافي الفرنسي بنواكشوط لمقايضتهم بمعتقلي التنظيم في السجون الموريتانية.

سعي الجيش لضبط "تورابورا المغرب العربي"

Mauretanische Armee Terrorbekämfung in der Sahara
انتشار الجيش الموريتاني في أقصى شمال والشرق. كل الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها البلاد جاءت من الصحراء الكبرى.صورة من: Mohamed Mahmoud Aboumaaly

ومن هنا وجدت موريتانيا أن عددا من مواردها الاقتصادية كالسياحة والثروات المعدنية والنفطية التي تتركز جميعها في الشمال باتت تواجه خطر الانكماش والتلاشي بسبب التهديد الأمني الذي تواجهه المنطقة، حيث تشكل الصحراء الشمالية للبلاد امتدادا لمسرح عمليات ونشاطات تنظيم القاعدة، الذي اتخذ من الصحراء الكبرى موطنا له، وأطلق عليها قادته اسم "تورا بورا المغرب العربي".

ولأن كل الهجمات التي تعرضت لها موريتانيا كان مصدرها الصحراء الكبرى، فقد سارع الجيش الموريتاني في نهاية عام 2008 إلى تأسيس وحدات متخصصة في مكافحة الإرهاب كلفت بالانتشار في المناطق الصحراوية بأقصى الشمال والشرق الموريتاني، وتأمين حدودها البالغ طولها آلاف الكيلومترات، في مهمة تبدو شبه مستحيلة رغم أن المقدم اعل زايد ولد امبارك قائد الوحدات المنتشرة في الشمال يقول إن رجاله على استعداد تام للتصدي للجماعات الإرهابية فيما يبدو الرائد سيدي احمد ولد امحيمد قائد سريا التدخل الخاصة التي تتولى تأمين جزء كبير من "صحراء المجابات الكبرى" أكثر تفاؤلا بقوله، إنه منذ أن أعاد الجيش الموريتاني انتشاره في تلك الصحراء " فإن مقاتلي القاعدة توقفوا عن محاولة اختراقها، وأضاف "بعد انتشارنا هناك لم يجرؤ أي من مقاتلي القاعدة على محاولة اختراق الحدود أو الاقتراب منها". إلا أن بعض المراقبين يرون أن تجارب محاربة الإرهاب تدعو إلى الحذر في إعلان الانتصارات المبكرة، خصوصا وأن مقاتلي القاعدة على معرفة تامة بتضاريس المنطقة ومسالكها، كما اكتسبوا خبرة كبيرة في ميدان حرب العصابات ضد جيوش المنطقة (الجزائر، مالي ، موريتانيا، والنيجر).

غياب إستراتجية مشتركة لدول المنطقة

تحول الخلافات السياسية بين حكومات المنطقة دون بلورة سياسة إقليمية مشتركة لمكافحة الإرهاب. إذ تتحفظ بعض الدول على أي تدخل أجنبي في تلك المهمة، ما عرقل حتى الآن انطلاق العمليات العسكرية المشتركة المقررة ضد تنظيم القاعدة، حيث ما تزال الجزائر ترفض أي دور فرنسي أو أمريكي وتصر على أن تخوض جيوش المنطقة لوحدها المواجهة مع الإرهابيين، في حين تعتقد حكومات مالي والنيجر وموريتانيا أنها بحاجة إلى دعم غربي، خصوصا في الجوانب اللوجستية والاستخبارتية.

وإلى أن تتفق دول المنطقة على كلمة سواء بشأن المواجهة مع تنظيم" القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" تبقى موريتانيا واحدة من البلدان المعرضة لمزيد من عمليات القاعدة، ضد المصالح الغربية والمحلية.

الكاتب: محمد محمود أبو المعالي/ نواكشوط

مراجعة. حسن زنيند