1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

مصر- الدواء الوحيد لداء العشوائيات يكمن في خفض الولادات!

١٤ مايو ٢٠١٧

تنفذ الحكومة المصرية خطة لبناء حوالي نصف مليون مسكن بهدف مواجهة أخطار وكوارث السكن العشوائي. السؤال الذي يطرح نفسه، كيف يمكن لخطة كهذه أن تواجه مشكلة مزمنة تضيق الخناق على التجمعات السكانية وخاصة في القاهرة والإسكندرية؟

https://p.dw.com/p/2cte2
Ägypten Slum von Ramlet Bulaq in Kairo
صورة من: Picture alliance/dpa/EPA/K. Elfiqi

تواجه مصر كبلدان عربية أخرى مثل المغرب ولبنان والأردن وبشكل متزايد مخاطر مناطق السكن العشوائي الذي يضيّق الخناق على التجمعات السكانية حتى خارج المدن الرئيسية كالقاهرة والإسكندرية. ومن المعروف أن هذه المناطق تشكل مرتعا للفقر والأمراض والجهل والأمية، إضافة إلى أنها أرض خصبة للعنف والجريمة والإرهاب. كما أن انتشارها يحرم الاقتصاد الوطني من الطاقات الكامنة لدى ملايين الشباب بسبب عدم تأهيلهم للعمل والإبداع في قطاعات الإنتاج والخدمات.

وفي محاولة منها للحد من مخاطر مناطق العشوائيات تنفذ الحكومة المصرية حاليا المرحلة الثانية من خطة تشمل مراحل إضافية لبناء ما يقارب من نصف مليون وحدة سكنية لمحدودي الدخل في إطار خطة قومية على مدى ثلاث إلى خمس سنوات للتخلص من هذه المناطق أطلقها الرئيس السيسي في فبراير/ شباط 2016 تحت عنوان "تحيا مصر للإسكان الاجتماعي". وقد تم حتى الآن إنجاز أكثر من 100 ألف وحدة سكنية في حين يجري حاليا تنفيذ المرحلة الثانية التي تشمل أكثر من 150 ألف وحدة أخرى.

لماذا لا تستطيع المشاري السكنية الجديدة حل مشكلة السكن العشوائي؟
لماذا لا تستطيع المشاريع السكنية الجديدة حل مشكلة السكن العشوائي؟صورة من: Picture-alliance/dpa/EPA/M. Nelson

خطة طموحة ولكن!
تبلغ تكلفة مشاريع تطوير العشوائيات عدة مليارات من الدولارات يشترك في توفيرها عدة جهات من بينها "صندوق تحيا مصر" ووزارة الإسكان والبلديات واتحادات بنكية وجمعيات سكنية ومؤسسات المجتمع المدني. في هذا السياق قال محافظ القاهرة إن مشاريع العاصمة لوحدها تشمل 13 منطقة بتكلفة 12 مليار جنيه، حوالي 700 مليون دولار. وستعطى الأولية للمناطق العشوائية الخطرة حيث مساكن كثيرة معرضة للانهيار مثل مناطق الدويقة وتل العقارب وماسبيرو ومنشية ناصر. وسيتم تنفيذ المشاريع المذكورة بحلول عام 2018.

وعلى صعيد مصر سيتم الانتهاء من إنجاز 180 ألف وحدة سكنية بحلول صيف عام 2018 حسب ما صرح به الرئيس السيسي لعمرو أديب خلال مداخلة تلفزيونية عبر شاشة اون اي/ On E أوائل شهر مايو/ أيار الجاري. وشدد السيسي في المقابلة على أن الخطة تركز أيضا على قرى الصعيد التي ستشهد مد شبكات الصرف الصحي وهدم البيوت الخطرة على أن يتم بناء مساكن بديلة بدور متعددة للحد من التعديات على الأراضي الزراعية

العشوائيات مشكلة مزمنة

ليست المرة الأولى التي تحاول فيها مصر ومنذ ثمانينات القرن الماضي مواجهة مشكلة مناطق السكن العشوائي، لاسيما وأن هذه المناطق شهدت انهيارات كثيرة أودت بحياة العشرات خلال السنوات الماضية. وعلى الرغم من أهمية برامج البناء وحملات التوعية التي تم تنفيذها حتى الآن، فإنها لم تفلح في وقف هذه المناطق التي تجاوز نطاقها المدن الكبرى إلى الصغيرة والأرياف لتدمر المساحات الزراعية التي كانت تنتج الأغذية وتلوث مياه الشرب وتهدد التنوع البيئي، وتقدر مصادر غير رسمية أن ربع إلى ثلث سكان مصر البالغ عددهم أكثر من 90 مليون نسمة يسكنون هذه المناطق التي يزيد عددها على 1000 منطقة. ومن هنا يمكن القول إن الخطة المصرية الجديدة حتى في حال تنفيذها بنسبة مائة بالمائة ستخفف من حدة المشكلة، لكنها لن تحلها بشكل جوهري ونهائي، لأن مصر بحاجة في الوقت الحالي إلى مساكن نظامية لحوالي 20 مليون شخص.

Ägypten Slum von Ramlet Bulaq in Kairo
السكن العشوائي يحرم البلاد من طاقات بشرية هائلة ويدمي بنيتها التحتية!صورة من: Picture alliance/dpa/EPA/K. Elfiqi

المشكلة والحلول الجوهرية

ربما يكمن أحد الحلول الجوهرية في تمديد الخطة الحالية وجعلها أرضية لإطلاق خطط لاحقة مستدامة للخروج من دوامة العشوائيات الحالية خلال عشر سنوات قادمة أو أكثر. وبما أن تمويل الأخيرة يحتاج إلى عشرات المليارات من الدولارات، لا بد من البحث عن أشكال جديدة للإنجاز والملكية ومصادر التمويل إلى جانب المصادر التي توفرها ميزانية الدولة. ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر إشراك العائلات المستفيدة في بناء أجزاء من مساكنها بنفسها تحت إشراف الجهات المعنية. ويمكن لهذه العائلات أن تساعد أيضا في القيام بأعمال تشمل الشوارع والحدائق والمدارس والمرافق الأخرى، لاسيما وأن الكثير من أبنائها عاطلون عن العمل. بمعنى آخر أنه يمكن للدولة القيام ببرامج تشغيل في المناطق التي تقوم بتنظيمها بالاعتماد على أبناء هذه المناطق أنفسهم. لكن السؤال الذي يبقى دائما ما هي الخطوة التالية للتخلص من مشكلة العشوائيات بشكل دائم؟

المشكلة في النمو السكاني!

Ägypten Initiative Moving Cinema in Kairo
بدون ضمانات اجتماعية لا يمكن إقناع الفقراء بالحد من الولادات.صورة من: Moving Cinema

في الحقيقة لا يوجد بدائل أفضل من كبح النمو السكاني الذي يصل إلى حوالي 2.5 بالمائة سنويا. ولتوضيح خطورة هذا النمو لا بد من التذكير بأن أي بلد يريد الحفاظ على مستوى المعيشة فيه يحتاج إلى معدل نمو اقتصادي سنوي لا يقل عن ضعف معدل النمو السكاني. ومما يعنيه ذلك أن مصر بحاجة إلى معدل نمو اقتصادي سنوي حقيقي لا يقل عن 5 بالمائة. وبما أن هذا المعدل بقي خلال السنوات الماضية دون هذه النسبة فهذا يعني أن مستوى المعيشة يتراجع، لاسيما وأن نظام الدخل الحالي يزيد الفقراء فقرا والأثرياء ثراء. وعودة إلى النمو السكان فإن نسبته في صعيد مصر أعلى بكثير من الرقم المذكور أعلاه لأن كثرة الأطفال يشكل ضمانة للشيخوخة في بلد لا يوجد فيه الحد الأدنى من الضمانات الاجتماعية للجميع.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اعتبر في مقابلته مع عمرو أديب أن "تحدي النمو السكاني لا يقل أهمية عن تحدي الإرهاب" مضيفا بأن "الدولة تدرس قوانين للحد من النمو السكاني". غير أن الرئيس والقائمين على وضع هذه القوانين لم يوضحوا حتى الآن ماهية هذه القوانين وكيف ستواجه المؤسسات الدينية النافذة والرافضة عموما لفكرة تنظيم الأسرة المصرية وتقليص عدد أفرادها انطلاقا من تمسكها بتفسير ضيق لما جاء في السورة القرآنية "المال والبنون زينة الحياة الدنيا...". ومن الأسئلة المطروحة بقوة، هل تشمل هذه القوانين تقديم حوافز للعائلات التي تقنن النسل وعقوبات للتي ترفض ذلك كما حصل في الصين مثلا؟ وهل يواكب إصدارها توفير الحد الأدنى من ضمانات اجتماعية تضمن الحياة الكريمة للفقراء الذي يكثرون من الأولاد ويرسلونهم إلى العمل في سن مبكرة لضمان لقمة العيش لهم ولأسرهم؟ ففي حال بقاء هذه الضمانات خارج الحسبان فإن جميع حملات التوعية ومشاريع البناء لن تفلح في مواجهة العشوائيات وتبعاتها الكارثية.

د. ابراهيم محمد

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد