كيف ينسج المتطرفون شباكهم حول الشباب عبر "تيك توك"؟
٢٠ فبراير ٢٠٢٤تطبيق تيك توك الذي أطلق مطلع عام 2017 وازداد شعبية خلال تفشي جائحة كورونا مطلع عام 2020، بات اليوم التطبيق المفضل لدى المتطرفين للوصول إلى ملايين المراهقين والشباب واستمالتهم نحو التطرف، وفق تقارير إعلامية.
في حين يراه المتابعون والمستخدمون منصة لإنشاء مقاطع الفيديو القصيرة من الحياة اليومية، من ناحية أخرى وجد المتطرفون من خلاله ضالتهم في نشر أيديولوجياتهم بين أكبر عدد من المستخدمين الشباب المراهقين وصغار السن، أكثر الفئات النشطة على التطبيق.
لماذا تيك توك بالذات؟
في ألمانيا ملأ الحزب اليميني الشعبوي، حزب البديل من أجل ألمانيا، الفراغ الذي تركته أحزاب أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي، وعلى وجه الخصوص تيك توك، إذ أن ستة حسابات من أصل عشرة من الحسابات الأكثر شعبية على تيك توك تعود لسياسيين ألمان ينتمون لهذا الحزب، في حين غاب الحزب الديمقراطي الاشتراكي وحزب الخضر عن المراكز العشرة الأولى في التصنيف نفسه، كما كشفت دراسة نشرها موقع القناة الإذاعية والتلفزيونية التابعة لشمال ألمانيا (NDR).
رموز تعبيرية بألوان علم الرايخ، نسور وأعلام ألمانية ترمز للارتباط باليمين المتطرف. لكن لما اختار اليمين المتطرف تطبيق تيك توك بالذات؟ السبب يعود إلى النظام الخوارزمي الخاص بتطبيق تيك توك، وفق ما أوضح ماركوس بوش، المحاضر في جامعة هامبورغ للعلوم التطبيقية والباحث المختص في تيك توك لـ DW عربية. "على خلاف منصات أخرى لا يتعين أن يمتلك صانع المحتوى عدداً معيناً من المتابعين أولاً، بل يمكنه الظهور عند أكبر عدد من المستخدمين مع أول مقطع فيديو ينشره. وهذا ما يجعل الوصول إلى أكبر فئة مستهدفة على تيك توك أسهل بكثير مقارنة بمنصات أخرى". ويرى بوش أن "خلف هذه الحسابات غالباً ما يقف مؤثرون شباب من ذوي الخبرة الإعلامية مما يسهل وصول هذا المحتوى إلى أكبر عدد ممكن من المستخدمين".
"دعاة" تيك توك
على الجانب الآخر انتشرت ظاهرة اقتحام دعاة ورجال دين بشكل متزايد عالم تيك توك في السنوات الأخيرة بهدف "تعريف" المراهقين والشباب المسلمين بالإسلام، طبعا من وجهة نظر هؤلاء الدعاة. لكن لا يوجد حتى الآن إحصاءات حول مدى انتشار مقاطع الفيديو هذه وكذلك عدد الدعاة الناطقين باللغة الألمانية على وسائل التواصل الاجتماعي، كما أشار بيوتر سودر، مدير مشروع ExPO المختص في مكافحة التطرف عبر الإنترنت عبر تقرير نشره موقع الوزارة الألمانية الاتحادية لشؤون الأسرة وكبار السن والنساء والشباب.
لكن على الرغم من انتشار مقاطع الفيديو هذه على منصات فيديو أخرى مثل "يوتيوب" و"انستغرام"، إلا أن سودر يرى "أنها تحقق انتشاراً أوسع على منصة تيك توك التي باتت تحظى بأهمية كبرى فيما يخص الدعاية الإسلامية خلال السنوات الأخيرة".
هل يسمح للمسلم أن يكون له أصدقاء مسيحيون؟ مثال عن مقطع فيديو على شكل سؤال وجواب باللغة الألمانية من حساب يتابعه قرابة 300 ألف مستخدم على تيك توك. من خلال هذا النوع من مقاطع الفيديو يقدم صناع محتوى أنفسهم في صورة دعاة ورجال دين، ويقدموا إجابات على تساؤلات مراهقين وشباب مسلمين يعيشون في ألمانيا.
لكن الخطر الكامن خلف مقاطع الفيديو "المعتدلة" هذه، حسب وصف سودر:" يمكن في إمكانية نشر الفكر الإسلاموي المتطرف بسلاسة، مما قد يساهم تدريجياً في تعزيز المواقف المناهضة للديمقراطية ومشاعر الاغتراب والرفض المجتمعي لدى المتابعين".
الحل يكمن في عمل تعريفي وقائي مضاد!
إذن كيف يمكن مكافحة مقاطع الفيديو الدعائية المشبوهة؟ بحسب سودر، فإن عدد مقاطع الفيديو البديلة التي يجيب فيها دعاة بشكل معتدل عن هذا النوع من التساؤلات ليس كبيراً بعد. لكن بالنظر إلى الحضور الإسلامي القوي على الإنترنت، فقد ظهرت أساليب وقائية في مجال العمل الإعلامي تنشر على وجه التحديد خطابات مضادة للروايات الإسلاموية وستكون موجهة إلى جمهور عريض".
لكن الناشط ضد اليمين المتطرف ومطور تطبيق Buzzard للأخبار الموثوقة، داريو ناسال، يستبعد أن يكون السبب الرئيسي هو قلة استخدام هذا التطبيق من قبل المناهضين للتطرف ويؤكد أن ما جعل من المتطرفين مؤثرين على تيك توك يكمن في كيفية عمل خوارزميته التي صممت لإبقاء المستخدم على التطبيق قدر الإمكان، وبهذا يتم تمرير المعلومات المضللة بشكل أسهل.
ناسال طور رفقة فريقه تطبيق Buzzard للأخبار الموثوقة بهدف مكافحة التطرف اليميني و المعلومات المضللة على تيك توك. وعن كيفية عمل التطبيق أوضح لـ DW عربية: "التطبيق يعرض الآراء المختلفة حول مواضيع تهم الشباب في ألمانيا على وسائل التواصل الاجتماعي مثل تغير المناخ، وحرب غزة واللاجئين. لا يكتفي التطبيق بعرض الآراء فحسب، بل معلومات عن مصدرها، الكاتب، جهة التمويل وغيرها من المعلومات.. وبهذا نضمن أن يحصل المستخدم على معلومات موثوقة وكذلك التعرف على آراء مختلفة عن آراءه وأن يصبح قادراً على التعامل معها. وهو ما لا يتوفر على تيك توك ".
تم تنفيذ مشروع تجريبي باستخدام تطبيق Buzzard في حوالي 1100 مدرسة على مستوى ألمانيا لمدة ثلاث سنوات. ويهدف التطبيق إلى تدريب الطلاب في المدارس على التعرف على الأخبار المزيفة ونظريات المؤامرة والتطرف بسهولة أكبر.