1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كرة القدم في سوريا - لم تبقَ سوى الأحلام

عمر المصري/ف.ي٤ نوفمبر ٢٠١٤

معظم نجوم الكرة في سوريا غادروا وطنهم بسبب الحرب المستمرة هناك، ومعها أصبح مستوى الدوي المحلي ضعيفا للغاية، غير أن اللاعب الشاب القادم من حلب، طارق هنداوي، لازال يؤمن بأن هناك مستقبلا لكرة القدم السورية.

https://p.dw.com/p/1Dggn
Syrien Fußball Straße Aleppo
صورة من: privat

سواء في حايته اليومية أو على البساط الأخضر يبدو طارق هنداوي دائما شابا طموحا وحازما. "هناك الكثير من اللاعبين الذين يرفضون اللعب للمنتخب الوطني، لأنهم يعتقدون أنهم بذلك يدعمون طرفا (سياسيا) معينا"، ويضيف هنداوي قائلا: "أما أنا فأرى أننا نمثل علم بلادنا. ولاؤنا هو لبلدنا. نحن نلعب لنزرع البسمة على شفاه كل مشجع سوري". اللاعب الشاب (19 عاما) سعيد بأنه يقود منتخب بلاده للشباب في سن أقل من 20 عاما.

معظم فترة شبابه قضاها في صفوف فريق الاتحاد، أحد أكبر وأعرق الأندية السورية الموجود في حلب. تلك المدينة التي باتت من أخطر مدن البلاد.

كانت بداية طارق هنداوي في نادي الاتحاد وهو في التاسعة من العمر. وتدرج في الفئات العمرية للنادي، قبل أن ينضم للفريق الأول. وفي موسم 2010/2011 لعب مباراته الأولى مع الفريق الأول في الدوري السوري. أثار أداؤه مع الاتحاد في مركز الوسط المدافع انتباه مدرب المننتخب الوطني للأشبال (تحت 15 عاما) فتم ضمه إلى صفوف الفريق. "كنت في لحظتها سيعدا جدا"، يتذكر طارق تلك اللحظات. وبعدها حجز طارق مكانا ثابتا في تشكيلة الفريق الأول لنادي الاتحاد، رغم صغر سنه.

كرة القدم والأطفال

في شهر مارس/ آذار 2011 تغير كل شيء في سوريا. وفي مدينة درعا قام أطفال بكتابة بعض العابارات المناهضة لعائلة الأسد الحاكمة منذ عقود في سوريا. فكان رد الحكومة على تلك الكتابات قاسيا واعتقلت الأطفال الـ15. وتفجر غضب عارم في نفوس سكان مدينة درعا، الذين انتفضوا بعدها بأسبوع واحد فقط، فخرجوا مظاهرة غير مسبوقة يوم 18 آذار/ مارس 2011. ورأى الكثيرون في ذلك نقطة البداية للثورة السورية. وبالفعل انتلقت الشرارة من مدينة إلى أخرى، قبل دخول البلاد في وضع المواجهات العسكرية بين قوات النظام ووحدات مسلحة للمعارضة. ثم تشعبت الأمور أكثر عندما دخلت جماعات جهادية على الخط لمقاتلة النظام والمعارضة على السواء.

Fußball Syrien U 21 Kapitän Tareq Hinwari
طارق هنداوي في مباراة للمنتخب السوري للشبابصورة من: Privat

الحرب خلفت عشرات الآلاف من الضحايا. وقدرت الأمم المتحدة عددهم في آخر احصائياتها بمئتي ألف قتيل. إضافة إلى ملايين المشردين واللاجئين.

هذا النزاع المدمر أدخل البلاد في حالة تشبه الشلل التام على كافة الأصعدة، بما فيها كرة القدم. لقد غادرعدد كبير من اللاعبين البلاد، إما خوفا على حياتهم، أو للإشارة إلى معارضتهم للنظام. كابتن المنتخب السوري الأول فراس الخطيب، واللاعب المحترف منذ سنوات في الخارج وأحد أفضل ما أنجبته الكرة السورية طوال تاريخها، رفض الاستمرار في اللعب للمنتخب الوطني، احتجاجا على تصرف النظام.

مدرجات فارغة

الحكومة السورية عملت كل ما بوسعها كي يستمر الدوري المحلي ولو صوريا، فغيرت نظامه وجعلته على شكل مجموعات تقام في تجمع واحد. في مدينة آمنة كي تجنب الفرق خطر التنقل غير الآمن. غير أن المباريات تقام الآن بدون جمهور. وهو شيء طبيعي لأن للناس هموما أكبر بكثير من كرة القدم.

البنية التحتية للرياضة السورية باتت في وضع مأساوي، وأصبح عجزها المالي كبيرا جدا. فأكثر من 200 لاعب محترف غادروا البلاد، معظمهم باتجاه العراق، كما يشير الخبير في شؤون الرياضة السورية محمد ناصر.

ورغم الظروف الراهنة تمكن المنتخب الأول في عام 2012 من الفوز بلقب بطولة غرب آسيا، ولكن بعدها ساءت الظروف كثيرا، لدرجة أن "بعض اللاعبين قتلوا خلال مباريات"، كما يقول ناصر.

الانتقال إلى دمشق

آثار الأزمة على نادي الاتحاد الحلبي كانت كارثية حقا. لقد فقد النادي معظم لاعبيه، لدرجة دعوة لاعبي الصف الثالث للمشاركة في المباريات. " كان الاتحاد يقوم بمبارياته الكبيرة أمام 75 ألف متفرج ، أما الآن فلم يعد يحضر إلى النادي سوى بضعة لاعبين" كما يقول طارق هنداوي.

Franz Beckenbauer in Syrien, 2001
صورة من زمن أفضل للكرة السورية: بيكنباور في دمشق 2001صورة من: picture-alliance/dpa/ Louai Beshara

اللاعب الشاب الاندي غادر أيضا بسبب مثل تلك الظروف وانتقل على سبيل الإعارة إلى صفوف نادي المجد في العاصمة دمشق. "طارق لاعب دفاع قوي وذكي"، كما يقول زميله في النادي الجديد رجا رافع.

منذ خمسة أشهر لم يتمكن طارق من القدوم إلى حلب للقاء عائلته، ورغم ذلك فإنه لم ينس الناس هناك، ولم ينس كذلك ناديه الأصلي، حيث قال: "الاتحاد ناد كبير، يمرض ولكن لن يموت أبدا".