1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

فرنسا وأهمية الثامن من أيار/مايو 1945

تحتفل فرنسا سنوياً في الثامن من أيار/مايو بذكرى الانتصار على ألمانيا النازية ويفضل الفرنسيون إحياء ذكرى تحرير البلاد من المحتلين الألمان، بدلاً من ان يعيدوا إلى الذاكرة نظام " فيشي " المتعاون مع هتلر.

https://p.dw.com/p/6bhP
تمثال شارل ديغول في باريسصورة من: AP

لفرنسا ثلاثة أعياد وطنية أولها عيد الثورة الفرنسية واقتحام حصن الباستيل في الرابع عشر من تموز/ يوليو، وثانيها ذكرى استسلام ألمانيا في نهاية الحرب العالمية الأولى في الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، وثالثها ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية في الثامن من أيار/ مايو 1945. كانت نية الرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان بعد المصالحة الألمانية- الفرنسية حسنة حين قرر في عام 1975 إلغاء يوم الثامن من أيار/ مايو كعيد وطني. فبالرغم من أنه رفع من قيمة الحادي عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر 1918، إلا أنه أثار غضب المحاربين القدماء ورجال المقاومة في الحرب العالمية الثانية الذين أرادوا مواصلة الاحتفال بالاستسلام الألماني الثاني في القرن العشرين، وأجبروه على التراجع عن قراره ذاك.

طعم آخر مرّ

لا يُحتفل في يوم الثامن من أيار/مايو باسترداد الحرية وبالانتصار على الفاشية أو بنهاية حرب عالمية وحشية بوضع أكاليل من الزهور، وإلقاء الخطب الرسمية وإقامة الاستعراضات العسكرية فحسب، بل يحتفل أيضاً بالسريرة النقية لبلد لم يستطع تحرير نفسه بنفسه. فبالرغم من أبهة الاحتفالات وعظمتها في الثامن من أيار/ مايو، إلا أن لهذا التاريخ طعماً ثانياً مراً في العقل الفرنسي الباطن. فقد دخلت القوات المسلحة الألمانية فرنسا في أيار/ مايو من عام 1940 وبعد أسابيع قليلة انحلّت "الجمهورية الثالثة"، وعلى إثرها خول "المجلس الوطني الباريسي" السلطة للمارشال الهرم "بيتان"، الذي شكل على الفور حكومة جديدة مقرها مدينة " فيشي "، وبدأ بممارسة سياسة التعاون مع ألمانيا النازية.

فرنسا الضعيفة والعاجزة

إن احتلال الجيش الألماني لفرنسا بشكل كامل عام 1943، ثم تحرير جيوش الحلفاء للمدن الفرنسية بعد الإنزال في "النورماندي" في عام 1944 بيَن للعالم أجمع ضعف فرنسا، كما هوّن من قيمة المقاومة الفرنسية. وبدأت تتشكل فرق المقاومة التي ساعد الحلفاء على تشكيلها بعد نداء الجنرال ديغول من لندن ، كما ساندتها مجموعات المنفى في استرجاع البلاد. فبينما نجد ألمانيا بعد عام 1945 قد ألمها الرعب من أن تقع مرة أخرى تحت نظام يشبه نظام هتلر، بل أشد خطورة منه، نجد فرنسا جاهدة لبذل كل ما بوسعها كي لا يتكرر أبداً ضعفها وعجزها الذي شهدته عام 1941. ويُعتبر الثامن من أيار بالنسبة لـ"الأمة العظيمة"، وهو تعبير إختلقته المجلة الأسبوعية الألمانية "دِر شبيغل" لفرنسا، بداية الثقة الجديدة بالنفس التي اصطبغ بها التاريخ الفرنسي أيام جان دارك ونابليون، ولكنها وجدت نهايتها المؤقتة في ظلّ "الجنرال بيتان". ولذلك فإن الطموح لنيل مكانة دولية،الذي يستهزئ به كثيرا الآن، كان نتيجة مباشرة لهذا الإعياء التاريخي الذي انتهى بتاريخ 8 أيار/مايو.

ديغـول

لم تكن فرنسا جالسة على طاولة المفاوضات عندما قام الرئيس الأمريكي روزفيلت ورئيس الوزراء البريطاني تشرشل والرئيس السوفييتي ستالين بصياغة نظام عالمي جديد. فالهزائم الفرنسية في الهند الصينية، ومصاعب تلك الفترة التي شهدت فيها ألمانيا الغربية "معجزتها الاقتصادية"، بالإضافة إلى حرب الجزائر، كل هذه الدلائل أشارت إلى فقدان فرنسا نفوذها في العالم. إن عودة الجنرال ديغول عام 1958إلى لفرنسا أشارت إلى النهضة التي تاق إليها الفرنسيون طويلا. فعلى أثرها أصبحت فرنسا قوة تمتلك السلاح النووي، وتم التمهيد لعملية استقلال المستعمرات الفرنسية في إفريقيا، وفي نفس الوقت تم إنهاء "العداوة المتوارثة " مع ألمانيا من خلال مصالحة فريدة من نوعها. الثامن من أيار يعني لفرنسا اليقظة الوطنية البطيئة الموجعة من شللها، بالإضافة إلى الأمل في "عظمة" جديدة. ولا تزال بعض سلوكيات الحكومات الفرنسية الواثقة الخطي إلى يومنا هذا، وبغض النظر عن توجهها الحزبي، تعود في جوهرها إلى الثامن من أيار/ مايو 1945.

غيرارد فوسييه/ ترجمة سمير مطر

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد