1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

120609 Ägypten Kinderarbeit

١٢ يونيو ٢٠٠٩

تزايدت في مصر ظاهرة تشغيل الأطفال القصر، الذين لا تتجاوز أعمارهم أحيانا سن السابعة، لأسباب اجتماعية واقتصادية متشابكة. المجلس القومي للطفولة في مصر يسعى لمقاومة هذه الظاهرة عبر بعض البرامج الإرشادية.

https://p.dw.com/p/I8No
عمالة الاطفال ظاهرة منتشرة في مصر و العديد من الدول العربيةصورة من: AP

تُقدر بعض الإحصاءات أن عدد الأطفال الذي يعملون في مصر يزيد على 2.7 مليون طفل لا تتعدى أعمارهم في الغالب الرابعة عشر، يشتغل معظمهم ستة أيام في الأسبوع، بمعدل 12 ساعة يوميا أو أكثر. فهم يشكلون مصدر رزق إضافي لعائلاتهم التي تعتمد على دخلهم لتغطية ثلث نفقاتها اليومية. ورغم أن هذه الظاهرة كانت في السابق منتشرة في مختلف محافظات مصر، إلا أن الأزمة المالية العالمية ساهمت في تفاقمها، حيث زاد عدد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر بحوالي مليوني شخص، لتصل نسبة الفقراء في مصر إلى حوالي 18.5 في المائة من مجمل عدد السكان.

وبطبيعة الحال، تؤدي زيادة عدد الفقراء إلى زيادة انتشار ظاهرة تشغيل الأطفال، الأمر الذي جعل الحكومة المصرية تسعى إلى الحد من انتشار هذه الظاهرة من خلال عدد من البرامج الإرشادية، معولة في جهودها على زيادة وعي الأسر المعنية بأهمية التعليم. إذ إن الأطفال العاملين لا يذهبون في أغلب الأحيان إلى المدارس، وبالتالي، فهم لا يتعلمون أي شيء، كما أنهم على الأرجح لن يقوموا في المستقبل بتحفيز أبنائهم على التعلم والدراسة. وبذلك يصبح الفقر آفة تتوارثها الأجيال.

طفولة تحكمها قسوة الواقع

Welttag gegen Kinderarbeit - Kinderarbeit, Myanmar (Birma), Südostasien Flash-Galerie
الفقر الدقع أهم العوامل التي تقف وراء تشغيل الأطفالصورة من: dpa/PA

ومن أمثلة هؤلاء الأطفال العاملين، مصطفى، الذي لا يتجاوز سنه 13 عاماً. مصطفى يعمل في ورشة صغيرة في أحد الأحياء التي تشتهر بدباغة الجلود في العاصمة المصرية. ويقف الصبي مع زملائه من العاملين تحت الشمس الحارقة عند منتصف النهار فوق طرق الحي غير المعبد التي تجري عبرها مياه عكرة تنبعث منها روائح كريهة وهي مياه الصرف الصناعي التي استخدمت في الدباغة وتنقية الجلود، وهو منهك بشد الجلود الناشفة. الطفل العامل يحكي عن قصة عمله بهذا المكان قائلا: "أعمل هنا منذ فترة طويلة، منذ نحو خمس سنوات، منذ أن كنت في سن الثامنة أو السابعة". ويعمل مصطفى طوال هذه السنوات في معالجة الجلود لإعدادها للدباغة، فهو يقوم بنزع اللحم والشعر من الجلد. ويبدأ مصطفى عمله كل يوم عند تمام الساعة السابعة صباحا ويستمر إلى المساء، يسترح خلالها ساعة واحدة فقط عند منتصف اليوم. ويتقاضى عن عمله هذا 50 جنيهاً مصرياً في الأسبوع.

خياران أمام الأطفال: العمل أو التسكع في الشوارع

ترك مصطفى مقاعد الدراسة منذ سن مبكرة، عند الصف الرابع الابتدائي، وأرجع الصبي تركه للمدرسة لتعرضه للضرب من قبل مدرسيه. بعدها أخذه عمه للعمل معه في ورشة إصلاح السيارات، ولا يرى عم الطفل في عمل مصطفى ما يدل على استغلاله له، ويقول في هذا السياق: "لقد جئنا به للعمل معنا هنا ليكون تحت رعايتنا، كي لا يرتكب أخطاء أو ينساق وراء أطفال يعلمونه أموراً سيئة".

حالة مصطفى ما هي إلا حالة من بين عشرات الآلاف من الحالات الأخرى بين أطفال مصر القصر من صبيان وفتيان، الذي لا يملكون خيارات كثيرة، حيث تدفعهم الظروف إلى الانقطاع عن الدراسة في سن مبكرة ليجدوا أنفسهم مضطرين لشق طريق الحياة في ظل ظروف صعبة وبإمكانيات معرفية ومهنية شبه معدومة. وهو أيضا ما أكدته الدكتورة منال شاهين، منسقة برنامج عمالة الأطفال بالمجلس القومي للطفولة في مصر، التي ترى أن هؤلاء الأطفال يجدون أمامهم خيارين ليس إلا: إما العمل أو التسكع في الشوارع.

وقد أظهرت نتائج مسح أجراه المجلس القومي للطفولة في مصر في عام 2001 أنه يوجد في مصر نحو 2.7 مليون طفل عامل تتراوح أعمارهم ما بين السادسة والرابعة عشرة موزعين على عدة محافظات. كما أظهر هذا المسح، حسب الدكتورة منال شاهين، أن 30 في المائة من هؤلاء الأطفال يشتغلون في القطاع الحرفي كورش إصلاح السيارات والمحاجر، بالإضافة إلى قطاعات التجارة والخدمات والصناعة. لكن معظم الأطفال العمال يشتغلون في قطاع الزراعة.

معالجة أسباب ظاهرة تشغيل الأطفال

Welttag gegen Kinderarbeit - Kinderarbeit in der Türkei Flash-Galerie
تشغيل الأطفال في مصر- ظاهرة اجتماعية أسبابها متشعبة ومتداخلةصورة من: dpa

وليست معالجة ظاهرة عمالة الأطفال بالأمر الهين كون أسبابها متشابكة ومتشعبة، إذ يوجد في مصر قانون عمل يمنع تشغيل الأطفال دون سن الرابعة عشر. بيد أنه هذا القانون ينحصر تطبيقه في القطاعات المرخص لها، إذ تلتزم مصانع البلاد الكبيرة بهذه القوانين ولا تُشغل في وحداتها الإنتاجية أطفالا تقل أعمارهم عن السن المسموح به، لاسيما أن هذه المصانع والشركات تخضع لرقابة دورية. لكن ذلك يختلف تماما في القطاعات غير الرسمية أو غير المرخص لها مثل ورش إصلاح السيارات أو المقاهي أو الخدمة في المنازل وبالأخص في القطاع الزراعي الذي يشهد تشغيل عدد كبير من الأطفال بشكل غير قانوني. وهنا ترى المسؤولة المصرية أن منع هذه السلوكيات لا تجدي بقدر ما يجب أن تركيز الجهود على معالجة أسباب تفشي هذه الظاهرة، وتقول في هذا السياق: "الفكرة كلها مرتبطة بالفقر وبانعدام الآفاق. فأحياناً تجد نفسك في مواجهة الآباء الذين يوجهون لك اللوم، لماذا لم تسمح لطفلهم بالعمل؟ فهو إن لم يعمل يمضي طوال وقته جالسا في المقهى".

وهي في هذا السياق تشير إلى المخاوف المبررة التي تنتاب الأسر بشأن أبنائها، وإن كانت ترى أن أسلوب الأسر في التعامل مع تلك المخاوف أسلوب خاطئ، لكنها ترى أيضا أن هذه الأسر لا تملك بدائل، لافتة في هذا السياق إلى أن ذلك لا يعني أنه ليس هناك أسر تستغل أبنائها، فهناك على حد قولها أسر تتعمد إنجاب الكثير من الأطفال لتشغيلهم والاعتماد عليهم في إعالة الأسرة.

وتركز برامج المجلس القومي للطفولة في مصر، التي تهدف إلى الحد من ظاهرة تشغيل الأطفال، على عدة قضايا في آن واحد. فهي تحاول من ناحية، إقناع الأسر بأهمية تعليم أبنائهم، وتمنحهم من ناحية أخرى قروضا صغيرة لمساعدتهم على سد حاجاتهم المادية التي يغطيها في العادة عمل أطفالهم.

الكاتب: استر صعوب / طارق أنكاي

تحرير: سمر كرم

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد