1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

صوفي شول: أيقونة المقاومة الألمانية ضد النازية

سمر كرم٢٧ أكتوبر ٢٠٠٦

شاركت طالبة الفلسفة الشابة صوفي شول في حركة طلابية جريئة تسمى الوردة البيضاء سعت إلى مقاومة الحكم النازي وكشف أكاذيبه. الالتزام الاجتماعي والديني لشول منعها من الوقوف مكتوفة الأيدي أمام جرائم هتلر.

https://p.dw.com/p/9Hp2
مجموعة "الوردة البيضاء" طلبة ضد النظام النازيصورة من: AP

"أليست حقيقةً أن ما تفعله الحكومة الألمانية اليوم يُصيب أي مواطن نزيه بالخجل؟" هذا نص ما جاء في إحدى المنشورات التي أقدمت مجموعة من الطلبة في جامعة ميونخ على توزيعها عام 1943، في وقت بلغت فيه جرائم النازية ذروتها دون أن يجرؤ أحد على معارضة النظام الحاكم. اختار هؤلاء الطلبة التصدي للجرائم التي يقترفها النظام النازي بعد أن اكتشفوا حقيقة المأساة، ورفضوا علانية الإيمان بمبادئ الحزب وتبني طريقته في التفكير، مخاطرين بأن تكون نهايتهم في معسكرات الاعتقال. وبالرغم من عدم نجاح هذه المجموعة في إزاحة النظام النازي فإنهم تمكنوا من خلال منشوراتهم الكشف عن الجرائم التي كان النظام يقترفها وفضحه أمام الجماهير التي كانت لا تزال منخدعة في بطولة هتلر وفضله في القضاء على البطالة وإعادة الأمجاد لألمانيا.

الوردة البيضاء

Hans und Sophie Scholl
صوفي شول وأخوها هانز شولصورة من: dpa

حملت المجموعة المكونة من خمسة طلبة من مدينة ميونخ وأستاذهم بالجامعة اسم "الوردة البيضاء"، وقامت بحملة منشورات ضد النظام النازي في الفترة ما بين يونيو/حزيران 1942 وفبراير/شباط 1943، فكانوا خلال هذه الفترة يوزعون المنشورات على الشعب الألماني يحثونه فيها على مقاومة الديكتاتور النازي هتلر. ومن خلال هذه الاعتراضات العلنية اختار هؤلاء الطلبة الطريق الصعب: فبدلاً من الصمت مثل بقية الشعب الألماني، كشف هؤلاء الشباب الشجعان عن جرائم نظام هتلر، كما أنهم اعتبروا كل من وقف متفرجا مشارك فيما يحدث من جرائم. واعتبروا هذه القضية التزاماً عرضوا أنفسهم من أجله إلى خطر بالغ وأصبحوا بذلك مثلا ً أعلى للمقاومة والشجاعة الأدبية على المستوى السياسي وأيضاً على مستوى الحياة اليومية.

تناول عدد كبير من الكتب والمقالات قصة مجموعة "الوردة البيضاء" وخصص الكثير منها لأيقونتها الشابة "صوفي شول"، الفتاة الذكية المحبة للحياة والموهوبة التي لا تقدم تنازلات فيما يخص مبادئها، وأيضاً المرأة الوحيدة في المجموعة. في عام 1982 وضعها المخرج ميشائيل فرهوفن في مركز الاهتمام في فيلمه الذي تحدث عن مجموعة الوردة البيضاء، بينما حمل أحدث فيلم عن هذه المجموعة اسمها، وهو فيلم "صوفي شول - الأيام الأخيرة"، الذي قدمه مارك روتيموند في فبراير/شباط عام 2005.

صوفي شول: التزام منذ الطفولة

ولدت صوفي في التاسع من مايو/آيار عام 1921 في فورتمبرج وكانت ابنة لعمدة المدينة الليبرالي روبرت شول. وكبرت في مدينة أولم حيث تربت تربية مسيحية ملتزمة. وكانت مثل أخيها هانز شول في فترة دراستها الثانوية مقتنعة بالشعارات التي يروج لها النظام النازي، فدخلت في شبيبة الحزب. لكن في ديسمبر/كانون الأول عام 1937 تم سجنها مع أخيها لمدة أسابيع في مدينة شتوتجارت بسبب نشاطها المستمر مع منظمات الشباب، وهي منظمات ذات توجهات اجتماعية غير سياسية مثل الكشافة والجمعيات الدينية وغيرها، إلا أنها كانت ممنوعة من النظام النازي منذ عام 1933 وكان الانتماء إليها يؤدي إلى السجن. وبعدها بدأت صوفي في مراجعة قناعاتها المتعلقة بالحزب النازي، ثم التحقت عام 1940 بدورة تدريبية لتصبح مربية في روضة أطفال، لكنها أُجبرت على المشاركة في الأعمال الحربية من خلال تمريض المصابين، فاكتشفت في تلك الفترة الأكاذيب التي كان النازيون يبثونها وتشكل لديها موقفاً رافضا لهذا النظام.

حياة قصيرة مليئة بالكفاح

Filmszene Sophie Scholl - Die letzten Tage
لقطة من فيلم "صوفي شول- الأيام الأخيرة"صورة من: Jürgen Olczyk

وفي عام 1942 بدأت دراستها الجامعية في ميونخ، حيث درست علوم الأحياء والفلسفة. وتعرفت على زملاء أخيها من طلبة الطب، فكونوا معاً هذه المجموعة التي سعت إلى مقاومة النظام النازي. في عام 1943 بدأت صوفي في المشاركة في كتابة المنشورات، التي تم توزيعها في كولونيا وشتوتجارت وبرلين وفيينا ولفتت هذه المنشورات الأنظار وأدت إلى القيام بتحريات للقبض على مؤلفيها. وفي فبراير/شباط عام 1943 توصل البوليس السري (الجستابو) إلى أن أصحاب تلك المنشورات هم من طلبة جامعة ميونخ. وفي الخامس عشر من فبراير/شباط جاءت المنشورة السادسة التي تنادي بالقضاء على النظام النازي وبناء "أوروبا جديدة"، طبعت هذه المنشورة في بريطانيا وألقيت بطائرة بريطانية فوق أنحاء ألمانيا، كما نشرتها إذاعة البي.بي.سي البريطانية. وفي الثامن عشر من الشهر نفسه تم القبض على الإخوة شول أثناء توزيعهما المنشورات في الجامعة وتم القبض عليهما مع أحد زملائهما في مجموعة "الوردة البيضاء". وفي الثاني والعشرين من فبراير/شباط صدر الحكم بإعدام الطلبة الثلاثة. وتم تنفيذ الحكم الذي استقبلته صوفي بكل هدوء وسكينة قانعةً بما حققته في حياتها القصيرة.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد