1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

صراع إسرائيل وحماس .. الشظايا طالت معرض فرانكفورت للكتاب

١٨ أكتوبر ٢٠٢٣

لم يسلم أكبر معرض للكتاب من ارتدادات الصراع بين إسرائيل وحماس، إذ وقع معرض فرانكفورت للكتاب بين نار انتقادات قراره تأجيل منح كاتبة فلسطينية جائزة أدبية، وبين اتهامات تطال روايتها بأنها تحتوي على عناصر معادية للسامية.

https://p.dw.com/p/4XdtZ
معرض فرانكفورت الدولي للكتاب 2023 - عرض اعمال عدد من المؤلفين
إلى أي حد يؤثر وصول شظايا الحرب بين حركة حماس وإسرائيل إلى معرض فرانكفورت للكتاب على مستقبل الحضور العربي فيه مستقبلا؟ صورة من: Hannes P Albert/dpa/picture alliance

أثار   تأجيل حفل تكريم كاتبة فلسطينية  في معرض فرانكفورت للكتاب بسبب الصراع بين إسرائيل و  حماس، إدانات من مؤلّفين بارزين، بينما انسحب العديد من دور النشر العربية من المعرض. ويعدّ المعرض السنوي أكبر حدث تجاري للنشر في العالم، حيث يجمع الآلاف من دور النشر والمؤلّفين.

وبعدما شنّت حركة حماس الهجوم الإرهابي الأكثر دموية في تاريخ إسرائيل في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، أدان المنظّمون الهجوم "الهمجي"، وقالوا إنّ الأصوات الإسرائيلية ستُعطى أهمية كبيرة في معرض الكتاب هذا العام. في موازاة ذلك، أُعلن عن عدم المضي قدما في تنظيم حفل تكريم الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي بمنحها جائزة "ليبيراتوربرايس" (LiBeraturpreis) الألمانية في المعرض. وكان من المقرّر أن تُكرّم شبلي عن روايتها "تفصيل ثانوي" وهو عمل يتحدث عن "عمليات اغتصاب وقتل ارتكبها جنود إسرائيليون في العام "1949.

المعرض في موقف حرج؟

مدير  معرض فرانكفورت للكتاب ، يورغن بوس وهو نفسه مدير مجموعة "ليبتروم" (Liptrom) أعرب أيضاً عن "التعاطف مع الأشخاص الذين وقع أحباؤهم ضحايا لهذا العنف المفرط ومع جميع الأشخاص في إسرائيل وفلسطين الذين يعانون من الحرب". وكان قد قال يوم الجمعة (13 تشرين الأول/ أكتوبر): "يتم اختيار الفائز من قبل لجنة تحكيم مستقلة. وإن جمعية ليبتروم هي المنظمة المنفذة والمسؤولة مسؤولية كاملة عن محتوى حفل توزيع الجوائز. وفي ضوء الهجوم الإرهابي على إسرائيل، ستبحث ليبتروم عن مكان مناسب لتلك الفعالية في وقت ما بعد معرض الكتاب".

كان من المقرّر أن تُكرّم شبلي عن روايتها "تفصيل ثانوي"
غلاف الرواية صورة من: Berenberg Verlag/dpa/picture alliance

وأضاف: "ندين بشدة الإرهاب الهمجي لحماس ضد إسرائيل"، مشددا في الوقت نفسه على أن المعرض يقف "إلى جانب إسرائيل بتضامن كامل". وقال بوس إن المعرض يعتزم "جعل الأصوات اليهودية والإسرائيلية مرئية بشكل خاص في معرض الكتاب". وعلى سبيل المثال، ستتحدث الكاتبة والناشطة ليزي دورون، التي تعيش في تل أبيب وبرلين، عن الأحداث الجارية في إسرائيل في حفل الأدب يوم السبت المقبل.

لكنّ المجموعة أعلنت أنّها قررت عدم المضي قدماً في حفل التكريم "بسبب الحرب التي بدأتها حماس". وقالت في بيان إنها تبحث عن "شكل وإعدادٍ مناسبَين للحدث في وقت لاحق"، مضيفة أنّ "منح الجائزة لعدنية شبلي لم يكن موضع شك على الإطلاق"، أي أن قرار منح الجائزة للكاتبة الفلسطينية لم يتغير، بل جرى تأجيل الفعالية. غير أن الانتقادات التي وجهتها وسائل إعلام ألمانية إلى مجموعة "ليبتروم" يتعلق بالأساس باتهامات تقول إن الرواية معادية للسامية.

وانتقادات وانسحابات عربية 

قرار التأجيل قوبل بإدانات واسعة في رسالة مفتوحة وقّع عليها أكثر من 600 شخص من بينهم   عبد الرزاق غورنا  وأولغا توكارتشوك الحائزان على جائزة نوبل للآداب، وكتّاب آخرون من بينهم بانكاج ميشرا ووليام دالريمبل وكولم توبين. وجاء في الرسالة التي نُشرت الاثنين أنّ المنظّمين "يغلقون المجال أمام الصوت الفلسطيني".

كما أعلنت بعض دور النشر العربية في نهاية الأسبوع، أنها ستنسحب من المعرض الذي يستمرّ من الأربعاء إلى الأحد. وقالت "هيئة الشارقة للكتاب" من دولة الإمارات، في إعلان انسحابها، "الثقافة والكتب تقف دائماً مساندة لتعزيز الحوار والتفاهم بين المجتمعات". وأضافت "نؤمن أنّ هذا الدور أصبح الآن أكثر أهمية من أيّ وقت مضى". وأصدرت "جمعية الناشرين الإماراتيين" بياناً مماثلاً، في حين ذكرت صحيفة "ناشيونال" ومقرّها الإمارات أن "جمعية الناشرين العرب" في مصر انسحبت أيضاً.

وانسحبت وزارة التعليم الماليزية من المشاركة متهمة المنظمين باتخاذ موقف مؤيد لإسرائيل وسط تزايد الانقسامات العالمية حول الصراع الدائر بين إٍسرائيل والفلسطينيين. وأعلنت جمعية الناشرين الإندونيسيين أيضاً انسحابها لأن قرار المنظمين "الانحياز إلى إسرائيل (...) قوّض مُثُل الحوار والجهود الرامية إلى بناء تفاهم مشترك".

الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي
الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي صورة من: Wikipedia

ولوحظ أن بعض الهيئات التي أعلنت انسحابها من المعرض عللت قرارها بـ"إلغاء تسليم الجائزة للكاتبة الفلسطنيية" رغم أن إدارة المعرض لم تتحدث عن "إلغاء" بل أعلنت فقط عن قرار بتأجيل موعد التسليم في انتظار اختيار "وقت مناسب" كما قال بيان لادارة المعرض. ووصف مدير المعرض يورغن بوس هذه المقاطعات بأنها "كارثة"، مشدداً على أهمية "أن يكون الناس هناك لإجراء مناقشات صريحة". (...) حتى لو كانت مثيرة للجدل".

"دور الأدب في هذا الوقت المروع والمؤلم"

الرسالة المفتوحة التي وقّع عليها أكثر من 600 كاتب أشارت إلى أن "يتحمّل معرض فرانكفورت، باعتباره معرضاً دولياً كبيراً للكتاب، مسؤولية خلق مساحات للكتّاب الفلسطينيين لمشاركة أفكارهم ومشاعرهم وتأمّلاتهم بشأن الأدب خلال هذه الأوقات المريعة والقاسية، وليس إغلاقها". وإضافة إلى المؤلّفين، وقّع ناشرون ووكلاء أدبيون على الرسالة.

في الرسالة المفتوحة، يُشير الموقعون عليها، إلى أن القرار بتأجيل تقديم الجائزة، على عكس ما زعمته جمعية Litprom في البداية، إذ لم يتم اتخاذه بموافقة الكاتبة، بل يقولون إن الكاتبة عدنية شبلي كانت ستحضر بسرور لاستلام الجائزة، وذلك للاستفادة من الفرصة "للتفكير في دور الأدب في هذا الوقت المروع والمؤلم"، بحسب ما نقل موقع "شبيغل أونلاين".

ونقل الموقع أيضا عن الناشر الإنجليزي لشبلي، جاك تيستارد من دار النشر فيتزكارالدو قوله: "من أهداف الأدب هو تعزيز التواصل والحوار بين الثقافات. في وقت يظهر فيه العنف الرهيب والمعاناة المروعة، يجب على أكبر معرض للكتب في العالم أن يؤيد الأصوات الأدبية من فلسطين وإسرائيل".

مدير معرض فرانكفورت للكتاب يورغن بوس ( 15.08.2023)
مدير معرض فرانكفورت للكتاب يورغن بوس صورة من: Tim Wegner/epd-bild/picture alliance

رواية معادية للسامية؟

النقاش حول الرواية بحد ذاتها لم يكن جديدا، إذ كتبت صحيفة "taz" البرلينية "أن الصحفي في قناة (WDR) الألمانية أولريش نولر قد ترك اللجنة المشتركة الصيف الماضي احتجاجًا على قرار منح الكاتبة الفلسطينية الجائزة على روايتها "تفصيل ثانوي".

وكانت حيثيات منح الجائزة لرواية شبلي أنها "عمل فني مصمم بعناية يتحدث عن الحدود وعما تفعله الصراعات العنيفة بالبشر". و"مع ذلك، هذه ليست سوى نصف الحقيقة"، بحسب الصحيفة.

وكتبت صحيفة "taz" أن "هذا النص مقسم إلى جزئين. يحكي الجزء الأول عن جريمة تاريخية حدثت صيف عام 1949. تعرض فتاة فلسطينية للاعتداء والقتل من قبل جنود إسرائيليين. القصة التي تمت معالجتها في وسائل الإعلام الإسرائيلية قبل 20 عامًا مكتوبة أولاً بأسلوب الأدب الوجودي الفرنسي بمنظور سردي". وفيه أن "جنودأ شبانا متمركزين في صحراء النقب يعانون من الملل ويعانون من حرارة الشمس الحارقة. يعاني القائد من هلوسات. أثناء جولة دورية، يصادف فجأة مجموعة من البدو، ويأمر بإطلاق النار عليهم على الفور. يتم خطف الناجين من هذه المذبحة؛ كلب وفتاة، إلى المعسكر".

الجزء الثاني تدور تفاصيله بعد عقود، حين ترغب صحفية من رام الله في معرفة المزيد عن هذه الجريمة. "يتطور السرد بسرعة في هذا الجزء، حيث تكافح البطلة المدفوعة لمعرفة المزيد حول الجريمة ومعنى الحدود وكيفية تقييم المواقف بشكل منطقي وعقلاني. هذا يمكن أن يكون قاتلاً عند نقاط التفتيش التي تقيمها الجيش الإسرائيلي"، بحسب ما نقلت صحيفة "taz".

وتكتب صحيفة "taz": "بناءً على رأي أولريش نولر، تستخدم الرواية "سردا معاديا لإسرائيل ومعاديا للسامية ، وهي لا تقتصر فقط على هذه القراءات، ولكن تمنح لها مساحات". وتنقل الصحيفة عن ماكسيم بيلر الصحفي في صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" أن "الرواية تنتهي بطريقة غير أدبية عندما تروي مقتل الراوية (الصحفية) الفلسطينية المرعوبة على يد جنود إسرائيليين بلا وجوه أو أسماء، مما يجعل الرواية في النهاية قطعة دعائية غير أدبية".

المتحدثة باسم الجمعية إيفا ميناسه قالت: "إما أن يكون الكتاب جديرا بالجائزة أو لا". "قرار لجنة التحكيم الذي تم اتخاذه لصالح شبلي منذ أسابيع كان، في رأيي، قرارا جيدا للغاية. سحب الجائزة منها سيكون خطأ سياسيا وأدبيا."
المتحدثة باسم جمعية كتّاب برلين PEN إيفا ميناسهصورة من: Christoph Soeder/dpa/picture alliance

رواية غير معادية للسامية؟

بعكس ذلك كانت هناك آراء لا تجد في الرواية عناصر معادية للسامية. موقع "هيسنشاو" كتب التالي: "كما يبدو أن "التأثيرات المرآية" في الرواية مخططة عن عمد، وفي النهاية يشعر القارئ بالتساؤل حول هوية الأنا الأدبية في القصة. شبلي لا تذكر في الرواية أيضا أن الجنود الحقيقيين جرى محاكمتهم أمام محكمة عسكرية وادينوا فعلا بعقوبات سجن متفاوتة. ومع ذلك، تخلو الرواية من تصوير للعنف أو أفكار استعادة الأرض".

ويضيف مقال الموقع المنشور في (13 تشرين الأول/ أكتوبر 2023) : "لذا، من الممكن أن يكون من المعقول أن نوافق لجنة جائزة LiBeratur عندما تقول إن شبلي "توجِّه نظرتها بحساسية وبلا هوادة إلى الأشخاص الذين يمارسون العنف ويتعرضون للعنف. وتظهر الرواية كيف يؤثر الشعور المستمر بعدم وجود مخرج للأشخاص وتوضح بشكل واضح لاعقلانية الصراعات المسلحة المستمرة وإمكانيات تدميرها، دون أن تلجأ الكاتبة إلى لغة اتهام أو عرض تفاصيل مرعبة".

بالإضافة إلى ذلك، انضمت جمعية كتّاب برلين"القلم" PEN إلى الجدل وأعربت عن دعمها لحفل توزيع الجائزة المقرر. المتحدثة باسم الجمعية إيفا ميناسه قالت: "إما أن يكون الكتاب جديرا بالجائزة أو لا". "قرار لجنة التحكيم الذي تم اتخاذه لصالح شبلي منذ أسابيع كان، في رأيي، قرارا جيدا للغاية. سحب الجائزة منها سيكون خطأ سياسيا وأدبيا."

أما المتحدث الثاني دنيز يوسيل، فأضاف بالقول: "يمكن للقارئ أن يعتبر تصويرات الرواية دقيقة أو محايدة للغاية. على أي حال، فإن الرواية بعيدة كل البعد عن الإشارات المعادية للسامية."

من ناحيته، قال مدير معرض الكتاب يورغن بوس أنه كان على اتصال بالناشر الذي أخبره أن "الكاتبة تعاني بشدة بسبب الوضع الحالي".

 

ع.خ/ع.ج.م/م.س. (DW، د ب ا ، ا ف ب)