1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سوق مريدي في حي الصدر ببغداد من أشهر أسواقها الشعبية

Ahmad Hissou٧ فبراير ٢٠١٢

تعتبر سوق "مريدي" من أكبر أسواق بغداد الشعبية وأكثرها شهرة، حيث تتميز عن غيرها من الأسواق الأخرى بأن اغلب باعتها من الفقراء الذين يفترشون الأرض ببضائعهم المتنوعة والزهيدة الثمن، وأن زبائنها من الطبقة الفقيرة ايضا.

https://p.dw.com/p/13xbC
بداية سوق مريدي في حي الصدر والتي تمتد لأكثر من كيلومتر ونصف الكيلومتر شرقي بغدادصورة من: DW

بين جدارين إسمنتيين يفترش المئات من باعة السلع المستخدمة، كالمواد الاحتياطية الصناعية والمنزلية المتنوعة، الأرض في سوق "مريدي" عارضين بضائعهم المختلفة التي جاءت بها المناشئ العالمية في سبعينيات القرن الماضي وثمانيناته، من أجل كسب قوتهم اليومي ومجاراة غلاء المعيشة المتزايد يوماً بعد يوم في العراق، وسط غياب دور الدولة في الالتفاف نحو هذه الشريحة من المجتمع.

تعتبر سوق "مريدي" شرقي العاصمة العراقية بغداد من أكبر الأسواق الشعبية وأكثرها شهرة، حيث تتميز هذه السوق عن غيرها من الأسواق الأخرى بأن أغلب باعتها من الفقراء وذوي الدخل المحدود، وزبائنها من الطبقات الفقيرة. تمتد السوق في مدينة الصدر على مسافة نحو كيلومتر ونصف الكيلومتر، من شارع القيارة حتى مستشفى الجوادر بجانب الرصافة من العاصمة.

و في السوق تمتزج أصوات الباعة المروجين لبضاعتهم مع معاناة ما عاشتها "مريدي" من الإهمال وغياب الخدمات فيها على مدى سنين نشأتها الأولى إلى مطلع سبعينيات القرن الماضي. وتتميز السوق أيضاً ببطء حركة السير فيها بسبب ضيق المكان الذي احتلته البضائع الناجية من نفايات مختلف المناطق الراقية من بغداد.

تاريخ السوق وتسميتها

Irak Bagdad Maridi Markt
حسن شنيشل طعمة من رواد سوق مريديصورة من: DW

جالساً خلف منضدته الحديدية مكتفياً بالصمت باحثاً عن زبون من هنا أو هناك يرغب في شراء ما جمعته يداه من بقايا نفايات أحياء بغداد الراقية من أجل سد رمق عيش عائلته المكونة من ثمانية أفراد. هذا حال عبد الزهرة حلو خصاف (53عاماً)، وهو من أقدم الباعة الموجودين في "سوق مريدي".

يرتبط خصاف بعلاقة وثيقة مع "مريدي" منذ أكثر من عشرين عاماً، ويسرد حكاية هذه السوق واقترانها بهذه التسمية قائلاً: "تاريخ سوق مريدي وتسميتها يعود إلى نحو 40 عاماً، مقترناً بأول باعتها، ويدعى الحاج مريدي، وكان ذلك بعد تأسيس مدينة الصدر بعشرة أعوام".

و يعود تأسيس مدينة الصدر (سميت أيضاً الثورة وصدام سابقاً) إلى عهد رئيس الوزراء العراقي الأسبق الزعيم عبد الكريم قاسم الذي بناها في مطلع ستينيات القرن المنصرم، من أجل توطين سكان الريف النازحين من جنوبي العراق إلى بغداد.

ويضيف خصاف، وهو يعامل أحد الزبائن الذي لم يشتر منه شي حتى بعد أن خصم له ربع مبلغ حاجته القاصد بيعها، بأن "هناك الكثير من الناس يتوافدون إلى هذه السوق في كل يوم لغرض شراء مختلف أنواع البضائع المستعملة والخردة وبأسعار زهيدة"، مبيناً أن السوق تعتبر بالدرجة الأساس ملاذا "للفقراء سواء من الزبائن أو الباعة".

إعادة تصنيع القديم أحد طرق كسب الرزق

بثيابه الرثة ويديه الملطختين بالزيوت الصناعية، كان حسن عنيد جادر، وهو الآخر من باعة هذه السوق، كان منشغلاً بتصليح أحد الأجهزة المنزلية الصغيرة، يوضح قائلاً: "يباع في السوق مختلف أنواع السجاد والموبيليات والأجهزة الكهربائية والمنزلية والدراجات النارية والهوائية وغيرها من الحاجيات التي تباع بأسعار زهيدة جداً مقارنة بباقي أسواق بغداد".

ويضيف جادر: "تتراوح أسعار البضائع التي تباع في هذا المكان باختلاف نوعيتها، فمنها من يباع بسعر 75 ألف دينار عراقي نحو (60 دولاراً أمريكياً) كالثلاجة المنزلية، و500 دينار نحو (40 سنتاً أمريكياً) ثمن القميص الرجالي".

"ملاذ وحيد للطبقات الفقيرة"

Irak Bagdad Maridi Markt
عبدالزهرة حلو خصاف شاهد على نشوء السوق في بغدادصورة من: DW

أما حسن شنيشل طعمة، وهو أحد زبائن سوق "مريدي" والذي يرتادها بصورة مستمرة لشراء كل ما يحتاجه من مستلزماته المنزلية، فيقول: إن"سوق مريدي تعتبر ملاذاً وحيداً للطبقات الفقيرة"، في ضوء الارتفاع المستمر لأسعار السلع والحاجيات في الأسواق المحلية والتي باتت "تثقل كاهل الفقراء"، على حد قوله.

و يعاني المواطن العراقي من ارتفاع مفرط في "المستوى العام" للأسعار، على خلفية التضخم الحاصل في البلاد. ويتوقع أن يزداد التضخم في موازنة عام 2012 بسبب استمرار الاهتمام بالجوانب التشغيلية على حساب الجوانب الاستثمارية. ويبلغ عجز الموازنة للعام الحالي 20 تريليون دينار عراقي، أي ما نسبته 10 % من الناتج المحلي الإجمالي.

ويضيف طعمة (45عاماً) في حديثه مع دويتشه فيله: "أفضل اقتناء متطلباتي المنزلية من سوق مريدي لرخص أسعار بضائعها"، ويؤكد أن "هذه السوق أصبحت من تراث المدينة ويجب الحفاظ عليها لأهميتها التجارية والاقتصادية لهذه الشريحة الكبيرة"، مبيناً أن "الكثير لا يستغني أبداً عن زيارتها بصورة يومياً والشراء منها".

المناشئ العالمية والأسعار الزهيدة سبب شهرة السوق

ولم يذهب علي فلاح حسن بعيداً عما قاله طعمة، فرخص أسعار السلع والبضائع مقارنة بارتفاعها في الأسواق والمحال التجارية الأخرى، فضلا عن وجود السلع القديمة ذات المناشئ العالمية الرصينة كالألماني والياباني والأمريكي سبباً آخر لـ"شهرة" هذه السوق.

ويقول حسن، "أرتاد هذه السوق بصورة مستمرة لشراء كل ما احتاجه من نواقص الحديد الخاص بمحل حدادتي، فهو ارخص بكثير من المحال التجارية الأخرى".و بينما ينشغل حسن (39عاماً) بشراء بعض العدد والقطع الحديدية من أحد الباعة المتجولين في "سوق مريدي"، يضيف قائلاً: "باستطاعتك الحصول على كلما يجول في خاطرك بمجرد بذل القليل من الجهد أثناء البحث".

موجة العنف الدامية

وكان لـ"سوق مريدي" نصيب من موجة العنف الدامية التي اجتاحت العراق بعد عام 2003، بعد أن تعرضت لتفجيرات عدة وهجمات مسلحة راح ضحيتها العشرات من روادها وباعتها المتجولين، كالهجوم الانتحاري الذي ضربها مطلع 2008 وسقط على أثره نحو 170 بين قتيل وجريح.

و يترك بائعو سوق" مريدي" حالهم إلى الدولة العراقية من أجل إنصافهم ورفع مستواهم المعيشي والعمل على تخصيص رواتب الضمان الاجتماعي لهم فضلاً عن مطالبتهم في تعيينهم كحرفيين في دوائر البلدية المحلية كون أغلبهم من حملة الشهادات الابتدائية.

ولم تفلح محاولات أمانة بغداد من خلال حملاتها الرامية لرفع التجاوزات عن شوارع العاصمة، بإزالة سوق "مريدي" بسبب الزحام الذي يؤدي إلى قطع الشارع الرئيسي "شارع الجوادر" التي حالت دون جدوى، فقد ظل حالها الآن كما هي عليها.

مناف الساعدي

حسن ع. حسين

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد