1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

سقوط الجدار فتح طريق التحول في شرق أوروبا

روبرت شفراتس، أ. ز.٥ نوفمبر ٢٠١٤

شهدت دول عديدة في شرق أوروبا عام 1989 تطورات حاسمة أدت إلى انهيار الأنظمة الشيوعية المستبدة التي كانت تحكمها، غير أن هذا النجاح الكبير لشعوب هذه الدول جاء بعد عقود من مقاومة الديكتاتورية.

https://p.dw.com/p/1Dh2h
Deutschland Mauerfall Grenzöffnung Berlin Mauer
صورة من: picture-alliance/dpa

في إشارة إلى سعي شعب ألمانيا الديمقراطية سابقا إلى الحرية وتوحيد الدولتين الألمانيتين قال الرئيس الألماني يواخيم غاوك مؤخرا: "الحرية تحققت أولا ثم الوحدة". قول الرئيس الألماني هذا دخل عالم الشهرة في إطار الحديث عن التحول السياسي في شرق أوروبا قبل 25 سنة، وهو كلام ينطبق على التطورات في الكتلة الشيوعية الشرقية سابقا وعلى عملية توحيد أوروبا.

يُعتبر سقوط جدار برلين ذروة النضال التحرري الذي خاضته شعوب شرق أوروبا ضد دكتاتورية الشيوعية. وقد كانت الطريق إلى ذلك طويلة ومخضبة بالدم غالبا خلال النضال من أجل الحرية والديمقراطية في بلدان المعسكر الشيوعي سابقا، فما هي أهم الأحداث التي سبقت هذه الذروة؟

التمرد الشعبي عام 1953 في جمهورية ألمانيا الديمقراطية

بدأ التمرد على شكل مظاهرات احتجاجية في برلين الشرقية ضد ظروف العمل غير الإنسانية في البلاد والبؤس الاقتصادي فيها. وتحولت المظاهرات سريعا إلى تمرد عمالي شمل جميع أنحاء ألمانيا الديمقراطية. ويشكل هذا أول تمرد معاد للشيوعية في نطاق سلطة الاتحاد السوفيتي سابقا. طالب المتمردون بإجراء انتخابات حرة وإقالة قيادة البلاد وتوحيد ألمانيا المقسمة. وقد دفع ذلك القيادة إلى وضع حد للتمرد بالاعتماد على الشرطة ودبابات الجيش السوفيتي.

التمرد الشعبي عام 1956 في هنغاريا

بدأ التمرد المجري أيضا بمظاهرة جماهيرية سلمية في العاصمة بودابست. هناك تظاهر طلاب بشكل أساسي للمطالبة بتغييرات ديمقراطية. وبعد أمر الحكومة بإطلاق النار على التظاهرات تسارعت الأحداث، إذ انشق جنود عن وحداتهم العسكرية لدعم المتظاهرين، مما أدى إلى قتال مسلح، نتح عنه انتهاء حكم الحزب الواحد وتعيين حكومة تمثل عدة أحزاب. وأعلنت هذه الحكومة خروج هنغاريا من معاهدة وارسو وطالبت الجيش السوفيتي بمغادرة البلاد. إلا أن هذا التطور انتهى بعد أيام قليلة فقط، فكما كان هو عليه الحال قبل ذلك في برلين، وضعت دبابات سوفيتية حدا لحلم المجريين بالحرية والديمقراطية.

تدخل قوات معاهدة وارسو عام 1968 في تشيكوسلوفاكيا

بدأت عام 1968 في تشيكوسلوفاكيا عملية إصلاح في إطار "ربيع براغ" علق سكان البلاد آمالا كبيرة عليها، فقد كان هناك إصلاحيون شيوعيون بقيادة الكسندر دوبشيك أقدموا على إجراء تغييرات سياسية واقتصادية في بلادهم. غير أن "اشتراكية ذات وجه إنساني" شكلت شوكة في عيون حكام غالبية البلدان الشيوعية، وبشكل خاص الاتحاد السوفيتي. وعليه، فإن قوات معاهدة وارسو تدخلت مجددا وقمعت التطور الديمقراطي باستخدام الأسلحة.

جدير بالذكر أن "الرفيق نيكولاي تشاوشيسكو" رفض المشاركة في هذا التدخل وأدانه. وكان تشاوشيسكو آنذاك قائد الحزب والدولة في رومانيا. ورغم ذلك، فإن الآمال في إجراء إصلاحات في رومانيا ضاعت بعد عام 1971، فبعد قيام تشاوشيسكو بزيارة إلى الصين وكوريا الشمالية أعلن إنجاز "ثورة ثقافية" على غراء الثورتين في هاتين الدولتين الآسيويتين، مما أدى إلى نشوء أحد أسوأ الأنظمة الدكتاتورية.

Warschauer Pakt - Einmarsch in die Tschechoslowakei
الجيش السوفياتي وضع حدا للإصلاحات عام 1968 في تشيكوسلوفاكياصورة من: picture-alliance/dpa

تأسيس نقابة حركة تضامن المستقلة عام 1980 في بولندا

تُعتبر بولندا أول دولة في الكتلة الشرقية تم فيها السماح بتأسيس منظمات عمالية حرة. ويشكل تأسيس نقابة حركة التضامن/ سسوليدارنوش حصيلة إضراب شمل البلاد بأسرها. وقد بلغت ذروتها عندما قام عمال محتجون باحتلال شركة بناء السفن في مدينة غدانسك. وتتمثل أبرز مطالب العمال التي رفعوها إلى الحكومة في وارسو، بالحق في حرية التعبير وتأسيس نقابات حرة والحق في الإضراب. ووافقت الحكومة في نهاية المطاف على تحقيق هذه المطالب.

ورغم أن القوات السوفياتية لم تتدخل هذه المرة، إلا أن موسكو طالبت وارسو بعد سنة من ذلك بحظر نقابة حركة تضامن. وفي نهاية عام 1981 حظرت الحكومة النقابة وفرضت الحكم العرفي على البلاد. وابتداء من ذلك الحين مرت ثماني سنوات أخرى حتى تمكنت النقابة من كسب الصراع مع الحكام الشيوعيين.

قطع الأسلاك الشائكة على الحدود المجرية النمساوية عام 1989

قطع وزيرا خارجية المجر والنمسا في نهاية حزيران/يونيو عام 1989 رمزيا الأسلاك الشائكة على الحدود بين الدولتين، مما شكل أول خطوة لإزالة الستار الحديدي بينهما. وانتهز الآلاف من مواطني ألمانيا الديمقراطية هذه الفرصة للهرب إلى الغرب.

انقلاب في خريف عام 1989 في بلغاريا

شهدت بلغاريا بعد 35 عاما من حكم تيودور جيفكوف انقلابا داخل حزبه الشيوعي. ويعد جيفكوف آخر حكام الحقبة الشيوعية في هذا البلد.

سقوط آخر دكتاتور شيوعي في نهاية عام 1989 في رومانيا

Nicolae Ceausescu
حكمت محكمة عسكرية على الدكتاتور الروماني تشاوشيسكو وزوجته بالإعدامصورة من: picture-alliance/dpa

يعود سقوط نيكولاي تشاوشيسكو الذي رفض إجراء أي إصلاح، إلى انقلاب داخل نظامه. قبل ذلك حدثت نشاطات احتجاجية في غرب رومانيا، أمر الدكتاتور بقمعها بشكل دموي. وعلاوة على ذلك شهدت العاصمة بوخارست وغيرها من المدن في الحادي والعشرين من كانون الأول/ديسمبر 1989 مظاهرات قام بها العديد من المحتجين الذين تضامن قسم من العسكريين معهم. وبعد النجاح في إسقاط تشاوشيسكو تم اعتقاله وزوجته أثناء هربهما. وأدت محاكمتهما المستعجلة أمام محكمة عسكرية إلى الحكم عليهما بالإعدام وإلى تنفيذ الحكم في 25 كانون الأول/ ديسمبر من العام المذكور.

سبل مختلفة واشتياق إلى الحرية

من خلال نظرة عامة يجب القول أن سكان دول الكتلة الشرقية وجدوا سبلا مختلفة للتخلص من حكامهم الشيوعيين، ففي بعض الدول مثل بولندا أو هنغاريا أو تشيكوسلوفاكيا كان هناك إمكانية لتخفيف الحكم التعسفي تدريجيا، مما أثار الأمل في حدوث تغييرات، بينما يبدو أن سكان دول أخرى مثل بلغاريا أو رومانيا لم يروا بأن هناك بدائل للدكتاتوريات القائمة.

ورغم ذلك، فإن الأسباب التي أدت إلى انهيار الأنظمة في دول الكتلة الشرقية بأسرها في نهاية المطاف، هي نفسها في مختلف الدول. من ناحية كان هناك اشتياق الناس إلى الحرية والديمقراطية، ومن ناحية أخرى أدى إفلاس هذه الأنظمة السياسي والاقتصادي إلى انهيارها. وتوضح التطورات في الدول التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي سابقا أن عملية التحولات السياسية الديمقراطية ما تزال لم تنته بعد.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد