سحر الربيع مع أزهار التوليب
تتحول الحقول الهولندية هذه الأيام إلى ما يشبه بحاراً من التوليب زاهية الألوان. في فصل الربيع تنمو هذه الأزهار وتصل إلى ريعان جمالها الذي يجذب السياح من مختلف أنحاء العالم.
تحتل هولندا المركز الأول عالمياً في تصدير أزهار التوليب، كما تدير 80 بالمائة من تجارة هذه الأزهار. وهناك قرابة الأربعة آلاف نوع من أزهار التوليب تُزْرع في فصل الخريف، وتبدأ براعمها بالظهور وتتفتح في أواسط شهر مارس/ آذار. ويصل تفتح أزهار التوليب إلى ذروته لتملأ ألوانها الزاهية الحقول والسهول والافق.
تحملُ نسائم الربيع عَبق أزهار التوليب عبر الحقول ، تصل الأزهار إلى ذروة تفتحها في الـ 23 إبريل/ نيسان. ويُتوج موسم التوليب بمسيرة "بولينستريك" التي تمر عبر شوارع مدينتي هارلم و ليدن شمال هولندا.
حديقة "كوكينهوف" من أجمل حدائق هولندا والعالم قاطبة، يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1642. وتستضيف الحديقة فعاليات الإحتفال بمهرجان أزهار التوليب. تُنْتِج هذه الحديقة بين أواسط شهر مارس/ آذار و شهر مايو/ أيار أكثر من سبعة ملايين زهرة، ويرتاد الحديقة أكثر من ثمانين ألف زائر سنوياً يأتون من جميع أنحاء العالم.
ترجع أصول زهرة التوليب إلى منطقتي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، ويبدو أن الإسم مأخوذ من اللغة التركية "تولبنت"، ومن الكلمة الفارسية "دولباند" التي تعني "العمامة" التي تُشبه زهرة التوليب في شكلها. كما أن الكلمة التركية "لالي" تدل أيضاً على زهرة التوليب.
قبل أكثر من أربعة قرون عُينَ أوجير جيزلين باسبيك سفيراً للإمبراطور النمساوي لدى السلطنة العثمانية. وأقام باسبيك في مدينة القسطنطينيية والتي تُعرف الآن بمدينة إسطنبول وكانت أزهار التوليب الفارسية الأصل تملأ قصور السلطان العثماني. هناك تعرف السفير على أزهار التوليب وأرسل بُصيلات الزهرة إلى فيينا كهدية للإمبراطور.
نظرأَ للأهمية الطبية لزهرة التوليب، عمل البروفيسور تشالرز دي لا إكلوس للحصول على بُصَيلات الزهرة، وفي عام 1583 انضم البروفيسور إلى فريق عمل بجامعة "ليدن" الهولندية لإستَنْباتَ أزهارَ التوليب. ويُقال بأن لصوصاً سرقوا أزهار التوليب وباعوها، وهذا ما روّج لقيمة الزهرة ولفوائدها.
في القرن السابع عشر تربعت زهرة التوليب على عرش بقية الأزهار، وخلال الحقبة التي عُرِفتْ بـ "حمى زهرة التوليب" وصل ثمن الزهرة من نوع "سيمبر أوغسطوس"- المتعددة الألوان والمائلة إلى اللون القرمزي - إلى عشرة آلاف "غيلدر هولندي"، أي قرابة الخمسة آلاف يورو. غير أن هذا النوع من الأزهار انقرض لاحقاً. وفي أيامنا هذه تجري عمليات إستنبات للحصول على أزهار تحمل صفات شبيهة بتلك التي انقرضت.
املأ الإناء بقليل من الماء، أو اثقب ساق الزهرة بإبرة عدة ثقوب، وهذا سيحد من نمو الهورمونات التي تُطلقها الزهرة عند قطعها. غير أن المغالين بحبهم لهذه الزهرة ينصحون بتركها تحت رحمة العوامل الطبيعة لتفعل فعلها، ومن الناس من يحبون أزهار التوليب نصف ذابلة في إناء تلتصق عليه قطراتٌ من الماء.